سد النهضة: جولة تفاوضية جديدة بين مصر والسودان وإثيوبيا

انطلقت في القاهرة على المستوى الوزاري

جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة بالقاهرة (وزارة الري والموارد المائية المصرية)
جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة بالقاهرة (وزارة الري والموارد المائية المصرية)
TT

سد النهضة: جولة تفاوضية جديدة بين مصر والسودان وإثيوبيا

جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة بالقاهرة (وزارة الري والموارد المائية المصرية)
جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة بالقاهرة (وزارة الري والموارد المائية المصرية)

انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة، الاثنين، جولة مفاوضات جديدة حول «سد النهضة» الإثيوبي، على المستوى الوزاري بمشاركة وزراء المياه في كل من مصر وإثيوبيا والسودان، وسط «توقعات منخفضة» بشأن الوصول إلى «نتائج إيجابية»، في ظل تعثر الجولات السابقة للمفاوضات.

ووفق وزارة الري والموارد المائية المصرية، فإن الجولة الحالية «تأتي في إطار متابعة العملية التفاوضية عقب الجولتين اللتين عقدتا في القاهرة ثم أديس أبابا، الشهرين الماضيين، بناء على توافق الدول الثلاث على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، في أعقاب لقاء قيادتي مصر وإثيوبيا في 13 يوليو (تموز) من العام الحالي».

الوفد المصري برئاسة وزير الري والموارد المائية الدكتور هاني سويلم (وزارة الري والموارد المائية المصرية)

وتعد الجلسة الجارية هي الثالثة عقب جولتين سابقتين في القاهرة وأديس أبابا، في شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، لم تسفرا عن أي اتفاق، ما أسهم في تعقد المسار التفاوضي وفق مراقبين، خصوصاً عقب إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في 10 سبتمبر الماضي، نجاح بلاده في إتمام العملية الرابعة من ملء خزان «سد النهضة»، في خطوة انتقدتها وزارة الخارجية المصرية حينها، وعدتها «تجاهلاً لمصالح وحقوق دولتي المصب (مصر والسودان)، وأمنهما المائي الذي تكفله قواعد القانون الدولي».

أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «جولة المفاوضات الجارية لا تتعلق بما مضى، لأن إثيوبيا انتهت بالفعل من المراحل الأربع من ملء سد النهضة، لذلك التفاوض على المستقبل، وما هو آتٍ لوضع قواعد محددة للملء السنوي للسد وتشغيله، خصوصاً في فترات الجفاف التي تقل فيها الأمطار»، وبحسب شراقي، فإنه «لا يتوقع أن تقدم المفاوضات الجارية جديداً، أو يتم التوصل إلى اتفاق، خصوصاً مع غياب الأطراف الدولية أو الإقليمية التي يمكنها ضمان التوصل إلى اتفاق ملزم، في ظل استمرار إثيوبيا في فرض سياسة الأمر الواقع».

وأدى عدم التوصل إلى اتفاق خلال الجولتين الماضيتين إلى تصاعد أجواء التوتر بين البلدين حول الأزمة، ما دفع مصر إلى التقدم برسالة رابعة إلى مجلس الأمن الدولي، أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قالت فيها إن «تصرفات أديس أبابا الأحادية بشأن الملء والتشغيل للسد، تشكل تهديداً وجودياً لمصر وتهديداً لاستقرارها»، وكان مجلس الأمن اعتمد في سبتمبر عام 2021، بياناً رئاسياً دعا فيه أطراف النزاع، إلى «استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي».

وتسعى مصر إلى التوصل إلى اتفاق حول «سد النهضة» يضمن حقوق كل الأطراف، وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله وفداً رفيع المستوى من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالكونغرس الأميركي نهاية أغسطس الماضي، أن «موقف مصر ثابت بشأن الالتزام بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري محمد العرابي لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تتعامل مع قضية سد النهضة وفق ثوابت دبلوماسية ترتكز على الاحترافية واحترام مبادئ وقواعد القانون الدولي، لذلك تستمر في التفاوض رغم عدم التوصل إلى نتائج»، ونوه العرابي بأنه «حتى الوساطة الدولية والإقليمية لم تعد ممكنة في الوقت الراهن بسبب انشغال مصر والعالم بحرب غزة».

وعدّت مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر الدكتورة أماني الطويل، أن «التوقعات محدودة» بشأن جولة المفاوضات الجارية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في ضوء الجولات التفاوضية الماضية فإن سقف التوقعات محدود، فلم يصدر عن إثيوبيا أي مؤشرات توحي بوجود توجه للتوصل إلى اتفاق، أو أن هناك جديداً في الجولة الحالية». وبحسب الطويل فإن «ثمة تخوفات أن يوجد تقدير إثيوبي بأن مصر مشغولة بحرب غزة مما قد يستغل في مزيد من فرض سياسة الأمر الواقع من جانب أديس أبابا».


مقالات ذات صلة

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

هيمن كل من الحرب في غزة وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الخارجية المصرية)

عبد العاطي لبلينكن: الأمن المائي قضية «وجودية» لمصر

أكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، رفض مصر وإدانتها للتصعيد الإسرائيلي ضد وكالة «أونروا».

شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)
المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)
TT

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)
المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، السبت، الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، في ردٍّ ضمني على اتهامات لها بإعادة فرز أصوات الانتخابات مجدداً في مدينة مصراتة (غرب)، وتأخير إعلان نتائجها الرسمية.

وحددت «المفوضية» في بيان مقتضب، غداً، موعداً لإعلان النتائج الأولية لهذه الانتخابات، عبر مؤتمر صحافي بمركزها الإعلامي في العاصمة طرابلس.

