القصف المتبادل يدمر جسراً ثانياً في الخرطوم خلال أسبوع

الجيش السوداني و«الدعم السريع» يتبادلان الاتهامات

صورة أرشيفية لجسر خزان جبل أولياء (وسائل إعلام محلية سودانية)
صورة أرشيفية لجسر خزان جبل أولياء (وسائل إعلام محلية سودانية)
TT

القصف المتبادل يدمر جسراً ثانياً في الخرطوم خلال أسبوع

صورة أرشيفية لجسر خزان جبل أولياء (وسائل إعلام محلية سودانية)
صورة أرشيفية لجسر خزان جبل أولياء (وسائل إعلام محلية سودانية)

تبادل الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» الاتهام بتدمير «جسر خزان جبل أولياء» جنوب الخرطوم، وذلك بعد أيام قليلة من تدمير جسر «شمبات» الرابط بين الخرطوم بحري وأمدرمان.

وقال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني في تعميم صحافي، نشرته صفحته الرسمية على منصة «فيسبوك» السبت، إن «قوات الدعم السريع» قصفت مواقع الجيش داخل جسر خزان جبل أولياء الرابط بين جنوب مدينة الخرطوم وجنوب أمدرمان، ما أدى إلى تدمير الجسر. وأضاف: «مواصلة لمشروعها التدميري للبلاد وتخريب بنيتها التحتية، تسبب القصف المدفعي من قبل الميليشيا المتمردة الإرهابية على مواقعنا بجبل أولياء فجر اليوم السبت في تدمير جسر خزان جبل أولياء».

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع» في نشرة على حسابها في منصة «X» إن قوات الجيش و«استمراراً لسلسلة انتهاكاتها الوحشية في تخريب المنشآت العامة والخاصة» دمرت الجسر، وأضافت: «دمرت ميليشيا (عبد الفتاح) البرهان وفلول المؤتمر الوطني الإرهابية، فجر اليوم (السبت)، جسر خزان جبل الأولياء الذي يربط جنوب الخرطوم بأمدرمان».

والسبت الماضي، تبادل الطرفان الاتهامات بتدمير جسر «شمبات» الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأمدرمان، وهو الجسر الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع» منذ الأيام الأولى للحرب، وتنقل عبره بين المدينتين إمدادها العسكري.

واستبعد محللون ضلوع «الدعم السريع» في تدمير الجسر لأهميته بالنسبة لها، فيما هلل نشطاء موالون للجيش لتدمير الجسر، واعتبروه قطعاً للتواصل بين «قوات الدعم السريع» في المدينتين، بعد أن كانوا يطالبون بتدميره.

ومنذ الأحد الماضي، 12 نوفمبر (تشرين الثاني)، تدور معارك عنيفة بين الجيش و«الدعم السريع» في منطقة جنوب الخرطوم، المتاخمة للخزان. وقالت «الدعم السريع» إنها سيطرت على قاعدة «النجومي» الجوية، ونشرت صوراً لجنودها وهم داخل القاعدة، بينما نفى الجيش ذلك.

وبحسب بيان الجيش، فإن قواته تتمركز على الجسر، ويتم تبادل القصف مع «الدعم السريع» في المنطقة «الأضعف» من الخزان، وهي حافة «الجسر»، ما يرجح أن يكون الجسر قد انهار بسبب القصف المدفعي والمسيرات التي يستخدمها «الدعم السريع».

ولم يتضح بعد حجم الضرر الناتج في السد، لكن أي دمار كبير له ينذر بفيضان عارم للنيل الأبيض. وفي الأسابيع القليلة الماضية تعرض جسر في العاصمة الخرطوم ومستودع مهم للنفط لأضرار بسبب الضربات التي تبادل الطرفان الاتهام بالمسؤولية عنها.

واستعر القتال في الأيام القليلة الماضية في منطقة جبل أولياء، وهي من الأحياء الفقيرة في جنوب ولاية الخرطوم، ما أدى إلى نزوح الآلاف. وقالت قوات الدعم السريع في وقت سابق هذا الشهر إنها سيطرت على قاعدة للجيش في المنطقة.

واندلع القتال في الخرطوم في أبريل (نيسان) وسط التوتر بين الجيش و«قوات الدعم السريع» حول دمج قواتهما خلال انتقال نحو الديمقراطية.

ومنذ ذلك الحين سيطرت «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وتواصل مد سيطرتها جنوباً. كما نجحت في الوقت نفسه في السيطرة على معظم أنحاء إقليم دارفور في غرب البلاد، إذ يقول محللون إنها كسبت قوة دافعة في جهودها لتعزيز سيطرتها على أكبر قدر ممكن من البلاد.

