ما طبيعة الخلاف حول معبر «رأس جدير» الحدودي بين أفرقاء ليبيا؟

سلطات طرابلس تريد استعادة إدارته من قبضة مدينة زوارة

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
TT

ما طبيعة الخلاف حول معبر «رأس جدير» الحدودي بين أفرقاء ليبيا؟

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

عاد معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس، إلى واجهة الأحداث مجدداً، إثر خلافات بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والأطراف القائمة فعلياً على إدارته، وتتمثل في قوة تتبع المجلس العسكري لمدينة زوارة.

والمعبر هو «شريان حيوي» بين البلدين، ويبعد نحو 60 كيلومتراً عن مدينة زوارة بغرب ليبيا و175 كيلومتراً عن طرابلس العاصمة، بينما يبعد قرابة 32 كيلومتراً عن مدينة بنقردان التونسية. وتعبر منه مئات الشاحنات وآلاف المواطنين يومياً.

جانب من العمل بمعبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

وتجدد الجدل بشأن المعبر عقب تكليف الحكومة «غرفة أمنية مشتركة» وصفت بأنها تستهدف السيطرة عليه واستعادته من قبضة «زوارة»، ما دفع كل مكوناتها وهم من الأمازيغ، إلى رفض وجود أي قوة مسلحة من خارج المدينة.

وأمام رفض الأمازيغ لسيطرة قوة أخرى على المعبر، سارع معاذ المنفوخ، المتحدث باسم «غرفة العمليات المشتركة للدفاع عن المنطقة الغربية»، التي سبق وشكلها الدبيبة، إلى القول في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إن القوة المشكلة لتأمين المعبر «جاءت بناءً على ورود عدة شكاوى بشأن وقوع خروقات وعمليات تهريب داخل المعبر».

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

وأرجع المحلل السياسي الليبي إدريس إحميد، ما يحدث بشأن معبر «رأس جدير» إلى وجود حالة فوضى في البلاد، وقال: «هذا سهّل للتشكيلات المسلحة السيطرة على المنافذ التي يفترض أن تخضع جميعها لهيمنة الدولة الليبية».

ورأى إدريس، أنه «في حال وجود حكومة شرعية منتخبة فإن الجميع سيمتثل لقراراتها؛ لكن الحاصل أن الأطراف المسلحة التي ترفض الامتثال تعرف أنها (الحكومة) تحابي تشكيلات مسلحة على حساب أخرى، وهذا أمر يبدو بديهياً».

ويعد معبر «رأس جدير» من المنافذ التي تشهد عمليات تهريب واسعة بين البلدين، وخصوصاً الوقود الذي يرتفع ثمنه في الجانب التونسي، عندما تلجأ السلطات المحلية في ليبيا إلى إغلاق المعبر.

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

وسبق لأهالي زوارة التعبير عن غضبهم من إعلان عماد الطرابلسي، وزير الداخلية التابع لحكومة الدبيبة، في أبريل (نسيان) الماضي، الاتجاه لتأمين «رأس جدير»، وطالبوا الدبيبة حينها بالاعتذار عن ذلك.

وكان الطرابلسي، قال إن قوات وزارته «ستبسط سيطرتها على منافذ الدولة كافة ابتداءً بالقاطع الغربي والشمال الغربي من خلال أجهزتها الأمنية المختصة في إطار مكافحة التهريب عبر الحدود والمنافذ».

ومع تصاعد الغضب في الأوساط الأمازيغية، عبّر محمد عمر بعيو، رئيس «المؤسسة الليبية للإعلام»، التابعة لمجلس النواب، عن تضامنه مع الأمازيغ في «رفضهم ومقاومتهم لممارسات حكومة الدبيبة»، التي وصفها بأنها «غير الشرعية» «لإذلالهم وقهرهم بالقوة المسلحة تحت حجة سيطرة الدولة على منفذ رأس جدير».

وقال بعيو عبر «فيسبوك» (الأحد) إن «معظم، إن لم تكن جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية في كل ليبيا، لا تخضع لسيطرة الدولة وأجهزتها القانونية الرسمية»، متابعاً: «هذه المنافذ تديرها جماعات ومجموعات ومناطق وقبائل ومراكز قوى خارجة عن القانون، وبعض الأجهزة التي تعمل فيها يسيطر عليها أشخاص فُرضوا عليها بالقوة من خارج هياكلها».

معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

وتساءل بعيو: «لماذا التركيز على رأس جدير فقط، إلا إذا كان الغرض إشعال فتنة وجلب التدخل الخارجي أكثر مما هو موجود الآن في ظل انهيار الدولة وموت السيادة»، وأيّد بعيو «إخضاع جميع منافذ البلاد وعددها 20 منفذا، لكن بقوة القانون لا بقانون القوة، وبالعدالة الوازنة لا بالانتقائية الظالمة».

وعقب إطاحة نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، تقدّمت مدينة زوارة، الصفوف بعد تهميشها طويلاً، واستولت قوّاتها على رأس جدير وضمّت رسمياً المعبر الحدودي إلى المنطقة الإدارية الواقعة تحت سيطرة بلديتها، ومذّاك التاريخ تحولت الأخيرة إلى مركز قوة حقيقي، على الرغم من أنها بقيت اسمياً تحت سلطة الحكومات التي اتخذت من طرابلس مقراً لها، وفق محللين ليبيين.

