السلطات التونسية تؤكد اعتقال 5 إرهابيين فارين قرب العاصمة

الرئيس يرفع درجة استنفار الجيش والأمن

حالة استنفار أمني بمشاركة الجيش في تونس (وسائل الإعلام التونسية)
حالة استنفار أمني بمشاركة الجيش في تونس (وسائل الإعلام التونسية)
TT

السلطات التونسية تؤكد اعتقال 5 إرهابيين فارين قرب العاصمة

حالة استنفار أمني بمشاركة الجيش في تونس (وسائل الإعلام التونسية)
حالة استنفار أمني بمشاركة الجيش في تونس (وسائل الإعلام التونسية)

كشف فاكر بوزغاية المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، أن سلطات الأمن استكملت صباح الثلاثاء، اعتقال كل المساجين المتهمين في قضايا إرهابية خطيرة جداً، بعد أن وقع تهريبهم من أكبر سجون تونس، سجن المرناقية (20 كلم غرب العاصمة)، منذ أسبوع.

فاكر بوزغاية الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية (الداخلية التونسية)

وأوضح بوزغاية أن قوات الأمن التونسية تابعت طوال الأيام الماضية، عمليات البحث والتفتيش عن المساجين الخطرين الخمسة الذين سبق للرئيس التونسي أن أعلن أنهم «لم يهربوا من السجن، بل وقع تهريبهم».

وأسفرت عمليات القوات المسلحة والمصالح الأمنية عن تحديد مكان 4 من بينهم في «جبل بوقرنين» المجاور لضاحية حمام الأنف ومقر محافظة بن عروس جنوب العاصمة تونس.

في جبل قرب العاصمة

وأعلن بوزغاية أن قوات الأمن حاصرت الإرهابيين وداهمتهم، وتمكنت من اعتقالهم جميعاً أحياء في مخبئهم بالجبل.

كما أكد أن السجين الخامس وقع إيقافه يوم الأحد في ضاحية حي التضامن الشعبية غرب العاصمة، بالتنسيق بين مجموعة من المواطنين والأمنيين.

اجتماع لاستنفار أمني في قصر قرطاج بعد تهريب الإرهابيين (متداولة)

وتزامن هذا الإعلان مع تحركات مكثفة وحالة استنفار قصوى شاركت فيها قوات من الجيش والأمن من مختلف القطاعات، بهدف مطاردة المساجين الهاربين الخمسة واعتقالهم. ولوحظت مواكب من السيارات الأمنية تتنقل في عدد من ضواحي مدينة تونس؛ بينها ضاحية رواد من محافظة أريانة شمال شرقي العاصمة.

وقد روجت مصادر إعلامية عديدة أن المساجين الهاربين اعتقلوا بدورهم في تلك الضاحية. لكن يبدو أن الأمر كان يتعلق «بتسريبات تهدف إلى إرباك الإرهابيين والأطراف التي قامت بتهريبهم من سجن محصن وعصري، مثل السجن المدني الكبير في المرناقية».

قوات من الجيش والأمن شاركت في إيقاف المساجين الهاربين (وسائل إعلام تونسية)

تعبئة واستنفار

وقد تابع الرئيس التونسي قيس سعيد شخصياً هذا الملف من خلال عدد من الاجتماعات الرسمية، التي نشر فيديوهات مصورة وتفاصيل عنها الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية؛ كان آخرها اجتماع مع وزير الداخلية كمال الفقي والمدير العام للأمن الوطني مراد سعيدان، والمدير العام آمر قوات الحرس الوطني حسين الغربي.

وأعلن البلاغ الرسمي المنشور فيما يتعلق بإعادة اعتقال الإرهابيين الخمسة، عن حالة استنفار قصوى لقوات الأمن وللقوات المسلحة التابعة للجيش الوطني، وعن «تأمين الوطن بمشاركة القوات المسلحة (العسكرية) ومواجهة كل ما يهدد أمن تونس».

وكان سعيد شكك في اليوم الأول من الإعلان عن «هروب الإرهابيين الخمسة» في الخبر الرسمي الذي نشر عن الحادثة، والذي تحدث عن «هروب». وأورد في فيديو رسمي: «ليس هروباً؛ بل تهريب». واتهم متآمرين من الداخل والخارج بالضلوع في عملية «التهريب» هذه.

تساؤلات

وتعقيباً على تطورات هذه القضية، أورد اللواء محمد المؤدب المدير العام السابق للمخابرات العسكرية التونسية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يجب انتظار نتائج التحقيقات والاعترافات التي سوف يقدمها المساجين الخمسة بعد إعادة اعتقالهم، والكشف خصوصاً عن الجهة أو الجهات التي نظمت تهريبهم من السجن»، بعد أشهر من التحضيرات، حسب المعلومات التي كشف عنها رئيس الدولة شخصياً.

ولم يستبعد الخبير الأمني والأكاديمي نور الدين النيفر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون اعتقال أحد المتهمين، المكنى بـ«الصومالي»، صباح الأحد الماضي، مهد للكشف عن موقع اختفاء رفاقه الأربعة ثم اعتقالهم.

وطالب النيفر وسائل الإعلام وكل الأطراف السياسية، بـ«إعطاء الفرصة للقيادات الأمنية ومسؤولي القضاء والتحقيقات في قضايا الإرهاب»، قبل مطالبتها بـ«الكشف الفوري عن معلومات أمنية» قد يؤدي التعجيل بنشرها في «تعقيد» الملف.

الكشف عن كل الملابسات

في المقابل، دعا اللواء محمد المؤدب إلى تعميق البحث في كل الملابسات التي أدت إلى عدم الكشف عن عملية التهريب قبل وقوعها، ثم في إنجازها رغم خطورة ملفات المساجين وبينهم من سبق أن حوكم بالإعدام أو بالسجن المؤبد.

وبعد كثرة الحديث عن «مشاركة أطراف أجنبية» في عملية التهريب، طالب عدد من المحللين السياسيين والأمنيين في القنوات الإذاعية والتلفزيونية والمواقع الإلكترونية التونسية، بالكشف عن هوية تلك الأطراف وعن أجندتها الأمنية والسياسية في تونس، والأسباب التي دفعتها إلى التورط في عملية تهريب مماثلة لإرهابيين خطرين، ثم إطلاق سراحهم داخل العاصمة، وإن كان فشلهم في مغادرتها والفرار من البلاد مرتبطاً بخلافات مع الأطراف التي هربتهم، والتي قد تكون برمجت توريطهم في عمليات إرهابية جديدة رفضوا أو عجزوا عن إنجازها.

من جهة أخرى، أكدت مصادر مطلعة أن عدداً من حراس السجن أوقفوا منذ أسبوع، فيما اختفى عدد آخر ولم يعودوا إلى مركز عملهم للاشتباه في مشاركتهم بالتهريب.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.