قوات حكومة «الوحدة» الليبية تستعيد السيطرة على مدينة غريان

«الاستقرار» تعلن بدء توافد المشاركين بمؤتمرها الدولي لإعمار «المناطق المنكوبة»

اجتماع أمني وعسكري موسع بطرابلس للمنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي)
اجتماع أمني وعسكري موسع بطرابلس للمنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي)
TT

قوات حكومة «الوحدة» الليبية تستعيد السيطرة على مدينة غريان

اجتماع أمني وعسكري موسع بطرابلس للمنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي)
اجتماع أمني وعسكري موسع بطرابلس للمنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي)

استعادت القوات التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، السيطرة على الوضع الأمني في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس، بعد اشتباكات مسلحة، بين ميليشيات متصارعة على النفوذ فيها، ما أسفر عن سقوط 30 شخصاً ما بين قتيل وجريح.

وأظهرت لقطات مصورة بثتها وسائل إعلام محلية، انتشار وسيطرة قوات من «جهاز الدعم والاستقرار» بقيادة غنيوة الككلي الموالي للدبيبة، على مدينة غريان، بعد تقارير عن استعانتها بالطيران «المسير» الذي تديره تركيا من قاعدة معيتيقة الجوية العسكرية بالعاصمة طرابلس.

دوريات أمنية في العاصمة طرابلس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

وأعلنت غرفة تأمين المنطقة الغربية والجنوب الغربي التابعة للدبيبة، سيطرة قواتها على غريان، وقالت إنها باشرت بالفعل عملية لتمشيط المدينة.

وقال خالد زويط مدير مستشفى غريان، إن الوضع العام في المدينة بات تحت السيطرة، لافتاً إلى ارتفاع الحصيلة النهائية للاشتباكات إلى 10 قتلى و20 جريحاً، إصاباتهم متفاوتة الخطورة ويجري التنسيق لنقل الحالات الحرجة.

وكان الدبيبة، الذي يحتفظ بمنصب وزير الدفاع في الحكومة التي يرأسها، قد شكل غرفة العمليات المشتركة للدفاع عن المنطقة الغربية والجنوب الغربي، لتولي استعادة زمام الأمور والسيطرة على المدينة، التي دخلتها ميليشيات أخرى منافسة، في إطار الصراع المعتاد حول مناطق النفوذ والهيمنة.

عنصران مسلّحان تابعان لحكومة الدبيبة في طرابلس (أ.ب)

وفي أول ظهور له على خط هذه الاشتباكات، عقد المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، الاثنين، اجتماعاً أمنياً لمجلس الدفاع وبسط الأمن، بحضور الدبيبة، ورئيس أركان القوات الموالية له ورئيسي جهازي الاستخبارات العامة، والأمن الداخلي.

وقال المجلس الرئاسي إن الاجتماع الذي ترأسه رئيسه محمد المنفي، تناول ضرورة متابعة الوضع الأمني بالمنطقة الغربية عامة ومدينة غريان خاصة، والتأكيد على آليات التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية للحفاظ على أمن واستقرار وسلامة المواطنين.

ومع ذلك، رصد شهود عيان ووسائل إعلام محلية، وجود تحشيدات تابعة لأسامة جويلي مدير إدارة الاستخبارات العسكرية المُقال من منصبه إلى منطقة مزدة، على خلفية هجوم شنته ميليشيات تابعة للدبيبة بقيادة عبد السلام زوبي، على معسكراته.

ولم يعلق الجويلي على اتهامات وجهت إليه بالتورط في اشتباكات غريان، وتسهيل دخول القوات المقبلة من العاصمة طرابلس إلى مدينة غريان.

اللافي مستقبلاً نائب وزير الخارجية التركي أحمد يلدز بحضور السفير يلماز كنعان (المجلس الرئاسي)

بدوره، قال عبد الله اللافي، نائب المنفي، إنه ناقش مع أحمد يلدز نائب وزير خارجية تركيا، بحضور سفيرها يلماز كنعان، تطورات العملية السياسية في ليبيا، «وسبل إنهاء المراحل الانتقالية، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي، بإجراء الانتخابات المنشودة عبر توافق كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية، عبر إعادة الثقة بينها، ومعالجة النقاط الخلافية، بالإضافة إلى بحث إعمار مدينة درنة، ومدن بالشرق الليبي الأخرى المتضررة من جراء الفيضانات والسيول، ومتابعة عمل فرق الإنقاذ التركية العاملة في المنطقة».

ونقل بيان للرئاسي عن يلدز، استعداد بلاده لمواصلة جهودها «في دعم الحل السياسي للأزمة بليبيا، والمساهمة في إنجاح مشروع المصالحة الوطنية».

