السيسي يستعرض «إنجازاته» قبل شهرين من الانتخابات

تحدث عن «فرصة للتغيير»... وطالب بتحمل «الجوع» مقابل التنمية

أحد أتباع «الطرق الصوفية» يحمل لافتة مؤيدة للسيسي خلال الاحتفال بالمولد النبوي في حي الأزهر بالقاهرة (رويترز)
أحد أتباع «الطرق الصوفية» يحمل لافتة مؤيدة للسيسي خلال الاحتفال بالمولد النبوي في حي الأزهر بالقاهرة (رويترز)
TT

السيسي يستعرض «إنجازاته» قبل شهرين من الانتخابات

أحد أتباع «الطرق الصوفية» يحمل لافتة مؤيدة للسيسي خلال الاحتفال بالمولد النبوي في حي الأزهر بالقاهرة (رويترز)
أحد أتباع «الطرق الصوفية» يحمل لافتة مؤيدة للسيسي خلال الاحتفال بالمولد النبوي في حي الأزهر بالقاهرة (رويترز)

قبل نحو شهرين من انتخابات رئاسية مرتقبة، استعرض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ما عدّه «إنجازات» تحققت منذ توليه الحكم عام 2014. مؤكدا أن «هدف الدولة هو تجاوز الظروف الصعبة التي تواجهها منذ ثمانينات القرن الماضي، ورؤية مصر في المكان الذي تستحقه».

ومن العاصمة الإدارية الجديدة، التي شرع الرئيس المصري في تدشينها قبل سنوات، وبدأت عدة وزارات الانتقال إليها بالفعل، افتتح السيسي، اليوم (السبت)، فعاليات مؤتمر «حكاية وطن»، الذي يستعرض فيه جهود الدولة خلال السنوات العشر الماضية، وقال السيسي إن «ما يتم سرده من إنجازات... هدفه إقرار واقع، ووضع حلول جذرية لتحدياتنا، والتغلب عليها».

وبمناسبة قرب موعد الانتخابات، وجه السيسي رسالة للمصريين، قائلا: «هذا الذي أنجزناه، وعندكم فرصة في الانتخابات الرئاسية المقبلة... عندكم فرصة للتغيير»، مشيرا إلى أن جزءا كبيرا من العمل الذي قام به كان هدفه «استعادة الثقة لدى المصريين، وهو الأمر الذي يحاول المخربون الآن التشكيك فيه»، لافتا إلى أن مشروع قناة السويس الجديدة «استهدف تجميع المصريين على قلب رجل واحد».

ولم يعلن السيسي (68 عاما) حتى الآن، رسميا، خوض الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها داخل البلاد في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل وعلى مدار ثلاثة أيام متتالية، لكن عددا من الأحزاب السياسية، صاحبة الأغلبية البرلمانية، أعلنت دعم ترشحه لولاية جديدة.

ويحق للرئيس المصري الترشح لفترة ثالثة، وفق تعديل للدستور في 2019 شمل تمديد الولاية الرئاسية من أربع سنوات إلى ست سنوات، ما يفتح الطريق أمامه للبقاء في المنصب حتى عام 2030 على الأقل.

في سياق ذلك، استنكر السيسي انتقادات البعض لاستمرار مشروعات بناء المدن والطرق الجديدة، رغم الارتفاع اللافت في أسعار السلع الغذائية ومعاناة البلاد من التضخم، قائلا: «إذا كان البناء والتنمية والتقدم ثمنها الجوع والحرمان، فلنفعل ذلك»، مضيفا: «احذروا يا مصريين أن تقولوا: نأكل أحسن... فلو كان ثمن ازدهار الأمة هو أنها لا تأكل أو تشرب، فلا نأكل أو نشرب»، وموضحا: «نريد أن يكون لدينا مكان على الخريطة في دولة 95 في المائة منها أرض صحراء».

ويعاني المصريون من تراجع قدرتهم الشرائية مع ارتفاع التضخم، الذي سجل رقما قياسيا جديدا في أغسطس (آب) الماضي، إذ بلغ نحو 40 في المائة. كما شهدت مصر في الأشهر الأخيرة انخفاضاً حاداً في قيمة الجنيه، أمام العملات الأجنبية بنسبة 50 في المائة تقريباً.

كما شدد السيسي على أن «الأمة لا تنهض إلا بالبناء والإصلاح، لا بالخراب أو الإساءة أو الإهانة، أو الهدم أو التشكيك أو الظلم»، ولفت إلى أن «قناة السويس الجديدة كان يتم تنفيذها في وقت لم يكن التركيز فيه فقط على محاربة الإرهاب، بل كانت هناك أبواق كذب وافتراء وإشاعات تقدح في كل إجراء يتم تنفيذه».

