«الجامعة العربية» تدعو إلى مضاعفة التمويل لمواجهة «أزمة الغذاء»

اجتماع في القاهرة لبحث تأثير الحرب الروسية و«الجائحة» على سلاسل الإمداد

أبو الغيط خلال اجتماع وزراء الزراعة العرب بالقاهرة (جامعة الدول العربية)
أبو الغيط خلال اجتماع وزراء الزراعة العرب بالقاهرة (جامعة الدول العربية)
TT

«الجامعة العربية» تدعو إلى مضاعفة التمويل لمواجهة «أزمة الغذاء»

أبو الغيط خلال اجتماع وزراء الزراعة العرب بالقاهرة (جامعة الدول العربية)
أبو الغيط خلال اجتماع وزراء الزراعة العرب بالقاهرة (جامعة الدول العربية)

دعت جامعة الدول العربية (الثلاثاء) إلى مضاعفة التمويل لمواجهة «أزمة الغذاء». ووجّه أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في كلمته خلال اجتماع وزراء الزراعة العرب بالقاهرة، نداءً عاجلاً لحشد الدعم المالي اللازم لإقامة مشروعات عربية تسد ما سماها «فجوة الغذاء».

واستضافت جامعة الدول العربية، (الثلاثاء)، اجتماعاً وزارياً عربياً، دعا له أبو الغيط، لمناقشة قضية «الأمن الغذائي العربي والتمويل»، بحضور وزراء الزراعة العرب، وممثلي مؤسسات التمويل، والاتحادات، والقطاع الخاص.

وقال أبو الغيط، في كلمته في افتتاح الاجتماع، إن «الأمن الغذائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي»، مشيراً إلى أن «جائحة (كورونا) كشفت خطورة الاعتماد على سلاسل الإمداد العالمية، وجاءت الحرب الروسية - الأوكرانية لتؤكد ضرورة الاستعداد لتراجع الواردات، لا سيما الحبوب؛ التي تمثل وحدها نصف فجوة الغذاء العربية، ناهيك عن التأثيرات السلبية الشديدة لارتفاع الأسعار على نحو مفاجئ».

وسبق أن اعتمدت القمة العربية في الجزائر نهاية العام الماضي، استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة، وغيرها من المبادرات لمواجهة أزمة الغذاء، مع التوجيه بمتابعة تنفيذ الخطط في هذا الصدد، بالتعاون بين الدول الأعضاء ومؤسسات التمويل.

لكنّ جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أوضح أن «عائق نقص التمويل حال دون تنفيذ الخطط والاستراتيجيات العربية لتحقيق الأمن الغذائي»، مشيراً إلى تحذير أبو الغيط من «تزايد فجوة الغذاء».

وفي هذا الصدد، لفت الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى «تزايد فجوة الغذاء، والمقدرة حالياً بأكثر من 100 مليون طن من المنتجات الغذائية، متأثرة بعدد من العوامل المتداخلة والمُعقدة منها تزايد عدد سكان الوطن العربي، الذي من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2050 ليبلغ ما يقرب من 800 مليون نسمة، إضافة إلى تراجع معدلات تساقط الأمطار بسبب التغير المناخي».

وأعرب أبو الغيط عن «قلقه من تدهور مؤشرات الأمن الغذائي، ما يستدعي تحركاً سريعاً لتعزيز القدرات العربية في مجال إنتاج الغذاء، وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد».

وركز الأمين العام لجامعة الدول العربية على التمويل بوصفه وسيلة لمواجهة الأزمة. وقال إن «تقليص فجوة الغذاء العربية يتطلب حتماً تفعيل آلية تمويل عربية تضمن تدفق رؤوس الأموال بشكل دائم، وتشجع الاستثمار في المشروعات المستدامة».

الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال مشاركته في اجتماع وزراء الزراعة العرب بالقاهرة (جامعة الدول العربية)

وتضمنت مقترحات أبو الغيط لمواجهة «فجوة الغذاء»، الدعوة إلى «استغلال النقاش الدولي حول إصلاح النظام المالي العالمي، في ضوء تداعيات الجائحة، والحرب الروسية - الأوكرانية، للمطالبة بإصلاحات تؤدي إلى منح تسهيلات مالية ضرورية، وقروض مُيسرة موجهة لرفع قدرات الدول العربية في مجال إنتاج السلع الغذائية الأساسية ومدخلاتها».

وأكد أبو الغيط أن «الأمن الغذائي العربي، سيظل مطروحاً على أجندة العمل العربي المشترك خلال الفترة المقبلة، وسيكون حاضراً على أجندة القمة التنموية الخامسة المُقرر عقدها في موريتانيا، والتي ستتطرق إلى موضوع التمويل».

