تنسيق أمني تونسي - ليبي - أوروبي لمكافحة الإرهاب والتهريب

الاتحاد الأوروبي يموّل مؤسسة لمراقبة 13 مركزاً أمنياً حدودياً و7 وحدات مختصة

وزير الداخلية التونسي يتفقد مشروعاً أمنياً حدودياً «تونسياً - ليبياً - أوروبياً» لمكافحة الإرهاب والتهريب (الداخلية التونسية)
وزير الداخلية التونسي يتفقد مشروعاً أمنياً حدودياً «تونسياً - ليبياً - أوروبياً» لمكافحة الإرهاب والتهريب (الداخلية التونسية)
TT

تنسيق أمني تونسي - ليبي - أوروبي لمكافحة الإرهاب والتهريب

وزير الداخلية التونسي يتفقد مشروعاً أمنياً حدودياً «تونسياً - ليبياً - أوروبياً» لمكافحة الإرهاب والتهريب (الداخلية التونسية)
وزير الداخلية التونسي يتفقد مشروعاً أمنياً حدودياً «تونسياً - ليبياً - أوروبياً» لمكافحة الإرهاب والتهريب (الداخلية التونسية)

كشفت مصادر تونسية وأوروبية مسؤولة في تونس، عن تقدم التنسيق الأمني بين سلطات الأمن التونسية والليبية والأوروبية بهدف «إنجاح مخططات مكافحة الإرهاب والتهريب والهجرة غير القانونية» بين دول أفريقيا وجنوب الصحراء وأوروبا عبر ليبيا وتونس.

في هذا السياق أدى وزير الداخلية التونسي كمال الفقي، أمس، زيارة عمل إلى «فوج الحدود» التابع للحرس الوطني في جهة بن قردان الحدودية التونسية - الليبية مع وفد رفيع المستوى من القيادات الأمنية. كما زار الوزير نقاطاً أمنية استراتيجية أخرى في محافظة مدنين التي تؤوي أبرز المؤسسات السياحية في البلاد، والتي كثفت إجراءاتها الأمنية الحدودية عشية توافد عشرات آلاف السياح بمناسبة أعياد الميلاد وإجازات آخر السنة».

أحد حرس الحدود الليبي يعطي الماء لمهاجر خلال عملية إنقاذ في منطقة غير مأهولة بالقرب من بلدة العسة الحدودية 16 يوليو 2023 (أ.ف.ب)

وكشفت مصادر مطلعة تونسية أن زيارة وزير الداخلية التونسي وعدد من قيادات الوزارة للمحافظات الحدودية التونسية - الليبية رفقة وفد أمني سياسي كبير كانت لعقد جلسات عمل، وتفقد مع مسؤولين عن قطاعات الأمن ومكافحة التهريب والإرهاب والهجرة غير القانونية في ليبيا.

وتتزامن هذه التحركات مع مرحلة استفحلت فيها الخلافات بين بعض العواصم الأوروبية مع السلطات الأمنية والسياسية التونسية والليبية بسبب ازدياد أعداد المهاجرين غير القانونيين الذين استخدموا الأراضي والموانئ التونسية والليبية للعبور نحو أوروبا عبر سواحل إيطاليا خصوصاً عبر جزيرة لامبيدوزا التي لا تبعد عن سواحل جنوب البحر الأبيض المتوسط إلا ساعتين على متن زوارق الصيد العادية.

وزار وزير الداخلية التونسي بالمناسبة مقر مؤسسة الحرس الوطني بمعتمدية بن قردان، وهي مؤسسة أمنية حدودية كبيرة أسهم في تمويلها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وأصبحت جاهزة بنسبة 90 في المائة.

بوابة «رأس الجدير» التونسية - الليبية يستخدمها ملايين المسافرين في الاتجاهين... والمهاجرون غير القانونيين (الإعلام التونسي)

وقد أعلن عميد في الحرس الوطني، خلال تظاهرة أمنية حضرها المسؤولون الأُوَل عن مكافحة الإرهاب والتهريب والأمن العام في محافظات الجنوب التونسي، أن هذه المؤسسة سوف تُشرف على 13 معبراً ومركزاً أمنياً حدودياً وعلى 7 وحدات أمنية مختصة.

الجريمة المنظمة

كما أُعلن بالمناسبة أن هذه «المؤسسة الأمنية الجديدة» المكلفة التنسيق حول الملفات الأمنية الكبرى مع ليبيا والاتحاد الأوروبي سوف تتمتع بـ«قدر من الاستقلالية عن مؤسسات الأمن الجهوية الأخرى»، وستختص بقضايا الأمن ومكافحة الجريمة المنظمة التي لديها علاقة بمراقبة حركة تهريب السلع والمهاجرين غير القانونيين والمخدرات والأسلحة في المناطق الحدودية والجريمة المنظمة.