وأوضح السيسي أن الهدف الأول من مشروع إنشاء تفريعة جديدة لقناة السويس هو «عمل مشروع يُجمع عليه الناس لاستعادة الثقة»، مشيرا إلى أن هذا المشروع «كان مخططا ومدروسا من هيئة قناة السويس، وتريد تنفيذه خلال السنوات السابقة». كما أوضح في هذا السياق أن «تكلفة المشروع كانت تتراوح ما بين 60 مليار جنيه إلى 68 مليارا، وستكون عليها عوائد تقوم بدفعها الحكومة، وهذا كان عبئا على الدولة لأن التدفق المالي للمشروع ينتهي في سنة أو سنتين، وبعد ذلك أصبح على الدولة التزام بأن تقدم أرباح الأموال للمواطنين، لكنني لم أكن أنظر للالتزامات المالية التي ستترتب عن ذلك، لأن الهدف كان هو العائد المعنوي لجموع المصريين التي ساهمت بأموالها في هذا المشروع».

وتعد قناة السويس مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي لمصر. ووفقا للسيسي فإن دخل قناة السويس كان نحو 4.5 مليار دولار، لكن المخطط طبقا للخبراء هو أن تكون عائدات القناة خلال عامي (2024 - 2025) نحو 12 مليار دولار، مشيرا إلى أن دخل القناة خلال الوقت الحالي - عقب الانتهاء من مشروع قناة السويس الجديدة - أصبح نحو 10 مليارات دولار، فيما سيرتفع ونهاية العام الحالي لنحو 10.5 مليار دولار.

وأضاف السيسي موضحا: «كل تفاصيل الإفك والمكر التي شهدتها مصر خلال السنوات العشر الماضية كانت امتدادا لحالة من عدم ثقة الإنسان المصري، لتبقي جزءا من الشخصية المصرية متشككة وغير واثقة في نفسها وفي بلدها»، مبرزا أن «الناس لم يصدقوا أننا نقوم بإنجاز طريق أو كوبري، واستكثروا على أنفسهم الطريق والكوبري، وقالوا هذا كثير، لكن أنا أقول لكم إن الطريق لا تزال طويلة بالعمل والمثابرة».

من جهته، قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن مصر ستكون قادرة العام المقبل على إنتاج كل احتياجاتها من المواد البترولية كالبنزين والسولار، مضيفا في كلمته أمام مؤتمر «حكاية وطن»: «سنستمر في استيراد النفط الخام، لكن سيتم تكريره داخل البلاد».

من ناحية أخرى، قال رئيس الوزراء إن مشروع ازدواج قناة السويس «قضى» على فكرة المسارات البديلة.

وتخطط مصر للانتهاء من مشروع تطوير القطاع الجنوبي للقناة في نهاية العام الحالي. ويهدف هذا المشروع إلى ازدواج القطاع الجنوبي للقناة بطول عشرة كيلومترات، تضاف إلى تفريعة جديدة لقناة السويس جرى شقها في 2015، ليزيد طولها من 72 إلى 82 كيلومترا، فضلا عن توسعة وتعميق القطاع الجنوبي، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام رسمية.

وقدم مدبولي للرئيس السيسي كتابا قال إنه «يوثق كل ما تم إنجازه في الدولة المصرية» على مدار السنوات الماضية تحت إدارة السيسي.


مقالات ذات صلة

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

يوميات الشرق الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً «سوشيالياً»، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)

مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

نجحت السلطات المصرية، الثلاثاء، في العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا غرق المركب السياحي «سي ستوري»، في الحادث الذي وقع قبالة سواحل البحر الأحمر.

محمد عجم (القاهرة)
رياضة عربية اللاعب المصري السابق محمد زيدان تحدث عن رفضه المراهنات (يوتيوب)

النجم المصري السابق محمد زيدان يفجِّر جدلاً بشأن «المراهنات»

فجَّر المصري محمد زيدان -اللاعب السابق بمنتخب مصر لكرة القدم، والذي كان محترفاً في الخارج- جدلاً بشأن المراهنات، بعد قيامه بدعاية لإحدى الشركات.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)

أبرز حوادث الغرق المصرية في البحر الأحمر

شهد البحر الأحمر على مدار السنوات الماضية حوادث غرق كثيرة، طالت مراكب سياحية وعبّارات، وخلَّفت خسائر كبيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».