هل تتغير استراتيجية باتيلي في التعامل مع ساسة ليبيا؟

لم يتردد عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، في تكرار طرق أبواب ساسة البلاد، المتصارعين على السلطة، بقصد التباحث معهم حول معضلة الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة منذ نهاية عام 2021.

وبدا باتيلي، بعد عام من مهمته الأممية، غير عابئ بتمسّك الأطراف المتنازعة «كل بما يراه صحيحاً»، وأعاد لقاءاته بهم مجدداً، سعياً إلى جسر الهوة بينهم بشأن خلافاتهم المحتدمة المتعقلة بقانونَي الاستحقاق المنتظر، وتشكيل «حكومة جديدة».

ويراهن المتابعون لجولات باتيلي، على مدى قدرته على إحداث اختراق في ملف الانتخابات المُعطّلة، وهل سيلجأ إلى تغيير استراتيجية التعامل مستقبلاً مع من سماهم «الخمسة الكبار» أو لا؟ لكن هناك في ليبيا من يعتقد أن تحركاته في قادم الأيام محكومة بـ«المتغيرات الدولية».

باتيلي (البعثة الاممية)

فمن طرابلس إلى بنغازي، التقى المبعوث الأممي في اجتماعين متعاقبين برئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبه عبد الله اللافي، قبل أن ينتقل شرقاً ويجتمع برئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ثم بالمشير خليفة حفتر القائد لـ«الجيش الوطني» بمقر الأخير في الرجمة.

كما التقى المبعوث الأممي أعضاء في «حراك لم الشمل وتوحيد الصف الوطني» الذين قدموا من سائر مناطق البلاد ويمثلون مختلف فئات المجتمع الليبي. وقال في تصريح صحافي مساء الاثنين، إنه ناقش معهم «الدور الذي يمكن أن يلعبه القادة المحليون في تعزيز المصالحة والترافع من أجل إقامة مؤسسات شرعية تنتجها انتخابات حرة ونزيهة».

وجاءت القواسم المشتركة لهذه اللقاءات، بحسب ما نقتله البعثة الأممية، متركزة على تبادل وجهات النظر بشأن الوضع السياسي، وسبل المضي قدما نحو اتخاذ خطوات ملموسة باتجاه إجراء الانتخابات، فضلا عن مناقشة الوضع الأمني في البلاد.

ما يمكن أن يقدم عليه المبعوث الأممي، من تغيرات في الاستراتيجية المستقبلية لجهة التعامل مع ساسة البلاد، يراها الباحث والقانوني الليبي رمضان التويجر: «ستعتمد على البيئة الدولية وما يحدث من استقرار أو صراع للأطراف الدولية المتصارعة حول ليبيا».

وقال التويجر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من المهم جداً الاتفاق بين الأطراف الليبية؛ لكن الأهم هو الاتفاق بين الدول المتدخلة في ليبيا».

ولدى باتيلي اعتراضات عدة على بعض ما تضمنته ديباجة قانونَي الانتخابات، وقال إن العملية الانتخابية «ينبغي أن تستند إلى قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ». وتابع: «بات لزاماً على القادة الليبيين احترام تعهداتهم بمنح الشعب مؤسسات شرعية وخاضعة للمساءلة».

أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (الحكومة)

وسبق للمبعوث الأممي أن وجّه انتقادات عديدة لأطراف مختلف في ليبيا، لجهة عدم توافقها بشأن قوانين الانتخابات، ونقل موسى الكوني النائب بالمجلس الرئاسي، أن الأول أبلغه بأنه «إذا جرت الانتخابات بالقوانين الحالية فستصطدم بالأطراف المتناقضة نفسها التي سماها الخمسة الكبار، لكونهم لن يسلموا السلطة لمن سيُنتخب».

وفي مواجهة ما ذهب إليه التويجر، رجح سياسي ليبي، تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، لجوء باتيلي قريباً إلى مبادرته المؤجلة التي سبق أن أطلقها في مارس (آذار) الماضي في إحاطته أمام مجلس الأمن. وتتعلق بـ«إنشاء لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة الليبيين بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية، وأهم الشخصيات السياسية، والقادة القبليون، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية، والنساء والشباب».

وكان من المفترض أن تتولى اللجنة الأممية، وفقاً لمبادرة باتيلي: «تسيير اعتماد إطار قانوني وخريطة طريق بجدول زمني للانتخابات، بقصد الدفع بعملية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد خلال العام الحالي»، لكنه تراجع مانحاً مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» فرصة إعداد القانَونين.

ويواجه المبعوث الأممي انتقادات واسعة من أطياف عدة في ليبيا، كما يحمله البعض مسؤولية «إطالة أمد الفترة الانتقالية». ومؤخراً صعّدت حكومة أسامة حمّاد المكلفة من مجلس النواب، بمواجهته، واتهمت البعثة الأممية بـ«التواطؤ» مع غريمتها في طرابلس حكومة «الوحدة»، كما أنها طالبت الأمين العام للأمم المتحدة بالضغط على باتيلي، لإيقاف ما وصفته بـ«عرقلته خيارات الليبيين بشأن الانتخابات».