أحزاب السودان: «منبر جدة» الخيار الوحيد لوقف الحرب

مخاوف من توسع النزاع إلى ولايات وسط البلاد

ممثلون عن طرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون عن طرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
TT

أحزاب السودان: «منبر جدة» الخيار الوحيد لوقف الحرب

ممثلون عن طرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون عن طرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)

أعلن تحالف «الحرية والتغيير» السوداني، الذي يضم أكبر عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، أن المخرَج الوحيد الحقيقي من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، هو «منبر جدة» الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة لتسهيل التفاوض بين طرفي النزاع. وقال التحالف العريض، في بيان، أمس، إن «منبر جدة هو الخيار الوحيد المتاح حالياً لطرفي الحرب لوضع حد للقتال... وندعو الطرفين لاتخاذ القرار الصحيح بالتوجه صوب قاعات المفاوضات في جدة لإسدال الستار على هذه الحرب الكارثية، وبدء عملية سياسية تؤدي لإنهاء الحرب وإعادة بناء البلاد»، وذلك في وقت تجددت فيه الاشتباكات بين طرفي النزاع، يوم الاثنين، في جبهات عدة بالعاصمة الخرطوم، مع دخول الحرب شهرها السابع.

وأضاف تحالف «الحرية والتغيير» أن الحرب تتمدد لولايات جديدة لم تكن جزءاً منها خلال الأشهر الستة الماضية، بدخولها مؤخراً لولايتي الجزيرة والنيل الأبيض في وسط البلاد، وهما ولايتان ظلتا بعيدتين عن مناطق الاشتباك وليس لهما تاريخ في النزاعات المسلحة. وأضاف التحالف أن انتشار القتال أصبح يهدد نحو 75 في المائة من سكان البلاد في ظل ارتفاع عدد الولايات التي تنتقل إليها الحرب.

أعمدة الدخان الكثيف تتصاعد من جهة مطار الخرطوم الدولي الملاصق لمقر القيادة العامة للجيش (رويترز)

قصف متبادل

وقال شهود عيان إن الجيش أطلق قذائف مدفعية من قاعدة «وادي سيدنا» العسكرية، شمال أمدرمان، استهدفت مواقع «الدعم السريع» في مناطق متفرقة من الخرطوم. وأفادت مصادر محلية بأن دوي القصف المدفعي الكثيف سُمع في أقصى جنوب العاصمة الخرطوم، وفي المقابل ردّت قوات الدعم السريع بقصف مماثل على أحياء شرق المدينة. وقال سكان إن طائرات الجيش السوداني شنّت غارات جوية على مواقع «الدعم السريع» في حي الطائف، ومواقع أخرى بالقرب من جسر المنشية الرابط بين الخرطوم ومنطقة شرق النيل.

وأشار بيان «الحرية والتغيير» إلى أن الحرب تسببت في وفاة آلاف المدنيين والعسكريين وآلاف الجرحى، بعضهم بات ضمن ذوي الإعاقات الدائمة، بالإضافة إلى الخسائر المادية والاقتصادية في ظل السلب والنهب لممتلكات المدنيين.

جنرالا الحرب في السودان البرهان (يمين) وحميدتي (رويترز)

ووفق «الحرية والتغيير»، تُظهر المؤشرات الأولية للخسائر التي طالت الاقتصاد، بما في ذلك البنى التحتية والقاعدة الصناعية المتركزة في الخرطوم، أنها تمثل نحو 80 في المائة من إجمالي الاقتصاد الوطني. وحذّر البيان من أن المدنيين الموجودين في مناطق الحرب يعيشون مخاطر تعرضهم للموت أو الإصابة بسبب القذائف والرصاص والقصف المدفعي والجوي بين الطرفين المتحاربين.

وقال التحالف إن المساعدات الإنسانية والطبية لم تجد طريقها للمحتاجين، بعد أن سيطر عليها «عناصر النظام المعزول (نظام الرئيس السابق عمر البشير)، وبيعها علناً في الأسواق، مع إصرار السلطات على عدم السماح للعمال والموظفين الدوليين بالإشراف على توزيع المساعدات، ما يجعلها تتحمل تبعات زيادة وتفاقم المعاناة الإنسانية».

مواطن يتفقد الدمار الذي أصاب منزله في الخرطوم جراء الحرب (أ.ف.ب)

9 آلاف قتيل

وقال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، في بيان صحافي الأحد، إن حصيلة القتلى بلغت 9 آلاف، ووصل عدد المهجرين من ديارهم إلى أكثر من 5.6 مليون شخص، كما يوجد 25 مليوناً بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وأضاف أن «الحرب أدخلت السودان في أحد أسوأ كوابيس الأوضاع الإنسانية في التاريخ الحديث»، وأشار إلى استمرار سفك الدماء والعنف، وأن التقارير المروعة عن حالات الاغتصاب والعنف الجنسي لا تتوقف، في وقت تزداد فيه الاشتباكات على أسس عرقية، خاصة في دارفور.

