كشفت النيابة العامة في ليبيا عن تعرض «النهر الصناعي» لعشرات التعديات على مسار الساحل الغربي. ومنذ اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011، لم تتوقف الاعتداءات على النهر، من التشكيلات المسلحة، وأصحاب «المصالح الفئوية»، فضلاً عن تعديات على مساره بإنشاء وصلات غير مشروعة للشرب أو لري الأراضي.
وقال مكتب النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، مساء (الاثنين) إنه استجابة لمقتضيات حماية منظومة «النهر الصناعي» من التعديات التي طالت مسار الساحل الغربي؛ وجَّه الجهات الضبطية، بمباشرة إجراء حصر التعديات؛ وتحديد هوية مرتكبيها.
وأضاف مكتب النائب العام في تصريح صحافي أن الإجراءات أسفرت عن إثبات 212 واقعة تعدٍ على خط النهر الممتد عبر 6 محطات تغذية إلى مدينة طرابلس، مشيراً إلى أن مأموري الضبط القضائي رصدوا أيضاً 12 واقعة تعدٍ أخرى على المسار الشرقي لمنظومة «النهر الصناعي».
وتعود فكرة «النهر الصناعي»، عندما اكتشفت شركات عالمية للتنقيب عن النفط عام 1953 مخزوناً كبيراً من المياه الجوفية، وبعد سنوات من مجيء الرئيس الراحل معمر القذافي للحكم تبلورت الفكرة ليعلن في عام 1984 عن بدء تنفيذ المشروع لنقل المياه عبر أنابيب ضخمة تحت الأرض من عمق الصحراء.
وتسببت التعديات على النهر خلال السنوات الماضية في انقطاع المياه عن مدن ليبية عديدة. وعلى الرغم من الإجراءات الاحترازية فإن هذه التعديات لم تتوقف على مسار النهر، الذي يحمل المياه الجوفية من الجنوب إلى الشمال ويوصف بأنه «شريان الحياة الوحيد».
ومنذ صباح الثلاثاء، سارع أعضاء جهاز الشرطة الزراعية، بالتعاون مع إدارة إنفاذ القانون؛ وعناصر من إدارة المهام الخاصة؛ والكتيبة (603) إلى إخلاء التعديات على مسار النهر، إنفاذا لتعليمات النائب العام، بالإضافة إلى «سد فتحات تمديد المياه غير المشروعة؛ وتعزيز الإجراءات الكفيلة بضمان انتظام عمل منظومة النهر الصناعي».
وسبق أن هاجم مسلحون منظومة «النهر الصناعي» في منطقة الحساونة، جنوب العاصمة طرابلس، ومنعوا تدفق المياه إلى مدن الشمال الغربي بشكل كامل، وطالبوا حينها بالإفراج عن قيادي تابع لهم معتقل لدى كتيبة «قوة الردع الخاصة».
حقائق
1300 بئر
تشكل مصدر مياه «النهر الصناعي» الذي ينقل يومياً 6.5 مليون متر مكعب إلى المدن الليبية الكبرى
ويعد «النهر الصناعي» المصدر الرئيسي للمياه النقية بالنسبة لغالبية سكان ليبيا، كما يوصف بأنه «أضخم مشروع لنقل المياه الجوفية في العالم كله»، بتكلفة بلغت حينها 35 مليار دولار، حيث وفر منذ عام 1991 المياه لمناطق ليبيا، التي كانت في السابق تعتمد على محطات تحلية المياه وعلى طبقات المياه الجوفية القريبة من الساحل.
ويتكون النهر من 1300 بئر يبلغ عمق أغلبها 500 متر، وتمتد الأنابيب الضخمة في عمق الصحراء من الجنوب الشرقي والغربي إلى الشمال لنقل 6.5 مليون متر مكعب من المياه يومياً إلى المدن الرئيسية الكبرى مثل الزاوية وطرابلس وبنغازي وطبرق وسرت وأجدابيا.