في المقابل، أعلنت حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد، بدء توافد ممثلي ومندوبي الشركات الأجنبية إلى «مطار بنينا الدولي» ببنغازي للمشاركة في مؤتمر إعادة إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة، الذي سيعقد يوم الأربعاء والخميس المقبلين.

وكان حماد عقد في وقت سابق، اجتماعاً أمنياً موسعاً للاطلاع على سير أعمال الأجهزة الأمنية، والإمكانات التي تحتاجها من أجل تسيير أعمالها على أكمل وجه، علماً بأنه اجتمع مساء الأحد مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر، بحضور رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية، بهدف التأكيد على استكمال الترتيبات لاستقبال الوفود والضيوف المشاركين، ولضمان نجاح المؤتمر في تحقيق أهدافه وتطلعات مواطني المناطق المتضررة.

انتشال مزيد من جثامين ضحايا السيول في درنة الليبية (مركز طب الطوارئ)

في شأن آخر، أعلن مركز طب الطوارئ والدعم، استخراج الفرقة المساندة التابعة له رفات 50 متوفى من المقابر الجماعية بمقبرة (الظهر الحمر) لأخذ عينات وإعادة دفنها، وأوضح أن هذه الرفات تعود لضحايا تم دفنهم خلال اليومين الأولين من الكارثة التي اجتاحت المنطقة الشرقية من دون أخذ عينات منهم، ما يسبب صعوبة في التعرف عليهم من قبل ذويهم.

كما أعلن المركز انتشال 8 جثامين وكيسي أشلاء بشرية من شرق وادي أم البركات، من ضحايا الكارثة، مشيراً إلى أنه تم نقل أكياس الأشلاء للمستشفى لإتمام إجراءات الدفن.


مقالات ذات صلة

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة طرابلس (الشرق الأوسط)

ليبيون يطالبون بعزل الدبيبة... و«الوحدة» تنفي «حالة الطوارئ»

شهدت طرابلس احتجاجات واسعة مساء الاثنين للمطالبة برحيل الحكومة، بعد ساعات من بث نجلاء المنقوش، تفاصيل اجتماعها السري مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

في أول ظهور إعلامي لوزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة» الليبية، نجلاء المنقوش، قالت إن اللقاء الذي جمعها بنظيرها الإسرائيلي كوهين كان بتخطيط من «الوحدة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

أثارت صور متداولة عن احتجاز مهاجرين في «مخازن سرية» بمدينة الكفرة، الواقعة جنوب شرقي ليبيا، بقصد طلب فدية من عائلاتهم صدمة في الأوساط الليبية، وذكّرت مجدداً بـ«تجارة الرقيق» الحديثة بالبلاد.

وتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو، تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء وهم يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية، وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب، وسط دعوات بضرورة التحقيق في هذه «الجرائم».

خفر السواحل بغرب ليبيا خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

وكشف الحقوقي الليبي طارق لملوم، رئيس منظمة «بلادي لحقوق الإنسان»، جانباً من هذه «الجرائم»، وقال إن «عائلات صومالية تتلقى عشرات الاتصالات ومكالمات فيديو من أبنائها المحتجزين بالكفرة من داخل مخازن وبيوت يشرف عليها أجانب وبحماية ليبيين».

وأوضح لملوم في تصريح صحافي أن العصابات التي تحتجز عشرات المهاجرين من الشباب والقصّر «تُخضعهم للتعذيب بقصد مساومة أسرهم على دفع الفدية»، لافتاً إلى أنه «في حال عدم حصولها على الأموال المطلوبة، فإنها تستمر في التعذيب وربما القتل».

وترصد تقارير منظمات معنية بالهجرة غير المشروعة، أن الفدية تتراوح ما بين 5 و10 آلاف دولار. ونقل بعض الناجين من غرق قارب في «المتوسط» مؤخراً أن كل واحد منهم سدد للعصابة التي سهلت هروبهم ما بين 6 إلى 7 آلاف دولار.

وتم إنقاذ 7 مهاجرين فقط من إجمالي 26 شخصاً كانوا يستقبلون قارباً انطلق من المنطقة السياحية في العاصمة طرابلس في الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي من بينهم 22 سورياً.

عدد من المهاجرين السريين داخل أحد مراكز الإيواء في طرابلس (الشرق الأوسط)

ووفق تقارير أممية ومحلية، تتكرر في ليبيا عمليات تعذيب المهاجرين السريين قصد إجبار أسرهم على دفع الفدية مقابل إطلاق سراحهم. لكن السلطات تقول إنها تتصدى لهذه الجرائم.

