«تطورات إيجابية» تفتح الطريق لزيارة الرئيس الجزائري باريس

بعد أن رفض البرلمان الفرنسي إلغاء «اتفاق 1968» حول الهجرة بين البلدين

البرلمان الفرنسي يصوت ضد إلغاء اتفاق الهجرة الجزائري - الفرنسي (صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية)
البرلمان الفرنسي يصوت ضد إلغاء اتفاق الهجرة الجزائري - الفرنسي (صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية)
TT

«تطورات إيجابية» تفتح الطريق لزيارة الرئيس الجزائري باريس

البرلمان الفرنسي يصوت ضد إلغاء اتفاق الهجرة الجزائري - الفرنسي (صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية)
البرلمان الفرنسي يصوت ضد إلغاء اتفاق الهجرة الجزائري - الفرنسي (صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية)

ينتظر أن يشهد التحضير لزيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى فرنسا وتيرةً سريعةً، بعد أن رفض البرلمان الفرنسي، أمس الخميس، مشروع لائحة لليمين التقليدي لإلغاء «اتفاق 1968» حول الهجرة يخص البلدين، وهو المسعى الذي أغضب الجزائر، عندما تم الإعلان عنه قبل أشهر، وشكل أحد الأسباب غير المباشرة لإرجاء زيارة تبون إلى باريس، بعد أن كانت العاصمتان اتفقتا على إنجازها قبل نهاية 2023.

الرئيسان الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وصوتت «الجمعية الوطنية» (الغرفة السفلى للبرلمان الفرنسي) ضد المشروع بـ151 صوتاً، فيما بلغت أصوات المؤيدين له 114، وغالبيتهم من حزب «الجمهوريون» اليميني، صاحب المسعى، في مقابل حزب «النهضة» للرئيس إيمانويل ماكرون، الذي صرح في وقت سابق بأنه لا يرغب في التخلي عن الوثيقة. وعد هذا الموقف إرادة من جانبه بـ«عدم صب مزيد من الزيت على النار» فيما يخص العلاقات الثنائية التي مرت خلال سنة 2023 بتوترات حادة، تسببت فيها أحداث وتصريحات حادة، من بينها مسعى إلغاء الاتفاق.

ولقيت خطوة «الجمهوريون» دعماً من نواب حزب «التجمع الوطني» (يمين متطرف)، بينما رفضه نواب الحزب الشيوعي، وحزب «فرنسا الأبية»، بقيادة اليساري جان لوك ميلونشون، الذي يثير جدلاً كبيراً حالياً في فرنسا بوقوفه ضد الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية الفرنسي ورئيسة الوزراء الفرنسية في الجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وكان لافتاً خلال النقاشات التي سبقت التصويت حضور قوي للماضي الاستعماري لفرنسا بالجزائر، حيث اتهمت برلمانية من أصول جزائرية اليمين بـ«نكران جميل» العمال الجزائريين المهاجرين الذين ساهموا، حسبها، في نهضة فرنسا الصناعية في خمسينات وستينات القرن الماضي، عندما كانت بحاجة إلى يد عاملة بأعداد كبيرة، جلبتها من مستعمراتها السابقة بأفريقيا.

كما هاجمت برلمانية من كتلة «الجمهوريون»، حيث وصفتها بـ«وريثة منظمة الجيش السري»، وهي ابنة عضو بارز في هذه المنظمة، التي أطلقها ضباط فرنسيون انقلبوا على الجنرال شارل ديغول، ونفذوا اغتيالات واعتداءات بالجزائر في 1962، بذريعة أن حاكم فرنسا «أهدى الاستقلال» للجزائريين، رافعاً يومها شعار «سلم الشجعان».

ويعطي الاتفاق، الذي وقعه البلدان في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968، الجزائريين، استثناءات وتسهيلات غير متاحة لشعوب الدول الأخرى في قضايا الهجرة والإقامة، والدراسة والزواج ولمِّ الشمل العائلي، وكذلك ممارسة النشاطات التجارية والمهنية داخل الأراضي الفرنسية، وهو ما عدّه «الجمهوريون» يوازي «حقاً تلقائياً في الهجرة»، في وقت يهدف فيه مشروع قانون حكومي، من المتوقع مواصلة مناقشته في الجمعية الوطنية في 11 من الشهر الحالي، إلى «ضبط الهجرة» بصورة أفضل.

وقد يبدو للوهلة الأولى أن الجزائريين سيحافظون على امتيازات الاتفاق، بعد رفض البرلمان إلغاءه. غير أنه يتوقع الحد منها، بعد أن تطوله تعديلات جوهرية عند بدء تنفيذ قانون الهجرة الجديد. علماً بأن الهجرة النظامية من الجزائر إلى فرنسا عرفت تراجعاً بشكل كبير، منذ أن قلصت باريس حصة الجزائر من التأشيرات عام 2021، على خلفية رفضها إصدار تصاريح قنصلية تسمح بترحيل الآلاف من رعاياها، حسب الداخلية الفرنسية، من المهاجرين السريين. وأكدت الجزائر وقتها أنها لا تعترف بالإحصائيات، التي تقدمها السلطات الفرنسية بهذا الخصوص.

إيريك سيوتي رئيس حزب «الجمهوريون» اليميني الفرنسي (حساب الحزب في الإعلام الاجتماعي)

وبعيداً عن الجدل الذي يثيره الاتفاق بفرنسا، لم يصدر عن الجزائر رد فعل على رفضه برلمانياً. لكن ليس هناك شك، حسب قطاع من المراقبين، أنه خلّف ارتياحاً لديهم، كما قد يزيل بعضاً من التشنج الذي تعيشه العلاقات الثنائية، ويعطي دفعاً لأعمال التحضير الجارية منذ سنة لتنظيم زيارة رسمية للرئيس تبون إلى باريس. وقد كان مقرراً أن تتم في مايو (أيار) الماضي، ثم أجلت إلى نهاية العام، لكن أجواء التوتر التي خيمت في سماء العلاقات الثنائية حالت دون ذلك، منها قضية اتفاق الهجرة المثير، والملاسنات الحادة التي جمعت كبار المسؤولين في البلدين قبل أشهر، بسبب مرسوم أصدرته الرئاسة الجزائرية، يعيد جزءاً محذوفاً من النشيد الوطني، يتضمن هجوماً حاداً على «فرنسا الاستعمارية».



الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».