تونس تكشف عن شبكة إجرامية دولية للاتجار بالأعضاء البشرية

إثر عمليات استقطاب ومفاوضات حول أثمان الأعضاء القابلة للزرع

مهاجرون أفارقة في تونس (إ.ب.أ)
مهاجرون أفارقة في تونس (إ.ب.أ)
TT

تونس تكشف عن شبكة إجرامية دولية للاتجار بالأعضاء البشرية

مهاجرون أفارقة في تونس (إ.ب.أ)
مهاجرون أفارقة في تونس (إ.ب.أ)

​كشفت وزارة الداخلية التونسية عن شبكة إجرامية دولية ناشطة في مجال الاتجار بالأعضاء البشرية، وأعلنت عن احتفاظها بثلاثة عناصر، مؤكدة أنهم اعترفوا بنشاطهم في هذا المجال، وقيامهم بعمليات استقطاب للراغبين من التونسيين في بيع أعضائهم القابلة للزرع، وذلك باستغلال عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض الوسطاء بالداخل والخارج، في انتظار تسفيرهم في مرحلة لاحقة لإجراء التحاليل والفحوصات الطبية اللازمة، والتفاوض حول المبلغ المالي المطلوب، حسب أهمية العضو البشري المراد بيعه.

وبشأن كيفية الكشف عن هذه الشبكة الإجرامية الدولية، ذكرت وحدة أمنية متخصصة في البحث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظّمة والماسّة بسلامة التراب التونسي، أنها تابعت عمليات تبادل للمعلومات عبر شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، مؤكدة أنها كانت تتعلق بعروض وساطة وبيع لأعضاء بشرية في مقابل أثمان مهمة.

دورة تدريبية حول الحقوق الحريات (موقع هيئة مكافحة الاتجار بالبشر)

وأضافت أنها أولت الموضوع الأهمية اللازمة بالتنسيق مع النيابة العامة التونسية، وأجرت مجموعة من التحريات الميدانية والفنية، وأمكن لها التعرف على أحد العناصر الناشطة في هذا المجال، وقالت إنه كان يمثل حلقة الربط بين أطراف تونسية وأخرى أجنبية موجودة بالخارج، وهو المكلف بالتفاوض حول المبالغ المالية وقيمة العمولات التي يتم الانتفاع بها.

ويذكر أن تونس شكلت منذ سنوات هيئة دستورية منتخبة، أوكلت لها مهمة مكافحة الاتجار بالبشر، وهي غالباً ما تنفذ حملات توعية وتحسيس حول خطورة المتاجرة بالأعضاء البشرية، ومخالفتها لكل الأعراف والقوانين، وتؤكد في عدة تقارير لها أنها على ارتباط كبير بموجات الهجرة غير الشرعية.

كما صادقت تونس على القانون المتعلق بمنع الاتجار بالبشر ومكافحته، وذلك منذ سنة 2016، وتؤكد أن عملية زراعة الأعضاء تتم في تونس بصفة مجانية وتطوعية، إضافة إلى أن المستفيد من الأعضاء لا يعرف المتطوع.

وفي هذا الشأن، قالت روضة العبيدي، رئيسة «الهيئة التونسية لمكافحة الاتجار بالبشر»، في تصريح إعلامي، إن الأرقام والمعطيات تؤكد أن هذه الظاهرة لا تزال موجودة، غير أنها تختلف من سنة إلى أخرى. فخلال سنة 2022 تراجع عدد الحالات المبلغ عنها في تونس إلى نحو 766 حالة، في حين أنها كانت مقدرة بـ1100 حالة سنة 2021، وهي موزعة بصفة متناصفة بين تونسيين وأجانب.

عناصر «الحرس التونسي» تعترض قارباً من المهاجرين غير الشرعيين كان متوجهاً لإيطاليا (د.ب.أ)

وذكرت روضة العبيدي أن من بين أهم أسباب انتشار المتاجرة بالبشر بصفة عامة، والأعضاء البشرية خاصة: «الهجرة غير الشرعية، والوجود غير القانوني لعدد كبير من البشر في عدد من دول العالم، علاوة على الفقر والاحتياج، مقابل الإغراءات المادية الكثيرة التي تعرضها الشبكات الإجرامية الناشطة في هذا المجال».

يذكر أن السلطات التونسية قد أماطت اللثام خلال شهر يوليو (تموز) الماضي عن شبكة دولية للتجارة في الأعضاء البشرية؛ خصوصاً الكلى، مؤكدة أنها تنشط بين تونس وتركيا، ويوجد مقرها في تركيا، وهي تستدرج ضحاياها عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث تم القبض على 6 متهمين. وتعمل الشبكة على استدراج ضحاياها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وعقب الاتفاق معهم يقوم أفرادها بإرسال الضحايا من تونس إلى تركيا، لإخضاعهم لعمليات جراحية مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 25 و30 ألف دينار تونسي للشخص الواحد (من 8 إلى 10 آلاف دولار).

