رفضت الحكومة الجزائرية اتهامها بـ«التضييق على الصحافيين»، معيبة على مهنيي قطاع الإعلام «ممارسة الرقابة الذاتية طمعاً في الحصول على إعلانات حكومية».
وحلت الجزائر في المركز 142 في تقرير «مراسلون بلا حدود» حول حرية الصحافة لعام 2023. وهو تصنيف عدته الحكومة «جائراً في حقها ولا يعكس الواقع».
وقال وزير الاتصال محمد لعقاب، مساء الثلاثاء، في لقاء مع مديري وسائل الإعلام العمومية والخاصة ومثقفين، عقد بمقر الوزارة بالعاصمة، إنه سأل «العديد من الصحافيين إن كان أي أحد (من المسؤولين) طلب منهم عدم الكتابة أو الاشتغال بأي موضوع، فكان ردهم أن لا أحد منعهم من ذلك. وحاولت التوقف عند أسباب تراجع الحريات... في الواقع، السبب غير مرتبط بالأوضاع السياسية، بل بالنشاط الاقتصادي غير المتطور بالشكل اللازم. وعندما يزدهر فستتحرر المؤسسة الإعلامية من الإعلانات الحكومية». مشيراً إلى أن الإعلانات «تدفع الصحافيين إلى الرقابة الذاتية علهم يظفرون بها، أما اتهام الحكومة أو رئاسة الجمهورية (بالتضييق عليهم)، فهذا لم يحدث».
والمعروف أن أكثر من 180 صحيفة، و30 قناة تلفزيونية عامة وخاصة، وعدداً كبيراً من المواقع الإلكترونية، تعيش حصرياً على الإعلانات التي تمنحها الحكومة عن طريق جهازها «وكالة النشر والإشهار»، وذلك في ظل انقطاع الإعلانات الخاصة في السنوات الأخيرة، بسبب ركود يعيشه اقتصاد البلاد المعتمد بشكل كبير على مداخيل بيع النفط والغاز.
والشائع في أوساط الصحافيين أن «الوكالة» وسيلة في يد الحكومة لـ«مكافأة المؤسسات الإعلامية الموالية بإغداق أموال الإشهار عليها، ولتأديب المعارضين لسياساتها بحرمانهم منها».
وخاض الوزير لعقاب في «قضية التضييق على الصحافة»، بمناسبة إضراب في قطاع التعليم يومي 27 و28 أبريل (نيسان) الماضي؛ حيث تداول صحافيون في مجموعات على منصة «واتساب»، أن وزارة الاتصال «وجهت بعدم إيلاء أي أهمية للإضراب». وقال لعقاب بهذا الخصوص: «لم أسمع بهذا الإضراب، لكن عندما سئلت عنه قلت إن الأمر يتعلق بالقانون الأساسي للمعلم الذي يوجد قيد التحضير. ورئيس الجمهورية نفسه أكد أهمية أن يكون للمعلم قانون خاص به. وقد رفض النسخة الخاصة بالقانون ثلاث مرات، وأعادها إلى وزارة التربية لمراجعتها، فهل بعد هذا يذهبون (نقابات التعليم) إلى الإضراب؟».
كما أكد الوزير أنه عندما عبر عن موقفه من الإضراب «كنت أقصد أن الرئيس حريص على هذا الأمر (مطالب المضربين)، وأنه لا ينبغي أن يعطي الصحافيون أهمية للإضراب، لكن لم أسد توجيهات بعدم تغطيته... فكل واحد حرّ، ولا أحد من الوزارة منع الصحافيين من التعاطي مهنياً مع الإضراب».
وبخصوص اتهام بوجود توجه لعسكرة قطاع الإعلام في البلاد، نفى الوزير بشدة «وجود إرادة لعسكرة الإعلام»، لكنه لم يخف أن الوزارة طلبت من الصحافة «عدم إيلاء أهمية للإضراب». وقال: «لو أرادت منعهم من ذلك، لأصدرت أوامر واضحة بهذا الخصوص».
وعاد لعقاب إلى جدل وقع في رمضان الماضي، عندما جمع مديري أكثر من 20 قناة تلفزيونية عمومية وخاصة، من أجل إبلاغهم بأن الحكومة ضاقت ذرعاً بمحتويات مسلسلات الدرامية، بحجة أنها «تحمل جرعة زائدة من العنف، والمس بأخلاق المجتمع والذوق العام». وأوضح بهذا الخصوص أن السلطات «لم تقم محاكم تفتيش، وإنما لفتت انتباه الإخوة في القنوات الخاصة، بكل محبة، إلى أن المحتوى الذي تبثه لا يلائم المجتمع». وقال موضحاً: «هذا ردي على مجموعات تقول إن الوزير يراقب، والحكومة تراقب وسائل الإعلام». عادّاً الصحافيين «يشتغلون في بيئة صعبة، وهذا يؤثر على حريتهم ومهنيتهم».