حضر المشاورات الأمنية التونسية - الليبية رفيعة المستوى، التي أعلنت وسائل الإعلام التونسي عن تنظيمها، وزير الداخلية التونسي كمال الفقي، ونظيره الليبي اللواء عماد مصطفى الطرابلسي، وعدد من الكوادر الأمنية السامية في البلدين.

ملف المهاجرين الأفارقة

كان وزير الداخلية الليبي قد شارك مؤخراً في عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل في اجتماعات مع وفدين ليبي وأوروبي «حول مستجدات ملف تهريب البشر والمهاجرين غير القانونيين القادمين من أفريقيا وبؤر التوتر الإقليمية عبر ليبيا نحو أوروبا».

وشاركت في تلك الاجتماعات السيدة إيفلا جوهانسن، عضو المفوضية الأوروبية للشؤون الداخلية حول «التحالف العالمي لتهريب المهاجرين غير القانونيين».

وكشفت مصادر أمنية مؤخراً أن عدد هؤلاء المهاجرين «غير الشرعيين» تجاوز 140 ألفاً هذا العام رغم مخططات التنسيق الأمني الأوروبية - التونسية – الليبية، وتبادُل اجتماعات وزراء الداخلية والعدل والدفاع الأوروبيين والعرب.

وتتزامن هذه التحركات الأمنية السياسية المشتركة التي تهدف إلى التحكم أكثر في ملفات مكافحة الإرهاب وتهريب المهاجرين والبضائع ورؤوس الأموال والأسلحة، مع اجتماع عُقد صباح الثلاثاء، في طرابلس، بين رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي محمد تكالة، وسفير تونس في طرابلس الأسعد العجيلي.

وجاء في البلاغ أن الاجتماع ناقش قضايا «التعاون الثنائي بين تونس وليبيا» دون تقديم تفاصيل، ودون العودة إلى «الخلافات بين حكومتَي البلدين» التي انفجرت قبل أشهر بسبب ملف ترحيل المهاجرين غير القانونيين الأفارقة الذين تجمعوا في محافظات تونسية كثيرة، بينها محافظتا تونس العاصمة ومدينة صفاقس، ثانية كبرى مدن البلاد، واندلعت حوادث عنف ومواجهات بينهم وبين قوات الأمن التونسية.


مقالات ذات صلة

تونس: إحالة عشرات على قطب الإرهاب واتهام وزير سابق بالتآمر على أمن الدولة

شمال افريقيا استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)

تونس: إحالة عشرات على قطب الإرهاب واتهام وزير سابق بالتآمر على أمن الدولة

كشفت مصادر أمنية تونسية أن قوات الأمن التونسي أوقفت مؤخراً «15 تكفيرياً» بينهم من كان محل تفتيش لفائدة هياكل قضائية مختلفة بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي.

كمال بن يونس (تونس)
أفريقيا القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

أعلنت القوات العسكرية متعددة الجنسيات التي تحارب جماعة «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، أن قيادياً بارزاً في الجماعة الإرهابية سلم نفسه لوحدة عسكرية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا مدخل محكمة باريس الجنائية (أ.ف.ب)

القضاء الفرنسي يحكم بسجن امرأة 9 سنوات لانضمامها إلى جماعة إرهابية في سوريا

أمرت محكمة الجنايات في باريس بسجن امرأة فرنسية تبلغ 34 عاماً 9 سنوات بتهمة انضمامها 3 مرات إلى جماعة جهادية في سوريا عبر خلية بريطانية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا صحافيون أفغان في لقاء بمكتب أخبار «تولو» في العاصمة كابل (إعلام أفغاني)

«طالبان» تحظر البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية

فرضت حكومة «طالبان» في كابل، حظراً على البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية بالقنوات الإخبارية الأفغانية، ما أثار موجة إدانات دولية من مختلف أنحاء العالم.

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا قوات الأمن بكشمير في حالة تأهب قصوى بعد أن كشفت السلطات عن أن المسلحين اعتمدوا تكتيكات «الإرهاب الخفي» في سلسلة هجمات منطقة جامو (إ.ب.أ)

الجيش الهندي يعلن قتل متمردَين اثنين في كشمير

قَتل جنود هنود في كشمير شخصَين يشتبه بأنهما «إرهابيان» في اشتباك (السبت)، بحسب مسؤولين أمنيين، في وقت تشهد فيه المنطقة المتنازَع عليها انتخابات محلية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي )

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟
TT

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

لا يجد بعض المسؤولين الليبيين غضاضة في ارتداء الكوفية الفلسطينية الشهيرة أمام عدسات المصورين، تعبيراً عن دعمهم لقطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي، في ظل تمسك البلد المنقسم سياسياً بـ«تجريم التطبيع مع إسرائيل».

فمن أمام جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى قاعات الاجتماعات في ليبيا، تأتي الموافقة الرسمية لتعكس جانباً من رؤية البلاد حيال الأحداث في غزة، وما يجري في لبنان، لكن تظل ردود الفعل المجتمعية «أكثر غضباً» في كثير من الأحايين.

