أكد عضوان في مجلسي الدولة والنواب الليبيين أن مبادرة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، الخماسية «فاشلة». وقال مسعود عبيد، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، لوكالة «أنباء العالم العربي»، اليوم الأربعاء، إن هذه المبادرة «لم يدرسها باتيلي جيداً، ولم يعد لها بالشكل المطلوب، وهي عبارة عن مضيعة للوقت، وتأتي على حساب الاستقرار في ليبيا، وتزيد المشهد الليبي تعقيداً أكثر مما هو معقد».
من جانبه، قال خليفة الدغاري، عضو مجلس النواب الليبي، لوكالة «أنباء العالم العربي» عن المبادرة ذاتها: «إنها لم تدرس جيداً ردود الفعل الداخلية، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الشعبي، ولم تدرس حتى ردود الفعل الخارجية من قبل الأطراف المتداخلة في الشأن الليبي، ولديها أذرع قوية سواء كان في شرق ليبيا أو غربها». وكان باتيلي قد وجه دعوات إلى الأطراف المؤسسية الرئيسية في ليبيا للمشاركة في اجتماعٍ يهدف إلى التوصل لتسوية سياسية حول القضايا مثار الخلاف السياسي، والمرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية، وتحديد المسائل العالقة، التي يجب حلها لتمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الشروع في تنفيذ قانوني الانتخابات، الصادرين عن مجلس النواب. وفي خضم الاعتراضات التي أبدتها قوى سياسية على المبادرة، حذر باتيلي، الثلاثاء، من استمرار الوضع الحالي في البلاد، وجدد الدعوة إلى القادة الليبيين إلى الالتقاء بحسن نية، وبروح من المسؤولية والتوافق، وإبداء الاستعداد لتقديم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية. وأضاف عبيد موضحاً أن تحذيرات باتيلي «لم تقدم جديداً، فالكل يعلم أن الانقسام الحالي يهدد بالفعل البلاد، لكن عليه أن يلوم نفسه؛ لأن مبادرته لم تراعِ مصالح كل الأطراف الموجودة في ليبيا، والمؤثرة في المشهد السياسي في البلاد». وانتقد النائب الأول لرئيس مجلس الدولة التمثيل الجنوبي في هذه المبادرة، قائلاً إن باتيلي «دعا إلى مبادرة من أجل التوصل إلى توافق، وقال إن التوازن العددي غير مطلوب في الاجتماعات، ونحن نتفق معه في ذلك، لكننا نختلف معه على غياب التوازن التمثيلي، خاصة أنه لم يوجه الدعوة إلى أحد من إقليم فزان (جنوب ليبيا)»، مضيفاً أن هذه المبادرة «مرفوضة من حيث المبدأ؛ لأنه يجب أن يكون هناك تمثيل من الجنوب، وأن يحضر أحد أبناء الجنوب على طاولة صنع القرار في الاجتماعات، التي تتم في إطار المبادرة». وتابع عبيد قائلاً: «لا بديل عن التوافق بين مجلس الدولة ومجلس النواب، بوصفهما الجسمين التشريعيين المسؤولَين عن وضع أي اتفاق سياسي للدولة الليبية». ولم تتمتع ليبيا بالاستقرار منذ الاحتجاجات الشعبية، التي انتهت بمقتل رئيسها معمر القذافي في 2011، وانقسمت في 2014 بين فصائل متحاربة في الشرق والغرب، لكن المعارك توقفت إلى حد كبير منذ وقف إطلاق النار عام 2020.
دعوة السلطة التنفيذية خطأ
يرى الدغاري، عضو مجلس النواب، أنه من الخطأ دعوة السلطة التنفيذية للمشاركة في مبادرة المبعوث الأممي، سواء كانت المجلس الرئاسي، أو رئيس الوزراء في حكومة الوفاق الوطني، أو رئيس الوزراء في حكومة بنغازي. وقال موضحاً أن «هذه أطراف سلطة تنفيذية ليس لها علاقة أصلا بتشكيل حكومة جديدة».
وأضاف الدغاري: «ربما يكون الاختصاص الأهم لمجلس النواب بالدرجة الأولى، وبمشاركة من مجلس الدولة، أما الأطراف الأخرى عسكرية ومدنية، فهي سلطات تنفيذية، وهي المستهدفة بالتغيير، وبالتالي من الخطأ أن تشترك سلطة تنفيذية في حوار يهددها بالتغيير، ولذلك فإن نتيجة الحوار ستكون صفرية حتى قبل أن يبدأ». وتابع الدغاري موضحاً: «لقد وصلت الأزمة حالياً إلى نقطة تجعلنا لا نرى في الأفق أي توافق بين الأطراف، خاصة فيما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة، ولا نرى أي توافق على إقامة الانتخابات، والحل الحالي في إصدار دستور دائم، ودونه سنظل ندور في هذه الحلقة المفرغة». ورداً على سؤال حول السيناريوهات المتوقعة التي يمكن أن يقوم بها باتيلي في الفترة المقبلة، قال الدغاري: «باتيلي مجرد سكرتير للقوى المتحكمة في المشهد الليبي، والمتمثلة في القوى الموجودة في مجلس الأمن الدولي، ولا يقدم أي ورقة أو أي اقتراح إلا بعد التشاور مع هذه الأطراف». وتوقع عضو مجلس النواب أن يقوم باتيلي، في حال فشل مبادرته، بتفعيل المادة 64 من الاتفاق السياسي، التي تنص على تشكيل لجنة رفيعة المستوى، تتشكل من خلالها حكومة جديدة. وقال بهذا الخصوص: «لكن باتيلي لن يقوم بذلك إلا إذا حصل على ضوء أخضر من الدول الفاعلة في المشهد الليبي، وخاصة الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا، ثم إصدار قرار جديد من مجلس الأمن للاعتراف بالحكومة الجديدة».