البعثة الأممية: «القمع» و«الاعتقالات» في ليبيا يخلقان مناخاً من الخوف

باتيلي عدّ في اليوم العالمي لحقوق الإنسان أن البلاد تمر بـ«مرحلة حرجة»

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
TT

البعثة الأممية: «القمع» و«الاعتقالات» في ليبيا يخلقان مناخاً من الخوف

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة)

عبّرت البعثة الأممية إلى ليبيا برئاسة عبد الله باتيلي، عن «قلقها» من انتهاكات تتعلق بحالة حقوق الإنسان في البلاد، وفي حين قالت إن «ليبيا تمر بمرحلة حرجة»، رأت أن «استمرار حملة القمع والاعتقالات التعسفية يخلق مناخاً من الخوف بجميع أنحاء ليبيا».

تمركزات أمنية بالعاصمة الليبية طرابلس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»)

وعدّت البعثة الأممية، في بيان أصدرته (الأحد) لمناسبة «اليوم العالمي لحقوق الإنسان»، أن الانتهاكات التي تشهدها ليبيا في هذا الملف، «تقوّض الحيّز الحر والمفتوح المطلوب للحوار السياسي، والمصالحة القائمة على الحقوق وإجراء انتخابات شاملة وشفافة».

وقالت البعثة، «إنه بينما يحتفل العالم بالذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تجدد البعثة دعوتها لحماية وتعزيز حقوق الإنسان بوصفهما عامل تمكين للتحول الديمقراطي في ليبيا».

وسبق وتوصلت تحقيقات بعثة تقصي الحقائق الأممية المستقلة، إلى أن السلطات الليبية، لا سيما الأجهزة الأمنية، «تُقيّد الحق في التجمع، وتكوين الجمعيات، والتعبير وحرية المعتقد، وذلك من أجل ضمان الطاعة، وترسيخ القيم والمعايير التي تخدم المصالح الشخصية، والمعاقبة على انتقاد السلطات وقياداتها».

وذكر التقرير، أن الهجمات ضد فئات معينة، ومنهم المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء في مجال حقوق المرأة، والصحافيون، وجمعيات المجتمع المدني، أسهمت في «خلق جو من الخوف دفع الناس إلى ممارسة الرقابة الذاتية أو الاختباء أو الاغتراب، في وقت كان من الضروري فيه خلق جو يساعد على إجراء انتخابات حرة وعادلة لليبيين، لممارسة حقهم في تقرير المصير واختيار حكومة تمثلهم لإدارة البلاد».

الميليشيات في ليبيا (أ.ف.ب)

وقالت البعثة الأممية، إنها «وثّقت العشرات من حالات الاعتقال التعسفي والاحتجاز لرجال ونساء وأطفال على أيدي الجهات الأمنية على مدى الأشهر التسعة الماضية، في جميع أنحاء ليبيا»، لافتة إلى أن هذه الاعتقالات «تمثل انتهاكاً للقوانين الوطنية الليبية والالتزامات الدولية، خصوصاً أنها ذات دوافع سياسية، حيث يتم احتجاز جميع الأفراد بسبب انتمائهم السياسي الفعلي أو المتصوَّر».

وأشار باتيلي، إلى أن «أعضاء الأحزاب السياسية والأكاديميين والناشطين لا يزالون يعانون من الاحتجاز في طرابلس وبنغازي وسرت، دون إتاحة الفرصة لهم للوصول إلى العدالة. يجب إطلاق سراحهم على الفور ودون قيد أو شرط».

ورصدت البعثة عودة إلى «خطاب الكراهية»، وقالت إنها «تشعر بالقلق إزاء التهديدات والمضايقات، وخطاب الكراهية والعنف، والاعتقال غير القانوني الذي يتعرض له الليبيون من الناشطين السياسيين»، داعية السلطات الليبية في مختلف المستويات إلى «حماية الحق في حرية الرأي والتعبير، ووضع حد لممارسات الاعتقال والاحتجاز التعسفي واسعة النطاق».

رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في ليبيا عبد الحميد الدبيبة (د.ب.أ)

ونوه باتيلي، إلى أن «التضييق على عمل الأكاديميين والصحافيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، والناشطين سياسياً، وإسكاتهم، وتعزيز مناخ الخوف، تقوّض الأسس المطلوبة للانتقال الديمقراطي في ليبيا، وتشجع المفسدين، وتمكّن الجهات الأمنية، على وجه الخصوص، من ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان بعيداً عن أيدي العدالة. يجب أن ينتهي كل هذا».

وقال باتيلي، إن «ليبيا تمر بمرحلة حرجة»، وأكد أنه «يواصل جهوده لجمع الأطراف الرئيسية معاً؛ للاتفاق على تسوية سياسية تهدف إلى السير بالبلاد نحو الانتخابات»، كما ذكّر «الأطراف جميعاً بأن ملف حقوق الإنسان وسيادة القانون يجب أن يكونا القوة الدافعة لمستقبل ليبيا».

في السياق ذاته، قالت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا»، إن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد تشهد «تحولات خطيرة»، مشيرة إلى أن الشعب الليبي «لا يزال يُعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، من بينها، القتل والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب والتشريد والتهجير القسري الجماعي للمدنيّين، والانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحق السجناء والموقوفين».

وتحدّث رئيس المؤسسة الوطنية أحمد عبد الحكيم حمزة، في تصريح صحافي، عن «تراجع مساحة الحريات العامة والفردية، والتضييق على الساحة السياسية، والعمل النقابي والمجتمع المدني والإعلام والصحافة جراء الممارسات الخارجة عن القانون، التي ترتكبها الجماعات المسلحة وأجهزة أمن الدولة في عموم ليبيا».

