«حوارات أطلسية» يناقش في مراكش «القومية الاقتصادية» وسبل مواجهة «الشعبوية»

شهدت جدلاً حول «كارثة» عودة ترمب للمشهد السياسي وهجرة الأدمغة

من جلسة «من يتراجع؟ السلطوية والديمقراطية والشعبوية في الوقت الراهن» (الجهة المنظمة)
من جلسة «من يتراجع؟ السلطوية والديمقراطية والشعبوية في الوقت الراهن» (الجهة المنظمة)
TT

«حوارات أطلسية» يناقش في مراكش «القومية الاقتصادية» وسبل مواجهة «الشعبوية»

من جلسة «من يتراجع؟ السلطوية والديمقراطية والشعبوية في الوقت الراهن» (الجهة المنظمة)
من جلسة «من يتراجع؟ السلطوية والديمقراطية والشعبوية في الوقت الراهن» (الجهة المنظمة)

ناقشت جلسات اليوم الثاني من أشغال مؤتمر «حوارات أطلسية»، في دورته الـ12 بمراكش، جملةً من القضايا التي تشغل العالم، على غرار تصاعد الخطاب الشعبوي مقابل انحسار الديمقراطية، والقلق العالمي من قضايا التغيرات المناخية والمديونية، فضلاً عن الصراعات التي تشهدها أكثر من منطقة.

وتخلل الجلسات تعبيرٌ عن قلق حول حاضر ومستقبل العلاقات الدولية، من خلال التساؤل عن الدور المزداد للصين في الساحة الدولية، علاوة على ما تطرحه إمكانية عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، من إعادة صياغة لعدد من الاستراتيجيات والاختيارات المتعلقة بعدد من القضايا على المستوى العالمي. وفيما تباينت ردود الفعل حول دور الصين وما إذا كانت «فيلاً وسط الغرفة»أو «فيلاً من بين فيلة أخرى وسط الغرفة»، رأت بعض الآراء أن «الوضع سيكون كارثياً إذا ما عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض».

من جلسة «وجهات نظر من الأطلسي الأوسع: أوجه التشابه والتباينات» (الجهة المنظمة)

وأظهرت النقاشات التي تلت الجلسات أن الرؤية لعالم اليوم صارت تحتمل أكثر من قناعة للتعبير عن فهم العلاقات بين الأفراد والدول، بشكل يهيئ المشهد العالمي لخرائط جديدة، لا أحد يبدو قادراً على ضبط شكلها النهائي.

وحظي موضوع الديمقراطية وانحسارها مقابل تصاعد الخطاب الشعبوي بنصيب وافر من النقاش. كما جاءت جلسة «هيكل مالي دولي ملائم لمواجهة التحديات العالمية» لتسائل الاستراتيجيات، التي يمكن اللجوء إليها لضمان التنفيذ الفعال في الوقت المناسب لإصلاحات النظام المالي العالمي وجهود تكيفه، والآثار المحتملة للإصلاحات المقترحة على مستوى المؤسسات المالية الدولية، وكيف يمكن ضمان مواءمتها وتنسيقها مع المؤسسات المالية الإقليمية والقارية.

من جلسة «القومية الاقتصادية: لحظة أم حركة؟» (الجهة المنظمة)

بدورها، هدفت جلسة «وجهات نظر من الأطلسي الأوسع: أوجه التشابه والتباينات» إلى استكشاف إسهام وجهات النظر المتنوعة في التحول الاستراتيجي في الأطلسي الموسع، ودورها في التفاعل بين الشمال والجنوب، من خلال التساؤل حول أوجه التشابه، التي يمكن أن تسهم في تشكيل استراتيجيات تيسر التعاون الفعال فيما يخص التعاطي مع التحديات المشتركة، وإمكانية التنقل بين القيم والمصالح المتنوعة داخل المنطقتين الشمالية والجنوبية للأطلسي، قصد إرساء أسس توافق مفيد لكل الأطراف من أجل فضاء أطلسي موسع أكثر ترابطاً وازدهاراً.

