القضاء التونسي يبرئ وزيراً سابقاً للداخلية في ملف «الغرفة السوداء»

اتُّهمت «النهضة» بإنشائها وتنفيذ الاغتيالات والعمليات الإرهابية

هشام الفوراتي وزير الداخلية التونسية السابق (الشرق الأوسط)
هشام الفوراتي وزير الداخلية التونسية السابق (الشرق الأوسط)
TT

القضاء التونسي يبرئ وزيراً سابقاً للداخلية في ملف «الغرفة السوداء»

هشام الفوراتي وزير الداخلية التونسية السابق (الشرق الأوسط)
هشام الفوراتي وزير الداخلية التونسية السابق (الشرق الأوسط)

برَّأت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بمدينة أريانة، ساحة هشام الفوراتي وزير الداخلية التونسية السابق، وقررت في جلسة عقدتها مساء الاثنين حفظ التهمة المنسوبة إليه فيما يعرف بملف «الغرفة السوداء» التي تُتهم فيها قيادات من «حركة النهضة»، وحيث تم التحفظ على عدد مهم من الوثائق ذات الصلة بالتنظيمات الإرهابية والاغتيالات السياسية التي جرت، بخاصة سنة 2013، حين تم اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد والبرلماني محمد البراهمي.

مبنى وزارة الداخلية التونسية (متداولة)

غير أن الجهة القضائية نفسها اتخذت قراراً برفض الإفراج عن 4 عناصر أمنية سابقين موقوفين على ذمة القضية، من بينهم مدير سابق للمصالح المختصّة، ومدير سابق لمكافحة الإرهاب.

وكان منطلق الاتهامات ضد وزير الداخلية السابق الفوراتي، الشكوى التي تقدمت بها هيئة الدفاع في ملفي بلعيد والبراهمي التي أكدت تورط «النهضة» في ملف الاغتيالات والعمليات الإرهابية التي عاشتها تونس بعد ثورة 2011، واتهامها بتنفيذ تلك العمليات من خلال ما عُرف بـ«الجهاز السري» الأمني الذي شكلته قيادات الحركة بعيداً عن الأجهزة الأمنية الرسمية التابعة لوزارة الداخلية.

وحمَّلت هيئة الدفاع مسؤولية تضرر الوثائق وإتلافها على وزير الداخلية آنذاك، واتهمته بتقديم معطيات مغلوطة حول ملابسات القضية، غير أنه نفى نفياً قاطعاً وجود ما تسمى «الغرفة السوداء».

في السياق ذاته، كانت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، قد استجابت لطلب هيئة الدفاع، وأرسلت أحد القضاة الذي عاين وجود «غرفة سوداء» بوزارة الداخلية، كما لاحظ آثار إتلاف وثائق حرقاً، فقرر فتح تحقيق تم في ضوئه توقيف مسؤولين بالداخلية في تلك الفترة، وإيداعهم السجن، لمحاكمتهم فيما نسب إليهم من تهم. ولم تثبت التهمة على وزير الداخلية آنذاك، بينما رفض القضاء الإفراج عن القيادات الأمنية المتهمة.

«الصومالي» (الداخلية التونسية)

على صعيد متصل، أصدر قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بطاقات إيداع بالسجن، في حق 3 أشخاص متهمين بمحاولة تهريب العنصر الإرهابي التونسي أحمد المالكي المعروف باسم «الصومالي» خلال القبض عليه بجهة حي التضامن (غربي العاصمة التونسية) في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بعد أيام قليلة من فراره من السجن المدني بالمرناقية.

السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)

وكان «الصومالي» المتهم بالمشاركة في اغتيال البراهمي، قد فر من السجن بمعية 4 عناصر إرهابية أخرى، فجر يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بطريقة لم يتم الكشف عنها رسمياً حتى الآن، وتمكنت أجهزة الأمن التونسي من القبض على الفارين الخمسة وإعادتهم إلى السجن بعد أسبوع من فرارهم.

ووجهت المحكمة إلى هؤلاء تهماً تتعلق بمحاولة تعطيل عملية إيقاف «الصومالي» ومحاولة تهريبه من حي التضامن، وذلك بعد تفطُّن مواطنين إليه واستنجادهم بعناصر أمنية لإلقاء القبض عليه.