وحذر غريفيث من أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، مشدداً على ضرورة أن تفي أطراف الصراع بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. وأضاف: «حان الوقت لوفاء الأطراف بالالتزامات التي تعهدت بها في مدينة جدة لحماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية»، وأن تجدد التزامها بالحوار على أعلى المستويات لإنهاء هذا النزاع إلى الأبد.


مقالات ذات صلة

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

تصاعدت حدة القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدد من الجبهات مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ24 ساعة الماضية بصفوف الجانبين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة»

أكد رئيس مجلس السيادة قائد القوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان أنه «لا يضع شروطاً مسبقة» للحوار، وطالب «قوات الدعم السريع» بتنفيذ «اتفاق جدة».

علي بردى (نيويورك)
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة play-circle 01:27

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

البرهان: أدعم جهود إنهاء «احتلال» قوات «الدعم السريع» أراضي بالسودان

قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، اليوم (الخميس)، إنه يؤيد الجهود الرامية لإنهاء الحرب المدمرة في بلده.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (نيويورك)

ارتياح مصري - تركي لتقدم العلاقات الثنائية

محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)
محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

ارتياح مصري - تركي لتقدم العلاقات الثنائية

محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)
محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)

أبدت مصر وتركيا ارتياحهما للتقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية. وأكدت محادثات جرت بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره التركي هاكان فيدان، في نيويورك، «تطلع القاهرة وأنقرة لمواصلة العمل على دفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، والوصول بحجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 15 مليار دولار، وزيادة حركة السياحة، وتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، وبما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين».

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أنقرة، مطلع الشهر الجاري، بدعوة من نظيره التركي رجب طيب إردوغان، في زيارة عكست تطور العلاقات بين البلدين، بعد زيارة الرئيس التركي للقاهرة في فبراير (شباط) الماضي.

وأكدت القاهرة حينها أن زيارة السيسي التاريخية لتركيا «تمثل محطة جديدة في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، وللبناء على زيارة الرئيس إردوغان التاريخية لمصر، وتأسيساً لمرحلة جديدة من الصداقة والتعاون المشترك، سواء على المستوى الثنائي، أو على المستوى الإقليمي، الذي يشهد تحديات جمة تتطلب التشاور والتنسيق بين البلدين».

الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي في أنقرة الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

التأكيد المصري - التركي جاء خلال لقاء عبد العاطي وفيدان على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الجمعة، فإن الوزيرين أعربا عن الارتياح للتقدم الذي تشهده العلاقات الثنائية خلال الفترة الأخيرة على ضوء زيارة السيسي إلى تركيا في سبتمبر (أيلول) الجاري، والتوقيع على الإعلان المشترك للاجتماع الأول لـ«لجنة التعاون الاستراتيجي» رفيعة المستوى، وكذا زيارة الرئيس التركي إلى مصر في فبراير الماضي.

وشهدت علاقات مصر وتركيا اتجاهاً متصاعداً نحو التطبيع، بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر، بسبب دعم أنقرة جماعة «الإخوان» التي تحظرها السلطات في مصر منذ نهاية عام 2013. وتسارع مسار التطبيع منذ مصافحة إردوغان والسيسي خلال افتتاح مونديال كأس العالم في قطر عام 2022. وأعلن البلدان في يوليو (تموز) من العام الماضي، ترفيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء.

وقالت الحكومة المصرية، الشهر الجاري، إن «هناك رغبة صادقة لمصر وتركيا في إحداث المزيد من تطوير العلاقات والتعاون بينهما خلال المرحلة المقبلة». وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع للحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، أن «زيارة الرئيس السيسي لتركيا، التي تعد أول زيارة له لأنقرة، تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والتكامل بين البلدين». وأضاف أن «هذه الزيارة سيكون لها أثر إيجابي في إرساء وتوطيد التعاون بمختلف المجالات، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والتبادل التجاري».

فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها بين الأنقاض (أ.ف.ب)

تطورات منطقة الشرق الأوسط، والتصعيد الإسرائيلي في لبنان، واستمرار العدوان على الفلسطينيين، كانت حاضرة بقوة خلال مناقشات «عبد العاطي - فيدان». وتوافق الوزيران على «ضرورة تحقيق وقف ‏فوري وشامل ودائم لإطلاق النار في غزة ولبنان، وتجنيب المنطقة الانزلاق إلى حرب إقليمية، وأهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لاحتواء هذا التصعيد الخطير».

وسبق أن توافق «السيسي - إردوغان» خلال محادثاتهما في أنقرة، على ضرورة «الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ورفض التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، والدعوة للبدء في مسار يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعاصمتها (القدس الشرقية)، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، فضلاً عن التعاون المستمر لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، رغم المعوقات المستمرة التي تفرضها إسرائيل».

وأكدت «الخارجية المصرية» في بيانها، الجمعة، أنه تم خلال لقاء عبد العاطي وفيدان في نيويورك «تبادل الرؤى حول عدد من القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة في السودان، وليبيا، وسوريا، واليمن، والبحر الأحمر، فضلاً عن التطورات في منطقة القرن الأفريقي». واتفق الوزيران على «استمرار التنسيق والتعاون إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية».