الحكومة الجزائرية تفرض «قيوداً» على الإضرابات في 11 قطاعاً

النقابات قالت إن الإجراء «يحكم الأقفال على حقوق يكفلها الدستور»

المرسوم الجديد الذي وقعته الحكومة سيحد من حرية تنظيم التظاهرات في عدة قطاعات (الشرق الأوسط)
المرسوم الجديد الذي وقعته الحكومة سيحد من حرية تنظيم التظاهرات في عدة قطاعات (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة الجزائرية تفرض «قيوداً» على الإضرابات في 11 قطاعاً

المرسوم الجديد الذي وقعته الحكومة سيحد من حرية تنظيم التظاهرات في عدة قطاعات (الشرق الأوسط)
المرسوم الجديد الذي وقعته الحكومة سيحد من حرية تنظيم التظاهرات في عدة قطاعات (الشرق الأوسط)

لن يكون مسموحاً في المستقبل بشن إضراب في عدة قطاعات بالجزائر، بعد صدور مرسوم وقّعه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، يحدد لائحة تتضمن الأنشطة التي يمنع فيها التوقف عن العمل، لأي سبب كان. وهو الإجراء الذي دفع 30 نقابة إلى الاحتجاج بشدة، عندما كشفت الحكومة عن ترتيباته في أبريل (نيسان) الماضي.

وصدر «المرسوم المحدد للوظائف الممنوع على منتسبيها شن إضراب»، بالجريدة الرسمية، الاثنين، ويتعلق الأمر بالعدل والداخلية والدفاع المدني والشؤون الخارجية، والمالية والشؤون الدينية والطاقة والنقل، والزراعة والتعليم والتكوين، وهي قطاعات يسميها النص الحكومي «قطاعات استراتيجية وحساسة من حيث السيادة»، وبأنها «ذات أهمية حيوية للأمة»، كما يشدد على أن قطاعي الدفاع والأمن يمنع فيهما الإضراب أيضاً.

الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمن (رئاسة الحكومة)

ويعرض النص تفاصيل بخصوص الفئات التي يحظر عليها الاحتجاج بالتوقف عن العمل؛ حيث ذكر القضاة الموظفين المعينين بمرسوم، أو الموظفين الذين يشغلون مناصب في الخارج، ومستخدمي مصالح الأمن وأعوان الأمن الداخلي، المكلّفين مهام حماية المواقع والمؤسسات، ومستخدمي مصالح الدفاع المدني، وأعوان مصالح استغلال شبكات الإشارة الوطنية في الوزارتين المكلفتين الداخلية والشؤون الخارجية، والأعوان الميدانيين العاملين في الجمارك وأسلاك إدارة السجون.

يضاف إليهم أئمة المساجد ومراقبو الملاحة الجوية والبحرية، والعاملون في المؤسسات التي تحتوي على منشآت حساسة واستراتيجية، ومستخدمو مراكز مراقبة المنشآت والتحكم عن بعد في المنظومة الوطنية الكهربائية والشبكات الطاقوية، والأعوان المنتمون للأسلاك الخاصة بإدارة الغابات، ومديرو المؤسسات العمومية للتعليم الوطني، وموظفو التفتيش في قطاعات التعليم والتكوين المهني.

من جلسة برلمانية حول قانون ممارسة الحق النقابي في أبريل الماضي (البرلمان)

وساقت الحكومة عن طريق هذا النص مبررات منع الإضرابات، وهي «الحفاظ على استمرارية المصالح العمومية الأساسية، وضمان توفير الاحتياجات الأساسية للبلاد والسكان، والتي يمكن أن يؤدي انقطاعها إلى تعريض حياة المواطن أو سلامته أو صحته للخطر، أو بالإمكان أن يؤدي الإضراب من خلال آثاره إلى أزمة خطيرة».

