«حرب غزة»: اتساع العمليات الإسرائيلية جنوباً يثير قلقاً مصرياً

وسط تحذيرات من «تفجر الموقف» على حدود البلدين

مدفعية إسرائيلية تقصف أهدافاً في قطاع غزة (EPA)
مدفعية إسرائيلية تقصف أهدافاً في قطاع غزة (EPA)
TT

«حرب غزة»: اتساع العمليات الإسرائيلية جنوباً يثير قلقاً مصرياً

مدفعية إسرائيلية تقصف أهدافاً في قطاع غزة (EPA)
مدفعية إسرائيلية تقصف أهدافاً في قطاع غزة (EPA)

يثير توسيع الجيش الإسرائيلي عملياته جنوب غزة، خاصة على محور «فيلادلفيا» بالشريط الحدودي بين مصر والقطاع، قلقاً مصرياً، وسط تحذيرات من «تفجر الموقف» بين البلدين، في ظل مخاوف القاهرة من عملية «تهجير قسري للفلسطينيين» باتجاه شبه جزيرة سيناء المصرية.

ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي نفذ مؤخراً هجوماً هو الأكبر من نوعه منذ بداية الحرب، على منازل الخط الأول في مدينة رفح، بالقرب من الشريط الحدودي مع مصر، بداعي «التخوف من استغلال (حماس) الأنفاق في المنطقة لتهريب الأسلحة والأسرى وقيادات بالحركة خارج القطاع»، في إشارة إلى إدخالهم للجانب المصري.

وقال موقع (bhol) الإخباري الإسرائيلي إن «هذه الأنفاق مخصصة لتهريب الأسلحة، وإن هناك تخوفاً لدى الأجهزة الأمنية من أن (حماس) ستستخدمها لتهريب أسرى أو قيادات في الحركة». فيما أشار إليور ليفي، مراسل قناة «كان 11» الإسرائيلية، إلى أنه «تم تنفيذ هجوم ضد نشطاء (حماس) الذين يديرون أنفاق التهريب أسفل محور فيلادلفيا المؤدي إلى رفح المصرية».

وحذر عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، من تداعيات التحركات الإسرائيلية، وقال في تدوينة عبر حسابه على (إكس)، إن «الهجوم الإسرائيلي بطول الحدود المصرية الفلسطينية بزعم تدمير الأنفاق، تطور خطير قد يدفع إلى انفجار الموقف بين مصر وإسرائيل»، خاصة مع «استمرار الضربات على بعد أمتار قليلة من الحدود المصرية». على حد تعبيره.

ومنذ 2014، عملت مصر على إغلاق الأنفاق مع قطاع غزة، من الجانب المصري، وقامت بإعادة بناء مدينة «رفح» في موقع جديد مع إخلاء الشريط الحدودي بشكل كامل، لإيقاف حركة العبور غير الشرعية التي استمرت لسنوات من وإلى قطاع غزة.

فلسطينيون وسط مبان مدمرة بعد قصف إسرائيلي على رفح الخميس (أ.ف.ب)

ويشهد الشريط الحدودي من الجانب المصري إجراءات أمنية مكثفة منذ اندلاع الأحداث الحالية. وشدد اللواء نصر سالم، رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق بالجيش المصري، على أن «مصر لن تقبل بأن يكون هناك أي تجاوزات على حدودها»، رغم إدراكها بأن «إسرائيل تتصرف في قطاع غزة بشكل يخالف جميع القوانين الدولية وينتهكها... لكنها لن تستطيع أن تقدم على فعل أي شيء يهدد الأمن القومي المصري؛ لإدراكها أن رد الفعل لن يكون الصمت».

وأضاف سالم لـ«الشرق الأوسط» أن «الحدود المصرية مع قطاع غزة مؤمّنة بالكامل، ولا يمكن أن يكون هناك أي أنفاق لها، وبالتالي فإن التحركات الإسرائيلية لا معنى لها سوى تحقيق أهداف مرتبطة بإظهار السيطرة والوجود في مناطق مختلفة بقطاع غزة».

ويُنظر إلى المنطقة التي توغل فيها الجيش الإسرائيلي جنوب القطاع، باهتمام باعتبارها كانت جزءاً من اتفاقية «كامب ديفيد»، وكونها منطقة عازلة قبل أن تخضع لسيطرة الفلسطينيين بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. ويصل طولها إلى 14 كم تقريباً، وتصل من معبر كرم أبو سالم إلى البحر المتوسط بطول 14 كم تقريباً.

وتعطي مصر «أولوية للأحاديث الدبلوماسية» في مثل هذه الأمور الحساسة، وفق السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لن تقبل وجود أي خروقات إسرائيلية لمعاهدة السلام»، مشيراً إلى أن «كافة الأمور ستكون مطروحة للنقاش، خاصة في ظل وجود حرص على تجنب انفجار الوضع وخروجه عن السيطرة، وهو الأمر الذي لن يتحقق إلا بالدبلوماسية».

مسيّرة إسرائيلية فوق رفح الخميس (أ.ف.ب)

ويتفق رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، مع الرأي، مؤكداً «أهمية العمل الدبلوماسي من أجل الوصول لحلول يمكن تطبيقها على أرض الواقع، الأمر الذي يتوجب دوراً أكبر للمجتمع الدولي؛ لأن تبعات التصعيد الحالية ستطال المنطقة والعالم، وهو ما برز مع توتر الأوضاع في لبنان وهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر بجانب التحركات التي حدثت في العراق».

وتعمل إسرائيل على بناء منطقة عازلة بحدود ما بين 2 إلى 3 كم حول قطاع غزة، وفق رؤية اللواء سمير فرج المدير الأسبق لإدارة الشؤون المعنوية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الفكرة ليست مقبولة سواء مصرياً أو عربياً أو حتى أميركياً، ولن يتم السماح بتنفيذها؛ لأن الهدف الإسرائيلي منها مرتبط بعزل قطاع غزة بشكل كامل عن محيطه».

ويشدد مدير الشؤون المعنوية الأسبق على «جاهزية القيادة السياسية والعسكرية للتعامل مع جميع الخيارات؛ لضمان أمن وسيادة مصر، وعدم السماح بحدوث أي تجاوز للخطوط الحمراء».

وسبق لمصر أن حذرت من محاولات تهجير سكان غزة. لكن مع دخول الحرب شهرها الثالث، اضطر غالبية السكان إلى ترك منازلهم، والتوجه إلى أقصى جنوب القطاع، ما أدى إلى اكتظاظ كبير في مدينة رفح الحدودية مع مصر.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأحد، من «تزايد الضغط من أجل النزوح الجماعي إلى مصر».


مقالات ذات صلة

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

العالم العربي خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء، ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)

بايدن: أميركا تبذل جهداً آخر للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستبذل جهداً آخر مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز)

كاتس: إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة هو الهدف الأبرز بعد وقف النار بلبنان

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الهدف الأبرز لتل أبيب بعد وقف إطلاق النار في لبنان يتمثل بصفقة جديدة للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الاقتصاد رجال يسيرون بجوار لوحة إلكترونية في بورصة تل أبيب (رويترز)

ارتفاع سندات إسرائيل ولبنان السيادية بعد وقف إطلاق النار

ارتفعت السندات السيادية الإسرائيلية المقوَّمة بالدولار بنسبة 0.8 سنت، يوم الأربعاء، عقب دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (القدس)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.