وإلى جانب الصوماليين، الذين كشف عنهم الحقوقي الليبي، تكررت المأساة مع مهاجرين آخرين بمدينة الكفرة، حيث أظهرت صور متداولة احتجاز عشرات منهم في مخازن تسيطر عليها عصابات، وتعذيبهم لمساومة عائلاتهم على دفع أموال لإطلاق سراحهم، الأمر الذي يبقي ملف الهجرة «ورقة رابحة» في قضية «تجار البشر».

وتصدرت صورة نعيمة جمال (20 عاماً)، المتحدرة من مدينة أوروميا بإثيوبيا، وهي مقيدة بحبل ومعصوبة الفم، مواقع منظمات حقوقية ووسائل إعلام ومنصات «السوشيال ميديا» في بلدها. وظهر في الصورة خلفها قرابة 50 من المهاجرين، جالسين على الأرض برؤوس مخفية بين أرجلهم.

ووفق المعلومات، التي نشرت مع الصورة ونقلتها منظمة «ميديتيرانيا سايفينج هيومن»، فقد اختطفت نعيمة بعد وقت قصير من وصولها إلى ليبيا في مايو (أيار) عام 2024، وطالبت عصابة من تجار البشر في الكفرة بفدية تعادل ستة آلاف دولار أميركي من عائلتها مقابل إطلاق سراحها. وقالت المنظمة إن «العصابة أرسلت مقطع فيديو يظهر نعيمة، وهي تتعرض للتعذيب مع تهديدات قاسية، وطالبت بدفع الفدية».

وتعد الواقعة أحدث عمليات الخطف والاتجار بالبشر المتكررة في ليبيا على مدى السنوات الأخيرة، ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي ومقتله عام 2011، وتمثل ليبيا قبلة آلاف المهاجرين اليائسين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، الذين يرغبون في الوصول إلى السواحل الأوروبية، هرباً من الفقر والصراعات، وهناك يقع كثير منهم فريسة لتجار البشر.

وبينما يظل مصير نعيمة والضحايا الخمسين الآخرين في الكفرة غير مؤكد، تنقل المنظمة في رسالة عبر موقعها أن المتاجرين «يمارسون نشاطهم علانية، بفضل الإفلات من العقاب، وتواطؤ الأنظمة التي تغض الطرف عن هذا الرعب»، وقالت إن تجارة الرقيق «لا تزال مستمرة بصوت عال ودون انقطاع».

وتقول السلطات المعنية بالهجرة غير النظامية في ليبيا، إنها تكافح عمليات تهريب المهاجرين، وتعتقل عشرات الأوكار التي تديرها عصابات للاتجار بالبشر، لكنّ حقوقيين لا يبرئون بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية بشرق ليبيا وغربها من الاتجار في المهاجرين.

وتقول «المنظمة الدولية للهجرة» إن خفر السواحل الليبي اعترض 21 ألفاً و762مهاجراً في البحر المتوسط، خلال عام 2024، بعد انطلاقهم من ليبيا وأعادهم إليها ثانية. وبحسب شهادات بعض المهاجرين وتقارير المنظمات الحقوقية، فإن المهاجرين يتعرضون للاحتجاز والتعذيب عند إعادتهم إلى ليبيا.

وتعمل السلطات الليبية على الإعادة الطوعية للمهاجرين إلى دولهم، أو إلى بلد ثالث.

قنصل العراق في ليبيا (الشرق الأوسط)

وقال جهاز مكافحة الهجرة في طرابلس، الثلاثاء، إن رئيس مركز إيواء المهاجرين، العميد نور الدين القريتلي، التقى القنصل العام لسفارة العراق مظاهر السراي، وذلك لبحث تسهيل إجراءات ترحيل مهاجرين عراقيين.

ونوه الجهاز بأنه سبق أن تسلم عدداً من المهاجرين العراقيين من عمليات الإنقاذ البحري، أثناء محاولتهم الإبحار إلى أوروبا، وأبدى السراي استعداده لتسريع إتمام إجراءات استخراج وثائق السفر تمهيداً لترحيلهم.

عدد من المهاجرين العراقيين يُطلعون قنصل دولتهم على أوضاعهم في مقر للإيواء بطرابلس (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة)

وتفرض العمليات المتكررة لضبط أعداد من المهاجرين غير النظاميين داخل ليبيا، أو توقيفهم وإعادتهم من البحر المتوسط، أسئلة كثيرة تتعلق بمدى حقيقة الجهود المبذولة للحد من تسرّبهم إلى أوروبا. غير أن المعنيين بهذا الملف في ليبيا يشيرون إلى أن المتورطين بعمليات تهريب المهاجرين باتوا معروفين للسلطات.