هل يسعى «النواب» الليبي لانتزاع اختصاصات حكومة الدبيبة؟

يدرس إنشاء هيئتين «للحج والعمرة» و«إدارة الأزمات والكوارث»

اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)
اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)
TT

هل يسعى «النواب» الليبي لانتزاع اختصاصات حكومة الدبيبة؟

اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)
اجتماع سابق لمجلس النواب الليبي (المجلس)

في جلسته الرسمية التي عقدت منتصف الأسبوع الماضي، أقر مجلس النواب الليبي مشروعي قانونين لإنشاء «هيئة عليا للحج والعمرة»، وأخرى لـ«الطوارئ والأزمات والكوارث»، ما أثار الاستغراب في الأوساط السياسية، لكون هاتين الهيئتين من اختصاصات السلطة التنفيذية.

وتباينت ردود الفعل في ليبيا حيال هذه الخطوة، ففيما وصفها البعض بأنها محاولة من البرلمان «لانتزاع صلاحيات مهمة» من قبضة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لقطع الطريق عليه من أن يوظفها لتعزيز شعبيته، عدها آخرون خطوة «اضطر إليها البرلمان في ظل أجواء الخصومة السياسية مع الأول».

وأيد عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، الطرح الأول، معتبراً أن «البرلمان يسعى فعلياً لانتزاع بعض اختصاصات السلطة التنفيذية ممثلة بحكومة الدبيبة في ظل تعمق حالة الخصومة السياسية بينهما». إلا أن التكبالي توقع «فشل تلك المحاولة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن البرلمان «لا يملك أي أموال لدعم الهيئتين اللتين يعتزم إنشاءهما» فيما «حكومة الدبيبة معترف بها دولياً، وتسيطر على العاصمة وتنسق مع المصرف المركزي، أي أنها من تملك المال».

و«الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة» تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية». وأكد التكبالي أنه «بدون التمويل لن يتمكن البرلمان من منافسة الدبيبة بانتزاع ملف مهم كالحج من قبضته، أو إيقاف أغلب قراراته التي تتسم بالإنفاق الموسع، والتي نجحت في استقطاب بعض الشرائح الاجتماعية إليه».

بدوره، انتقد عضو مجلس النواب الليبي، عمار الأبلق، قرارات مجلس النواب، «بالسعي لإنشاء مزيد من الهيئات والمؤسسات، لتواجه مصيراً محتوماً بالانقسام والتشظي في ظل استمرار الخصومة السياسية مع حكومة الدبيبة». ورأى أنه «لا يوجد مبرر لتأسيس أي هيئة جديدة من قبل البرلمان، أو غيره من أفرقاء الأزمة المتصارعين على السلطة»، متوقعاً أن خصوم مجلس النواب سيرفضون التعامل مع تلك الهيئات حال إنشائها.

وقال الأبلق لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه القرارات «تعمق الانقسام الذي طال مؤسسات سيادية، من بينها المصرف المركزي وديوان المحاسبة والرقابة الإدارية، وبات لكل منها فرع غرب البلاد وآخر بالشرق، مما أضعف الرقابة عموماً على الإنفاق العام للدولة، ووقوع التجاوزات».

وتعاني ليبيا من تنازع على السلطة التنفيذية بين حكومة الدبيبة التي تسيطر على العاصمة وأغلب مناطق الغرب الليبي، والحكومة المكلفة من البرلمان، التي يرأسها أسامة حماد، وتدير مناطق الشرق والجنوب.

ولفت الأبلق إلى أنه على «الجميع أن يكونوا على قدر المسؤولية، ويتوقفون عن ممارسة العبث السياسي بتوحيد الجهود فعلياً، وذلك بتشكيل حكومة جديدة لتنهي النزاع الراهن على السلطة التنفيذية وتمهد لإجراء الانتخابات».

