مظاهرات واحتجاجات أمام سفارات غربية بنواكشوط تضامناً مع غزة

الأحزاب الموريتانية دعت إلى رفع الحصار عن القطاع وفتح المعابر

شرطة مكافحة الشغب تمنع محتجّين من الاقتراب من السفارة الأمريكية اليوم الجمعة (الشرق الأوسط)
شرطة مكافحة الشغب تمنع محتجّين من الاقتراب من السفارة الأمريكية اليوم الجمعة (الشرق الأوسط)
TT

مظاهرات واحتجاجات أمام سفارات غربية بنواكشوط تضامناً مع غزة

شرطة مكافحة الشغب تمنع محتجّين من الاقتراب من السفارة الأمريكية اليوم الجمعة (الشرق الأوسط)
شرطة مكافحة الشغب تمنع محتجّين من الاقتراب من السفارة الأمريكية اليوم الجمعة (الشرق الأوسط)

خرج آلاف الموريتانيين في مظاهرات غاضبة ووقفات احتجاجية أمام بعض السفارات الغربية في العاصمة نواكشوط، اليوم الجمعة، لرفض ما يتعرض له سكان قطاع غزة منذ أسبوعين من قصف إسرائيلي عنيف أودى بحياة آلاف المدنيين، كان آخره استهداف مستشفى المعمداني.

شرطة مكافحة الشغب تمنع محتجّين من الاقتراب من السفارة الأمريكية اليوم الجمعة (الشرق الأوسط)

المظاهرة الكبرى خرجت بعد صلاة الجمعة، من مسجد الملك فيصل في قلب مدينة نواكشوط، وتوجهت نحو مقر «بعثة الأمم المتحدة»، وكان المشاركون فيها يرددون هتافات تدعو إلى وقف «المجازر» في غزة، وأخرى تنتقد موقف الغرب الداعم لإسرائيل.

وكان أكثر من عشرين حزباً سياسياً موريتانياً، من بينها أكبر أحزاب الموالاة والمعارضة، قد نظّمت، صباح اليوم، سلسلة وقفات احتجاجية أمام بعض السفارات الغربية في نواكشوط، وبعد نهاية كل وقفة حاولت هذه الأحزاب تسليم رسالة مكتوبة للسفراء، تتضمن مطالب؛ أبرزها وقف العدوان على قطاع غزة، والسماح بدخول معونات ومساعدات للقطاع.

الوقفات الاحتجاجية التي حضرها رؤساء أكبر الأحزاب السياسية في البلاد، نُظّمت أمام سفارات الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، كما نُظّمت وقفة أخرى أمام مقر «بعثة الأمم المتحدة».

وجرت الوقفات الاحتجاجية وسط إجراءات أمنية مشدّدة، حيث فرضت وحدات من الشرطة الموريتانية طوقاً أمنياً على كل سفارة، كما تمركزت أمامها عدة وحدات من شرطة مكافحة الشغب، في حين لم تسجل أي صدامات أو حوادث شغب.

في غضون ذلك، رفضت سفارتا الولايات المتحدة وألمانيا تسلم رسالة الأحزاب السياسية، في حين استلمها السفير الفرنسي ومسؤول «بعثة الأمم المتحدة»، وتضمنت «مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بالعمل السريع والعاجل لوقف هذه المجازر التي لا تُبقِي ولا تَذَر».

كما دعت الأحزاب السياسية الموريتانية، في رسالتها، «مجلس الأمن الدولي» إلى «التدخل الفوري لوقف هذه الحرب والكفّ عن دعم وحماية المعتدين، ورفع الحصار بشكل فوري عن قطاع غزة، وفتح المعابر، وإيصال المساعدات الغذائية والطبية».

وطلبت الأحزاب الموريتانية من المجتمع الدولي «توثيق الانتهاكات الجسيمة ضد الإنسانية في غزة، تمهيداً لمقاضاة مرتكبيها من مجرمي الحرب الإسرائيليين، وتشكيل محكمة جنائية خاصة للنظر في الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية في غزة». وختمت رسالتها بالدعوة إلى «البدء الفوري في تعبئة الموارد الضرورية لإعادة إعمار غزة».

وبالتزامن مع ذلك، نظّم «السلك الوطني للأطباء الموريتانيين» وقفة احتجاجية أمام مقر «بعثة الأمم المتحدة»، شارك فيها عشرات الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، دعوا فيها إلى إيقاف «المجازر» في حق المدنيين بقطاع غزة.

ووصف «السلك الوطني للأطباء الموريتانيين» استهداف مستشفى المعمداني بأنه «جريمة حرب تتحمل إسرائيل كامل المسؤولية عنها»، داعياً العالم إلى الوقوف في وجه إسرائيل وحماية الشعب الفلسطيني الأعزل.

