مجلس الأمن ينهي مهمة «يونيتامس» بمفعول «فوري» في السودان

14 دولة أيدت القرار 2715 وروسيا تمتنع عن التصويت... المهمة السياسية تنتقل لرمطان لعمامرة

سودانيون يفرون من القتال في غرب دارفور (رويترز)
سودانيون يفرون من القتال في غرب دارفور (رويترز)
TT

مجلس الأمن ينهي مهمة «يونيتامس» بمفعول «فوري» في السودان

سودانيون يفرون من القتال في غرب دارفور (رويترز)
سودانيون يفرون من القتال في غرب دارفور (رويترز)

صوت مجلس الأمن، مساء الجمعة، على قرار ينهي بمفعول «فوري» مهمة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان «يونيتامس»، ناقلاً المهمات السياسية التابعة لها إلى الممثل الشخصي للأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش، في هذا البلد العربي الأفريقي، المعين حديثاً رمطان لعمامرة، بعد أسابيع فقط من وصف السلطات السودانية أداء هذه البعثة بأنه «مخيب للآمال». وصوتت 14 دولة لصالح القرار 2715، فيما امتنعت روسيا عن التصويت.

مجلس الأمن مجتمعاً في نيويورك (د.ب.أ)

ويستجيب القرار لمطلب قدّمته الحكومة السودانية عبر وزير خارجيتها بالتكليف علي الصادق علي، الذي وجّه في منتصف الشهر الماضي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يعلن فيها أن بلاده قررت «إنهاء تفويض» بعثة «يونيتامس» مع «إنهاء العمل من جانب السودان باتفاق مركز البعثة»، واصفاً «أداء البعثة (بأنه) كان مخيباً للآمال، وكان سبباً في تعقيد الوضع بدلاً من المساعدة في عملية الانتقال الديمقراطي». واعتبر أن «الأوضاع الحالية التي يمر بها السودان خلقت تغيراً جوهرياً في الظروف التي استدعت طلب إنشاء بعثة (يونيتامس) من جانب السودان، حيث إنها أصبحت لا تلبي تطلعات شعب وحكومة السودان».

غوتيريش والجنرالان

ويشير بذلك إلى الحرب التي بدأت في 15 أبريل (نيسان) الماضي بين القوات المسلحة السودانية، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع»، بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، بعد أسابيع من التوتر بينهما بشأن خطة لدمج القوات في إطار مساعٍ للانتقال إلى حكم مدني.ورداً على سؤال عما إذا كان النزاع يمثل فشلاً للأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي، أجاب غوتيريش هذا الأسبوع: «حان الوقت لنسمي الأشياء بأسمائها. هذا خطأ من فرطوا بمصالح شعبهم من أجل صراع محض على السلطة». وقال: «لديكم جنرالان لا يكترثان إطلاقاً لمصالح شعبهما».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

القرار الأممي

وينص قرار مجلس الأمن المؤلف من ديباجة و7 فقرات عاملة على «إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان بموجب القرار 2579 لعام 2021 بدءاً من 3 ديسمبر (كانون الأول) 2023»، طالباً من «(يونيتامس) الشروع فوراً بتاريخ 4 ديسمبر 2023 في وقف عملياتها وعملية نقل وظائفها، حيثما كان ذلك مناسباً وإلى الحد الممكن، إلى وكالات الأمم المتحدة، وأموالها وبرامجها، بهدف إتمام ذلك بحلول 29 فبراير (شباط) 2024». ويقرر أيضاً أن «تصفية (يونيتامس) ستبدأ في 1 مارس (آذار) 2024»، داعياً هذه البعثة إلى أن «تنشئ مع فريق الأمم المتحدة في البلاد، بحسب المناسب، ترتيبات مالية تسمح للأمم المتحدة بالإشراف على النشاطات المتبقية من التعاون المبرمج الذي بادرت إليه (يونيتامس) سابقاً».

قرار التصفية

وإذ يعترف بـ«أهمية وكالات الأمم المتحدة، وأموالها وبرامجها»، يشدد القرار على «ضرورة الانتقال من (يونيتامس) وتصفيتها بشكل منتظم من أجل ضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة والعمل الفاعل لكل عمليات الأمم المتحدة، بما في ذلك المساعدة التنموية والإنسانية». ويقرر كذلك أن «يأذن، خلال مدة الانتقال من (يونيتامس) وتصفيتها، بإبقاء العناصر الأمنية الضرورية الموجودة في السودان لحماية العاملين في (يونيتامس) والمنشآت والأصول التابعة لها»، داعياً «كل الأطراف السودانية المعنية بالتعاون التام مع الأمم المتحدة خلال الانتقال من (يونيتامس) وتصفيتها»، وطالباً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باطلاع مجلس الأمن دورياً حول هذه العملية.

قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

واجبات السودان

ويذكر القرار أيضاً بـ«أهمية الواجبات القانونية على جمهورية السودان بموجب معاهدة الأمم المتحدة للامتيازات والحصانات لعام 1946، واتفاق وضع البعثة في 4 يوليو (تموز) 2021 حتى مغادرة العنصر الأخير لـ(يونيتامس) من السودان»، داعياً كل الأطراف إلى «التصرف طبقاً لواجبات جمهورية السودان بموجب هذه الاتفاقات». ويرحب بتعيين المبعوث الشخصي للأمم المتحدة رمطان لعمامرة لاستخدام مساعيه الحميدة مع الأطراف المعنية ودول الجوار، بالتكامل مع جهود السلام الإقليمية، ومنها ما يبذلها الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد»، داعياً كل الأطراف إلى التعاون معه في مهماته. ويطلب أخيراً من الأمين العام أن يقدم تقريراً مكتوباً في غضون 90 يوماً، على أن يستمع إلى «إحاطات كل 120 يوماً عن جهود الأمم المتحدة لدعم السودان في طريقه نحو السلام والاستقرار».

وكان المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيرثيس، أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي تنحيه، بعد أكثر من 3 أشهر من إعلان السودان، أنه «غير مرحب به» في البلاد بعدما أشعلت الخلافات بين الأطراف المتناحرة فتيل الحرب.

العنف الجنسي

ناجيات من العنف في الجنينة، غرب دارفور، يسرن خارج ملاجئ مؤقتة للاجئين في تشاد (رويترز)

في غضون ذلك، أكد الخبراء المستقلون المكلفون من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الخميس، أن العنف الجنسي منتشر على نطاق واسع في السودان. وقالوا في بيان: «روّعتنا التقارير التي تتحدث عن الاستخدام الواسع النطاق للعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجنسي، أداة حرب لإخضاع النساء والفتيات وإرهابهن وكسرهن ومعاقبتهن»، مؤكدين أن «قوات الدعم السريع وحلفاءها يقفون على ما يبدو وراء معظم أعمال العنف الجنسي التي لوحظت في هذا النزاع».

وأشاروا إلى حالات «قد تكون في بعض الحالات ذات دوافع عنصرية وإثنية وسياسية»، مضيفين أن «العنف كثيراً ما يستخدم وسيلة لمعاقبة قبائل محددة تستهدفها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها». وأوضحوا أن «هذه الأعمال الخطيرة لم تعد تتركز في الخرطوم ودارفور، بل امتدت إلى مناطق أخرى من البلاد، مثل كردفان». وطالبوا بعثة تقصي الحقائق، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، بالتحقيق في العنف الجنسي لضمان محاسبة الجناة.


مقالات ذات صلة

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

شمال افريقيا رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه شاحنات الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر «أدري» الحدودي الحيوي مع تشاد.

ديكلان والش (نيويورك)
شمال افريقيا قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة على الحرب (أرشيفية)

حملات «إسفيرية» وشعبية لحث الجيش السوداني على التفاوض

علت الأصوات المطالبة بوقف الحرب وإحلال السلام في السودان، متحديةً التضييق الذي تفرضه الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن وحلفاؤهما ضد كل من ينادي بـ«لا للحرب».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

«الخارجية السودانية»: ندرس المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار

تقتصر المحادثات بين طرفي القتال في السودان؛ الجيش و«الدعم السريع»، على بحث وقف إطلاق النار والعنف في جميع أنحاء البلاد، لتمكين وصول المساعدات.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا مسلّحون من «الدعم السريع» في سنار (مواقع التواصل)

«الدعم السريع» يعلن الاستيلاء على السوكي وإحكام الحصار على سنار

تعد مدنية السوكي واحدة من مدن ولاية سنار الاستراتيجية وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 300 كيلومتر.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس الإريتري آسياس أفورقي (تصوير: بشير صالح)

أفورقي يفاجئ الجيش بطرد القائم بأعمال السفارة السودانية في أسمرا

«التحول الراهن في الموقف الإريتري، يمكن أن يكون حافزاً لاستعادة الموقف الإريتري لجانب القوى المدنية، إذا ضربنا على الحديد وهو ساخن».

أحمد يونس (كمبالا)

أحزاب الجزائر تستنكر دعم فرنسا خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء

الرئيسان الجزائري والفرنسي في قمة المناخ بشرم الشيخ 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في قمة المناخ بشرم الشيخ 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

أحزاب الجزائر تستنكر دعم فرنسا خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء

الرئيسان الجزائري والفرنسي في قمة المناخ بشرم الشيخ 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في قمة المناخ بشرم الشيخ 2022 (الرئاسة الجزائرية)

انتقدت أحزاب جزائرية موالية للرئيس عبد المجيد تبون، بشدة، الحكومة الفرنسية بسبب ما عدوه «انحيازاً» للمغرب بخصوص «خطة الحكم الذاتي» للصحراء. وفي غضون ذلك رجحت مصادر مهتمة بالعلاقات الجزائرية - الفرنسية، إلغاء زيارة تبون إلى باريس، المقرر إجراؤها الخريف المقبل، بعد الموقف الفرنسي الذي أغضب السلطات.