عناصر من الشرطة في العاصمة تونس (رويترز)

وفي هذا السياق، أكد رياض النويوي، مساعد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بولاية (محافظة) القصرين (وسط غربي تونس)، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية التونسية، أن الشبكة المتورطة في الاتجار بالبشر وبيع الأعضاء، لديها ارتباطات بدولة أخرى يتم تسفير الأشخاص إليها واستئصال أعضائهم وبيعها؛ مشيراً إلى أنه حسب الأبحاث التي قام بها فريق الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني (الداخلية التونسية) بالقصرين، هناك تحويلات مالية بين الأشخاص المعنيين بالتسفير وأطراف أخرى خارجية على حد تعبيره.

ووفق معلومات رسمية، فإن الشبكة مقرها تركيا، وتتواصل مع ضحاياها عن بعد، وحالما يتم التوصل إلى اتفاق وضبط مختلف التفاصيل عبر موقع التواصل الاجتماعي، يقع تسليم الضحية إلى عدد من الوسطاء المحليين؛ كل حسب اختصاصه من أجل إجراء العملية الجراحية.


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

وزير خارجية فرنسا: توقيف الكاتب صنصال في الجزائر «غير مقبول»

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

وزير خارجية فرنسا: توقيف الكاتب صنصال في الجزائر «غير مقبول»

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

عَدّ وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأربعاء، أن الاعتقال «غير المبرر» للكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر «غير مقبول».

وقال بارو في تصريحات لقناة «فرانس إنفو تي في» الإخبارية: «إنه لا شيء في أنشطة بوعلام صنصال يعطي صدقية للاتهامات، التي أدت إلى سجنه» في الجزائر، إثر توقيفه في مطار العاصمة أواسط الشهر الحالي، مضيفاً أن «اعتقال كاتب فرنسي بشكل غير مبرر أمر غير مقبول».

كما أعلن بارو أن «خدمات الدولة في الجزائر وباريس على السواء في حالة استنفار كامل لمراقبة وضعه، والسماح له بنيل الحماية القنصلية». وقد استجوب المُدعي العام لمكافحة الإرهاب في الجزائر، الكاتب الفرنسي الجزائري، وأُصدر في حقه مذكرة توقيف، وفق ما أعلن محاميه فرنسوا زيمراي.

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (رويترز)

ووفق بيان زيمراي، فإن صنصال الذي «توجّه بثقة إلى الجزائر العاصمة، هو اليوم رهن الاحتجاز بموجب المادة (87 مكرر) من قانون العقوبات الجزائري، التي تُعاقب مجمل الاعتداءات على أمن الدولة». واعتُقل بوعلام صنصال، الذي انتقد القادة الجزائريين في مناسبات عدة، منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لدى وصوله إلى وطنه قادماً من فرنسا.

وأكدت «وكالة الأنباء الجزائرية»، الجمعة، «توقيف» الكاتب، من دون أن تُحدد التاريخ ولا الأسباب.

وأضاف المحامي زيمراي أن «حرمان كاتب يبلغ من العمر 80 عاماً من حريّته بسبب كتاباته هو إجراء خطير». مضيفاً في تصريحات نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» أنه «مهما كانت الجراح التي جرى التذرع بها، والحساسيات التي أسيء إليها، فهي لا يمكن فصلها عن فكرة الحرية نفسها، التي تم دفع ثمن غال لنيلها في الجزائر... هناك تفاوت واضح هنا... وإذا كان لا بد من إجراء تحقيق، فهذا لا يبرر بأي حال من الأحوال تمديد احتجاز بوعلام صنصال».

ولدى استجوابها، الثلاثاء، في الجمعية الوطنية حول إمكانية معاقبة مسؤولين جزائريين في هذه القضية بالغة الحساسية، وفق مراقبين، قالت الوزيرة المكلفة بشؤون الفرنسيين في الخارج، صوفي بريما: «في هذه المرحلة لا أستطيع أن أقول لكم المزيد، لأن الدبلوماسية تحتاج إلى التصرف في صمت، وليس أن تصمت».

وأكدت الوزيرة أن «مصالح الدولة في حالة تعبئة كاملة لمتابعة قضية مواطننا، وتمكينه من الاستفادة من الحماية القنصلية التي ينص عليها القانون».