وتعيش مدينة نواكشوط على وقع احتجاجات يومية، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حين نفّذت «كتائب عز الدين القسام» و«الجهاد الإسلامي» عملية «طوفان الأقصى»، وما أعقبها من قصف إسرائيلي استهدف قطاع غزة، ودعت الأحزاب السياسية إلى مظاهرة أخرى، غداً السبت؛ للتضامن مع سكان غزة.

على الصعيد الرسمي، غادر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني مدينة نواكشوط، اليوم الجمعة، متوجهاً إلى مصر؛ للمشاركة، غداً السبت، في «قمة القاهرة للسلام»، والتي ستُخصَّص لمناقشة خفض التصعيد في قطاع غزة.

وبالتزامن مع ذلك، وجّهت موريتانيا والأردن رسالة إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، يدعو فيها البلدان إلى عقد دورة طارئة للجمعية، تُخصَّص لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة، ووقف الاعتداءات ضد السكان المدنيين.

ووقّع الرسالة السفير المندوب الدائم لموريتانيا لدى «منظمة الأمم المتحدة» سيدي ولد محمد لغظف، بصفته رئيساً للمجموعة الإسلامية في نيويورك، والسفير المندوب الدائم للأردن محمود حمود بصفته رئيساً للمجموعة العربية في نيويورك، لشهر أكتوبر.


مقالات ذات صلة

في ذكرى الحرب... كوريا الشمالية تتعهد بتدمير أعدائها «تماماً»

آسيا زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يضع الزهور على ضريح ضحايا الحرب الكورية (أ.ف.ب)

في ذكرى الحرب... كوريا الشمالية تتعهد بتدمير أعدائها «تماماً»

تعهدت كوريا الشمالية «بتدمير أعدائها تماما» إذا أعطي الزعيم كيم جونغ أون الأمر بذلك في حالة الحرب، متهمة جارتها الجنوبية وأميركا بالتصميم على إثارة حرب نووية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
رياضة عالمية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال لقائه بتوماس باخ رئيس الأولمبية الدولية (رويترز)

غوتيريش: يجب أن تصمت البنادق خلال أولمبياد باريس

حثّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دول العالم على وقف الصراعات المسلحة بوصفه جزءاً من الهدنة الأولمبية، مع افتتاح أولمبياد باريس 2024.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا مخيم للسودانيين النازحين داخلياً من ولاية سنار في منطقة الهوري بمدينة القضارف شرق السودان في 14 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

تنديد أممي بـ«أنماط مقلقة» من الانتهاكات الجسيمة في السودان

قال محقّقون من الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن أشخاصاً وقعوا ضحايا عنف الحرب الأهلية في السودان التقوهم في تشاد، وثّقوا «أنماطاً مقلقة» من الانتهاكات الجسيمة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شؤون إقليمية صواريخ إسرائيلية تحاول اعتراض مقذوفات أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)

بهدوء وسرية وتحت الأرض... استعدادات إسرائيلية لمواجهة «حزب الله»

يستعد المستشفى الرائد في شمال إسرائيل لصراع شامل مع «حزب الله» المتوقع أن يكون أكثر تدميراً من المواجهات السابقة.

«الشرق الأوسط» (حيفا)
شؤون إقليمية صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعها مكتبه لزيارته الأخيرة للمقر العملياتي لسلاح الجو في تل أبيب

نتنياهو يوجه قيادات الجيش بوقف تسجيل النقاشات العسكرية في أيام الحرب الأولى

أمر بنيامين نتنياهو الجيش بالتوقف عن تسجيل الاستشارات الأمنية والنقاشات الوزارية التي جرت في مركز العمليات تحت الأرض في مقر القيادة العسكرية خلال الأيام الأولى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )

هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
TT

هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)

دأب الجيش السوداني على رفض العودة للتفاوض مع «قوات الدعم السريع»، تحت ذريعة عدم التزامها بنص المادة (1/ج) من «إعلان جدة الإنساني» في 11 مايو (أيار) 2023، التي نصت على إخلاء المراكز الحضرية بما في ذلك «مساكن» المدنيين، واشترط تنفيذها قبل العودة لأي تفاوض، متجاهلاً جلوسه مع «الدعم» فيما عُرف بـ«جدّة 2» وتوقيعه معها بيان التزامات. فهل بالفعل ينطلق الجيش من موقف مبدئي أو يتخذ تلك المسألة ذريعة للتنصل من التفاوض إرضاء لأنصار استمرار الحرب؟

فمنذ بادرت وزارة الخارجية الأميركية في 23 يوليو (تموز) الجاري إلى دعوة الطرفين للعودة للتفاوض، في 14 أغسطس (آب) المقبل في جنيف، استعاد أنصار الجيش وتنظيمات الإسلاميين وحزب «المؤتمر الوطني»، نغمة الضغط على الجيش لرفض المشاركة في المفاوضات المزمعة.