وأمام ما يجري من أحداث متوترة في غرب البلاد، رأت عضو مجلس النواب ربيعة أبو راص، أن «انخراط حكومة الوحدة الوطنية من خلال أدواتها، في التصعيد داخل نطاق المنطقة الغربية باتجاه الأمازيغ، بدلاً من انخراطها في توسيع دائرة التوافقات والتعامل مع الملف الأمني بعدالة، يوسع من دائرة الأزمات والصراعات».

وذهبت النائبة، عن دائرة حي الأندلس بطرابلس الكبرى، إلى أن «ما يحدث هو أن الحكومة تفرض الطابع الجهوي والانتقامي بدلا من أن تفرض طابع الدولة والقانون والعدالة والمساواة»، وتابعت: «من يظن أنه يقود الآخرين إلى بيت الطاعة، فهو يقود نفسه إلى الهاوية التي لن ترحمه ولن تشفع له».

والمعبر الذي أغلق مرات عدة منذ إسقاط نظام القذافي، شهد أزمات كثيرة في التنقل بسبب اتهامات من الجانبين التونسي والليبي بـ«إساءة متبادلة أثناء المرور ووقوع عمليات ابتزاز».

وسبق لحكومة «الوحدة» الإعلان عن تشكيل مجلس إدارة للمنطقة الحرة في رأس جدير «لما لها من أهمية، وما تمثله من بُعد استراتيجي مهم يسهم في تنشيط حركة تجارة العبور بين ليبيا وتونس، وزيادة حجم التبادل التجاري بين الدولتين»، وفق المتحدث باسم الحكومة محمد حمودة.


مقالات ذات صلة

ليبيا: انقسام بين أعضاء «تأسيسية الدستور» بشأن «المواد الخلافية»

شمال افريقيا لقاء سابق يجمع الدبيبة بعدد من أعضاء هيئة صياغة الدستور (حكومة «الوحدة»)

ليبيا: انقسام بين أعضاء «تأسيسية الدستور» بشأن «المواد الخلافية»

وسط مساعٍ يبذلها رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، للدفع قدماً نحو الاستفتاء على الدستور، يسود انقسام بين بعض أعضاء الهيئة التأسيسية بشأن بعض مواده.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع السفير البريطاني لدى ليبيا (حكومة الوحدة)

ليبيا: «الوحدة» تطالب بـ«الانتخابات»... وصالح يتمسك بتشكيل «حكومة جديدة»

 جددت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة عبر وزيرها للدولة للاتصال والشؤون السياسية ضرورة الذهاب المباشر للانتخابات بهدف إنهاء المراحل الانتقالية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا ما إمكانية خروج «المرتزقة السوريين» من ليبيا؟

ما إمكانية خروج «المرتزقة السوريين» من ليبيا؟

تتسع رقعة الرفض والاعتراض في ليبيا على وجود آلاف «المرتزقة» في معسكرات وقواعد عسكرية، منذ توقُّف الحرب على العاصمة طرابلس.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر مستقبلاً رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد (القيادة العامة)

ماذا وراء لقاء رئيس الاستخبارات المصرية مع حفتر؟

أجرى رئيس جهاز الاستخبارات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، زيارة هي الأولى له إلى شرق ليبيا، والتقى خلالها المشير خليفة حفتر.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صالح يجتمع مع شباب ووجهاء قبيلة ازوية من مختلف المناطق وأعيان ووجهاء قبيلة العبيدات (من مقطع فيديو بثّه مكتب صالح)

صالح يتمسك بتشكيل «حكومة موحدة» لإجراء الانتخابات الليبية

أكد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، مجدداً، أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هو «الحل» لأزمة بلاده، متمسكاً بتشكيل «حكومة موحدة».

خالد محمود (القاهرة)

وزير الخارجية السوداني: نرفض النموذج الليبي لـ«حكومة موازية»

وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره السوداني بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره السوداني بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
TT

وزير الخارجية السوداني: نرفض النموذج الليبي لـ«حكومة موازية»

وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره السوداني بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره السوداني بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)

رفض وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف، تكرار ما وصفه بـ«النموذج الليبي» في بلاده، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يمكن القبول بأي تحركات تستهدف تشكيل حكومة موازية».

وقال الوزير السوداني إن «بلاده لا يمكن أن تعترف بتحركات تشكيل حكومة (منفى أو موازية)»، رافضاً ما وصفه بـ«تحركات تستهدف تفتيت السودان، على غرار الوضع في ليبيا، التي تحكمها حكومتان في الشرق والغرب». وعدّ هذه التحركات «مؤامرة جديدة على بلاده، تدعمها أطراف خارجية»، مشيراً إلى أن «بلاده تعوّل على الدول الداعمة لوحدة واستقرار السودان، لإحباط هذه التحركات، وللتأكيد على عدم الاعتراف بها». كما رأى أن الخيار الوحيد حالياً هو «الحسم العسكري».