حملات مصرية متصاعدة لـ«مقاطعة» منتجات بداعي دعمها لإسرائيل

مؤيدوها يعدونها «سلاحاً مهماً»... وتحذيرات من انعكاسها محلياً

 وقفة لأعضاء نقابة المحامين في القاهرة لدعم فلسطين (صفحة نقابة المحامين على «فيسبوك»)
وقفة لأعضاء نقابة المحامين في القاهرة لدعم فلسطين (صفحة نقابة المحامين على «فيسبوك»)
TT

حملات مصرية متصاعدة لـ«مقاطعة» منتجات بداعي دعمها لإسرائيل

 وقفة لأعضاء نقابة المحامين في القاهرة لدعم فلسطين (صفحة نقابة المحامين على «فيسبوك»)
وقفة لأعضاء نقابة المحامين في القاهرة لدعم فلسطين (صفحة نقابة المحامين على «فيسبوك»)

تصاعدت في مصر حملات شعبية ونقابية تدعو لمقاطعة بعض المنتجات والشركات بدعوى «دعمها لإسرائيل في حرب غزة». ونشر متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي «بدائل محلية» لتلك المنتجات. وتباينت تقديرات لخبراء بشأن تأثيرات ذلك المسار، فبينما حذّر البعض من «تأثيرها على الاستثمارات الوطنية والعمالة المحلية»، اعتبر آخرون أنها «نوع من الاعتراض» ضد الدعم الغربي لتل أبيب.

وجددت «نقابة المحامين» المصرية، دعوتها للمصريين والشعوب العربية، (مساء الأربعاء) لمقاطعة منتجات الدول التي تدعم إسرائيل. وقال عضو مجلس نقابة المحامين، عيسى أبو عيسى، لـ«الشرق الأوسط» إن «مجلس النقابة أوصى في اجتماعه الأخير بهذه المقاطعة، وأدان الاعتداءات المتكررة التي ترتكبها إسرائيل في حق أطفال فلسطين، وعلى المستشفيات والمنازل في غزة».

وأوضح أبو عيسى أن «نقابة المحامين حددت الدول التي تدعم إسرائيل؛ لكن لم تسم المنتجات سواء التي يتم استيرادها من الخارج أو الموجودة في مصر». واصفاً دعوة النقابة للمقاطعة بأنها نوع من الاعتراض بغرض توصيل رسالة للعالم الغربي وإسرائيل بأن ما يحدث ضد أهالي غزة «جرائم ضد الإنسانية».

وكانت حملات المقاطعة المصرية تزايدت خلال الأيام الماضية على موقع «إكس» (تويتر سابقاً)، ونشرت بعض صفحات التواصل منتجات قالت إنها «تابعة لشركات تدعم إسرائيل»، ومنها صفحة تدعى «بهية» وأخرى تدعى «راء». وعرضت الصفحتان قوائم بمنتجات وبدائل في السوق المحلية. ودعت لتفعيل «هاشتاغ» المقاطعة.

مقر نقابة المحامين بوسط القاهرة (صفحة نقابة المحامين على «فيسبوك»)

أما أستاذ الاقتصاد بجامعة أسيوط (جنوبي مصر)، الدكتور عبد الهادي سويفي، فقد أبدى تحفظه على «دعوات المقاطعة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «جربنا حملات المقاطعة في السابق ولم تؤت ثمارها»، مؤكداً أن «هذا السلاح يصبح ذا جدوى - فقط – إذا كان العرب أو المصريون هم المستورد الرئيسي لسلعة معينة من دولة معينة، واتفقوا جميعاً على المقاطعة».

وحذر سويفي من «إطلاق حملة مقاطعة عامة لجميع السلع». وقال إنها «قد تضر بالسوق المحلية العربية، فضلاً عن تأثيرها على العمالة وخسارة استثمارات كبرى»، موضحاً أن الأمر يجب أن يخضع للانتقاء ولدراسات تثبت أن «مقاطعة هذه الشركات أو المنتجات ستكون مؤثرة حقاً».

في المقابل، أشار رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» في مصر، محمود العسقلاني، إلى أن «المقاطعة سلاح مهم، وستكون مجدية جداً، وأنه لا خوف على العمالة المصرية أو الاقتصاد المصري من هذا الأمر»، وفق تقديره.

وأضاف العسقلاني لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم السلع والمنتجات التي تدعم إسرائيل لها بدائل محلية في السوق المصرية».