بلغت نسبة المشاركين في الانتخابات البلدية 74 % وجرت في 58 بلدية (أ.ف.ب)

وكان رئيس المفوضية، عماد السائح، قد أعلن في بيان، مساء الجمعة، أن الأحد سيكون موعد نشر نتائج المرحلة الأولى لانتخابات المجالس البلدية. وجاء هذا التأكيد بعد ساعات من إعلان عدد من ناخبي مصراتة، مساء الجمعة، أنهم فوجئوا بوقف عملية فرز الأصوات للانتخابات البلدية، وطالبوا مفوضية الانتخابات، في وقفة أمام مقرها في مصراته، بتسلم صناديق الاقتراع، وفرزها بدقة وشفافية وإعلان النتائج، التي أكدوا «قبول نتائجها عندما تكون نزيهة وواضحة». مطالبين المجتمع الدولي، ممثلاً في البعثة الأممية والبعثات الدبلوماسية الأخرى، بـ«حماية العملية الديمقراطية» مما وصفوه بـ«التدليس والتزوير».

وبلغت نسبة المشاركين في الانتخابات البلدية 74 في المائة، وجرت في 58 بلدية، عبر 352 مركز اقتراع في 77 محطة انتخابية، من بينها 419 محطة للرجال، و358 محطة للنساء.

مفوضية الانتخابات خصصت 352 مركز اقتراع في 77 محطة انتخابية (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أكد رئيس حكومة «الوحدة المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، خلال حضوره مساء الجمعة، فعاليات «ملتقى شباب ليبيا الجامع» بمدينة مصراتة، الأهمية البالغة لدور الشباب في تحقيق التنمية، وبناء ليبيا الحديثة، وشدد على التزام حكومته بدعمهم في كل المناطق، واصفاً إياهم بالركيزة الأساسية لمستقبل مشرق، وموضحاً أن الحكومة تعمل على تنفيذ مبادرات لتعزيز قدراتهم، وتمكينهم من المشاركة بفاعلية في مختلف القطاعات.

الدبيبة خلال مشاركته في مؤتمر شبابي بمصراتة (حكومة الوحدة)

وقال الدبيبة إن هذا الدعم «تجسّد عبر خطوات، مثل تشكيل مجالس شبابية في البلديات، وإنشاء برلمان للشباب لإشراكهم في صنع القرار، وتطوير السياسات التي تخدم مصالحهم». داعياً الشباب إلى استثمار هذه اللقاءات لتطوير مهاراتهم وأفكارهم، وتعزيز الوحدة الوطنية، والإسهام في بناء دولة قوية ومستقرة.

إلى ذلك، قالت حكومة «الوحدة» إن وزيرها المكلف بالنفط والغاز، خليفة عبد الصادق، استعرض خلال حضوره فعاليات «منتدى إسطنبول الأول للطاقة»، الذي عرف بمشاركة دولية واسعة، رؤية ليبيا لتعزيز الشراكات الدولية في قطاع الطاقة، خصوصاً في مجالي النفط والغاز، وأهمية التعاون الإقليمي لتحقيق الاستدامة وتأمين مصادر الطاقة.

من جهة أخرى، أعلنت مديرية أمن طرابلس، مساء الجمعة، أن قسمها لشؤون المراكز فعَّل دور الشرطة النسائية لدعم رجال الأمن في التوقيفات الليلية بالعاصمة طرابلس، مشيرة إلى أن مهامها تتمثل في تحرير المخالفات المرورية، وضبط الشارع العام، مع التركيز على التعامل مع العنصر النسائي، في إطار ما وصفته بـ«تعزيز الوجود الأمني، وضمان خدمة المجتمع بكفاءة».

تفعيل الشرطة النسائية في العاصمة طرابلس (وزارة الداخلية بـ«الوحدة»)

إلى ذلك، أكد شهود عيان استمرار التوتر الأمني في مدينة الزاوية، التي تقع على بُعد 45 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس، وسماع أصوات رماية بالأسلحة، تزامناً مع استمرار إغلاق الطريق الساحلي عند بوابة الصمود، وذلك على خلفية مقتل اثنين من الوافدين الأفارقة بالمدينة، التي تشهد تحشيدات لميليشيات مسلحة، بعد اغتيال أحد عناصرها على يد مسلحين مجهولين.

وانتقدت وسائل إعلام محلية استمرار صمت حكومة «الوحدة» لليوم الثالث على التوالي على انفلات الوضع الأمني في المدينة، وإغلاق الطريق الساحلي بسواتر ترابية، وإشعال الإطارات في بعض التقاطعات.

جلسة مساءلة وزير خارجية «الاستقرار» (مجلس النواب)

في سياق آخر، أعلن مجلس النواب الليبي أن رئيس لجنته للشؤون الخارجية، يوسف العقوري، عقد السبت، ما سمَّاه جلسة مساءلة لوزير الخارجية المفوض بحكومة «الاستقرار»، عبد الهادي الحويج، بشأن واقعة انتحال شخص صفة المستشار الخاص لرئيس غينيا بيساو، ولقائه شخصيات رفيعة المستوى خلال زيارته شرق البلاد.

ووفقاً لبيان الناطق باسم المجلس، عبد الله بليحق، فقد ادّعى الحويج أن وزارته تتعرض لهجمة إعلامية من «جهات مشبوهة»، لم يحددها، في حين عدّ العقوري مساءلة الحويج «احتراماً لقيم الديمقراطية، ودور المجلس بصفته سلطة منتخبة، تُمثل الشعب الليبي»، كما أكد «مواصلة المساءلة، وحرصه على متابعة جلساتها، نظراً لأثرها على الأمن القومي، وسيادة الدولة وصورة ليبيا بالخارج».