ترقب سوداني حذر لانطلاق مفاوضات جدة

اشتباكات في دارفور... والأمم المتحدة تناشد طرفي القتال وقف النار

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
TT

ترقب سوداني حذر لانطلاق مفاوضات جدة

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)

دارت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة، الثلاثاء، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في المنطقة العسكرية في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وسط ترقب وصول وفدي الطرفين إلى مدينة جدة السعودية لاستئناف المفاوضات حول وقف إطلاق النار، في حين دعت نائبة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، كليمنتاين سلامي، الطرفين إلى وقف القتال والأعمال العدائية.

وأفادت مصادر محلية بأن قوات «الدعم السريع» كررت لليوم الثاني الهجوم بقوات كبيرة على مقر الفرقة «16» للاستيلاء عليها والسيطرة على كامل الولاية، لكن قوات الجيش تصدت لها. ووفق شهود عيان، اندلعت معارك ضارية في محيط مقر هذه الفرقة أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى وسط العسكريين من الطرفين، وطالت القذائف المدفعية المتبادلة الأحياء السكنية، ما أدى إلى فرار مئات المدنيين من منازلهم.

جانب من الدمار الذي سببته الاشتباكات في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور (أ.ف.ب)

وبحسب المصادر، جرت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة حول قاعدة الجيش، وسُمع دوي انفجارات قوية ومتتالية جراء القصف المدفعي الكثيف، وسط أنباء مؤكدة عن سقوط عدد من القتلى والمصابين في صفوف المدنيين. وفي وقت سابق، نشرت قوات «الدعم السريع» مقطع فيديو، ظهر فيه نائب قائد قوات «الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو، من داخل مدينة نيالا، متوعداً بهزيمة قوات الجيش وحلفائه من قادة النظام المعزول.

وكانت الولايات المتحدة قد دعت في الأسبوع الماضي قوات «الدعم السريع» إلى الكف عن القصف المدفعي الذي يستهدف الأحياء السكنية في جنوب دارفور ومناطق أخرى من العاصمة الخرطوم، وقالت إنها على علم بتقارير تفيد بأن قوات «الدعم السريع» تحاصر مدينة نيالا تمهيداً لشن هجوم يدفع السكان للفرار إلى بر الأمان، وإن هناك معارك تدور بين الطرفين داخل المدينة. ودرجت قوات «الدعم السريع» منذ نشوب الحرب، منتصف أبريل (نيسان) الماضي، على مهاجمة الفرقة «16» التي تعد من أكبر القواعد العسكرية للجيش السوداني في إقليم دارفور. وخلال الأشهر الماضية، شهدت مدينة نيالا مواجهات عنيفة بين الجيش و«الدعم السريع»، خلفت مئات القتلى والجرحى وموجات نزوح تقدر بالآلاف إلى خارج الولاية.

مفاوضات جدة

وتصاعدت وتيرة القتال في اليومين الماضيين لتشمل مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم والخرطوم بحري وأمدرمان، بالتزامن مع الإعلان عن استئناف المفاوضات بين الطرفين، الخميس، في إطار «منبر جدة»، برعاية من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية. ويسود جو حذر من نتائج المفاوضات، في ظل إصرار كل طرف على مواقفه، في انتظار تحقيق تقدم كبير على الأرض. ونظر السودانيون بكثير من الريبة في حدوث انفراج سياسي يؤدي إلى وقف للنار، لكن مراقبين يرون بصيص أمل في أن تكون هذه الجولة من المفاوضات حاسمة، خاصة بعد فشل كل من الطرفين المتقاتلين في حسم المعارك الدائرة في العاصمة أو دارفور.

مواطنون من أمدرمان في انتظار الحصول على حصتهم من الطعام من أحد المتطوعين (رويترز)

وفي غضون ذلك، قالت نائبة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، كليمنتاين نيكوتا سلامي، بمناسبة يوم الأمم المتحدة، إن «السودان يواجه واحدة من أسرع الأزمات نمواً في العالم، في ظل احتياجات غير مسبوقة». وأضافت في بيان نُشر على موقع البعثة الأممية في موقع «فيسبوك»: «بالنيابة عن أسرة الأمم المتحدة في السودان، أدعو جميع الأطراف إلى وقف القتال والالتزام بوقف دائم للأعمال العدائية». ودعت سلامي الطرفين إلى التقيد بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان لحماية المدنيين. وشددت سلامي على أنه «كلما طال أمد القتال أصبح تأثيره أكبر تدميراً». وقالت المسؤولة الأممية، إن بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونتاميس) ثابتة في سعيها لحماية حقوق الإنسان، ومستمرة في تسجيل ورصد الانتهاكات.


مقالات ذات صلة

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» الإثيوبي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

طالبت جامعة الدول العربية بـ«تمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان». وأعربت عن استعدادها المشاركة في «أي مساعٍ حميدة» من شأنها إنهاء حالة «الاحتراب الأهلي».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

البرهان: أدعم جهود إنهاء «احتلال» قوات «الدعم السريع» أراضي بالسودان

قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، اليوم (الخميس)، إنه يؤيد الجهود الرامية لإنهاء الحرب المدمرة في بلده.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري يشارك في اجتماع وزاري حول السودان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بـ«إنهاء سريع» للقتال الدامي في السودان

طالبت مصر بالعمل سريعاً على إنهاء «القتال الدامي» في السودان، مع السماح بمرور المساعدات الإنسانية للمدنيين الأبرياء، مؤكدةً «ضرورة الحفاظ على كل مؤسسات الدولة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع سد النهضة الإثيوبي. وبينما تؤكد القاهرة «محورية حقوقها المائية» من مياه النيل وترفض «الممارسات الأحادية» من جانب أديس أبابا، تواصل إثيوبيا ملء «السد».

وشدّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، على «أهمية قضية الأمن المائي وسد النهضة بالنسبة إلى بلاده».

وتبني إثيوبيا سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس (آب) الماضي، من «التأثيرات الخطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائية». وقالت إن «السد الإثيوبي يمثّل خطراً وجودياً على مصر». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيات صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال لقائه نظيره الصيني، وانغ يي، في نيويورك، على «أهمية قضية الأمن المائي والسد الإثيوبي بالنسبة إلى مصر»، وعدّها «قضية وجودية تتعلّق بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، ولا يمكن التهاون بشأنها». كما أكد «رفض بلاده أي ممارسات أحادية تضرّ بمصالح دولتي المصب وتخالف القواعد الدولية المستقرة في حوكمة المياه العابرة للحدود»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

وسبق ذلك تأكيد وزير الخارجية المصري موقف بلاده نفسه من قضية السد الإثيوبي، خلال لقائه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، في نيويورك، مساء الجمعة. وحذّر عبد العاطي من أن «بلاده لن تتهاون بشأن قضية (السد)». كما أشار عبد العاطي خلال «قمة المستقبل» بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إلى «ضرورة إعطاء قضية الندرة المائية والأمن المائي الاهتمام البالغ من المجتمع الدولي»، مطالباً «عدم ترك الأمر لأهواء دول معينة، وإن كانت هي دول المنبع، لفرض سياسات أحادية خاطئة تهدد مصالح وشواغل دول المصب».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن «وزير الخارجية المصري يقوم بدور نشط ومكثف لحشد التأييد الدولي لدعم الموقف المصري في قضية سد النهضة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات المصرية تتسم بالالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية، التي تخالفها إثيوبيا، بالتصرفات الأحادية في مشروع (السد)».

ووفق حليمة فإن «التحركات المصرية تستهدف تأكيد تهديد السد الإثيوبي للحياة في مصر»، وإظهار «المخاطر الوجودية المرتبطة بعمليات تشغيل السد وملئه، ما يعطي الحق للقاهرة في اللجوء إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لطلب التدخل، دفاعاً عن حقها وأمنها». وأشار إلى أن «هناك تأييداً للموقف المصري أكدته لقاءات وزير الخارجية المصري مع المسؤولين الدوليين في نيويورك».

وكان وزير الخارجية المصري قد أشار، في تصريحات إعلامية بنيويورك، الأسبوع الماضي، إلى «حشد بلاده الدعم والتأييد الدولي لموقفها في ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، وكيفية تشغيله، بما لا يضر بدولتي المصب»، وقال إن «حصة مصر المائية (55.5 مليار متر مكعب) تكاد تكفي 60 في المائة من الاحتياجات المائية السنوية لمصر، وبالتالي لا يمكن التفريط في قطرة واحدة منها».

جانب من سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

من جانبه، أكد أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، ضرورة قيام مصر بـ«تشكيل رأي عام دولي داعم لحقوقها المائية في قضية (السد)»، مشيراً إلى أهمية «ممارسة المجتمع الدولي ضغوطاً على الجانب الإثيوبي، والوصول لاتفاق قانوني بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، حتى لا يتطور الخلاف».

وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً في سبتمبر (أيلول) 2021 حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

وعدّ شراقي أن «تدخل الأمم المتحدة بات ضرورياً، بسبب المخاطر الطبيعية التي يشكّلها مشروع السد الإثيوبي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول عملية تخزين المياه في (السد) للسعة القصوى سيؤدي إلى زيادة نشاط الزلازل بالمنطقة، وفي حال سنوات الفيضان المرتفع، قد يشكّل مخاطر على بنيته»، مشيراً إلى أن «المشروع يمثّل تهديداً للحياة على السودان؛ ما يستوجب تدخل مجلس الأمن».

وشهدت إثيوبيا، الجمعة، زلزالاً في منطقة الأخدود، التي تبعد 570 كيلومتراً شرق منطقة «سد النهضة»، حسب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي قال إنه «من المتوقع زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا خصوصاً في منطقة (السد)».

يأتي هذا في وقت تواصل فيه إثيوبيا ملء «السد». وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في أغسطس الماضي، «اكتمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق بشكل كامل بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وقال إن «إجمالي المياه المحتجزة مع مرحلة الملء الخامس للسد، بلغ 62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن تصل نسبة المياه المحتجزة بنهاية العام «ما بين 70 و71 مليار متر مكعب».