قلق جزائري من «تفشي الكراهية» ضد مسلمي فرنسا

لقاءات لوزير الشؤون الدينية في «مسجد باريس الكبير»

وزير الشؤون الدينية الجزائري (يمين) مع عميد مسجد باريس (مسجد باريس)
وزير الشؤون الدينية الجزائري (يمين) مع عميد مسجد باريس (مسجد باريس)
TT

قلق جزائري من «تفشي الكراهية» ضد مسلمي فرنسا

وزير الشؤون الدينية الجزائري (يمين) مع عميد مسجد باريس (مسجد باريس)
وزير الشؤون الدينية الجزائري (يمين) مع عميد مسجد باريس (مسجد باريس)

بحث وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، يوسف بلمهدي، الجمعة والسبت، مع مسؤولي «مسجد باريس الكبير»، مخاوف المسلمين في فرنسا من «تصاعد الأعمال والتصريحات المعادية للمسلمين»، في سياق العدوان الإسرائيلي على غزة، وفق كوادر عاملين بالصرح الديني الذي تموّله الحكومة الجزائرية.

وذكرت وزارة الشؤون الدينية، بحساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن بلمهدي وصل إلى باريس مساء الخميس «تلبية لدعوة كريمة من السيد شمس الدين محمد حفيز، عميد مسجد باريس الكبير». مبرزة أن «زيارة عمل» قادته إلى المسجد، وأن سفير الجزائر بفرنسا سعيد موسى والمدير العام للمسجد محمد الوانوغي كانا في استقباله عند وصوله.

اجتماع الوزير بالأئمة في مسجد باريس الكبير (وزارة الشؤون الدينية)

وأضافت أن الوزير اجتمع بـ«الأئمة والمرشدات الدينيات، المنتدبين لمسجد باريس الكبير»، وأن الاجتماع «خصص لمناقشة تأطير النشاط الديني بمساجد فرنسا».

كما أكدت الوزارة أن بلمهدي التقى حفيز الجمعة، وأن «جموعاً من المصلين من مختلف الجنسيات استقبلوه» بمناسبة الصلاة، من دون تفاصيل أخرى، في حين أفادت مصادر من المسجد بأن وجود المسؤول الحكومي الجزائري بفرنسا «يعكس قلق دولته من تفشي خطاب الكراهية وتصرفات عنصرية، بات يتعرض لها المسلمون منذ اندلاع الأحداث في فلسطين»، علماً أن الجالية الجزائرية هي الثانية من حيث العدد بفرنسا، بعد الجالية البرتغالية.

وكان مسجد في حي نانتير الباريسي قد تلقى قبل أيام تهديدات تضمنتها وثيقة مجهولة المصدر، جاء فيها: «سنحرق مدارسكم القرآنية ومساجدكم ومحلاتكم وأحياءكم بشكل عشوائي، وسنطردكم من فرنسا».

والمعروف أن ميزانية «مسجد باريس الكبير تدفعها الجزائر، وهي في حدود مليوني يورو سنوياً. ومسيروه تختارهم الجزائر، بمن فيهم العميد».

وزير الشؤون الدينية الجزائري في لقائه بأفراد من الجالية المسلمة بمسجد باريس (مسجد باريس)

وكان شمس الدين حفيز قد أطلق تصريحات في الإعلام الفرنسي، في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، لم تعجب سلطات الجزائر، فقد وصف «عملية طوفان الأقصى» بـ«مجازر مروعة»، ودعا إلى «التعاطف مع ضحايا 7 أكتوبر (تشرين الأول)». وأطلق هذه التصريحات، لدى استضافته في قناة «بي إف إم»، المقربة من أوساط اليمين الفرنسي، وكان بجانبه حاييم كورسيا، حاخام الطائفة اليهودية في فرنسا، وهو جزائري المولد شارك أيضاً في البرنامج التلفزيوني.

وإن لم يصدر موقف رسمي إزاء هذه التصريحات، فإن مصادر مؤكدة أوضحت أن حفيز «تعرض لعتاب شديد على مواقف لا تمثل أبداً الجزائر دولة وشعباً، بخصوص الأحداث في غزة».

وواجه حفيز هجوماً حاداً من الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، الذي قال رئيسه عبد العالي حساني إن عميد مسجد باريس «محسوب رسمياً وسياسياً على الدولة الجزائرية»، مشدداً على أن تصريحاته «تشكل انحرافاً خطيراً ومتناقضاً مع الموقف الثابت للدولة الجزائرية، ومصادماً للإجماع العام للشعب الجزائري، ومع القيم التي تأسست عليها مؤسسة مسجد باريس».

جانب من اجتماعات وزير الشؤون الدينية الجزائري بمسجد باريس (وزارة الشؤون الدينية)

ولاحقاً، سعى حفيز لاستدراك موقفه في تصريحات لقناة «الشروق» الجزائرية، إذ قال إن «هناك من اتهمني بأنني أعتبر المقاومة الفلسطينية إرهاباً، وهذا غير صحيح. فالحمد لله الجميع يعرف أنني ابن عائلة ثورية (يقصد أفراداً من عائلته شاركوا في حرب التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي) وأعرف جيداً ما معنى الشهداء». كما قال إن الشعب الفلسطيني «لا يمكن اعتباره شعباً يَعتدي على شعب آخر، ولا يمكن أن نَصِفه بالإرهابي، وهو ما سمعته في الإعلام الغربي الذي ينكر حقوق الفلسطينيين وينحاز في تغطيته الإعلامية للجانب الإسرائيلي».


مقالات ذات صلة

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

المشرق العربي دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

قتل الجيش الاسرائيلي اليوم الخميس 15 فلسطينياً على الأقل في هجمتين جويتين على منزلين في مدينة غزة. 

