البرهان يضع وزارات الحكومة تحت إشراف قادة الجيش

جدل وتساؤلات حول خطاب مسرب لقائد الجيش


قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
TT

البرهان يضع وزارات الحكومة تحت إشراف قادة الجيش


قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

كشف خطاب مسرب لرئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، عن أنه طلب وضع الوزارات والهيئات الحكومية تحت إشراف قادة الجيش الأعضاء في مجلس السيادة، هم: نائبه في الجيش الفريق شمس الدين كباشي، ومساعداه الفريق ياسر العطا والفريق إبراهيم جابر، ونائبه في مجلس السيادة، مالك عقار.

وبحسب المتابعات، فإن هذه التقسيمات بإشراف أعضاء المجلس على وزارات السلطة التنفيذية، تمت عقب انقلاب 25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي أطاح بحكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك.

مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني (موقع إكس)

وجاء الخطاب المسرب ممهوراً بتوقيع الأمين العام لمجلس السيادة، محمد الغالي، وموجهاً إلى رئيس الوزراء المكلف، عثمان حسين عثمان. واستعبدت التوجيهات، بحسب الخطاب الصادر بتاريخ 11 سبتمبر (أيلول) الحالي، عضويْ مجلس السيادة، الهادي إدريس والطاهر حجر، اللذين اتخذا موقفاً محايداً من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات «الدعم السريع».

تكليفات

وكلف الخطاب نائب رئيس المجلس، مالك عقار، بالإشراف على وزارات الطاقة والنفط، والتربية والتعليم، والتنمية الاجتماعية، والتعليم العالي، والصحة، والثقافة والإعلام، والشباب والرياضة والشؤون الدينية والأوقاف. ويشرف نائب قائد الجيش، شمس الدين كباشي، على وزارة شؤون مجلس الوزراء، ووزارات الخارجية والداخلية والحكم الاتحادي والمعادن والعدل والري والموارد المائية. وكُلف عضو المجلس ياسر العطا بالإشراف على وزارات الدفاع والمالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي والنيابة العامة وديوان المراجع العام. أما عضو المجلس إبراهيم جابر فكُلف بالإشراف على وزارات الثروة الحيوانية والزراعة والتجارة والتموين والصناعة والاستثمار والتعاون الدولي والاتصالات والنقل.

الفريق شمس الدين كباشي نائب قائد الجيش (سونا)

وأعاد البرهان، بعد عدة أشهر من الانقلاب، تعيين 15 وزيراً مكلفاً، مع الإبقاء على حصص وزارات الفصائل المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام 2020. وحل الوزراء الجدد في الوزارات التي كان يشغلها الشريك المدني في الحكم، ائتلاف «قوى الحرية والتغيير». ومن أبرز الوزراء المكلفين الذين عينهم البرهان عقب الانقلاب، علي الصادق علي لوزارة الخارجية، ومحمد عبد الله محمود لوزارة الطاقة والنفط.

تساؤلات

وأثار تسريب الخطاب في هذا التوقيت الكثير من الجدل والتساؤلات، في ظل ما يتردد عن نوايا رئيس مجلس السيادة تشكيل حكومة تصريف أعمال، مقرها مدينة بورتسودان، شرقي البلاد، وتهديدات قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو الشهير باسم «حميدتي»، بتشكيل حكومة موازية لها في العاصمة الخرطوم.

الفريق ياسر العطا مساعد قائد الجيش (سونا)

وفيما يشبه التعليق على الخطاب المسرب، كتب المستشار السياسي لقائد قوات «الدعم السريع»، يوسف عزت، على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، أن الحديث عن حكومة قائمة الآن وأسماء وزراء مكلفين يمارسون مهامهم في الدولة السودانية استناداً إلى شرعية انقلاب 25 أكتوبر، وفي ظل الانهيار الدستوري الذي حدث بعد إشعال «فلول النظام البائد» داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، حرب 15 أبريل (نيسان)، هو «بحث عن سلطة على جماجم شعبنا». وقال إن هذه محاولة بائسة لقطع الطريق أمام تأسيس الدولة السودانية الجديدة القائمة على العدالة والسلام والحكم المدني الديمقراطي والنظام الفيدرالي الحقيقي.

الفريق ابراهيم جابر مساعد قائد الجيش (أرشيفية متداولة)

وأضاف أن شبق «الفلول» للسلطة وممارستها الشكلية سيدفعان بالبلاد إلى هاوية أكثر عمقاً، وسيفرض ضرورة قيام سلطة بديلة تلغي كل هذا الفساد والممارسات باسم السودان.

وكان البرهان تعهد في خطابه أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة الماضي، بنقل السلطة إلى المدنيين بعد إيقاف الحرب، مقللاً من أهمية تصريحات قائد «الدعم السريع» بتشكيل حكومة في البلاد، معتبراً أن هذه التهديدات هي «من باب الاستهلاك السياسي».


مقالات ذات صلة

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

شمال افريقيا رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»

محمد أمين ياسين (ودمدني السودان)
شمال افريقيا إيمان وأيمن التوأمان داخل وحدة سوء التغذية بمستشفى الأطفال بأم درمان (نيويورك تايمز)

«فسيفساء جبهات القتال المتغيرة» في السودان

ديكلان والش، كبير مراسلي صحيفة «نيويورك تايمز» في أفريقيا، يكتب من السودان... بلد لم يتمكن سوى عدد قليل من الصحافيين من الدخول إليه وسط حرب أهلية.

ديكلان والش (نيروبي)
شمال افريقيا رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه شاحنات الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر «أدري» الحدودي الحيوي مع تشاد.