جدير بالذكر أن خزان «جبل أولياء» أنشئ على النيل الأبيض، ويتوسطه الجسر في عام 1937 على نحو 44 كيلومتراً جنوب الخرطوم، وظل تحت الإشراف الفني والإداري للحكومة المصرية، استجابة لقبولها إنشاء «خزان سنار»، للحفاظ على حقوقها المائية، لكن أهميته زالت بقيام السد العالي، فسلمته القاهرة للحكومة السودانية لتستخدمه في تنظيم مياه الري وتوليد الكهرباء.

وهندسياً، يتوسط الخزان «جسر متحرك» يتم فتحه لعبور «السفن النيلية»، ويتم إغلاقه بعد مرورها، ويعد الجزء الأضعف في الخزان، ويلعب دوراً أساسياً في عمليات تنظيم تصريف المياه من بحيرة السد، ما يهدد بارتفاع المناسيب في مواسم فيضان نهر النيل الأبيض.


مقالات ذات صلة

«أطباء السودان»: أكثر من 40 ألف قتيل بالحرب

شمال افريقيا طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)

«أطباء السودان»: أكثر من 40 ألف قتيل بالحرب

قدّر المتحدث باسم نقابة الأطباء في السودان أن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا سيدة في مخيم «زمزم» للنازحين في إقليم دارفور تحمل طفلاً (رويترز)

مقابر دارفور تتضاعف... والموت يتربص بالجوعى

أظهر تحليل لصور الأقمار الاصطناعية أن مقابر في دارفور بالسودان توسعت وتضاعفت مساحتها بمعدلات مختلفة بينما حذرت تقارير من ارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالجوع.

«الشرق الأوسط» (دارفور)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو مع قواته في جنوب دارفور (أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تسيطر على «الفولة» عاصمة غرب كردفان

قالت قوات «الدعم السريع»، الخميس، إنها سيطرت بالكامل على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان ذات الأهمية الحيوية التي تضم حقلاً نفطياً كبيراً.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شؤون إقليمية صورة تظهر امرأة وطفلاً في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر في شمال دارفور بالسودان... يناير 2024 (رويترز)

«أطباء بلا حدود»: السودان يشهد «إحدى أسوأ أزمات العالم» في العقود الأخيرة

قالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن السودان يشهد «إحدى أسوأ أزمات العالم» في العقود الأخيرة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا آثار الدمار في الفاشر (أ.ف.ب) play-circle 01:28

تحذير أممي: حياة 800 ألف سوداني على المحك

قالت مديرة العمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، إيديم ووسورنو في إحاطة لمجلس الأمن الدولي إن حياة 800 ألف سوداني «على المحك»

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))

الحرب تزيد من معاناة مرضى السرطان في السودان

الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)
الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)
TT

الحرب تزيد من معاناة مرضى السرطان في السودان

الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)
الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)

تحتاج زوجة السوداني محمد الجنيد المصابة بالسرطان إلى علاج بالأشعة؛ لكن بعدما مزقت الحرب السودان، ودمرت بناه التحتية ومرافقه، بات يتطلب الأمر سفرها مسافة ألف كيلومتر تقريباً، للوصول إلى المستشفى الوحيد الذي يقدم هذه الرعاية.

ويقول الزوج البالغ من العمر 65 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من ولاية القضارف في شرق السودان؛ حيث لجأ مع زوجته هرباً من الحرب: «حتى لو وصلنا إلى مروي (في الشمال)، فسيتعين علينا أن ننتظر دورنا لتلقِّي هذه الرعاية».

ويشهد السودان منذ 15 أبريل (نيسان) العام الماضي حرباً عنيفة، بين القوات المسلحة النظامية بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.

ودمرت الحرب إلى حد بعيد البنية التحتية، وخرج 70 في المائة من المرافق الصحية في البلاد من الخدمة، حسب إحصاءات الأمم المتحدة.

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندميير: «من 20 إلى 30 في المائة فقط من المرافق الصحية في البلاد لا تزال في الخدمة... وتعمل بالحد الأدنى»؛ مشيراً إلى أن الإمدادات الطبية «لا تلبي سوى 25 في المائة من الاحتياجات».

مرضى يتلقون العلاج في مستشفى القضارف للأورام بشرق السودان (أ.ف.ب)

وتدفق مئات الآلاف من الأسر إلى ولاية القضارف، بعدما نزحت من الولايات التي طالتها الحرب، وسط معاناة من نقص في المواد الغذائية ومياه الشرب والمرافق الصحية.