وتستعد موريتانيا لاستضافة مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الخامسة، المقرر عقدها في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ويتضمن جدول أعمالها مناقشة قضية الأمن الغذائي.

وخلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الزراعة العرب، أكد وزير الزراعة المصري، السيد القصير، أن «قضية الأمن الغذائي أصبحت من القضايا المحورية إقليمياً وعالمياً، وواحدة من أكثر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء»، مستعرضاً تجربة بلاده في زيادة الرقعة الزراعية. وأوضح أن «قطاع الزراعة في المنطقة العربية ما زال يواجه الكثير من التحديات، منها ما هو متعلق بالشح المائي، والتصحر وتدهور الأراضي، وتفتيت الحيازة الزراعية، ونقص العمالة المدربة، والتكنولوجيات الحديثة المتعلقة بالممارسات الزراعية، فضلاً عن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية».

وشدد على «أهمية التكامل الزراعي العربي المشترك للتغلب على تلك المشكلات والقضاء عليها مع تعزيز التجارة البينية، وتوجيه الاستثمار، وتوفير التمويل المحفز والميسر للنهوض بالقطاع الزراعي».


مقالات ذات صلة

الناشط المصري أحمد دومة مهدّد بالحبس مجدّداً بسبب ديوان شعر

العالم العربي دومة خلال توقيع نسخ من ديوانه (حسابه على فيسبوك)

الناشط المصري أحمد دومة مهدّد بالحبس مجدّداً بسبب ديوان شعر

يواجه الناشط المصري أحمد دومة شبح الحبس مجدّداً على خلفية ديوانه الشعري «كيرلي» الذي أُعيد إصداره مؤخراً، بعد بلاغات ضده بتهمة «ازدراء الأديان».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

أرّق «غلاء البيض» أسراً مصرية مجدداً، وسط «اتهامات للتجار برفع الأسعار»، وتحركات حكومية بالتدخل لحل الأزمة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)

«التقييم الأسبوعي للطلاب»... هل يحدّ من الغياب بالمدارس المصرية؟

تأكيدات من وزارة التربية والتعليم المصرية بـ«استمرار تطبيق نظام التقييم والواجبات الأسبوعية» على الطلاب في المدارس.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الطيران المدني المصري سامح الحفني خلال لقاء عضو مجلس الوزراء السعودي عصام بن سعد بن سعيد (مجلس الوزراء المصري)

السعودية ومصر تعززان التعاون في مجال الطيران المدني

رحّب وزير الطيران المدني المصري بوزير الدولة السعودي والوفد المرافق له، وأشاد بقوة وعمق العلاقات الثنائية الممتدة بين مصر والمملكة العربية السعودية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك.

أحمد عدلي (القاهرة )

عام على «حرب غزة»... «مسار مُعقد» لجهود الوسطاء يترقب انفراجة

فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

عام على «حرب غزة»... «مسار مُعقد» لجهود الوسطاء يترقب انفراجة

فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

عقبات عديدة على مدار عام حاصرت جهود الوسطاء خلال مساعيهم لوقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء أطول حرب بين إسرائيل و«حماس» التي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولا تزال مستمرة، وسط ترقب لانفراجة تنهي الأزمة التي طالت شظاياها دول أخرى في المنطقة، ومخاوف من اتساعها لحرب إقليمية.

الوساطة التي بدأت مع الساعات الأولى للحرب، تراوح مكانها منذ عدة أسابيع مع استمرار «التعنت الإسرائيلي»، ورغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في استمرار الحرب التي حوّلت مساحات شاسعة من القطاع الفلسطيني المحاصر إلى ركام.

وبحسب رصد «الشرق الأوسط» واجهت جهود الوسطاء عدة «تعقيدات» على مدار العام أبرزها، تمسك «حماس» في الأشهر الأولى من المفاوضات بوقف دائم لإطلاق النار، بجانب إصرار نتنياهو على السيطرة على «محور فيلادليفا» والجانب الفلسطيني من معبر رفح المتاخمين لحدود مصر بخلاف الرغبة المصرية، فضلاً على وضع شروط بخصوص عودة النازحين من الجنوب للشمال لم تقبلها «حماس».

تلك العقبات التي لم تحلها 4 مقترحات رئيسية قدمها الوسطاء على مدار عام، يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها قادت إلى «مسار معقد» بسبب تراخٍ أميركي في الضغط على نتنياهو. وتوقع الخبراء أن تستمر الأزمة بانتظار ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

وبعد أن تسلمت إسرائيل 109 من رهائن كانوا لدى «حماس» بموجب هدنة أبرمها الوسطاء في 24 نوفمبر 2024 استمرت أسبوعاً، قلب نتنياهو الطاولة وعاد للحرب، «وكان كلما يقترب (الوسطاء) من اتفاق في غزة يواجهون سياسات إسرائيلية استفزازية لا تستهدف سوى مزيد من التصعيد»، وفق تصريحات صحافية لوزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، قبل شهر.

