أنصار القذافي يتهمون «الرئاسي» بالتقاعس عن «إنصاف» أسرته

رئيس «الأعلى لمدن الجنوب» يكشف كواليس التحضير لـ«مؤتمر المصالحة»

صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي وزوجته صفية خلال حفل زواج أحد أفراد العائلة (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي وزوجته صفية خلال حفل زواج أحد أفراد العائلة (أ.ف.ب)
TT

أنصار القذافي يتهمون «الرئاسي» بالتقاعس عن «إنصاف» أسرته

صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي وزوجته صفية خلال حفل زواج أحد أفراد العائلة (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي وزوجته صفية خلال حفل زواج أحد أفراد العائلة (أ.ف.ب)

أظهرت أعمال اللجنة التحضيرية لـ«المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية» في ليبيا جانباً من الخلافات بين مؤيدين لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، والمجلس الرئاسي، بصفته الراعي لأعمال المؤتمر.

واتهم بعض المؤيدين للنظام السابق المجلس الرئاسي «بعدم التحرك باتجاه رفع القيود المفروضة على أسرة القذافي»، وأبدوا استغرابهم من فرض مجلس الأمن الدولي «قيوداً» على عجوز تجاوزت السبعين من عمرها، في إشارة إلى أرملة القذافي، صفية فركاش.

صفية فركاش أرملة معمر القذافي (حسابات تابعة لأنصار النظام على «إكس»)

وأدت الخلافات حول بعض النقاط المتعلقة بالجلسات التحضيرية للمؤتمر، الذي انعقد منتصف الأسبوع الماضي في مدينة سبها (جنوب) إلى انسحاب الفريق الممثل لسيف الإسلام القذافي من المؤتمر، اعتراضاً على ما وصفه بـ«عدم جدية المجلس الرئاسي في إتمام المصالحة الوطنية»، بحسب ما ذهب إليه الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس الفريق، ورئيس «المجلس الأعلى لمدن فزان».

علي أبو سبيحة (الشرق الأوسط)

وتحدث أبو سبيحة عن كواليس التحضير للمؤتمر، وأسباب انسحابهم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الجمعة)، إن المجلس الرئاسي «لم يلتزم بما اتفق عليه في ملتقى طرابلس في يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي عرضت فيه دراسة حول آليات عملية المصالحة في ليبيا»، مشيراً إلى أنهم انتهوا إلى مجموعة من التوصيات التي تمت صياغتها، «لكن للأسف شابها التحريف، فسجلنا أول اعتراض، لكن مضينا في استكمال أعمالنا في الجلسات التحضيرية المتتالية».

وأضاف أبو سبيحة موضحاً أن الاتحاد الأفريقي تحرّك لدى الأطراف السياسية في ليبيا، وحدد 7 أطراف، يشكلون اللجنة التحضيرية للإعداد، لـ«المؤتمر الوطني العام للمصالحة». هم مجلس النواب، و«القيادة العامة»، واللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، وحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومجلس الدولة، بالإضافة إلى المرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي.

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

وتابع أبو سبيحة: «طوال الفترة الماضية كنا نطالب، كطيف سياسي للدكتور سيف، المجلس الرئاسي بإبداء حسن النية لإتمام المصالحة، وذلك بالسعي للإفراج عن المعتقلين، والمعتقلين السياسيين منذ عام 2011». وتحدث عن «إجراء محاكمات شكلية لبعض السجناء، تتم تحت تهديد السلاح»، كما تطرق أبو سبيحة إلى قضية عبد الله السنوسي (73 عاماً)، صهر القذافي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق، الذي تستدعيه المحكمة للمثول أمامها، لكن المتحكمين في السجن يمنعونه من ذلك.

عبد الله السنوسي (الشرق الأوسط)

وكان مفترضاً عرض السنوسي على محكمة استئناف طرابلس في أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، لكن «قوة الردع»، وهي ميليشيا مسلحة برئاسة عبد الرؤوف كارة، لم تحضره إلى المحكمة مع منصور ضو، رئيس الأمن المكلف حماية القذافي، فقررت تأجيل النظر في القضية للمرة السابعة على التوالي.

