اعتقال 11 شخصاً بشبهة تنظيم رحلات هجرة سرية غرب الجزائر

إنقاذ 731 مهاجراً من الغرق في المتوسط خلال أكتوبر الحالي

مهاجرون سريون اعتقلهم الجيش في جنوب الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)
مهاجرون سريون اعتقلهم الجيش في جنوب الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

اعتقال 11 شخصاً بشبهة تنظيم رحلات هجرة سرية غرب الجزائر

مهاجرون سريون اعتقلهم الجيش في جنوب الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)
مهاجرون سريون اعتقلهم الجيش في جنوب الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)

أعلنت الشرطة الجزائرية، الأحد، توقيف 11 شخصاً غرب البلاد، بشبهة «إدارة شبكة لتهريب الأشخاص عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، مقابل أموال»، مع الإشارة إلى أن وزارة الدفاع أعلنت، الأسبوع الماضي، إنقاذ 731 مهاجراً غير نظاميّ «بينما كانوا على وشك الغرق»، في الفترة ما بين 11 و17 من الشهر الحالي.

وجرى توقيف أعضاء الشبكة بمدينة مستغانم (300 كيلومتر غرب العاصمة) المُطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على أثر تحريات قادها أفراد الشرطة المحلية، حول نشاط مشبوه لأشخاص ينظّمون رحلات إلى سواحل إسبانيا عن طريق قوارب تقليدية. وداهمت الشرطة بيوت بعضهم، بناء على طلب من النيابة، وحجزت صدريات إنقاذ وكميات من الوقود، يجري استعمالها أثناء الرحلة لاستكمالها.

دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (الدفاع الجزائرية)

وعرضت الشرطة المشتبَه بهم على النيابة، التي سلّمتهم لقاضي التحقيق، وجرى إيداعهم الحبس الاحتياطي بتهمتي «الاتجار بالبشر»، و«تعريض حياة الغير للخطر عن طريق تنظيم رحلات سرّية في البحر». وتقابل التهمتين عقوبةٌ ثقيلة تصل إلى السجن 10 سنوات مع التنفيذ.

وكان الدرك الوطني بالمدينة قد أعلن، في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، إحباط 3 رحلات هجرة غير نظامية عبر البحر، واعتقال 19 شخصاً، بين مهاجر سري ومشتبَه بهم بترتيب رحلات عبر ما يسميه الإعلام «قوارب الموت».

وخلال الشهر الحالي، أفادت وزارة الدفاع بأن حرس الشواطئ، التابع لها، منع محاولات هجرة غير شرعية، وأنقذ 731 شخصاً كانوا على متن قوارب تقليدية الصنع، في حين جرى توقيف 407 مهاجرين غير شرعيين من جنسيات مختلفة، في مناطق مختلفة من البلاد.

مهاجران سريان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض المتوسط (وزارة الدفاع الوطني)

وتعرف الجزائر، منذ سنين طويلة، هجرة غير قانونية في الاتجاهين: منها إلى أوروبا، ومن دول الساحل الصحراوي إليها. والمهاجرون الأفارقة من هذه المناطق، خصوصاً النيجر، يضعون هدفاً أساسياً في خطة الهجرة، يتمثل في مواصلة المغامرة إلى أوروبا، مع كل ما تحمله من مخاطر على حياتهم، تؤدي إلى الموت في أحيان كثيرة.

وجاء في تقارير حديثة لوزارة الداخلية عن الهجرة السرية، أن المهاجرين الذين يدخلون الجزائر يتحدرون من 44 بلداً أفريقياً، مع وجود لافت لمواطني النيجر بحكم القرب الجغرافي. ووفق تقديرات الجزائر، تشكل الصراعات الداخلية في بلدان الساحل سبباً رئيسياً في دخول مواطنيها إلى ترابها بأعداد كبيرة، مؤكدة، في رد على انتقادات تنظيمات حقوقية، أنها «توفر كل الظروف الملائمة لهم، أثناء تنفيذ حملات الترحيل، مع الحفاظ على كرامة المهاجرين، وذلك من خلال إنشاء مراكز إيواء، وتقديم الطعام، وتوفير النقل، وتمكينهم من الرعاية الطبية والتلقيح، وتوفير المستلزمات الضرورية والألبسة للأطفال».

توقيف مهاجرين من طرف خفر السواحل (وزارة الدفاع الجزائرية)

وفي مايو (أيار) الماضي 2022، صرّح سفير الجزائر لدى «الأمم المتحدة»، خلال مؤتمر حول الهجرة السرية نظّمته الجمعية العامة، بأن قوات الأمن الجزائري فكّكت، بين عاميْ 2020 و2021، أكثر من 400 شبكة لتهريب المهاجرين بطريقة سرية نحو أوروبا. وأكد أن بلاده «باتت، بحكم موقعها الجغرافي، بلد عبور ومقصداً للمهاجرين السريين القادمين من دول الساحل في قارة أفريقيا»، وأن حركة الهجرة «ترتبط بالأوضاع القائمة في تلك البلدان التي تعيش اضطرابات وأزمات أمنية».

كما أبرز أن السلطات الجزائرية «تعمل جاهدة على تأمين حدودها البحرية والبرية؛ بهدف مواجهة تهريب المهاجرين، ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر، بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي».


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.