وأظهرت الجلسة، التي شارك فيها يوسف العمراني، سفير المغرب بواشنطن، والوزير المنتدب السابق في الخارجية والأمين العام السابق للاتحاد من أجل المتوسط، وريبيكا بيل شافيز الرئيسة والمديرة التنفيذية للحوار بين البلدان الأميركية (الولايات المتحدة)، وإريكا موينز وزيرة الخارجية السابقة لبنما، أن التحديات المشتركة توحد البلدان الأطلسية، من خلال معالجة قضايا مهمة، مثل تدهور البيئة، والتحول الطاقي، وإصلاح الحوكمة العالمية، والإعداد التعاوني للسياسات المالية، والتقدم التكنولوجي، والصراعات المتصاعدة، فيما تقود الاختلافات في النظم السياسية، ومسارات التنمية الاقتصادية والمعتقدات الثقافية إلى وجهات نظر متباينة فيما يخص التعاطي مع تلك الاختلافات، التي تشير إلى تحول استراتيجي في الجغرافيا السياسية للقرن الحادي والعشرين.

تفاعل الحاضرين خلال جلسات «حوارات أطلسية» بمراكش (الجهة المنظمة)

واستحضر العمراني خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، مشيراً إلى أن هذا الخطاب أطلق رؤية ملكية متكاملة وموحدة وطموحة لإنشاء أفريقيا الأطلسية، التي تثبت نفسها باستمرار كفضاء جيو استراتيجي أساسي على الساحة الدولية. ورأى أن المحيط الأطلسي يمثل فرصة ونعمة جيوسياسية وأرضية مزدهرة لتكامل ناجح.

وانطلقت جلسة «القومية الاقتصادية: لحظة أم حركة؟» من اعتماد سياسات اقتصادية تتركز أكثر على الداخل وسيلةً لتعزيز الانتعاش. وتحدثت عبلة عبد اللطيف، المديرة التنفيذية ومديرة الأبحاث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية من مصر، عن الفلسفة التي قامت عليها الحماية الوطنية للاقتصاد، ورأت أن العالم يعرف انهياراً، مشددة على أن المديونية هي وجه آخر لما تعاني منه أفريقيا من استغلال.

من جهته، دعا هاريندر كوهلي، المدير المؤسس والعضو المنتدب لمنتدى الأسواق الناشئة من الهند، إلى التركيز على ما يواجه العالم من مشكلات، من قبيل التغيرات المناخية والمديونية والهجرة، مع تشديده على أن إطارات التعاون الدولي أضحت متهالكة ومتجاوزة، الشيء الذي يفرض تقوية التحالفات وتخطي خيار تعزيز البعد الوطني باستشراف البعد العالمي.

ورأى أن المديونية باتت «قنبلة موقوتة» تتطلب حلاً، لأنها تعوق الاستثمار والتنمية المحلية.

أما مداخلات جلسة «من يتراجع؟ السلطوية والديمقراطية والشعبوية في الوقت الراهن»، فقد تناولت الكيفية التي يتحدى بها انتعاش النظام السلطوي الأسس الديمقراطية، وتسائل بها التوجهات الشعبوية المعايير التقليدية على الصعيد العالمي. وتحدث هوبير فيدرين، وزير خارجية فرنسا الأسبق عن «أزمة في الديمقراطية»، مشيراً إلى عدم وجود تعريف للشعبوية، التي تصاعدت مقابل انحسار الديمقراطية. وقال إن هناك نفوراً من الديمقراطية التمثيلية، مشيراً إلى أن الأزمات الراهنة جعلت الحكومات تعجز عن إيجاد حلول، الشيء الذي أفقد ثقة المواطنين في النخب والأحزاب السياسية.