ومع قرب إبرام اتفاق تهدئة ثانٍ خلال محادثات شهدتها باريس في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، رفض نتنياهو الاتفاق بدعوى «وجود فجوات كبيرة» لم يحددها، وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية وقتها، قبل أن يعتبر مطالب «حماس» «وهمية وغير جادة في حل وسط»، وذلك عقب مفاوضات استضافتها القاهرة في 13 فبراير (شباط) الماضي. كما لم تسفر محادثات «باريس 2» في نهاية فبراير الماضي، عن جديد، مع حديث إذاعة الجيش الإسرائيلي عن أن «(حماس) بعيدة عما ترغب إسرائيل بقبوله»، وكذلك لم تصل مفاوضات بالدوحة في 18 مارس (آذار) الماضي، لانفراجة، وتكرر التعثر في محادثات القاهرة في 7 أبريل (نيسان) 2024، مع تمسك «حماس» بوقف إطلاق دائم لإطلاق النار قبل إبرام أي تهدئة.

وباعتقاد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، فإن «نتنياهو كان واضحاً منذ الشهور الأولى، في عرقلة المفاوضات تحت أي ذريعة، غير عابئ بوساطة واشنطن»، لافتاً إلى أن عدم الضغط الحقيقي من إدارة بايدن شجعه على الاستمرار في إشعال الحرب.

رد فعل فتاة فلسطينية بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين قرب مخيم جباليا (أ.ف.ب)

ويتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والمحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، قائلاً: «ما أوصلنا لهذا المسار المعقد، هو التراخي الأميركي في الضغط على نتنياهو، الذي حرص على مواصلة الحرب لضمان البقاء السياسي، مما جعل التوصل لاتفاق صعباً، لا سيما بالأشهر الأولى».

وكان مايو (أيار) الماضي الأقرب لإبرام اتفاق، مع طرح الوسيط المصري مقترحاً يفضي لوقف دائم لإطلاق النار، غير أن نتنياهو هدد باجتياح رفح الفلسطينية، ومع قبول «حماس» بالمقترح المصري في الـ6 من الشهر ذاته، وحديث الرئاسة المصرية عن «تطورات إيجابية»، نفذ نتنياهو تهديده، واتهمته الدوحة في 14 من الشهر ذاته بـ«إدخال المفاوضات في طريق مسدود».

وعاد مسار المفاوضات سريعاً في 31 مايو الماضي بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن خريطة طريق لوقف كامل وتام لإطلاق النار، وسط ترحيب من «حماس»، وتمسك نتنياهو باستمرار الحرب.

وتحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في أغسطس (آب) الماضي، عن أنها اطلعت على وثائق غير منشورة تظهر أن نتنياهو «يعرقل المفاوضات ووضع شروطاً جديدة قبل انعقاد محادثات روما، منها السيطرة على (محور فيلادلفيا)»، بينما نفى مكتب نتنياهو ذلك، وأرسل وفداً في محادثات استضافتها الدوحة في 16 من الشهر ذاته، أسفرت عن تقديم واشنطن مقترحاً جديداً بهدف سد الفجوات المتبقية، على أن تبحث في جولة بالقاهرة، ولم تذهب هي الأخرى لانفراجة.

دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وكانت تلك الشهور الأخرى، بحسب أنور، «دليلاً جديداً للتأكيد على مواصلة حكومة نتنياهو إفساد المفاوضات وانتهاج سياسة حافة الهاوية»، و«نتيجة تلك السياسة الإسرائيلية، تزايدت العقبات أمام التوصل لاتفاق»، وفق الرقب.

وأمام كل هذه المعوقات كان الدوران المصري والقطري بالمقابل يتمسكان باستمرار المفاوضات، وفق تأكيد وزير الخارجية المصري، في كلمة بالأمم المتحدة أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي تصريحات صحافية لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل أيام.

هذا التمسك بمواصلة المفاوضات، لا سيما من الوسيطين المصري والقطري، يعني أن «هناك ترقباً لانفراجة قد تأتي مع رفض جبهة لبنان فصل غزة عن أي اتفاق أو تسوية قد تتم، ومع تزايد الضغوط على نتنياهو لمنع اتساع الحرب»، بحسب أنور، الذي أشار إلى أن «فرص الانفراجة الكبرى ستكون بعد انتهاء الانتخابات الأميركية».

في المقابل، يعتقد الرقب أن فرص عقد اتفاق بغزة قبل الانتخابات الأميركية لا تتجاوز 10 في المائة، مع سعي نتنياهو للبقاء في «محور فيلادلفيا»، مرجحاً أن «تستمر الحرب عاماً جديداً حتى لو وصل رئيس أميركي جديد للحكم».