«جبهة التحرير» الجزائرية تعقد مؤتمرها لحسم منصب الرئيس

انطلق التنافس اليوم (السبت)، على منصب الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني» بالجزائر خلال مؤتمره الـ11 بين الوزير السابق بوجمعة هيشور، والبرلماني سابقاً القيادي عبد الكريم بن مبارك.

وأحدث الأمين العام الحالي أبو الفضل بعجي مفاجأة كبيرة بإعلانه أول من أمس (الخميس)، بأنه لا يرغب بالاستمرار في القيادة، بعدما كان أظهر ارتياحاً قبل أسبوعين لطلب أعضاء «اللجنة المركزية» (أعلى هيئة ما بين مؤتمرين)، دخوله المنافسة.

الوزير سابقاً بوجمعة هيشور أبرز المرشحين للأمانة العامة لجبهة التحرير (الشرق الأوسط)

وجرت العادة في وقت مضى أن يشكل مؤتمر «جبهة التحرير» محطة فارقة في الحياة السياسية بالجزائر، قبل وأثناء وحتى بعد انقضاء أيامه الثلاثة، لكن في مؤتمراتها الأخيرة بدا كأن «خيوط اللعبة رسمت مبكراً»، بحسب مراقبين.

وقد عبر عن ذلك خبير علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي، في منشور على حسابه بـ«فيسبوك»، قبيل ساعة من انطلاق الجلسات، قال فيه: «كالعادة... مؤتمر مفبرك لجبهة التحرير قبل انطلاقه. ما زلت مقتنعاً بأن إكرام الميت دفنه وليس بهدلته، احتراماً للتاريخ على الأقل»، في إشارة إلى الرمزية التي يمثلها الحزب، الذي فجر ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954.

عبد الكريم بن مبارك (يسار) المرشح لقيادة جبهة التحرير (حسابات مناضلين بالحزب)

وتجري أشغال المؤتمر بـ«المركز الدولي للمؤتمرات» بالضاحية الغربية العاصمة، بمشاركة أكثر من 4 آلاف مندوب، جاءوا من كل المحافظات الـ58، على اعتبار أن «جبهة التحرير الوطني» حزب يغطي كل المجالس المحلية المنتخبة من مجالس البلدية (1541 بلدية) والولائية، وله أيضاً الريادة نسبياً في البرلمان.

الأمين العام للحزب (وسط) في بداية أشغال المؤتمر (حساب الحزب بالإعلام الاجتماعي)

وقبل يومين من المؤتمر، كانت كواليسه توحي بأن المنافسة ستنحصر بين الأمين العام الحالي أبو الفضل بعجي، ووزير البريد السابق القيادي بوجمعة هيشور، وبدرجة أقل بين الأول والبرلماني وعضو مجلس محافظة الجزائر العاصمة السابق، عبد الكريم بن مبارك. غير أن مفاجأة حدثت أول من أمس (الخميس)، لما أعلن بعجي خلال اجتماع لمجموعة من القياديين من منظمي المؤتمر، عقده بمقر الحزب، أنه سيكون خارج الحسابات.

بعض المشاركين في فعاليات مؤتمر جبهة التحرير (حسابات الحزب بالإعلام الاجتماعي)

ونقل بيان لـ«جبهة التحرير» عن بعجي أنه أكد خلال الاجتماع «عدم ترشحه رسمياً لأمانة الحزب، اقتناعاً منه بضرورة التداول بعد 3 سنوات ونصف السنة من قيادته لها، عرف فيها الحزب ريادة في مختلف الاستحقاقات التي شارك فيها»، في إشارة إلى انتخابات البرلمان والانتخابات المحلية، التي جرت في 2021، والتي شهدت بقاء الحزب أولاً في المجالس، من دون الأغلبية الكبيرة التي كانت له خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، الذي كان هيكلياً رئيس الحزب، وإن لم يحضر أبداً اجتماعاته.

لكن مبرر «التداول»، الذي ساقه بعجي بخصوص انسحابه من المنافسة، يعد غير مقنع في نظر بعض الأوساط السياسية والإعلامية، التي رجحت بأن الجهات الحاكمة في البلاد لم تقتنع به كأمين عام لـ«الجبهة» في المرحلة المقبلة، التي تحتاج، وفق حساباتها، شخصاً آخر بخطة جديدة، تعيد الاعتبار للحزب الذي استهدفه الحراك الشعبي عندما اندلع في 22 فبراير (شباط) 2019، مطالباً بـ«إحالة جبهة التحرير على المتحف»، على أساس أنها تتحمل كحزب حاكم سابقاً كل الخيارات السياسية والاقتصادية السيئة في البلاد، منذ الاستقلال عام 1962، إلى غاية استقالة بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط الشارع.

وبناء على آخر المعطيات المتعلقة بالمؤتمر، تبدو حظوظ السبعيني هيشور كبيرة في الوصول إلى قيادة الحزب. ويتسم الوزير الأسبق بهدوء طبعه، وعرف بابتعاده عن الصراعات والمناكفات، التي وقعت في الحزب خلال السنوات الأخيرة، وغاب عنه لمدة طويلة، لهذا فإن عودته إلى الواجهة توحي بأنها تعكس رغبة جهة نافذة في السلطة بأن يكون هو الأمين العام الجديد للحزب.