وكانت حملات المقاطعة انتشرت بشكل واسع في مصر عقب أحداث حرب غزة، وطالت من قبل شركة «ماكدونالدز»، على خلفية «دعم (ماكدونالدز إسرائيل) لجنود تل أبيب في الأيام الأولى من الحرب غزة».

أحد فروع «ماكدونالدز» في مصر (صفحة «ماكدونالدز» على «فيسبوك»)

وكانت حسابات «ماكدونالدز إسرائيل» على منصات «إكس» و«إنستغرام» و«فيسبوك»، نشرت منتصف الشهر الجاري ما يفيد دعم فرع السلسلة لجنود الجيش الإسرائيلي، وتقديم 4 آلاف وجبة مجانية لهم، ونشرت صوراً لجنود إسرائيليين يحملون وجبات عليها شعار المطعم الشهير، قبل أن يتم تقييد الوصول لحساب «ماكدونالدز إسرائيل» على «إكس» و«إنستغرام»، والسماح بالمتابعة داخل إسرائيل فقط على «فيسبوك»، وفقاً لتقارير تلفزيونية.

ولجأ وكلاء «ماكدونالدز»، في دول عربية عدة، إلى إصدار بيانات تنصلوا فيها من «المواقف السياسية» التي نفذها «ماكدونالدز إسرائيل».


مقالات ذات صلة

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

المشرق العربي إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

أعلنت إسرائيل حالة تأهب قياسية، الأحد، بالمواكبة مع الذكرى الأولى لأحداث «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

كفاح زبون (رام الله)
تحليل إخباري فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري عام على «حرب غزة»... «مسار مُعقد» لجهود الوسطاء يترقب انفراجة

عقبات عديدة على مدار عام حاصرت جهود الوسطاء خلال مساعيهم لوقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء أطول حرب بين إسرائيل و«حماس» التي بدأت 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
خاص دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب) play-circle 33:25

خاص في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

«إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة. ستتعرفون على إسرائيل أخرى». هكذا كانت رسالة الضباط الإسرائيليين لنظرائهم الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (أرشيفية - رويترز)

24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 24 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم وأصيب 93 آخرون في ضربات جوية إسرائيلية على مسجد ومدرسة يؤويان مئات النازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

عام على «حرب غزة»... «مسار مُعقد» لجهود الوسطاء يترقب انفراجة

فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

عام على «حرب غزة»... «مسار مُعقد» لجهود الوسطاء يترقب انفراجة

فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

عقبات عديدة على مدار عام حاصرت جهود الوسطاء خلال مساعيهم لوقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء أطول حرب بين إسرائيل و«حماس» التي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولا تزال مستمرة، وسط ترقب لانفراجة تنهي الأزمة التي طالت شظاياها دول أخرى في المنطقة، ومخاوف من اتساعها لحرب إقليمية.

الوساطة التي بدأت مع الساعات الأولى للحرب، تراوح مكانها منذ عدة أسابيع مع استمرار «التعنت الإسرائيلي»، ورغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في استمرار الحرب التي حوّلت مساحات شاسعة من القطاع الفلسطيني المحاصر إلى ركام.

وبحسب رصد «الشرق الأوسط» واجهت جهود الوسطاء عدة «تعقيدات» على مدار العام أبرزها، تمسك «حماس» في الأشهر الأولى من المفاوضات بوقف دائم لإطلاق النار، بجانب إصرار نتنياهو على السيطرة على «محور فيلادليفا» والجانب الفلسطيني من معبر رفح المتاخمين لحدود مصر بخلاف الرغبة المصرية، فضلاً على وضع شروط بخصوص عودة النازحين من الجنوب للشمال لم تقبلها «حماس».

تلك العقبات التي لم تحلها 4 مقترحات رئيسية قدمها الوسطاء على مدار عام، يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها قادت إلى «مسار معقد» بسبب تراخٍ أميركي في الضغط على نتنياهو. وتوقع الخبراء أن تستمر الأزمة بانتظار ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

وبعد أن تسلمت إسرائيل 109 من رهائن كانوا لدى «حماس» بموجب هدنة أبرمها الوسطاء في 24 نوفمبر 2024 استمرت أسبوعاً، قلب نتنياهو الطاولة وعاد للحرب، «وكان كلما يقترب (الوسطاء) من اتفاق في غزة يواجهون سياسات إسرائيلية استفزازية لا تستهدف سوى مزيد من التصعيد»، وفق تصريحات صحافية لوزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، قبل شهر.

