فيديو لمشاجرة سائح إسرائيلي في «دهب» يثير حفيظة المصريين
دهب وجهة مميزة للسياح الإسرائيليين (الشرق الأوسط)
أثار مقطع «فيديو» جرى تداوله، الاثنين، على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لمشاجرة بين سائح إسرائيلي وفتيات مصريات، في مدينة «دهب» جنوب سيناء، حفيظة قطاعات واسعة من المصريين، وتعرض السائح لانتقادات واسعة بسبب ترديده عبارات وصفها متابعون بـ«المستفزة»، منها: «هذه أرضي».
وخلال الفيديو الذي قال ناشروه إنه جرى تصويره بمدينة «دهب»، ظهر السائح الإسرائيلي وهو يتشاجر مع فتاة قالت إنه «تحرش بها وبصديقاتها»، وقال السائح مخاطباً الفتاة: «هذه أرضي، بالنسبة لي هذه أرض إسرائيل»، بينما ردت الفتاة قائلة: «أنت شخص مريض»، ووجّه السائح الإسرائيلي للفتاة كلمات غير لائقة، وتابع: «أنتِ لا تعرفين شيئاً عن السياسة».
سائح إسرائيلي في "دهب المصرية" يقول لفتاة مصرية "هذه أرضي أرض إسرائيل"! ويختم كلامه لها بـ "أنتم مثل الحيوانات"!هذا دينهم وديدنهم وهذا اعتقادهم المقدس بأن أرضهم تمتد من النيل إلى الفرات، وما يحدث حالياً في غزة مقدمات لتحقيق مآربهم حتى وإن طال الزمان.. [غزة هي أول الحصون... pic.twitter.com/ezWW4rd4d5
وصاحبت انتشار مقطع «الفيديو» على نطاق واسع حملة انتقادات واسعة للكلمات التي جاءت على لسان السائح الإسرائيلي، كما تسبب في حالة جدل لافتة، وتساؤلات حول عدم قيام الفتاة بالرد «المناسب» عليه، واكتفائها بالتصوير.
وعلق مستخدمون لحسابات مختلفة على منصة «إكس» عن استيائهم، وقالت أمل العشماوي: «هذا دينهم واعتقادهم وخطتهم الشيطانية، فلا تقول إنهم مدنيون أبرياء». بينما عبّر الناصر أحمد، عن غضبه معلقاً: «ساءني أن أختنا المصرية لم ترد عليه وتلجمه»، كما تساءل متابعون: «لماذا اكتفت الفتاة المصرية بالتصوير؟».
وعد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «التجمع» بمجلس النواب عاطف مغاوري ما جاء على لسان السائح بـ«الفج»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما ورد من تعبيرات على لسان السائح هو تعبير عن وجهة نظر ورؤية قيادات الدولة الصهيونية، وجيش الاحتلال». ووفق مغاوري فإن «كلام السائح تعبير عن حالة ورؤية دولة الاحتلال، ومشروع الدولة الصهيونية المزعومة، ويجب أن يُتخذ إجراء مصري ضده».
ووصف الخبير السياحي أحمد عبد العزيز ما قاله السائح الإسرائيلي بأنه «غير مقبول»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يتعين على أي سائح أياً كانت جنسيته احترام قوانين البلد الذي يزوره، واحترام معتقدات أهله وعاداتهم، ومن يخالف ذلك يجب ترحيله فوراً، ويجب أن يُتخذ إجراء مصري بشأن ما جاء على لسان السائح».
وعادة ما يوجد السياح الإسرائيليون في جنوب سيناء خصوصاً طابا ودهب ونويبع، وسط إجراءات مشددة. والشهر الماضي قالت السلطات المصرية إنها تحقق في مقتل سائحَين إسرائيليَّين، ومواطن مصري، برصاص شرطي مصري في الإسكندرية «شمال مصر».
لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.
دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.
فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.
بين الرفض والقبول
تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.
وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».
وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».
وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».
من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».
وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».
وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».
وسيلة للإلهاء
أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.
تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».
وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».
حماية الآداب العامة
غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».
وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.
وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».
وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».
ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».
واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».