ويصطف مرضى السرطان في انتظار دورهم داخل مركز «الشرق» لعلاج الأورام، وهو الوحيد المخصص لذلك؛ لكن لا يتوفر في هذا المركز علاج بالأشعة، لذلك يلجأ المرضى إلى مستشفى مروي في الشمال الذي يبعد نحو ألف كيلومتر عن القضارف.

كانت زوجة الجنيد تتلقى علاجها في مستشفى ود مدني بولاية الجزيرة في وسط السودان، قبل إغلاقه بسبب اندلاع المعارك، ما دفع أسرتها للفرار إلى القضارف.

بسبب الحرب أُغلق مركزا الأورام الكبيران في الخرطوم وفي ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الجنوبية (أ.ف.ب)

ويوضح الجنيد: «اليوم يرى الأطباء أنها تحتاج مجدداً إلى الخضوع للعلاج الإشعاعي، وهو في مروي فقط».

وبسبب طول الرحلة بين الولايتين، وكثرة الحواجز الأمنية، طلب السائق الذي وافق على اصطحاب الجنيد وزوجته إلى مروي، مبلغ 4 آلاف دولار، وهو ما لم يقدر الجنيد على دفعه، فألغيت الرحلة.

27 سريراً فقط ومئات المرضى

وبسبب الحرب، أُغلق مركزا الأورام الكبيران في الخرطوم وفي ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، يكتظ مركز القضارف بمرضى السرطان، على الرغم من سعته الضئيلة.

ويضم المركز 27 سريراً فقط، بينما «يحتاج إلى 60 سريراً على الأقل»، على ما يقول مديره معتصم مرسي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويوضح مرسي: «العام الماضي استقبلنا نحو 900 مريض جديد»، مقارنة بنحو «300 أو 400 مريض» في الأعوام الماضية.

وفي الربع الأول فقط من عام 2024، استقبل المركز 366 مريضاً، إلا أن مرسي أكد أن الأدوية لا تزال متوفرة «إلى حد بعيد»، على الرغم من «بعض النقص» المسجل من قبل بدء الحرب.

دمرت الحرب إلى حد بعيد البنية التحتية وخرج 70 % من المرافق الصحية في البلاد من الخدمة (أ.ف.ب)

وعلى سرير في مركز القضارف؛ حيث يتقاسم المرضى الغرف بسبب الازدحام، تقول المعلمة السودانية فتحية محمد، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عاد المرض (السرطان)، واضطررت إلى استئناف العلاج».

كانت فتحية تتلقى علاجها أيضاً مثل زوجة الجنيد بمستشفى ود مدني، قبل النزوح إلى ولاية القضارف.

وقالت بحسرة: «هنا لا يوجد علاج إشعاعي... إنه متوفر في مروي؛ لكنه يكلف مليارات الجنيهات السودانية».

وتحتاج المعلمة السودانية إلى علاج بالأشعة بشكل دوري، وهو ما يُعدُّ «مكلفاً للغاية» خصوصاً أنها لم تتقاضَ سوى راتب 3 أشهر فقط من العام الماضي، بسبب اندلاع الحرب، حسبما تقول.

«تحمل الألم الشديد»

وفي أواخر مايو (أيار) حذَّرت منظمة الصحة العالمية من أن «نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار؛ خصوصاً في المناطق التي يصعب الوصول إليها».

وأضافت: «تُدمَّر المرافق الصحية، وتتعرض للنهب، وتعاني من نقص حاد في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات والإمدادات».

الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 % من الاحتياجات (أ.ف.ب)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) حذَّر مقال نشره أطباء سودانيون في مجلة «إيكانسر» البريطانية، من أن «محدودية الوصول إلى خدمات علاج الأورام خلال الحرب الحالية يعرض حياة أكثر من 40 ألف مريض سوداني بالسرطان للخطر».

وأشار المقال إلى أن «التكاليف المرتبطة بالعلاج الإشعاعي والنقل والسكن تجعلها غير متاحة لكثير من المرضى، ما يجبرهم على مواجهة الموت في المستقبل، من دون رعاية كافية».

في أواخر مايو حذرت منظمة الصحة العالمية من أن نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار (أ.ف.ب)

وحسب المقال، فقد عطَّلت الحرب «سلاسل التوريد وتوفر المسكنات»، الأمر الذي يدفع المرضى إلى «تحمل الألم الشديد».

في مروي، يقول أحد الأطباء، وقد طلب عدم ذكر اسمه: «يعمل لدينا جهازان للعلاج الإشعاعي على مدار 24 ساعة يومياً».

ويضيف: «إذا تعطل أحد الأجهزة وتطلَّب الصيانة، فإن ذلك يتسبب في تكدس المرضى الذين يأتون من جميع أنحاء السودان».