ماكينة لـ«صرف الذهب» بمصر... لماذا وكيف تعمل؟

عقب إطلاق أول «ATM» لسحب السبائك

وزير التموين المصري علي المصيلحي يفتتح (الأحد) معرضاً دولياً للذهب في مصر (فيسبوك)
وزير التموين المصري علي المصيلحي يفتتح (الأحد) معرضاً دولياً للذهب في مصر (فيسبوك)
TT

ماكينة لـ«صرف الذهب» بمصر... لماذا وكيف تعمل؟

وزير التموين المصري علي المصيلحي يفتتح (الأحد) معرضاً دولياً للذهب في مصر (فيسبوك)
وزير التموين المصري علي المصيلحي يفتتح (الأحد) معرضاً دولياً للذهب في مصر (فيسبوك)

في سابقة تُعد الأولى من نوعها في مصر، تم إطلاق ماكينة سحب آلي (أيه تي إم) لشراء سبائك ذهبية توفر خدماتها للأفراد. وجاءت الخطوة نتيجة لإقبال المصريين على شراء المعدن الأصفر بهدف «التحوط» وحفظ قيمة المدخرات، لا سيما مع توقعات الخبراء بزيادة جديدة ربما تلحق بسعر الذهب مطلع العام المقبل.

وكان وزير التموين والتجارة الداخلية المصري علي المصيلحي، شهد (الأحد)، إطلاق أول ماكينة لـ«السبائك الذهبية» ضمن فعاليات معرض دولي للذهب والمجوهرات أقيم بالقاهرة.

وقال المصيلحي إن «الخطوة جاءت ضمن منظومة التحول الرقمي والشمول المالي التي تتبعها الدولة المصرية»، مشيراً في تصريحات صحافية إلى أن الماكينات من شأنها توفير «تجربة مريحة» للعملاء الراغبين في شراء السبائك الذهبية. وكشف وزير التموين أن هذا النموذج منتظر تعميمه في الأسواق التجارية الكبرى، وسط نظام تأميني شديد الدقة، كما أشار إلى أن هذا الإجراء جاء تلبية لحجم الطلب على الذهب.

ويوضح الدكتور ناجي فرج، مستشار وزير التموين لشؤون الذهب، أن ماكينات الصرف الآلي الخاصة بالسبائك الذهبية تهدف إلى تشجيع المواطنين على اقتناء الذهب. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «توفر الماكينات تجربة أكثر راحة، فلا داعي للذهاب إلى محال الذهب، في حين بات بإمكان المواطن المصري الراغب في اقتناء سبائك ذهبية، الذهاب إلى مول تجاري قريب، وبمجرد وضع القيمة المالية للسبيكة باستخدام كروت الائتمان يحصل عليها فوراً على شاكلة الاستخدام التقليدي لماكينات الصراف الآلي».

ويؤكد فرج أنه «لن توجد فروق في الأسعار بين السبيكة الذهبية المتوفرة في المحال وماكينة الصراف الآلي، ولا سيما أن السبائك محددة السعر بحسب الغرامات مع إضافة ضريبة ثابتة».

وتشهد أسعار الذهب في مصر حالة من الاستقرار منذ انطلاق تعاملات الأسبوع الحالي، بعدما مرت بفترات صعود وهبوط، لكن المصيلحي عدّ أسعار الذهب راهناً منطقية، وقال في مداخلة تلفزيونية، الأحد، إنها «باتت تتماشى مع السوق العالمية، بعد فترات من الارتفاع غير المبرر»، مرجعاً ذلك إلى تبعات «مبادرة دخول الذهب إلى مصر دون فرض جمارك، ما حقق وفرة في السوق انعكست على الأسعار»، وفق تقييمه.

وشهدت سوق الذهب في مصر انتعاشة نتيجة لزيادة الطلب الذي أرجعه مراقبون إلى الرغبة في «التحوط» وسط تذبذب أسعار الدولار بين السوق الرسمية والسوق الموازية (الدولار يعادل 30.9 جنيه مصري في البنوك).

وكشف تقرير صدر عن مجلس الذهب العالمي في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن المصريين أجروا عمليات شراء للذهب تُقدر بـ24.9 طن، بنسبة ارتفاع تتخطى 87 في المائة مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي.

الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، عدّ أن إطلاق ماكينات «ATM» لتوفير سبائك الذهب اتجاه إيجابي، لكن يحيطه كثير من العوائق، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «البنوك هي الجهة المعنية بآليات عمل ماكينات الصراف الآلي، التي تحتاج إلى نموذج محدد للضخ والتأمين يضمن تقديم الخدمة على نحو يُحقق الأهداف المرجوة، وهي الراحة والرواج وتشجيع عمليات الشراء». وأردف: «لكن البنوك لا تتعامل بالذهب، كذلك وزارة التموين، ما يطرح تساؤلاً حول فاعلية الخطوة وإمكانية تعميمها. وهل شركات الذهب قادرة من الناحية التنفيذية على متابعة منظومة الماكينات الآلية؟!».

ويرى جاب الله أن العالم يتجه لتعزيز مكانة الذهب، ليس مصر فحسب، وأوضح: «التغيرات الجيوسياسية التي يمر بها العالم، وتمدد مناطق الصراع، يدفعان للخوف من المستقبل ليصعد الذهب للواجهة كملاذ آمن ليس للأفراد فحسب، بل الدول أيضاً». وأردف: «المشهد العام دفع لتعزيز شراء السبائك على حساب المشغولات، من ثم تتجه الصناعة في مسارات تلبي الطلب، وكل هذا مقبول حال وضع ضمانات لآليات التنفيذ».