مقالات ذات صلة

محكمة عسكرية باكستانية تقضي بسجن 25 مدنياً على خلفية هجمات 2023

آسيا مؤيدون لرئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان خلال تجمّع في بيشاور (إ.ب.ا)

محكمة عسكرية باكستانية تقضي بسجن 25 مدنياً على خلفية هجمات 2023

قالت القوات المسلحة الباكستانية إن محكمة عسكرية حكمت على 25 مدنيا بالسجن لفترات تتراوح بين سنتين و10 سنوات في ما يتعلق بهجمات على منشآت عسكرية عام 2023.

«الشرق الأوسط» (كراتشي )
الولايات المتحدة​ المشتبه به لويجي مانجيوني يغادر محكمة مقاطعة بلير في هوليدايزبورغ - بنسلفانيا 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

توجيه اتهامات فيدرالية للمشتبه بقتله الرئيس التنفيذي لشركة «يونايتد» في نيويورك

وفقاً لشكوى تم الكشف عنها، الخميس، يواجه المشتبه به في مقتل الرئيس التنفيذي لشركة «يونايتد هيلثكير»، اتهامات فيدرالية جديدة بالقتل والمطاردة وحيازة أسلحة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جيزيل بيليكو تجسِّد الكرامة (إ.ب.أ)

فرنسا تسجُن زوج جيزيل بيليكو الذي خدَّرها واغتصبها «مع غرباء» لسنوات

الزوج اعترف بجرائمه، وأقر بأنه كان يدسُّ مهدّئات في طعامها وشرابها، ممّا جعلها تفقد الوعي بالكامل، ليفعل ما يشاء بها لساعات... تفاصيل الجريمة التي هزَّت العالم:

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا جيزيل بيليكو تغادر قاعة المحكمة بعد سماع الحكم على زوجها السابق بالسجن لمدة أقصاها 20 عاماً لارتكابه وتدبير عمليات اغتصابها الجماعية في أفينيون 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

الحكم بسجن فرنسي 20 عاماً بتهمة تخدير واغتصاب زوجته مع عشرات الرجال

قضت محكمة فرنسية، الخميس، على الزوج السابق لجيزيل بيليكو، بالسجن لمدة قصوى تبلغ 20 عاماً، بتهمة تخديرها واغتصابها والسماح لرجال آخرين باغتصابها وهي فاقدة الوعي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ ترمب خلال مؤتمر صحافي في اليوم التالي للحكم عليه بالإدانة في نيويورك 31 مايو (رويترز)

ترمب يتهم محلفي «أموال الصمت» بـ«سوء السلوك»

رفع محامو الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، دعوى جديدة سعياً إلى إبطال إدانته في نيويورك بقضية «أموال الصمت»، عادّين أن الحكم مشوب بـ«سوء سلوك» المحلفين.

علي بردى (واشنطن)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
TT

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد، بما يضمن التمهيد لإجراء الانتخابات العامة بالبلاد.

وجاء الاتفاق، الذي توصّل له المجتمعون في مدينة بوزنيقة المغربية، بعد أيام قليلة من طرح المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، «مبادرة جديدة»، تستهدف كسر الجمود الراهن بالأزمة السياسية، والمضي قدماً نحو إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر.

من جلسة سابقة لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ووسط تباين ردود الفعل حول مخرجات اجتماع المجلسين، بين مرحّب بها، بوصفها «خطوةً لتجاوز الأزمة السياسية»، ومَن عدّها تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري، ومحاولة مكررة من البرلمان لإزاحة حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، في ضوء تصاعد الخصومة بينهما، تركزت التساؤلات حول مدى إمكانية تفعيل مخرجات هذا الاتفاق، خصوصاً في ظل افتقاره لأي دعم دولي أو إقليمي.

بداية، يرى رئيس لجنة الشؤون السياسية بالمجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن اجتماع بوزنيقة التشاوري هو «امتداد لسلسلة اجتماعات سابقة، عقدها أعضاء بالبرلمان مع كتلة من أعضاء (الأعلى للدولة) في كل من تونس والقاهرة خلال الأشهر الماضية»، مشيراً إلى أنها «لم تسفر عن أي جديد، ولم يتم تنفيذ أي من مخرجاتها، التي تَقدَّمها أيضاً مقترح تشكيل حكومة جديدة، ودعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاستها».

