قادة 4 جيوش يبحثون بالجزائر خطط التصدي للإرهاب

النقاشات شملت وقف انتشار السلاح وتسلل المتطرفين عبر الحدود

جانب من اجتماع لجنة العمليات المشتركة (وزارة الدفاع الجزائرية)
جانب من اجتماع لجنة العمليات المشتركة (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

قادة 4 جيوش يبحثون بالجزائر خطط التصدي للإرهاب

جانب من اجتماع لجنة العمليات المشتركة (وزارة الدفاع الجزائرية)
جانب من اجتماع لجنة العمليات المشتركة (وزارة الدفاع الجزائرية)

اجتمع قادة أركان جيوش أربع دول من المنطقة جنوب الصحراء في العاصمة الجزائرية؛ لبحث تهديدات الإرهاب وانتشار السلاح وتسلل جهاديين عبر الحدود، الثلاثاء، وهو نفس اليوم الذي قتلت فيه جماعة مسلحة تنتمي لتنظيم «القاعدة» 40 شخصاً ببوركينافاسو، في تصعيد لافت لنشاط المسلحين، الذين اتخذوا من المنطقة ملاذاً لهم.

المشاركون خلال التصديق على أوراق اجتماع لجنة العمليات (الدفاع الجزائرية)

وأنهى قادة جيوش: الجزائر الفريق أول شنقريحة، ومالي اللواء عمر ديارا، وموريتانيا اللواء محمد المختار، والنيجر العميد موسى صلاوو بارمو، مساء الثلاثاء، «اجتماعاً تنسيقياً» وصف بأنه استثنائي، لـ«لجنة الأركان العملياتية المشتركة»، التي تضم القوات المسلحة للدول الأربعة.

ونقلت وزارة الدفاع، في بيان، عن شنقريحة قوله في خطاب قرأه بعد تسلمه الرئاسة الدورية لـ«اللجنة» من النيجري موسى بارمو، أن المنطقة «تواجه تحديات أمنية»، تستدعي، حسبه، «تنسيق الجهود بكل فاعلية والتزام حتى يتسنى لنا اتخاذ القرارات اللازمة لبلوغ الأهداف الأمنية المسطرة من طرف بلداننا»، مؤكداً أن الاجتماع جاء بعد اجتماع مماثل بالجزائر عقد في 13 من أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وتم خلاله المصادقة والتوقيع على النصوص المنظمة لـ«اللجنة»، بهدف تطوير التعاون الأمني، وتنسيق عمليات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عابرة للحدود، حسبما أعلن عنه في وقته.

قائد الجيش الجزائري مستقبلاً نظيره الموريتاني (الدفاع الجزائرية)

كما شدد شنقريحة على أن الجيش الجزائري «مصمم على المثابرة في مكافحة الإرهاب والجرائم ذات الصلة، دون هوادة، وتنسيق جهوده مع شركائه في آلية التعاون الأمني هذه، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتوحيد جهودنا وتنسيق تدخلاتنا، كلٌّ فيما يخصه، في مجال مسؤوليته، مع إمكانية دعم بعضنا البعض، حسب الوسائل المتاحة، من أجل حماية مجالنا الجغرافي وتعزيز الأمن الوطني لبلداننا».

الفريق شنقريحة مستقبلاً المشاركين في اجتماع قادة أركان جيوش دول جنوب الصحراء (الدفاع الجزائرية)

وأنشأت الدول الأربعة «لجنة الأركان العملياتية المشتركة» في أبريل (نيسان) 2010 بمدينة تمنراست، بوابة الجزائر إلى الساحل الأفريقي. وتبع ذلك إنشاء «لجنة استخبارات مشتركة» لجمع المعلومات وتحليلها، حول تحركات تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب العربي»، وأصبحت الجزائر تستضيف مقرات عمل هذه «اللجنة».

وبحث الاجتماع الجديد، حسب مصادر عليمة، تبعات الانقلاب العسكري الذي وقع بالنيجر في يوليو (تموز) الماضي، على المنطقة، والتطورات الأخيرة في شمال مالي، إثر استحواذ الجيش النظامي على مواقع التنظيمات الطرقية المعارضة، بمساعدة ميليشيات «فاغنر» الروسية. وأبدت الجزائر، حسب ذات المصادر، مخاوف من استغلال الجماعات الإرهابية هذين الحدثين البارزين لإعادة انتشارها في ظل حالة الفراغ السياسي، وضعف المؤسسات في مالي والنيجر، اللذين يعدان من أكثر بلدان العالم فقراً.

قادة جيوش الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا (الدفاع الجزائرية)

كما ازداد انشغال الجزائر بأوضاع المنطقة، مع تزايد الطلب على الطاقة والغاز؛ إذ وقعت السلطات الجزائرية في يوليو 2022 مذكرة تفاهم مع النيجر ونيجيريا لتسريع مشروع إنشاء خط أنابيب غاز عابر للصحراء، يصل إلى أوروبا، التي تواجه نقصاً في الإمدادات منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، علماً بأن الجزائر تحرص على تأمين هذا الخط من أي محاولات تخريبية، عبر تعزيز التعاون الأمني والعسكري مع دول منطقة الساحل والصحراء.

والمعروف أن فرنسا أسست عام 2017 تحالفاً عسكرياً موازياً خاصاً بمكافحة الإرهاب، يضم بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، لكن الجزائر رفضت الانضمام إليه.

وفي نفس اليوم الذي بحث فيه قادة الجيوش الأربعة تهديدات الإرهاب، قتلت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» المرتبطة بـ«القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» 40 مدنياً في هجوم على بلدة شمال بوركينافاسو، تقع بالقرب من المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينافاسو، وهو مركز نشاط التنظيمات الجهادية.

وتسيطر الجماعات المسلحة على أكثر من 40 في المائة من الأراضي البوركينابية، وأدت هجماتها في السنوات الأخيرة إلى مقتل ونزوح عشرات الآلاف من سكان البلاد، بحسب منظمات غير حكومية.



بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».