من جانبها، رأت ألورا ألبورنوز، مديرة شركة النفط الوطنية في تشيلي، أن الفساد يزيد الطين بلة، ويدفع الشعوب إلى فقدان الثقة في المؤسسات الديمقراطية. وشددت على أن غياب قادة يتميزون بالكاريزما يفسح المجال أمام الشعبوية، يسارية كانت أو يمينية. فيما توقف مات كارلسون، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي السابق (السويد)، عند مفارقة أن الشعبويين يصلون إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، مشدداً على ضرورة عدم استغلال الانتخابات لوضع اليد على السلطة، وقلب النظام على النخب والديمقراطيين. ورأى أن الوضعية صعبة، وتحتاج موقفاً صارماً يعزز دور المؤسسات الديمقراطية ويؤسس لسياسة الحوار بين الدول.

بالنسبة لجلسة «هجرة الأدمغة والتسابق العالمي على المواهب»، التي انطلقت بمشاركة كاسي فريمان، الرئيس والمدير التنفيذي لاتحاد المغتربين الأفارقة (الولايات المتحدة)، وبول غوميز رئيس مؤسسة «باولو غوميز وشركاؤه» من غينيا بيساو، فقد انطلقت من معطى ارتباط مفهوم هجرة الأدمغة باقتصاديات الهجرة والمنافسة الدولية على المواهب، وكيف أضحت الهجرة منذ ستينات القرن الماضي مصدر قلق لكل البلدان النامية التي ترسل المهاجرين وللبلدان المتقدمة التي تستقبلهم.

وناقش المتدخلون الدوافع الأساسية للتسابق العالمي على المواهب، والتحديات التي يمثلها للدول النامية والدول المتقدمة على حد سواء، مع التساؤل عن كيفية تصور خطط توفق بين النهوض بحركية ذوي المهارات العالية على الصعيد العالمي، وتعزيز الفوائد المحتملة للبلدان النامية، مع الأخذ بعين الاعتبار بروز مجموعة من المكاسب الإيجابية لهذه الظاهرة، عند النظر في المزايا المحتملة لهجرة المهارات، من قبيل دور المهاجرين في تسهيل نقل المعرفة والتكنولوجيا.


مقالات ذات صلة

حكيمي يجدّد عقده مع سان جيرمان حتى 2029

رياضة عربية الظهير الأيمن المغربي أشرف حكيمي (إ.ب.أ)

حكيمي يجدّد عقده مع سان جيرمان حتى 2029

مدّد الظهير الأيمن المغربي أشرف حكيمي عقده مع باريس سان جيرمان بطل فرنسا لكرة القدم حتى عام 2029.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رضوان الحسيني مدير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بوزارة الشؤون الخارجية المغربية (الشرق الأوسط)

المغرب يؤكد «التزامه الراسخ» بمكافحة الإرهاب النووي والإشعاعي

المغرب يؤكد التزامه بالأهداف الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب النووي، التي تدعو إلى نهج استباقي ومتعدد الأبعاد، لمحاربة هذه الآفة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية زكريا أبو خلال لاعب تولوز انضم لتشكيلة منتخب المغرب (أ.ف.ب)

الركراكي يستدعي أبو خلال لتشكيلة المغرب بدلاً من أخوماش

أعلن الاتحاد المغربي لكرة القدم الثلاثاء أن وليد الركراكي مدرب المنتخب الأول استدعى زكريا أبو خلال لتعويض غياب إلياس أخوماش.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية حسين الشحات لاعب الأهلي (صفحة اللاعب على فيسبوك)

مصر: الصلح يُنهي أزمة الشحات والشيبي بعد 18 شهراً من «الخِصام»

بعد نحو عام ونصف العام من «الخِصام» بينهما، أنهى الصلح أزمة المصري حسين الشحات، لاعب الأهلي، والمغربي محمد الشيبي.

