تونس: محاكمة رجل أعمال تكشف «تغلغل الفساد» في سجن المرناقية

شهد قبل أيام أسوأ عملية هروب متهمين بالإرهاب

واجهة السجن المدني بالمرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
واجهة السجن المدني بالمرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
TT

تونس: محاكمة رجل أعمال تكشف «تغلغل الفساد» في سجن المرناقية

واجهة السجن المدني بالمرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
واجهة السجن المدني بالمرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)

أجلت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية النظر في محاكمة رجل الأعمال خالد القبي إلى نهاية الشهر الحالي، واتهمت في هذا الملف المدير السابق لسجن المرناقية، الذي عرف فرار خمسة عناصر إرهابية خطيرة، وموظفين آخرين بتقديم تسهيلات للقبي خلال فترة اعتقاله بالسجن بين سنتي 2011 و2012، وتمكينه من إقامة مريحة في غرفة خاصة بطبيب السجن، ومواصلة أنشطته التجارية من داخل السجن مقابل مبالغ مالية. وجاءت هذه القضية لتكشف عن حجم الفساد المتغلغل لسنوات في سجن المرناقية، الذي عرف قبل أيام هروب خمسة إرهابيين، وهو الحادث الذي أثار هلع السكان وتخوفهم من عودة العمليات الإرهابية في تونس مرة أخرى.

وكانت آخر جلسة قضائية قد قضت غيابيا بالسجن لخمس سنوات في حق رجل الأعمال القبي، وستة أعوام ونصف في حق المدير السابق للسجن المدني بالمرناقية، عماد الدريدي، من أجل جرائم الارتشاء، كما قضت بسجن إطار سابق بذات السجن لمدة خمس سنوات ونصف، والسجن لأربع سنوات ونصف في حق امرأتين، تجمعهما قرابة بكل من القبي والمدير السابق لسجن المرناقية.

وكانت التحريات الأمنية والقضائية قد أفضت إلى اتهام المدير سابق لسجن المرناقية، وإطار سابق بالسجن، بتسهيل إدارة بعض الأعمال التجارية للقبي من داخل السجن، وهي أعمال مخالفة للقانون التونسي للسجون ويعاقب عليها بالسجن النافذ.

وجاء في ملف القضية أن عماد الدريدي، المدير السابق لإدارة أمن وحدات السجون والإصلاح، قد مكن رجل الأعمال التونسي من امتيازات داخل غرفة إيقافه، خلافا للقوانين المعمول بها داخل مؤسسات السجون، وكشفت التحريات عن تمكين المتهم من الغرفة التي كانت مخصصة لطبيب السجن، والتي كانت بمواصفات «غرفة 5 نجوم»، فيما قالت هيئات حقوقية وقضائية إنه من غير الجائز أن يقضي أي سجين فترة توقيفه بالسجن في غرفة مخصصة لرجال الأمن وموظفي السجن، لأن المفروض أن يكون على قدم المساواة مع بقية مساجين الحق العام.

ومنذ تاريخ 21 يونيو (حزيران) 2017، قرر قاضي التحقيق المتعهد بالملف إصدار أمر بالسجن ضد مدير أمن الوحدات بالإدارة العامة للسجون والإصلاح، الدريدي، وفي 22 من الشهر ذاته أصدر بطاقة إيداع بالسجن ضد رجل الأعمال القبي، وفي 5 من يوليو (تموز) تمّ إصدار أمر آخر بالسجن ضد محمد الهادي الكراي، وهو أيضا مسؤول سابق بسجن المرناقية، في انتظار النظر من جديد في ملف الاتهامات نهاية الشهر الحالي.


مقالات ذات صلة

كيف أطال نتنياهو حرب غزة للهروب من فضائح الفساد؟

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

كيف أطال نتنياهو حرب غزة للهروب من فضائح الفساد؟

يربط فيلم «ملفات بيبي» بين فضائح الفساد التي تطارد نتنياهو واستراتيجياته للبقاء في السلطة، حتى لو كان الثمن استمرار الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شرطيان إيطاليان (رويترز - أرشيفية)

توقيفات ومصادرة 520 مليون يورو في تحقيق أوروبي بشأن المافيا والتهرب الضريبي

ألقت الشرطة في أنحاء أوروبا القبض على 43 شخصاً وصادرت 520 مليون يورو، في تحقيق أوروبي بمؤامرة إجرامية للتهرب من ضريبة القيمة المضافة.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية داني جوردان (رويترز)

اعتقال رئيس اتحاد جنوب أفريقيا لكرة القدم بسبب مزاعم فساد

ذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطات في جنوب أفريقيا ألقت القبض على داني جوردان، رئيس الاتحاد الوطني لكرة القدم، الأربعاء؛ بسبب مزاعم بشأن استخدام أموال الاتحاد.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
الخليج «نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

شهّرت هيئة الرقابة السعودية بمواطنين ومقيمين تورطوا بعدة قضايا جنائية باشرتها خلال الفترة الماضية، والعمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جلسة مجلس الشعب السوري الأربعاء (سانا)

مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة عن اثنين من نوابه

رفع الحصانة عن النائبين في مجلس الشعب السوري جاء بعد يوم من إسقاط عضوية النائب أنس محمد الخطيب بسبب حصوله على الجنسية الأردنية إلى جانب السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.