ومع قرب إبرام اتفاق تهدئة ثانٍ خلال محادثات شهدتها باريس في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، رفض نتنياهو الاتفاق بدعوى «وجود فجوات كبيرة» لم يحددها، وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية وقتها، قبل أن يعتبر مطالب «حماس» «وهمية وغير جادة في حل وسط»، وذلك عقب مفاوضات استضافتها القاهرة في 13 فبراير (شباط) الماضي. كما لم تسفر محادثات «باريس 2» في نهاية فبراير الماضي، عن جديد، مع حديث إذاعة الجيش الإسرائيلي عن أن «(حماس) بعيدة عما ترغب إسرائيل بقبوله»، وكذلك لم تصل مفاوضات بالدوحة في 18 مارس (آذار) الماضي، لانفراجة، وتكرر التعثر في محادثات القاهرة في 7 أبريل (نيسان) 2024، مع تمسك «حماس» بوقف إطلاق دائم لإطلاق النار قبل إبرام أي تهدئة.

وباعتقاد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، فإن «نتنياهو كان واضحاً منذ الشهور الأولى، في عرقلة المفاوضات تحت أي ذريعة، غير عابئ بوساطة واشنطن»، لافتاً إلى أن عدم الضغط الحقيقي من إدارة بايدن شجعه على الاستمرار في إشعال الحرب.

رد فعل فتاة فلسطينية بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين قرب مخيم جباليا (أ.ف.ب)

ويتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والمحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، قائلاً: «ما أوصلنا لهذا المسار المعقد، هو التراخي الأميركي في الضغط على نتنياهو، الذي حرص على مواصلة الحرب لضمان البقاء السياسي، مما جعل التوصل لاتفاق صعباً، لا سيما بالأشهر الأولى».

وكان مايو (أيار) الماضي الأقرب لإبرام اتفاق، مع طرح الوسيط المصري مقترحاً يفضي لوقف دائم لإطلاق النار، غير أن نتنياهو هدد باجتياح رفح الفلسطينية، ومع قبول «حماس» بالمقترح المصري في الـ6 من الشهر ذاته، وحديث الرئاسة المصرية عن «تطورات إيجابية»، نفذ نتنياهو تهديده، واتهمته الدوحة في 14 من الشهر ذاته بـ«إدخال المفاوضات في طريق مسدود».

وعاد مسار المفاوضات سريعاً في 31 مايو الماضي بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن خريطة طريق لوقف كامل وتام لإطلاق النار، وسط ترحيب من «حماس»، وتمسك نتنياهو باستمرار الحرب.

وتحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في أغسطس (آب) الماضي، عن أنها اطلعت على وثائق غير منشورة تظهر أن نتنياهو «يعرقل المفاوضات ووضع شروطاً جديدة قبل انعقاد محادثات روما، منها السيطرة على (محور فيلادلفيا)»، بينما نفى مكتب نتنياهو ذلك، وأرسل وفداً في محادثات استضافتها الدوحة في 16 من الشهر ذاته، أسفرت عن تقديم واشنطن مقترحاً جديداً بهدف سد الفجوات المتبقية، على أن تبحث في جولة بالقاهرة، ولم تذهب هي الأخرى لانفراجة.

دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وكانت تلك الشهور الأخرى، بحسب أنور، «دليلاً جديداً للتأكيد على مواصلة حكومة نتنياهو إفساد المفاوضات وانتهاج سياسة حافة الهاوية»، و«نتيجة تلك السياسة الإسرائيلية، تزايدت العقبات أمام التوصل لاتفاق»، وفق الرقب.

وأمام كل هذه المعوقات كان الدوران المصري والقطري بالمقابل يتمسكان باستمرار المفاوضات، وفق تأكيد وزير الخارجية المصري، في كلمة بالأمم المتحدة أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي تصريحات صحافية لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل أيام.

هذا التمسك بمواصلة المفاوضات، لا سيما من الوسيطين المصري والقطري، يعني أن «هناك ترقباً لانفراجة قد تأتي مع رفض جبهة لبنان فصل غزة عن أي اتفاق أو تسوية قد تتم، ومع تزايد الضغوط على نتنياهو لمنع اتساع الحرب»، بحسب أنور، الذي أشار إلى أن «فرص الانفراجة الكبرى ستكون بعد انتهاء الانتخابات الأميركية».

في المقابل، يعتقد الرقب أن فرص عقد اتفاق بغزة قبل الانتخابات الأميركية لا تتجاوز 10 في المائة، مع سعي نتنياهو للبقاء في «محور فيلادلفيا»، مرجحاً أن «تستمر الحرب عاماً جديداً حتى لو وصل رئيس أميركي جديد للحكم».