وفي ظل تعاطف مجتمعي ليبي واسع مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، يأتي الخطاب الرسمي على لسان رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، ليؤكد أن «ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وتعبر قطاعات ليبية عدة عن «تعاطفها وتضامنها» مع ما يجري في غزة ولبنان، وفق ما يرصد عبد الرؤوف بيت المال، النائب بحزب «ليبيا النماء»، لكنه يشير إلى أن الانقسام الحاصل في البلاد «يفتت الرؤية في ظل عدم وجود حكومة واحدة».

والمنفي الذي أكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و«إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، ذكّر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي، بموقف بلده، الذي انضم إلى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.

وفيما دعا المنفي لتعزيز المساءلة عن «الانتهاكات والإبادة الجماعية» التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، رأى أن «إبعاد شبح نشوب حرب إقليمية في المنطقة، يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة في فلسطين ولبنان».

وفي أعقاب اندلاع الحرب على غزة، شهدت طرابلس بعض المظاهرات الغاضبة، مثل بقية العواصم العربية؛ إذ احتشد آلاف المواطنين في «ميدان الشهداء» بوسط طرابلس، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني.

ويرى بيت المال في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن الشعب الليبي «واعٍ لما يحاك للقضية الفلسطينية؛ وأن النظام الصهيوني يعمل على تفتيت العرب والعمل على تأسيس إسرائيل الكبرى». ويعتقد أن كل ما يحدث في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق «يسير في اتجاه تكوين إسرائيل الكبرى».

الموقف الرسمي الليبي المُعلن من إسرائيل والتطبيع معها «مجرّم» وفق قرار سابق لمجلس النواب، الذي أكد رئيسه، عقيلة صالح، عدم «إقامة أي اتصالات أو علاقات مع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الإسرائيليين، وتجريم سفر الطائرات والسفن الإسرائيلية عبر ليبيا».

وظهر صالح مرتدياً الكوفية الفلسطينية في جلسة رسمية عقدها البرلمان، عقب الكشف عن «لقاء سري» بين وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» المقالة نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما.

وقال صالح: «عاشت فلسطين في الوجدان الليبي اسماً عزيزاً يثير الحزن، ويشعل الغضب، ويلهب الأحاسيس، فنشأ تقارب كبير بينها وبين ليبيا، أسهم في إبراز خصوصية ما بينهما من روابط، ومنشأ هذا التقارب في العروبة والإسلام هو تعرض البلدين إلى احتلال استيطاني هدف إلى طمس الهوية».

ومندوب ليبيا بالأمم المتحدة الطاهر السني، الذي ظهر مرتدياً الكوفية الفلسطيني هو الآخر خلال كلمة سابقة له في جلسة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتعلق بالشأن الليبي، قال إن ليبيا «لن تعدّ المقاومة ضد الاحتلال والدفاع عن النفس إرهاباً؛ ومن منكم نال استقلاله وتحرر من الاستعمار دون مقاومة».

ونقل السني جانباً من كلمته في تغريدات قصيرة عبر حسابه على منصة «إكس»، وزاد: «التاريخ سيتذكر من أخذ موقفاً قانونياً أو إنسانياً مما يجري؛ وسيتذكر كل من كانت إنسانيته في غيبوبة ودعم، أو صمت على الجرائم والفظائع المرتكبة بالبث المباشر صوتاً وصورة».

وكان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قد سارع لإصدار قرار في 25 يونيو (حزيران) الماضي، يستثني بموجبه مواطني دولة فلسطين من جميع الرسوم المتعلقة بالتأشيرات والإقامة، المحددة باللائحة التنفيذية للقانون رقم 6 لسنة 1987.

ولم تمنع الاتهامات المواجهة لحكومة «الوحدة» بالسعي لـ«التطبيع مع إسرائيل» من ارتداء الدبيبة الكوفية الفلسطينية خلال جولة ميدانية، بالعاصمة طرابلس قبل نحو عام تقريباً.

كما استقبل في مرات سابقة بمكتبه نائب رئيس الوزراء، ووزير الإعلام الفلسطيني نبيل أبو ردينة، والسفير الفلسطيني لدى ليبيا محمد رحال، وبحث معهما مستجدات الأوضاع السياسية في فلسطين، وآلية تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، إضافة إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وبموازاة المواقف الرسمية، تعكس ردود الفعل الخاصة مواقف «أكثر سخونة» تجاه ما يحدث في غزة ولبنان، إذ انتقد أحمد قذاف الدم المسؤول السياسي لـ«جبهة النضال الوطني الليبية»، «الصمت على ما يحدث من عدوان سَافِرْ على لبنان».

وقال في تصريح صحافي: «أحيي الصمود البطولي لـ(حزب الله)، والشعب اللبناني لوقوفهما بكبرياء في وجه الغطرسة الإسرائيلية».