«الشرق الأوسط» ( غزة )
المشرق العربي بقايا سيارة بعد غارة إسرائيلية بالقرب من مستشفى «العودة» في قطاع غزة (رويترز)

إعلان مقتل خمسة من طاقم مستشفى في غزة بغارة إسرائيلية

قال مدير مستشفى «كمال عدوان» في شمال غزة، الخميس، إن خمسة من أفراد طاقم المرفق، بينهم طبيب، قُتلوا بغارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

حديث إسرائيلي رسمي عن إنشاء «مناطق عازلة» في قطاع غزة، أثار تساؤلات بشأن مدى تأثيراتها على اتفاق الهدنة المحتمل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قذيفة مورتر أطلقها جنود إسرائيليون على غزة (رويترز) play-circle 03:06

تقرير: الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك مع بداية الحرب في غزة

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، اليوم الخميس، أن الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك في بداية الحملة العسكرية بقطاع غزة؛ لتمكين القادة من إصدار أوامر بشن هجمات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

يعاني نحو مليوني نازح، تعيش غالبيتهم العظمى في خيام، ظروفاً قاسية خلال فصل الشتاء الثاني على التوالي الذي يقضونه في ظروف مماثلة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
TT

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

يوشك عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، أن يودّع حياة السجن بمفهومه العام، لينتقل إلى مقر آخر أكثر خصوصية خارج أسواره، لكنه يظل تحت رقابة سجانيه.

واطمأن وفد من قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، على صحته خلال أول لقاء جمعهم به مساء الأربعاء منذ اعتقاله، ووضعه في سجن معيتيقة بطرابلس، لكنهم طالبوا بسرعة إطلاق سراحه.

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

والسنوسي (73 عاماً) واحد من أقوى رجال النظام السابق، وقد حكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011. وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

مطالب بسرعة الإفراج عن السنوسي

يقبع السنوسي في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، برئاسة عبد الرؤوف كاره، التي منعته من المثول أمام القضاء 13 مرة متتالية، لكنها سمحت بمثوله مطلع العام الجاري أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بعد سلسلة طويلة من تأجيل القضية.

وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الخميس)، إن وفداً من القبيلة اطمأن على السنوسي، الذي يعاني من مرضي القلب وسرطان الكبد، مشيراً إلى أنه «تمت الموافقة على نقله من السجن إلى فيلا بسوق الجمعة بطرابلس، ونطالب بالإفراج عنه لأنه لم يرتكب جرماً».

المنفي مستقبلا وفد من قبيلة المقارحة (المجلس الرئاسي الليبي)

وأوضح الشيخ هارون أن الوفد الذي ضمّ 22 شخصاً من مشايخ ووجهاء المقارحة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأربعاء، وجددوا مطلبهم بـ«ضرورة الإسراع بالإفراج عن ولدنا عبد الله». وقال بهذا الخصوص: «هذا رابع اجتماع بالمنفي، وقد سبق أن رفعنا إليه جميع التقارير الطبية، التي تؤكد اعتلال صحة السنوسي». مبرزاً أن الوفد الذي التقى أيضاً مشايخ من سوق الجمعة «حصل على وعد من المنفي بإطلاق سراح السنوسي. ونتمنى تحقق ذلك في القريب العاجل»، وأضاف موضحاً: «لقد سمحوا بنقله إلى (حوش) فيلا في سوق الجمعة رهن الإقامة الجبرية، كي تتمكن ابنته سارة وأولادها وباقي الأسرة من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى الأطباء، من زيارته».

وخلال مثوله أول مرة أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وجهت له أكثر من 25 تهمة، من بينها قتل المتظاهرين خلال «ثورة 17 فبراير» عام 2011، بحسب محاميه أحمد نشاد، لكنه «نفاها جميعاً».

وأوضح المجلس الاجتماعي بـ«سوق الجمعة والنواحي الأربعة» أنه عقب الانتهاء من لقائه بوفد قبيلة المقارحة، تم التنسيق مع «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، ونظمت زيارة للسنوسي بالتنسيق مع المجلس الرئاسي.

وكان المنفي قد التقى وفداً من أعيان وحكماء قبيلة المقارحة بمقر المجلس في العاصمة طرابلس، وأوضح المجلس أن الوفد أكد «الدور الكبير»، الذي يضطلع به المنفي تجاه ملف المصالحة، وأهميته للاستقرار على المستويات كافة، كما تطرق اللقاء للخطوات العملية المتخذة من قبل المجلس الرئاسي حول ملف السجناء السياسيين.

استهداف السنوسي

العقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً. ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً».

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

وعلى مدار العام الماضي، أرجأت محكمة استئناف طرابلس محاكمة السنوسي ومنصور ضو، رئيس الحرس الخاص للقذافي، 13 مرة، إلى موعد آخر بسبب رفض ميليشيا «قوة الردع الخاصة»، التي تحتجز السنوسي في سجن معيتيقة بالعاصمة، مثوله أمام المحكمة.

وكانت وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حليمة عبد الرحمن، قد أمرت في نهاية عام 2022 بالإفراج الصحي عن منصور ضو، لكن لم يُسمح له بمغادرة سجنه.

وضو، المودع بسجن مصراتة العسكري غرب ليبيا، كان آمراً لحرس القذافي برتبة عميد، وظل إلى جواره حتى اعتقل معه في 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، لكنه نجا من القتل، ومنذ ذلك التاريخ وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بتهمة التنكيل بمتظاهري «ثورة 17 فبراير».

سيف الإسلام القذافي (أ.ب)

وكان الفريق الممثل لسيف الإسلام، نجل القذافي، انسحب من اجتماع «المصالحة الوطنية»، وأرجع ذلك لأسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق الذين لا يزالون بالسجن.