ويعتقد معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الهدف الرئيسي لهؤلاء المجتمعين، الذين تجاوز عددهم 50 شخصاً، هو تغيير الحكومة القائمة بطرابلس، وليس العمل على الوصول للانتخابات»، لافتاً إلى أن بنود الاتفاق «تجاهلت الاعتراضات على القانونَين المنظِّمَين للاستحقاق الانتخابي». كما تم «التغافل عن سعي خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة المسائل العالقة بالقانونَين».

عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (مجلس النواب)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة» ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

ويعدّ ملف تشكيل «حكومة جديدة» من القضايا الخلافية بين القوى والأطراف الرئيسية في ليبيا، حيث يتمسّك البرلمان بضرورة تشكيلها بهدف إجراء الانتخابات، لكن في المقابل يرفض الدبيبة القوانين الانتخابية التي أقرّها البرلمان، ويصفها بأنها «غير عادلة»، ويطالب بقوانين تُجرى على أساسها الانتخابات، وبعدها يُسلِّم السلطة.

وانتقدت بعض الأوساط السياسية تغافل المجتمعين في بوزنيقة وجود نزاع منظور أمام القضاء، منذ 4 أشهر على رئاسة «الأعلى للدولة»، بين كل من خالد المشري ومحمد تكالة، ومعارضة الأخير لأي تقارب مع البرلمان قبل تعديل القوانين الانتخابية.

خالد المشري (المكتب الإعلامي للمجلس)

من جانبه، ذهب الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، إلى أن ما ورد في بنود اتفاق المجلسين في بوزنيقة من «تشكيل لجان مختلفة لوضع تقارير خلال شهر حول كيفية معالجة قضايا متجذرة، منها محاربة الفساد، وإعادة تكليف المناصب السيادية، يثير كثيراً من التساؤلات حول أهداف ونوايا المجلسين، قبل قدرتهما على تفعيل تلك المخرجات».

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان المجلسان لا يهدفان للتشويش على مبادرة خوري، بالعمل على استنزاف الوقت لحين انتهاء مهمة البعثة في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، فهذا يعني أنهما عرقلا طيلة السنوات السابقة التوافق بينهما بشأن معالجة الملفات المصيرية، التي كانت سبباً في معاناة الليبيين». واستبعد التواتي أن يؤدي هذا الاتفاق «لتحقيق هدف المجتمعين، المتمثل في إزاحة حكومة الدبيبة؛ التي جاءت باتفاق سياسي برعاية أممية، وفي الأغلب لن تغادر دون اتفاق مماثل».

ليبيون عدّوا مخرجات اجتماع بوزنيقة تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري (البعثة)

بالمقابل، دافع عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، عن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في المغرب، عادّاً أنه «سيقود البلاد نحو إجراء الانتخابات».

وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجان التي انتهى إليها الاتفاق بدأت عملها؛ وبعد شهر ستضع رؤيتها لمعالجة كثير من القضايا التي سبق أن عرقلت إجراء الانتخابات»، ومن بينها توفير الموارد لمشروع التعداد الوطني.

وانتقد الزرقاء ما يتردد حول أن مخرجات بوزنيقة «هي خطوة لعرقلة مبادرة خوري»، وقال موضحاً: «بالعكس من ذلك... الاتفاق بمثابة خطة داعمة للمبادرة. واجتماع ممثلي المجلسين يرسخ استعادة القوى الوطنية زمام المبادرة لحل الأزمة السياسية، بعيداً عن أي تدخلات دولية».

ورغم إقراره بوجود خصومة بين البرلمان وحكومة الدبيبة، فقد شدَّد الزرقاء على أن «الهدف الرئيسي للاجتماع هو إيجاد حكومة موحدة تمهِّد للانتخابات، ومن ثم ستزيح الدبيبة وأيضاً حكومة أسامة حماد».

وانضم الزرقاء إلى آراء كثيرين من أعضاء البرلمان، الذين اعترضوا على دعوة خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة القضايا العالقة بقانونَي الانتخابات، موضحاً أن القوانين التي أقرّها البرلمان «هي نتاج لجنة مؤلفة من أعضاء المجلسين، ومعظمهم شارك في اجتماع بوزنيقة، وتوافقوا حول مخرجاته، وهو ما يفنِّد الاحتياج للجنة جديدة».

وأوضح: «نفضِّل أن تركز البعثة في مساعدة الليبيين على الوصول للاستحقاق، عبر دعم حلول وطنية، لا المساس بقوانين تم إقرارها من سلطة تشريعية منتخبة، وصرَّحت المفوضية الوطنية للانتخابات بأنها قابلة للتنفيذ».