عنصران مسلّحان تابعان لحكومة الدبيبة في طرابلس (أرشيفية - أ.ب)

وقالت المؤسسة إنها «وهي تستحضر في وجدانها مئات الضحايا الأبرياء ممّن قضوا نتيجة انتهاكات وجرائم الجماعات المسلحة، وسط إفلات متكرر من العقاب»، فإنها تؤكد «ضرورة الالتزام بالمبادئ التي تضمّنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان».

ورصدت منظمة «رصد الجرائم في ليبيا» عمليات اعتقال جماعي لأكثر من 200 طالب لجوء في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

وطالبت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان»، جميع السلطات الليبية بـ«ضرورة الالتزام باحترام حقوق الإنسان في أنحاء البلاد مهما كانت الظروف»، داعية القوى الوطنية والمدنية والسياسية، إلى رصّ الصفوف قصد التصدّي «للمسار الاستبدادي الذي تُمارسه حكومة الوحدة، والأطراف العسكرية والأمنية بعموم البلاد»، بحسب قولها.

وانتهت إلى تجديد مطالبتها «مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة»، بالعمل على «تعيين مقرر دولي خاص معني بحقوق الإنسان في ليبيا».


مقالات ذات صلة

«الوحدة» تشن عملية عسكرية مكثفة في مدينة الزاوية

شمال افريقيا صلاح النمروش يُعطي تعليماته لقواته في مدينة الزاوية (المنطقة العسكرية للساحل الغربي)

«الوحدة» تشن عملية عسكرية مكثفة في مدينة الزاوية

ترجيحات تتحدث عن إعلان أعيان ومشايخ الزاوية الانشقاق عن حكومة الدبيبة بوصفها «منتهية الولاية»

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

قرار الدبيبة تحمُّل الحكومة تكاليف «حج القرعة» يفجّر جدلاً وسط الليبيين

أثار إعلان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، عبد الحميد الدبيبة، تحمل الدولة تكاليف حج المواطنين، الذين يتم اختيارهم بنظام «القرعة» جدلاً كبيراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من المهاجرين غير النظاميين بعد اعتقالهم جنوب غربي ليبيا (إدارة العلاقات والتعاون فرع المنطقة الشرقية)

سلطات شرق ليبيا تطارد «مهربي مهاجرين» إلى الحدود السودانية

قالت السلطات الأمنية في شرق ليبيا إنها تمكنت من ضبط 3 سيارات تقلّ 75 مهاجراً غير قانوني، بعد مطاردة واسعة، متحدثة عن فرار عدد آخر من السيارات إلى السودان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صالح مستقبلاً خوري في لقاء سابق بمكتبه (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)

ليبيا تترقب «حكومة جديدة»... أو تفعيل «خريطة» خوري

يسرّع مجلسا «النواب» و«الأعلى للدولة» في ليبيا من خطوات تشكيل «الحكومة الموحدة الجديدة»، في ظل ترتيبات لعقد اجتماع قريب في مدينة القبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص الزائرة المقطوف خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك)

خاص أول عميدة بلدية منتخبة في ليبيا تشيد بعهد القذافي

تحدثت الزائرة الفيتوري، أول عميدة منتخبة لبلدية في تاريخ ليبيا عن «تقدم ملحوظ» في ملف حقوق المرأة خلال السنوات الأخيرة، في حين لا تخلو الطريق أمامها من تحديات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024
TT

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في عمليات عسكرية خلال عام 2024.

وأسفرت حملات الجيش الميدانية ضد المسلحين، حسب الوزارة نفسها، أيضاً، عن تدمير 10 مخابئ لمتطرفين، ومصادرة 97 قطعة سلاح ناري، وتفكيك 48 قنبلة «من مختلف الأصناف»، كما تمت مصادرة «كميات من الذخيرة من مختلف الأعيرة». ويفهم من كلمة شل حركة إرهابيين، قتل واعتقال العديد منهم، كما أن بعضهم سلَموا أنفسهم.

وتحدثت وزارة الدفاع عن «نتائج نوعية سجلها الجيش، تعكس مدى الاحترافية العالية واليقظة، والاستعداد الدائمين لقواتنا المسلحة في كامل التراب الوطني بغرض التصدي لكل محاولات المساس بأمن واستقرار بلادنا، والذود عن سيادتها».

وتقول السلطات، بشكل رسمي، إنها قضت على كل الجماعات الإرهابية التي تشكلت في بداية تسعينات القرن الماضي، وأن الأنشطة المسلحة التي تقع، من حين لآخر، «لا تعدو أن تكون من صنع بقايا إرهاب».

وشملت حصيلة أعمال الجيش، خلال العام الماضي، توقيف 2621 تاجر مخدرات، وإحباط محاولة إدخال 36.8 مليون طن من المخدرات عبر الحدود، ومصادرة 631 كغ من مادة الكوكايين و25 مليون قرص مخدر.

وأضافت وزارة الدفاع أن «عمليات الجيش المنظمة والمنسقة تضمنت أيضاً توقيف 13722 شخصاً، وحجز 681 سلاحاً نارياً، و1624 مركبة، كما تم ضبط 5090 مطرقة ضغط، و8204 مولدات كهربائية، و220 جهاز كشف عن المعادن، ومليوني لتر من الوقود، و193 طناً من مادة التبغ، بالإضافة إلى 4322 طناً من المواد الغذائية الموجهة للتهريب والمضاربة، وهذا خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني».

وتابعت أن الجيش اعتقل، العام الماضي، قرابة 30 ألف مهاجر غير شرعي، «من جنسيات مختلفة عبر التراب الوطني».