في السياق عينه، تتجه مصر لتعاقدات دولية بهدف تعزيز عمليات البحث والتنقيب عن الذهب، كان آخرها توقيع عقد مع شركة «لوتس» الكندية، الأحد، بحسب صحف محلية، للاستكشاف والتنقيب عن الذهب في صحراء مصر الشرقية.


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا. وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة» الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
TT

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد، وذلك بعد أيام من إعلان «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» (جهاز حكومي يتبع وزارة الاتصالات) الموافقة مبدئياً على «رفع أسعار خدمات الاتصالات»، و«قرب تطبيق الزيادة الجديدة».

وقدَّم عضو مجلس النواب، النائب عبد السلام خضراوي، طلب إحاطة لرئيس المجلس، ورئيس الوزراء، ووزير الاتصالات حول الزيادة المرتقبة، مطالباً الحكومة بالتدخل لوقف أي زيادات جديدة في أسعار المحمول والإنترنت، في ظل «سوء خدمات شركات المحمول»، على حد قوله.

وجاءت إحاطة خضراوي بالتزامن مع إعلان عدد من النواب، اليوم (السبت)، رفضهم الزيادات المرتقبة، ومنهم النائبة عبلة الهواري، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ترفض قرار الزيادة «في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

وبحسب مصدر برلماني مطلع «يتجه عدد من النواب إلى تقديم طلبات إحاطة برلمانية بشأن زيادة الأسعار المرتقبة على خدمات الاتصالات، حتى لا يتم إقرارها من قبل الحكومة المصرية».

وكان خضراوي قد أكد في إحاطته البرلمانية أنه كان على الحكومة أن تتدخل لإجبار الشركات على تحسين الخدمة، التي «أصبحت سيئة خصوصاً في المناطق الحدودية والقرى»، عادّاً أن الشركات «تحقق أرباحاً كبيرة جداً»، ولا يوجد ما يستدعي رفع الأسعار، سواء في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل.

وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد شمروخ، قبل أيام «الموافقة المبدئية على رفع أسعار خدمات الاتصالات؛ بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل التي تواجه شركات الاتصالات». وقال خلال مشاركته في فعاليات «معرض القاهرة الدولي للاتصالات» أخيراً، إن الجهاز «يدرس حالياً التوقيت المناسب لتطبيق الزيادة».

الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (مجلس الوزراء المصري)

من جهتها، أكدت وكيلة «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب، النائبة مرثا محروس، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الزيادة لم يُتَّخذ بعد، لكنه مطروح منذ تحريك سعر الصرف في مارس (آذار) الماضي لأسباب عدة، مرتبطة بالإنفاق الدولاري للشركات، والرغبة في عدم تأثر الخدمات التي تقدمها «نتيجة تغير سعر الصرف»، عادّة أن الزيادة المتوقعة ستكون «طفيفة».

ويشترط القانون المصري موافقة «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قبل تطبيق شركات الاتصالات أي زيادة في الأسعار، في حين ستكون الزيادة الجديدة، حال تطبيقها، هي الثانية خلال عام 2024 بعدما سمح «الجهاز» برفع أسعار خدمات الجوال للمكالمات والبيانات، بنسب تتراوح ما بين 10 و17 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

وتعمل في مصر 4 شركات لخدمات الاتصالات، منها شركة حكومية هي «المصرية للاتصالات»، التي تمتلك أيضاً حصة 45 في المائة من أسهم شركة «فودافون مصر»، وجميعها طلبت زيادة الأسعار مرات عدة في الأشهر الماضية، بحسب تصريحات رسمية لمسؤولين حكوميين.

وجاء الإعلان عن الزيادة المرتقبة بعد أسابيع قليلة من إنهاء جميع الشركات الاتفاق مع الحكومة المصرية على عقود رخص تشغيل خدمة «الجيل الخامس»، مقابل 150 مليون دولار للرخصة لمدة 15 عاماً، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، مع انتهاء التجهيزات الفنية اللازمة للتشغيل. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

احدى شركات الاتصالات تقدم خدماتها للمستخدمين (وزارة الاتصالات)

بدوره، رأى عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء»، أحمد مدكور، أن الحديث عن زيادة أسعار خدمات الاتصالات في الوقت الحالي «يبدو طبيعياً مع زيادة تكلفة المحروقات على الشركات، والتزامها بزيادات الأجور السنوية، بالإضافة إلى زيادة نفقات التشغيل بشكل عام»، عادّاً أن الزيادة «ستضمن الحفاظ على جودة انتظام الشبكات».

وقال مدكور لـ«الشرق الأوسط» إن نسب الأرباح التي تحققها الشركات، والتي جرى رصد زيادتها في العام الحالي حتى الآن، «لا تعكس النسب نفسها عند احتسابها بالدولار في سنوات سابقة»، متوقعاً «ألا تكون نسب الزيادة كبيرة في ضوء مراجعتها حكومياً قبل الموافقة عليها».

الرأي السابق تدعمه وكيلة «لجنة الاتصالات» بالبرلمان، التي تشير إلى وجود زيادات جرى تطبيقها في قطاعات وخدمات مختلفة، على غرار «الكهرباء»، و«المحروقات»، الأمر الذي يجعل لدى الشركات مبرراً قوياً لتنفيذ زيادات في أسعار الخدمات «لكي تتمكّن من استمرار تنفيذ خططها التوسعية، وتحسين جودة الخدمات، وتطوير الشبكات المستمر».