ديكلان والش (نيويورك)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

«الخارجية السودانية»: ندرس المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار

تقتصر المحادثات بين طرفي القتال في السودان؛ الجيش و«الدعم السريع»، على بحث وقف إطلاق النار والعنف في جميع أنحاء البلاد، لتمكين وصول المساعدات.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا مسلّحون من «الدعم السريع» في سنار (مواقع التواصل)

«الدعم السريع» يعلن الاستيلاء على السوكي وإحكام الحصار على سنار

تعد مدنية السوكي واحدة من مدن ولاية سنار الاستراتيجية وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 300 كيلومتر.

أحمد يونس (كمبالا)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
TT

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة، بعدما أفادت تحقيقات أولية، السبت، بأن «الماس الكهربائي أحد الأسباب المسؤولة عن اشتعال النيران في حادثي (الموسكي) و(حارة اليهود)»، وهما الحريقان اللذان تسببا في سقوط 7 قتلى، إضافة إلى 6 مصابين، فضلاً عن خسائر مالية كبيرة.

وأشارت التحقيقات في الحادثين إلى أن الشرارة الأولى للنيران نتجت عن «ماس كهربائي»، قبل أن تمتد النيران لأماكن أخرى بسبب «وجود مواد قابلة للاشتعال نتيجة البضائع المخزنة في بعض العقارات».

وأخلت النيابة المصرية، السبت، سبيل صاحب مخزن الأحذية، الذي اشتعلت فيه النيران بعد توقيفه، الجمعة، عقب اندلاع حريق في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي. وتبيّن لسلطات التحقيق «عدم حصول صاحب مخزن الأحذية على تصريح بتحويل شقته إلى مخزن للأحذية».

و«الماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي مسؤول عن 18.4 في المائة من إجمالي مسببات الحرائق بمصر العام الماضي»، وفق «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء»، الذي رصد في تقريره السنوي، الصادر في فبراير (شباط) الماضي، تراجع معدلات الحرائق في مصر من «51963 حريقاً عام 2020 إلى 45345 حريقاً في 2023»، وبنسبة انخفاض عن عام 2022 الذي شهد اندلاع «49341 حريقاً».

سيارات الإطفاء عقب إخماد حريق كبير أدى إلى تدمير متاجر «شهيرة» في وسط القاهرة (رويترز)

وأرجع الخبير الأمني المصري، محمد عبد الحميد، تكرار وقوع حوادث «الماس الكهربائي» لـ«عدم الالتزام بضوابط الحماية المدنية، في حين يتعلق بالأكواد المنظمة لعمليات التشغيل والحمل الكهربائي، مع وجود محال ومخازن تحتاج إلى تغيير العدادات، ووصلات الكهرباء الخاصة بها، نتيجة زيادة الأحمال بإضافة أجهزة وتشغيلها بشكل مستمر»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «غياب الرقابة والتفتيش الدوري على هذه الأماكن يعزز من فرص زيادة المخالفات المرتكبة».

وبحسب الخبير الأمني المصري، فإن «شبكات الكهرباء في المنازل تختلف عن المخصصة للمخازن، إضافة إلى أن بعض السلع والأدوات التي يجري تخزينها تكون بحاجة إلى درجة حرارة معينة»، لافتاً إلى أن بعض الأجهزة الحديثة، التي يجري استخدامها على غرار «غلايات المياه»، أو أجهزة تسخين الطعام، تكون بحاجة لضغط كهربائي عالٍ، الأمر الذي يؤدي لحدوث «شرارات»، ومع وجود مواد قابلة للاشتعال بجوارها «يتحول الأمر لحريق لا يمكن السيطرة عليه عن طريق الشخص؛ لكن يتطلب قوات الإطفاء المدربة».

ورأى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن محسب، أن «الحرائق تزداد عادة خلال الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل كبير»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» ضرورة «تنفيذ ضوابط مراقبة، ومتابعة التزام جميع المواقع بإجراءات الحماية المدنية». وأضاف عضو «النواب» أنه قدّم إحاطة برلمانية في مارس (آذار) الماضي لرئيس مجلس الوزراء عن «خطة الحكومة بشأن توافر وسائل الأمان لإخماد حوادث الحرائق، من دون حدوث أضرار ضخمة، وذلك بعد الحريق الذي نشب في استوديو (الأهرام) بالجيزة».

وتسبب «ماس كهربائي» في حريق هائل باستوديو «الأهرام»، أسفر عن تدمير بلاتوهات تصوير عدة داخل الاستوديو، إضافة إلى امتداد النيران للعقارات المجاورة، وتدمير عدد من الشقق السكنية.

سيارة إطفاء خلال إخماد حريق «الموسكي» الجمعة (رويترز)

عودة إلى الخبير الأمني المصري، الذي أكد وجود أسباب عدة لحدوث «الماس الكهربائي»، من بينها «عدم انتظام تيار الضغط الكهربائي لأي سبب من الأسباب، أو انصهار أسلاك بسبب تهالكها، وعدم تجديدها، خصوصاً في المباني القديمة بوسط القاهرة، التي لا تشهد عادة إعادة تأهيل، بما يتناسب مع طبيعة الأنشطة التي تمارس داخلها»، مشدداً على «ضرورة الالتزام بوجود التجهيزات اللازمة لإطفاء الحرائق حال حدوثها، وبما يتناسب مع المواد القابلة للاشتعال التي تكون موجودة بهذه الشقق».

كما شدد النائب البرلماني على «تطبيق الاشتراطات الخاصة بالأمن الصناعي في مختلف الأسواق، وعدم الاكتفاء بتحرير محاضر مخالفات من دون متابعة ما يجري بعد ذلك من إجراءات».