سعى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، لاحتواء توترات عسكرية مفاجئة بمطالبته، السبت، بـ«عدم تحرك أي آلية عسكرية تابعة للقوات الموالية لحكومة الوحدة (المؤقتة) برئاسة عبد الحميد الدبيبة إلى غرب البلاد»، بعدما اتهم «المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا»، الدبيبة، بـ«جمع التشكيلات المسلحة بهدف الهجوم على معبر (رأس جدير) الحدودي مع تونس». في وقت أكد «الجيش الليبي» استمرار وحداته في «تسيير دوريات عسكرية أمنية مشتركة لتأمين الحدود مع الجزائر والنيجر».
وطالب المنفي، باعتبار مجلسه الرئاسي بمثابة القائد الأعلى للجيش الليبي، في رسالة وجهها إلى الوحدات العسكرية التابعة لحكومة الدبيبة، بـ«عدم التحرك نحو الغرب، وعودة كل المسلحين التي خرجوا من العاصمة طرابلس إلى مقراتهم». ودعا قادة هذه الوحدات إلى «التقيد بهذه التعليمات، واعتبارها في غاية الأهمية، ومتابعة تنفيذها الدقيق دون تأخير». وطالب في الرسالة، التي تسربت لوسائل إعلام محلية، رئاسة أركان الجيش وإدارة الاستخبارات العسكرية، بـ«الإبلاغ عن أي وحدة مخالفة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد آمرها».
جاء هذا التحرك وسط احتدام الخلافات بين الدبيبة و«مجلس الأمازيغ»، الذي طالب رئيسه الهادي برقيق، حكومة الوحدة، في بيان متلفز ومفاجئ، السبت، بـ«حل الغرفة المشتركة التي أمرت بتشكيلها فوراً وسحبها». ودعا جميع الأطراف للتحلي بالروح الوطنية، محذراً من «أي تحرك عسكري يجر المنطقة لأحداث لا يمكن توقع نتائجها». كما حذر من الوصول إلى «نقطة لا عودة فيها ولا رجعة أمام واقع صراع وجودي، حيث لا يوجد دستور يضمن حقوق الأمازيغ غير الممثلين في كل الحوارات السابقة».
وكان «المجلس الأعلى للأمازيغ»، الذي وصف الدبيبة، في بيان له، برئيس حكومة تصريف الأعمال منتهية الولاية، حذر «كل من يحاول الهجوم على زوارة أو المدن التابعة له بحرب شعواء لن تنتهي إلا بإنهاء وجود الأمازيغ»، معتبراً أن «حربه دفاع عن شرف وأرض». وقال: «بينما نعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني في ظل التخبط الاقتصادي وارتفاع في السلع والعملات الأجنبية وانهيار الاقتصاد الليبي، نفاجأ بمحاولة الدبيبة جمع تشكيلات مسلحة بهدف الهجوم على معبر رأس جدير بحجج واهية وكيدية لا أساس لها».
وخلص اجتماع عقدته مساء الجمعة مكونات المدن الأمازيغية المدنية والعسكرية، إلى إعلان حالة الطوارئ والنفير القصوى بين كل الكتائب والسرايا العسكرية وتمركزها على طول منطقة طوق مدينة زوارة من مليته شرقاً إلى رأس جدير غرباً. وحسب «قناة الأمازيغ» فقد دخل أول رتل عسكري تابع لمجلس نالوت العسكري إلى قرية رأس جدير، فضلاً عن قوات أخرى ستتمركز داخل مدينة زوارة. ورصدت تقارير محلية تعطلاً مفاجئاً لمنظومة الجوزات في معبر رأس جدير من الجانب الليبي أدى إلى ازدحام شديد.
وتجاهل الدبيبة هذه التطورات؛ لكنه أكد خلال حضوره مؤتمر ومعرض شمال أفريقيا الدولي للموانئ والمناطق الحرة المنعقد بمصراتة، غرب البلاد، السبت، أن «تطوير الموانئ من الأولويات التي عملت عليها حكومته بالتزامن مع تطوير البنية التحتية».
وكان عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة، قد أعلن ما وصفه ببدء السيطرة على الحدود الليبية مع تونس من قبل وزارة الداخلية رسمياً ومراقبتها بالكاميرات، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد السيطرة أيضاً على الحدود مع الجزائر. وقال مساء الجمعة إن كل من يدخل بشكل غير نظامي سنعيده إلى بلاده، ومن أراد دخول ليبيا والاستفادة من خيراتها فعليه الدخول بشكل قانوني، موضحاً أنه لا يجب على الليبيين أو خفر السواحل إرجاع المهاجرين من البحر إلى ليبيا. وقال إن الدبيبة أوصاه برفض التوطين.
وأكد الطرابلسي خلال زيارته مساء الجمعة لمقر جهاز مكافحة «الهجرة غير المشروعة» أن المسؤولية كبيرة على منتسبي الجهاز في الحد من ظاهرة تدفقات الهجرة، التي سببت تراكم الديون على الجهاز بسبب إعاشة المضبوطين وإيوائهم وترحيلهم.
وتستعد حكومة الوحدة لعقد مؤتمر قبل نهاية الشهر الحالي في العاصمة طرابلس بمشاركة وزراء العمل من دول الساحل والصحراء، حول الهجرة القانونية، بعنوان «بحر متوسط آمن وجنوب مستقر».
في السياق، أعلن اللواء 128 المعزز التابع للجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، استمرار وحداته في تسيير دوريات عسكرية أمنية مشتركة لتأمين الحدود مع الجزائر والنيجر، مشيراً إلى تحرك قوة من وحداته المتمركزة في مدينة سبها نحو تمركزات وحدات اللواء بمنطقة سليطة شلمة وإلى رملة دهان مرزق وكامل الشريط الحدودي مع النيجر، قبل أن تتجه نحو مثلث السلفادور الواقع على الحدود المشتركة لليبيا مع النيجر والجزائر.
إلى ذلك، أعلنت حكومة الاستقرار «الموازية» برئاسة أسامة حماد، مواصلتها عملية تسليم الصكوك للأسر المتضررة والمسجلة في منظومة الحصر بمدينة درنة. وتعهدت بالاستمرار في توزيع الصكوك وتسليم جميع المتضررين لمستحقاتهم.