وذكر حزب «جبهة التحرير الوطني»، الذي يعد الأول من حيث عدد النواب في البرلمان، في بيان مساء الجمعة، أن اعتراف فرنسا بالمقترح المغربي «استفزاز جديد يتناقض مع الشرعية الدولية». معتبراً موقف فرنسا «تحالفاً خطيراً مع المغرب لا ينبغي السكوت عنه، خصوصاً أن باريس تدرك جيداً أن نزاع الصحراء قضية تصفية استعمار»، مشيراً إلى أن الصحراويين «لا ينتمون إلى المغرب حتى يتم منحهم حكماً ذاتياً».

وتتصدر «جبهة التحرير» حالياً حملة الدعاية لترشح تبون لولاية ثانية للانتخابات المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل. وقالت في بيانها إن الاقتراح المغربي «ولد ميتاً لأن المنظمات الإقليمية والقارية ومنظمة الأمم المتحدة لا تعترف بأي سيادة للمغرب على الصحراء. وبالتالي، فإن الموقف الفرنسي يندرج في إطار عرقلة فرنسا مسار وجهود المجتمع الدولي لتطبيق الشرعية الدولية بشأن قضية الصحراء».

أمين عام جبهة التحرير (يسار) مع الرئيس تبون (إعلام الحزب)

وكانت وزارة الخارجية الجزائرية، أفادت، الخميس، أنها أخذت علماً بأسف كبير واستنكار شديد بالقرار غير المنتظر وغير الموفق وغير المجدي، الذي اتخذته الحكومة الفرنسية بتقديم دعم صريح لا يشوبه أي لبس لمخطط الحكم الذاتي لإقليم الصحراء في إطار السيادة المغربية. موضحة أنها تلقت بلاغاً بفحوى هذا القرار من نظيرتها الفرنسية في الأيام الأخيرة.

ولم تذكر السلطات الجزائرية ما الذي دفع باريس إلى المبادرة بإبلاغها بأنها تدعم الموقف المغربي، المرفوض جزائرياً، ومن طرف «بوليساريو»، أيضاً، علماً بأن تأييد الفرنسيين للخطة ليس جديداً.

أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي المؤيد لسياسات الرئيس (إعلام حزبي)

بدوره، ندد حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، المؤيد لسياسات الرئيس، في بيان، بما أسماه «قرار فرنسي مشبوه ومتواطئ، ويخالف قرارات هيئة الأمم المتحدة، التي تعد الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار». وتحدث البيان عن «حنين فرنسا لماضيها الاستعماري القديم»، مشدداً على «تخندقه مع الشعب والحكومة ورئيس الجمهورية في الموقف الداعم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره».

كما عبرت «حركة البناء الوطني»، المنخرطة في حملة ترشح تبون لدورة رئاسية ثانية، في بيان، عن «سخطها نتيجة القرار الفرنسي، الذي يعيد إلى أذهاننا المنطق الاستعماري، الذي سلكته الدول الاستعمارية في القرن السابق، وها هو اليوم يظهر مرة أخرى، ويقف في وجه الشعوب التواقة للحرية والاستقلال». مبرزة أن موقف باريس من نزاع الصحراء «يقضي على الشرعية الدولية، ويطعن في القرارات الأممية الضامنة لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره».

والمعروف أن الجزائر قطعت علاقاتها التجارية مع إسبانيا بشكل كامل عام 2022، بعد أن كشفت الرباط عن مضمون رسالة تسلمتها من حكومتها، تؤكد فيها تأييدها لخطة الحكم الذاتي. وسحبت الجزائر سفيرها من مدريد في أبريل (نيسان) من العام نفسه، ولم تعده إلى منصبه إلا بنهاية 2023، لكن من دون أن يتغير الموقف الإسباني.

رئيس حركة البناء من أبرز داعمي الرئيس تبون (حساب الحزب بالإعلام الاجتماعي)

وبخصوص غضب الجزائر من باريس، ذكرت «وكالة الأنباء الفرنسية»، الخميس، أن مكتب وزير الخارجية الفرنسي رفض التعليق على ما صدر من الخارجية الجزائرية. وتوقعت أن يكون لهذه التطورات «تأثير على موعد الزيارة التي يفترض أن يقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لفرنسا، نهاية سبتمبر (أيلول)، أو بداية أكتوبر (تشرين الأول) المقبلين، بعد تأجيلات متعددة بسبب خلافات بين البلدين».

وبهذا الخصوص، تؤكد مصادر من محيط الرئيس تبون أن الزيارة المرتقبة إلى فرنسا «فقدت أي معنى لها بعد التصعيد الذي صدر من باريس»، عادّة «الأجواء ليست مواتية تماماً حالياً لمفاهمات حول أي ملف مع فرنسا».