ويأتي المرسوم في سياق ترسانة قانونية جديدة وضعتها الحكومة، بداية بمراجعة «قانون ممارسة الحق النقابي» الذي صادق عليه البرلمان في أبريل الماضي، وكان الدافع إليها «تحقيق توازن بين الحق في الإضراب والحقوق الدستورية الأخرى، وأبرزها حق استمرار أداء الخدمة العمومية ومصالح العمال»، وفق تصريحات وزير العمل فيصل بن طالب يومها. كما أكدت الحكومة أن من أسباب مراجعة القانون «كثرة الإضرابات المخالفة للتشريعات المعمول بها». فمن سنة 2013 إلى 2022، أحصت 2173 إضراباً «غير قانوني»، ما يعادل -حسبها- توقف النشاط لمدة 8 ملايين يوم، وقالت إن المؤسسات والإدارات التي قامت فيها هذه الإضرابات «تكبدت خسائر مالية كبيرة بسبب شل نشاطها».

اجتماع سابق لأكبر نقابة في قطاع التعليم (الشرق الأوسط)

ودافع الوزير نفسه عن مشروع الحكومة، وقال للصحافة إنه «لا يحمل أي شكل من أشكال التضييق، أو عرقلة ممارسة الحق في الإضراب؛ بل يرمي إلى تنظيم هذا الحق الدستوري، وتكريس الحقوق الأخرى والواجبات المنصوص عليها في الدستور».

ويعد التعليم والصحة من أكثر القطاعات التي تشهد إضرابات متكررة خلال العام؛ حيث تطرح فيهما بحدة عشرات المطالب، تخص رفع الأجور واستحداث منح وعلاوات جديدة، وتحسين ظروف العمل. وتضمن القانون حل النقابات التي تدعو إلى إضرابات وتنظمها: «إذا كانت مفاجئة أو مفتوحة أو متقطعة أو تضامنية، أو التي تنظم لأسباب أو مطالب غير اجتماعية ومهنية».

وأبدت 30 نقابة من القطاعات التي منعت الحكومة الإضرابات فيها، اعتراضاً قوياً على هذه الإجراءات التي عدتها «سياسية الهدف منها إحكام الأقفال على حقوق يكفلها الدستور، وبالخصوص الحق في الإضراب». أما الحزب الوحيد في البرلمان الذي تحفظ على هذه الإجراءات، فهو «حركة مجتمع السلم» الإسلامي المعارض، في مقابل تأييدها من طرف حزب «جبهة التحرير الوطني»، المؤيد لسياسات الحكومة.


مقالات ذات صلة

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

الاقتصاد أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن أن بلاده تعتزم شراء أسهم في بنك «بريكس» للتنمية، بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الوفد الجزائري خلل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

تعرف العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي احتقاناً حاداً منذ إلغاء باماكو بشكل أحادي «اتفاق المصالحة والسلام»، الذي وقعته مع المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

حملة فرنسية لمراجعة «اتفاق الهجرة» مع الجزائر

جرى التوقيع على اتفاق الهجرة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968، بهدف تنظيم حركة العمال الجزائريين بفرنسا بعد استقلال البلاد في 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
TT

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

أقدم رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، على تفعيل قرار كان قد اتخذه بتشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية»، وسط حالة من الرفض والجدل للقرار الذي رأى كثيرون أنه «يخالف التشريعات القائمة» في البلاد.

ولم تتخلص ليبيا بعدُ من التأثير السلبي لأزمة الصراع على المصرف المركزي، حتى اندلع خلاف جديد، الأحد، يتمحور حول صراع الفرقاء على «الصلاحيات القانونية»، بينما يرى متابعون أن هذا الخلاف يزيد من تفتيت الجهود الرامية إلى تحريك العملية السياسية.

وقالت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» عبر بيان أصدرته في ساعة مبكرة من صباح الأحد، إنها «فوجئت بقرار من حكومة «الوحدة» بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد لها، مشيرة إلى أن القرار «سواء كان عن خطأ أو عن عمد فإنه لا يستند إلى أساس قانوني؛ بوصفها تابعة للجهة التشريعية في الدولة حسب القانون الليبي».

وأوضحت الجمعية أنه «فور علمها بالقرار من (الميديا) الليبية والإقدام على تنفيذه اتجهت لتحرك دعوى قضائية بالطعن فيه؛ كما أقدم مجلسا النواب و(الرئاسي) على الخطوة نفسها، لكن مجلس الإدارة الجديد المشكَّل من الحكومة يصر على عدم الاعتراف بالإجراءات القضائية».