في المقابل، دافعت عضو مجلس النواب الليبي، ربيعة أبو راص، عن قرارات مجلسها، ورأت أنه مع تعرض مدينة درنة ومناطق أخرى بشرق البلاد لتدمير كبير عقب إعصار (دانيال) بات «وجود مثل هيئة لإدارة الأزمات والكوارث ضرورة ملحة». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن قرار التفكير في إنشاء هيئة للحج والعمرة «لم يكن انطلاقاً من مقترحات أعضاء المجلس بل بناء على رغبات الأهالي وبعض الشخصيات الاعتبارية».

إلا أن أبو راص عادت لتؤكد على أن حالة الجمود السياسي وغياب التوافق باتا يفرضان على أفرقاء الأزمة «اتخاذ خطوات غير منطقية أحياناً، أو لا تعد أولوية لمجرد إثبات الذات والدفاع عن حق الوجود في المشهد»، محذرة من خطورة استمرار مثل هذا المناخ. وقالت إنه «لن يسفر إلا عن واقع مليء بالتنافس السلبي لن يفيد ليبيا وأهلها».

فيما قلل عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، أحمد الشركسي، «من جدوى إنشاء أي هيئات جديدة بالوقت الراهن». وتساءل الشركسي: «كيف ستتمكن هيئة مخصصة للتعامل مع الكوارث والأزمات، التي بطبيعة الحال تتطلب الاستعانة بالخبرات العلمية والإدارية بعموم ليبيا، من العمل في ظل منع حكومة أسامة حماد العاملين التابعين لها من التواصل مع حكومة الدبيبة، وقيام الأخيرة بالأمر ذاته؟».


مقالات ذات صلة

ليبيا: غموض بشأن مصير «سجَّان» نجل القذافي

شمال افريقيا صورة أرشيفية للعجمي العتيري (الشرق الأوسط)

ليبيا: غموض بشأن مصير «سجَّان» نجل القذافي

شهدت مدينة الزنتان الليبية (جنوب غربي طرابلس) توتراً أمنياً، بعد توقيف العجمي العتيري، قائد «كتيبة أبو بكر الصديق».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)

رئيس «النواب» يعرض في واشنطن رؤيته لإنهاء الانقسام الليبي

بدأ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح زيارة مفاجئة إلى الولايات المتحدة، ركزت على أزمة المصرف المركزي في البلاد، وإيجاد حلول للانقسام السياسي الراهن.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المشري في احتفال أقامته السفارة الألمانية في طرابلس نهاية الأسبوع الماضي (المجلس الأعلى للدولة)

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

تحدث خالد المشري الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عن فشل غريمه محمد تكالة، للمرة الثانية، في عقد جلسة رسمية في العاصمة طرابلس بنصاب قانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)

​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن محكمة الجنايات في طرابلس أنزلت عقوبة السجن 10 سنوات برئيس سابق لبعثة ليبيا في إيطاليا «بعد التحقيق في وقائع فساد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)

مصر تطالب المكسيك بسرعة إنهاء التحقيقات في مقتل 3 مواطنين

السفير المصري لدى المكسيك خلال لقائه أسر الضحايا المصريين (الخارجية المصرية)
السفير المصري لدى المكسيك خلال لقائه أسر الضحايا المصريين (الخارجية المصرية)
TT

مصر تطالب المكسيك بسرعة إنهاء التحقيقات في مقتل 3 مواطنين

السفير المصري لدى المكسيك خلال لقائه أسر الضحايا المصريين (الخارجية المصرية)
السفير المصري لدى المكسيك خلال لقائه أسر الضحايا المصريين (الخارجية المصرية)

طالبت مصر، الحكومة المكسيكية، بسرعة إنهاء التحقيقات في مقتل 3 مصريين بالمكسيك مؤخراً، للوقوف على أسباب وقوع الحادث، وإنهاء إجراءات نقل الجثامين للقاهرة، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره المكسيكي دي لا فوينتي، الثلاثاء، لمتابعة القضية.

وتعرض مصريون لإطلاق النار، مؤخراً، ما أدى لمقتل ثلاثة وإصابة آخرين.