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)

جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ توقيع إعلان جدة الإنساني، ووقتها كانت الحرب تدور في العاصمة الخرطوم فقط، أما لحظة إعلان المبادرة الأميركية فقد اتسع نطاقها ليشمل معظم ولايات البلاد ما عدا خمساً من ثماني عشرة ولاية، وسيطرت «الدعم السريع» على عدد كبير من قواعد الجيش ووحداته العسكرية، وألحقت به خسائر بشرية ومادية فادحة.

ظل الجيش يماطل في العودة للتفاوض لوقف الحرب، متجاهلاً المأساة الإنسانية الكبيرة التي تسببت فيها الحرب، واتساع نطاقها وخسائره الفادحة، مستخدماً «الالتزام» ببند واحد من «إعلان جدة» يلوح به كلما عادت سيرة التفاوض للتداول.

نصت المادة (1/ج)، على «اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة، لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين، فعلى سبيل المثال، لا ينبغي استخدام المدنيين كدروع بشرية».

«قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

وهو ما يعتبره المحلل السياسي محمد لطيف «عقبة» تجب إزالتها، منطلقاً من أن قضية منازل المدنيين هي نتيجة من تداعيات الحرب وليست سبباً فيها، ويقول: «لا يمكن تجاهل السبب والاتجاه لمعالجة النتيجة... الخطوة الأولى هي إيقاف الحرب».

ويرى لطيف أن «التمسك باستمرار الحرب لا علاقة له بمصالح الشعب، بل إن دعاة الحرب والمتمسكين باستمرارها يتخذون من هذا النص في (إعلان جدة)، ذريعة للحفاظ على مصالحهم». ويتابع: «أكرر، وكررتها أكثر من مرة، لا يوجد في (إعلان جدة) نص يلزم (الدعم السريع) بالخروج من منازل المواطنين».

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أصدر مرسوماً بحل «قوات الدعم السريع» وإلغاء قانونها، وإعلانها «قوة متمردة على الدولة يتم التعامل معها على هذا الأساس»، الأمر الذي اعتبره لطيف «إنهاء لوجود تلك القوات القانوني والأمني والسياسي الذي نص عليه (إعلان جدة) في ديباجته».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا (أرشيفية - الجيش السوداني)

ويتابع لطيف: «الالتزام بالإعلان يجب ألّا يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي لأطرافه، ولا يرتبط بأي عملية سياسية»، ويستطرد: «التذرع بالنص الوارد في الإعلان هو مجرد محاولات تشويش وتضليل للرأي العام»، ويقول: «هذه الذريعة أصبحت مثل (قميص عثمان) والفتنة الكبرى، ونحن في فتنة كبرى أيضاً وجد دعاتها ما يتاجرون ويزايدون به على الناس».

ويرى لطيف أن «النصّ الذي وقعه الجيش أكد شرعية (قوات الدعم السريع)، والتمسك به يقتضي الاعتراف بما ورد في النص»، ويتابع: «إذا كنت تتمسك بـ(إعلان جدة)، فهذا هو (إعلان جدة) والبند الأول منه يفترض أن تلتزم به».

ويضيف: «الجيش وقع على شرعية (الدعم السريع)، في (إعلان جدّة)، كمؤسسة منشأة بقانون صادر من البرلمان، وأمن على وضعها السياسي بوصف رئيسها نائباً لرئيس السلطة الانتقالية، وعلى شرعية وجودها الأمني في المعسكرات أو مواقع عسكرية».

ويسخر لطيف من ذريعة الجيش وأنصاره بالقول: «ليس هناك استسلام أكثر من هذا، هم يتحدثون أن (إعلان جدة) ألزم (الدعم السريع) بالخروج من مساكن المدنيين، ويتجاهلون أنه اعترف بشرعية (الدعم السريع)».

سودانيون فارون من بلدة سنجة جنوب شرقي السودان يستريحون في مخيم بعد وصولهم إلى القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

وتتذرع «الدعم السريع» من جهتها، بما عُرف بـ«بيان التزامات بناء الثقة» الموقع بين الطرفين في «جدة 2» بتاريخ 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، والذي نصت المادة (3) منه على آلية تواصل بين قادة الطرفين وإعادة احتجاز الهاربين من السجون، بما فيهم قادة النظام السابق، «وتحسين المحتوى الإعلامي وتخفيف حدة اللغة الإعلامية، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع»، وهو ما لم يلتزم أي من الطرفين به.

فهل يذهب الجيش إلى جنيف أو يخضع لابتزاز، وربما تهديد، دعاة استمرار الحرب من الإسلاميين الذين يرون في استمرارها استمراراً لوجودهم وسيطرتهم على الجيش والدولة، ويرون في وقفها هزيمة عسكرية وسياسية قد تخرجهم من الملعب نهائياً؟!