ورأى أبو سبيحة أن المحكمة الجنائية الدولية «تتعقب» سيف القذافي منذ 2011 «ظلماً وعدواناً، لغرض سياسي ودون سند من القانون، ولا يزال ممنوعاً عليه التنقل والسفر خارج البلاد... وقلنا للمجلس الرئاسي في إطار إبداء حسن النية إنه لا بد أن تتحدثوا مع لجنة العقوبات الدولية كي تسمح للدكتور سيف بالسفر والتحرك، ووقف متابعته من المحكمة الدولية، لكن ذلك لم يحدث».

كما تطرق أبو سبيحة إلى أسرة القذافي، وقال إن أرملته صفية فركاش، وابنته عائشة، ونجله محمد، «لا يزالون تحت قيود المنع من السفر، إلا بإذن من مجلس الأمن»، وقال متسائلاً: «هذه كارثة، كيف لمجلس الأمن أن يسمح لنفسه بأن يتعقب عجوزاً تجاوزت السبعين من عمرها؟!».

ومنحت لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي أرملة القذافي وابنه محمد، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إعفاء مؤقتاً من حظر السفر، المفروض عليهما بدعوى أنهما «يمثلان خطراً على الأمن الدولي». ويسري مفعول إلغاء قيود السفر لمدة 6 أشهر، اعتباراً من الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2023، حتى 31 مايو (أيار) 2024.

اللافي عضو المجلس الرئاسي في ضيافة أعيان فزان بسبها (المجلس الرئاسي الليبي)

كما أوضح أبو سبيحة أنهم طالبوا «بوقف متابعة أسرة (الشهيد) القذافي، كما طالبنا بالكشف عن القبر الذي دفن به الرئيس الراحل ورفيقاه، نجله المعتصم بالله، ووزير دفاعه أبو بكر يونس»، لافتاً إلى وجود «كثير من المغيبين الذين لا تعلم أسرهم أين هم، وكل هذه الملفات لم يبدِ فيها المجلس الرئاسي أي بادرة، ولو إجراءات للبحث عنهم كي نسير في طريق المصالحة».

ما ذهب إليه أبو سبيحة، طالب به أيضاً مؤيدون آخرون للنظام السابق، من بينهم أحد مشايخ قبيلة القذاذفة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنهم عقدوا لقاءات كثيرة مع جميع المسؤولين في ليبيا، من أجل «رفع الضغوط والقيود الدولية» عن أسرة القذافي، بما يمكّنهم من الحياة بحرية، «لكن دون تحرك من أحد، رغم حصولهم على وعود كثيرة».

وأوضح الشيخ، الذي رفض ذكر اسمه، أن مجلس الأمن «يمنحهم الإذن بالتنقل لمدة 6 أشهر، وكأنهم أجرموا. والأمر لا يعدو كونه تصفية حسابات مع النظام السابق».


مقالات ذات صلة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لوصول أعضائه إلى مدينة درنة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

أعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، وصول عدد من أعضائه إلى درنة التي ستستضيف، الاثنين، جلسة رسمية هي الأولى للمجلس بالمدينة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

احتشد مئات المتظاهرين في مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، الموالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي للتظاهر، منددين بـ«المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
TT

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

تعوّل الحكومة الجزائرية على تحسّن معدلات الصناعة العسكرية، بغرض رفع نسبة النمو في قطاع الصناعة وإنعاش الاقتصاد التابع تبعية مطلقة لإيرادات النفط والغاز.

وبرزت أهمية التصنيع الحربي في «معرض الإنتاج الوطني» السنوي الذي انطلق الخميس الماضي. ففي الجناح المخصص لوزارة الدفاع في المعرض الذي يقام بالضاحية الشرقية للعاصمة، يتم تقديم مختلف المنتجات الخاصة بالقوات المسلحة، والترويج لها على أساس أنها «قاطرة الصناعة في البلاد».

تصنيع عربات عسكرية بالشراكة مع شركة «مرسيدس» الألمانية (وزارة الدفاع)

وأبرز الرئيس عبد المجيد تبون، خلال افتتاح التظاهرة الاقتصادية والتجارية، «أهمية الصناعة العسكرية كنموذج يجب اتباعه وكرافعة للصناعة الوطنية». وأكد أن الجيش «حقق مستويات في الصناعة، أتمنى أن تصل إليها الشركات الأخرى»، وهنّأ القائمين على جناح وزارة الدفاع بالمعرض، لـ«معدل التكامل العالي الذي أنجزته الصناعة العسكرية»، من دون أن يقدم أي رقم فيما يخص التصنيع الحربي.

