اجتماع وزاري أفريقي - شمال أوروبي في الجزائر يناقش الإرهاب والفقر

«الجماعات المتطرفة استغلت الاضطرابات بالساحل لإقامة قواعد خلفية لها»

«الخارجية» الجزائرية (مواقع التواصل)
«الخارجية» الجزائرية (مواقع التواصل)
TT

اجتماع وزاري أفريقي - شمال أوروبي في الجزائر يناقش الإرهاب والفقر

«الخارجية» الجزائرية (مواقع التواصل)
«الخارجية» الجزائرية (مواقع التواصل)

يبحث وزراء وخبراء من 30 دولة من شمال أوروبا وأفريقيا، الاثنين بالعاصمة الجزائرية، قضايا محاربة الإرهاب العابر للحدود، والهجرة غير النظامية، والتغيرات المناخية، وتطوير التجارة والتعاون الاقتصادي بين الكتلتين. كما يعرض الأفارقة خلال الاجتماع، الذي يدوم 3 أيام، آليات الاتحاد الأفريقي حول رفض تغيير الأنظمة خارج الأطر الدستورية، في ضوء الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر يوم 26 يوليو (تموز) الماضي 2023.

وكان آخر اجتماع من هذا النوع قد عُقد بفنلندا في يونيو (حزيران) 2022، أما أول اجتماع فتم بالسويد عام 2021، وشكَّل انطلاقة مسار لتعاون جماعي، بادرت به وزيرة الخارجية السويدية الراحلة آنا ليند.

الوفد الوزاري الفنلندي المشارك في المؤتمر خلال اجتماع له بمسؤولين في الخارجية الجزائرية (الخارجية الجزائرية)

ووفق تقرير للخارجية الجزائرية، فإن نسخته الـ20 تنظم تحت شعار «أفريقيا- دول شمال أوروبا: تقوية الحوار على أسس القيم المشتركة»، وتشهد، حسبه، «مشاركة» قياسية مقارنة بالدورات السابقة، إذ سيحضره نحو 20 وزير خارجية، بالإضافة إلى نواب وزراء ومسؤولين حكوميين كبار عن المجموعتين، والكثير من الشخصيات التي تترأس هيئات مهمة تابعة للاتحاد الأفريقي».

وتشارك في المؤتمر دول شمال أوروبا الخمس: السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا وآيسلندا، إلى جانب مجموعة كبيرة من الدول الأفريقية تمثل مختلف مناطق القارة. وأكد التقرير أن المناقشات ستتناول «المكاسب المحققة في الدورات السابقة، وتعزيز الحوار والتشاور بين الدول الأفريقية ودول شمال أوروبا، حول مسائل مهمة تتعلق بالسلم والأمن الدوليين، والتنمية المستدامة والشراكة الاقتصادية، وتقوية التعاون بينهما على مستوى الهيئات الدولية، لا سيما على مستوى الأمم المتحدة، بغرض المساهمة في تعزيز كل ما يمكن أن يسمح بتقوية النظام العالمي متعدد الأطراف، وإيجاد السبل الكفيلة لمواجهة التحديات المترتبة عن تدهور المناخ وازدياد الهجرة والإرهاب العابر للحدود».

وزير الخارجية الجزائري مع وزراء أفارقة بمناسبة مؤتمر «أفريقيا - شمال أوروبا» (الخارجية الجزائرية)

وأضاف تقرير الخارجية الجزائرية أن من أهداف الاجتماع «البحث عن طرق تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري، وتفعيل الفرص المطروحة لتوسيع الشراكة والاستثمار في الاتجاهين»، مبرزاً أن الأفارقة «ينتظرون من دول شمال أوروبا أداء دورها في مساعدة الدول الأفريقية على إعادة بناء أنظمتها الاقتصادية، لتكييفها مع التحولات المعرفية والطفرة التكنولوجية التي تعرفها البشرية»، مشيراً إلى أن الاجتماع «يكتسي رمزية خاصة؛ لأنه يجمع بين مكونات تنتمي لعالمي الشمال والجنوب، تدفعهما إرادة مشتركة واضحة نحو التعاون والتناغم، وأمل متنامٍ نحو مستقبل واعد يعترف بتساوي الفرص وتقاسم المنافع، رغم ارتفاع حدة الأزمات خصوصاً في القارة الأفريقية، التي هي بحاجة ماسة إلى كل الجهود الدولية لمساعدتها على تجاوز هذه الأوضاع المهلكة».

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

ويُرتقب أن تُطرح في الاجتماع «ورقة عن موجة الاضطرابات والأزمات التي تعصف بالدول الأفريقية، وتضعف من تماسكها، خصوصاً في جوار الجزائر وتحديداً مالي التي تعيش صراعاً داخلياً منذ أكثر من 30 سنة، وهو وضع استغلته الجماعات المتطرفة في الـ10 سنوات الأخيرة، لإقامة قواعد خلفية لها ومنطلقاً لتنظيم عمليات مسلحة وأعمال خطف طالت رعايا غربيين. كما شهدت المنطقة، انقلابات واضطرابات سياسية زادت من مشكلات الفقر والمجاعة. وترى الجزائر أن هذا الوضع أوجد فرصة للمتطرفين لدفع الشباب لممارسة الإرهاب والجريمة المنظمة، كما أوجد فرصة لشبكات الهجرة السرية لإيفاد أعداد كبيرة من المهاجرين إلى دول شمال أفريقيا، ومنه إلى أوروبا».

وستناقَش هذه القضايا في 3 ورشات، وفق برنامج المؤتمر: الأولى تخص «السلم والأمن وترقية الحوار من أجل حلحلة النزاعات»، والثانية تخصص لـ«الشراكة الاقتصادية بين أفريقيا ودول شمال أوروبا»، بينما تتناول الورشة الثالثة «تعزيز التعاون متعدد الأطراف بين المجموعتين، داخل الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة».


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».