فرض الأمر الواقع

وتحدثت الجمعية عن أن المجلس الجديد «مستمر في محاولاته» التي وصفتها بـ«اليائسة» في «ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع ومحاولة السيطرة على إدارة الجمعية؛ بالمخالفة لقانونها التأسيسي رقم 58 لسنة 1972، وقانون رقم 9 لسنة 2023» القاضيين باختصاص وتبعية الجمعية لجمعيتها العمومية، وهيئة رئاسة مجلس النواب دون غيرهما.

وسبق أن اتخذ الدبيبة قراراً في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي بتشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» ومقرها العاصمة طرابلس، ويتكون من رئيس و6 أعضاء.

وعلى خلفية التجاذبات التي تشهدها ليبيا منذ أكثر من عقد، دافع المجلس الحالي للجمعية عن نفسه، وقال إنه «حافظ على ابتعاده عن كل الصراعات السياسية، كما حافظنا طوال السنوات الماضية على أموال الجمعية التي هي في الأساس أموال الليبيين».

وبشأن أرصدة الجمعية، نوهت بأن هذه الأموال «مخصَّصة للدعوة ومساعدة المسلمين في مختلف أرجاء العالم؛ بكل أمانة وإخلاص بعيداً عن عبث العابثين»، مجددة رفضها ما سمته «محاولات جرِّ هذه المؤسسة العريقة إلى أتون الصراع والنزاع والسيطرة على أموالها بطرق غير مشروعة بشكل يضر سمعتها العالمية، خصوصاً مع وجود مساهمات من دول عدة في هذه المؤسسة العريقة».

المنفي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي الليبي)

مخالفة للقانون

ومع تصاعُد ردة الفعل، رأى أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن القرار الذي اتخذته «الوحدة» يشكِّل «مخالفة للقانونين اللذين ينظمان عمل الجمعية؛ ويؤكدان تبعيتها لمجلس النواب».

ويحذِّر سياسيون ليبيون «من أي محاولة للمساس بأموال الجمعية»، ويطالبون الأجهزة الرقابية في غرب البلاد «بالاضطلاع بدورها في حمايتها»، لكن حكومة الدبيبة تتمسك بأحقيتها في تغيير مجلس إدارتها، «بعيداً عن أي مساس يتعلق بمدخراتها»، كما نوهت في بيانات سابقة.

بجانب ذلك، أبدت استغرابها من «رفع هيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، الرقابة المصاحبة على مصروفات وحسابات جمعية الدعوة في المصارف الداخلية والخارجية بشكل مفاجئ، ودون اتخاذ أي تدابير وقائية».

ورأت الجمعية أنه «بهذه الطريقة يسهل تحويل أي أموال من أرصدتها، وتكون عرضة للنهب والسرقة، ما يهدد المؤسسة بالإفلاس»، منوهة بأن ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة كانا يدققان قبل ذلك كل ما يخص مصروفات وحسابات الجمعية؛ و«هذا عمل نُشيد به، ونستغرب فعل عكسه بعد تشكيل مجلس إدارة جديد للجمعية بالمخالفة للقانون».

وتحدثت الجمعية عن «عملية اقتحام سابقة لمقرها الرئيسي في طرابلس بشكل غير قانوني»، ورأت أن بعد هذا الفعل المسيء ساد ارتباك وخوف داخل المؤسسة من قِبل الموظفين أثناء التلاعب بأرصدة الجمعية في غياب الرقابة المصاحبة من الأجهزة الرقابية».

وانتقد المجلس الرئاسي الليبي، قرار حكومة «الوحدة»، وعدَّه أيضاً «مخالفاً للقانون»، وقال: «كان يجب أن تتم عملية تغيير مجلس إدارتها من قبل الجهة المخولة بذلك، الأمر الذي ثمَّنته الجمعية، داعيةً حكومة (الوحدة) إلى مراجعة قرارها، والمساهمة في الحفاظ على أموال الجمعية، وعدم تعريض سمعتها للخطر».

وانتهت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» مذكِّرة بأنها مؤسسة خاصة مستقلة بنص قانون إنشائها، ولها ارتباطات بمنظمات دولية وإقليمية، ويشارك في عضوية مؤتمرها العام (جمعيتها العمومية) ممثلون لأكثر من 50 دولة إسلامية، وبها أقليات إسلامية، ولها تمثيل دبلوماسي بأكثر من 20 دولة.