ولفت تبون إلى أن «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة»، داعياً إلى «عدم التفريق بين الشركات التي تتبع للجيش، وبين الشركات الحكومية والخاصة؛ إذ تساهم جميعها في رفع شأن الإنتاج الجزائري».

وتشارك في «معرض الإنتاج الوطني 2024» مئات المؤسسات الحكومية والخاصة. وغالباً ما تستعرض الحكومة «عضلاتها» من خلال هذا الحدث الاقتصادي، للتأكيد على «قدرة المنتوج الجزائري على المنافسة في الأسواق الدولية»، علماً أن الجزائر حققت الاكتفاء الذاتي في قطاع من المنتجات الزراعية، في حين تستورد كل حاجاتها من المواد المصنّعة ونصف المصنّعة.

الرئيس تبون يستمع إلى خطة عمل مؤسسات خاصة (الرئاسة)

ويقول مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن الصناعة العسكرية في الجزائر «أصبحت اليوم نموذجاً يحتذى به في التنظيم والحوكمة، وكذلك في الجودة والأداء. إنه قطاع تمكن بفضل صرامته من التكيّف مع متطلبات ومعايير الإنتاج في عدة مجالات، بدءاً من صناعة الأسلحة ووصولاً إلى وسائل النقل واللوجستيات والملابس».

وأوضح المصدر ذاته، أن قطاع التصنيع العسكري «يواجه اليوم تحديات جديدة، تتمثل في التحكم في مجالات ذات قيمة تكنولوجية عالية، مثل صناعة المسيّرات ومعدات الاتصالات. ويتمثل التحدي الآخر في تحسين نسب الاندماج، من خلال الاعتماد على الإنتاج والمناولة المحلية، بهدف رفع مستويات الاندماج إلى أكثر من 60 في المائة في السنوات المقبلة».

ووفق المصدر ذاته، فإنه «يجب الإشادة بجهود والتزامات المؤسسة العسكرية في تحديث وتطوير هذه الصناعة الحربية التي تم تصنيفها كأولوية استراتيجية؛ نظراً لتأثيرها في تعزيز القوة العسكرية؛ كونها ركيزة أساسية للسيادة الوطنية». واللافت أنه لا تتوفر بيانات محددة حول نسبة مساهمة الصناعة العسكرية في نمو الصناعة الجزائرية بشكل عام.

رئيس البلاد مع مسؤولين من وزارة الدفاع في جناح الإنتاج الحربي في معرض الإنتاج الوطني (الرئاسة)

ويشار إلى أن موازنة الجيش لعام 2025 محددة بـ22 مليار دولار (الموازنة العامة مقدرة بـ126 مليار دولار)، وهي في زيادة مستمرة منذ 5 سنوات. وتبرر الحكومة حجم الإنفاق العسكري العالي بـ«التهديدات والمخاطر المحيطة بالجزائر»، وتقصد، ضمناً، الاضطرابات في مالي والنيجر، وفي ليبيا أيضاً، وتعاظم تجارة السلاح والمخدرات ونشاط المهربين في جنوب الجزائر الفسيح.

وكان تبون صرّح بنهاية 2023 بأن نسبة الاندماج في مجال الصناعات الميكانيكية العسكرية تجاوزت 40 في المائة؛ ما يدل على تقدم ملحوظ في هذا القطاع في تقدير السلطات. بالإضافة إلى ذلك، نجحت المؤسسات الصناعية التابعة للجيش الوطني الشعبي في أن تكون داعماً مهماً للنسيج الصناعي الجزائري، بعد أن وسعت دائرة اهتماماتها لتشمل مختلف المجالات الصناعية.

وعلى الرغم من هذه التطورات، لا تزال الصناعات العسكرية الجزائرية ناشئة، وفق خبراء مستقلين. فهي بحاجة إلى المزيد من الوقت لتطوير قدراتها الإنتاجية والتكنولوجية، خاصة في مجالات الأسلحة المتطورة.