كانت شاحنة تحمل مهاجرين يحملون جنسيات دول مصر وبيرو وهندوراس والسلفادور متجهةً للحدود المكسيكية - الأميركية، تعرضت الأسبوع الماضي، لإطلاق النار من شرطة الحدود المكسيكية، ما أسفر عن مقتل 6 مهاجرين، بينهم 3 مصريين، وإصابة 12 آخرين، بينهم مصريون أيضاً.

وطالب وزير الخارجية المصري، خلال اتصاله بنظيره المكسيكي، بـ«سرعة إنهاء الحكومة المكسيكية التحقيقات والإجراءات اللازمة، حتى يتسنى نقل جثامين الضحايا المصريين للقاهرة»، إلى جانب «توفير الرعاية الطبية اللازمة للمصابين»، حسب إفادة لوزارة الخارجية المصرية.

فيما نقل بيان الخارجية المصرية عن وزير الخارجية المكسيكي «أسفه الشديد للحادث»، مؤكداً أن «التحقيقات متواصلة، وسيتم موافاة الحكومة المصرية بنتائجها فور الانتهاء منها».

وقالت وزارة الدفاع المكسيكية، في بيان سابق لها، إن «الجنود أطلقوا النار على شاحنة صغيرة حاولت التهرب من دورية عسكرية»، فيما نقلت وسائل الإعلام المصرية تصريحاً لمكتب المدعي العام المكسيكي بأن «الشاحنات التي كانت تقل المهاجرين تجاهلت أوامر التوقف، وحاولت الفرار، وعند ملاحقة الجنود لهم تعرضوا لإطلاق نار».

ولمتابعة موقف الضحايا المصريين، توجه السفير المصري في المكسيك، عمرو عبد الوارث، إلى «ولاية (تشياباس)، للاطمئنان على حالة المصابين، وتقديم الخدمات القنصلية اللازمة، والتنسيق مع السلطات المكسيكية بالنسبة لسير التحقيقات الرسمية في الواقعة، وإجراءات شحن الجثامين»، حسب إفادة لوزارة الخارجية.

وأشار بيان الخارجية المصرية إلى أن السفير المصري «اطمأن على حالة المصابين المصريين في الحادث، بينهم قاصر تعرض لإصابات بالغة، وتم نقله لأكبر مستشفى بولاية توكسلا»، كما التقى الأسرة المصرية التي فقدت ابنتيها، مؤكداً «اتخاذ إجراءات شحن الجثامين للقاهرة، ومتابعة التحقيقات مع السلطات المعنية».

إلى جانب الإجراءات الرسمية، قال نائب رئيس المركز الثقافي المصري الأميركي بنيويورك، نشأت زنفل، إن هناك متابعة من اتحاد الجاليات المصرية في أميركا لتطورات حادث المصريين بالمكسيك، مشيراً إلى أنهم «كانوا في طريقهم إلى الولايات المتحدة، وتعرضوا لإطلاق نار من الشرطة المكسيكية على الحدود».

وبينما أشار زنفل لـ«الشرق الأوسط» إلى صعوبات في متابعة إجراءات الحادث بسبب بعد المسافة بين العاصمة المكسيكية والمنطقة التي جرى فيها الحادث، طالب «بضرورة تفعيل أدوار روابط المصريين بالخارج في مساعدة السلطات المصرية، في مثل هذه الحوادث الطارئة».

وتحدث زنفل عن مجموعة من المخاطر للمصريين الذين يغامرون بالانتقال إلى الولايات المتحدة، عبر الحدود المكسيكية، بسبب جماعات التهريب على الحدود، وقال إن «بعض المصريين يستخدمون الأنفاق الحدودية ما يعرضهم لمخاطر من شرطة الحدود»، مشيراً إلى أن السلطات الأمنية في أميركا تمارس ضغوطاً مكثفةً على الأمن المكسيكي لتشديد مراقبة الحدود.

وأوضح رئيس الاتحاد العام للمصريين بالخارج، إسماعيل أحمد علي، أن «شحن جثامين الضحايا للقاهرة لن يتم إلا بعد انتهاء السلطات المكسيكية من التحقيقات»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتحاد يتابع مع أسر الضحايا كافة الإجراءات الخاصة بعلاج المصابين، والتحقيقات الخاصة بالحادث».