محمد عجم (القاهرة)

المغرب: تفكيك خلية لـ«داعش» في عملية مشتركة مع إسبانيا

عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
TT

المغرب: تفكيك خلية لـ«داعش» في عملية مشتركة مع إسبانيا

عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات المغربية، الجمعة، تفكيك خلية مسلحة تابعة لتنظيم «داعش» في منطقة الساحل، في عملية أمنية مشتركة مع الأجهزة الإسبانية، موضحة أنها تتكوّن من تسعة عناصر، من بينهم ثلاثة ينشطون في المغرب، وستة آخرون ينشطون في مدن إسبانية.

وذكر بيان للمكتب المركزي المغربي للأبحاث القضائية أن التحريات الأولية أظهرت أن المشتبه فيهم كانوا يروّجون للفكر «الداعشي»، ويعقدون لقاءات في إطار التخطيط والتنسيق للقيام بأعمال إرهابية باسم التنظيم، قبل الالتحاق بصفوفه في منطقة الساحل جنوب الصحراء، مضيفاً أن عمليات التفتيش المنجزة بمنازل المشتبه فيهم مكّنت السلطات من حجز أسلحة ومعدات إلكترونية، سيتم إخضاعها للخبرات الرقمية اللازمة، ومؤكداً أن البحث جارٍ لتحديد الارتباطات الداخلية والخارجية لهذه الخلية.

من جهتها، ذكرت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في بيان نشرته «وكالة المغرب العربي للأنباء»، أن الخلية تتكوّن من تسعة عناصر، تنشط في تطوان والفنيدق ومدريد وإبيزا وسبتة، موضحاً أن التحريات أظهرت أن المشتبه فيهم «كانوا يروّجون للفكر (الداعشي)، ويعقدون لقاءات بسبتة وتطوان في إطار التخطيط والتنسيق للقيام بأعمال إرهابية».

وأضاف المصدر ذاته أن التحريات الأولية المنجزة أظهرت أن بعض المشتبه فيهم معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب بإسبانيا، وكانوا يروّجون للفكر «الداعشي»، ويعقدون لقاءات في إطار التخطيط للقيام بأعمال إرهابية باسم «داعش». وقد تم وضع الأشخاص الموقوفين بتطوان والفنيدق رهن الحراسة النظرية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة المكلفة قضايا الإرهاب والتطرّف، وذلك للوقوف على ارتباطاتهم الداخلية والخارجية، وكذا تحديد مستوى تورّطهم في إطار المشروعات الإرهابية المخطط لها من طرف أعضاء هذه الخلية.

وأشار البلاغ إلى أن هذه العملية المشتركة تندرج في إطار التنسيق الأمني المتواصل والمتميّز بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية، لصد التهديدات الإرهابية التي تحدق بأمن المملكتين.

وتأتي هذه العملية بعد أيام قليلة من إصدار غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف في الرباط، حكمها في حق أفراد خلية إرهابية أخرى، تم تفكيكها بمدينتي تزنيت وسيدي سليمان من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في 14 من مايو (أيار) الماضي.

وحكمت هيئة المحكمة بما مجموعه 29 سنة سجناً نافذاً على الخلية المكوّنة من أربعة أفراد، بعد إدانتهم بتهم متعلقة بالإرهاب، والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وخرق ظهير التجمعات العمومية وظهير حق تأسيس الجمعيات.

وأدانت المحكمة المتهم الأول «أ.م» الذي جرى توقيفه بمدينة سيدي سليمان، بثماني سنوات سجناً نافذاً بعد إدانته بالإرهاب والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وهي العقوبة نفسها التي قضت بها في حق المتهم الثاني «أ.ه»، المُدان بجريمة الإرهاب والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وخرق ظهير التجمعات العمومية وظهير حق تأسيس الجمعيات؛ وذلك بعد توقيفه داخل مسكن وظيفي حيث يقطن بحي الوداديات بمدينة تزنيت.