حمدوك: دعوة الأمم المتحدة للبرهان تشجع الانقلابات

«الدعم السريع»: أسقطنا طائرة «ميغ» تابعة للجيش السوداني

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
TT

حمدوك: دعوة الأمم المتحدة للبرهان تشجع الانقلابات

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

احتج رئيس الوزراء السوداني المستقيل عبد الله حمدوك، على دعوة الأمم المتحدة لقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، عاداً إياها ترسل إشارات خطيرة للغاية ومشجعة للانقلابات العسكرية في القارة الأفريقية.

وبعث حمدوك، مع أعضاء في مجلسي السيادة والوزراء اللذين أطاح بهما الجيش في انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، رسالة إلى الأمين العام للمنظمة الأممية أنتوني غوتيريش، قالوا فيها إن «هذه الدعوة تتناقض مع المواقف الدولية الرافضة للانقلاب الذي أوقف عملية التحوّل الديمقراطي في السودان».

ووقع على الرسالة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، بالإضافة إلى حمدوك، ثلاثة من أعضاء مجلس السيادة، وهم محمد الفكي سليمان، والطاهر حجر، ومحمد حسن التعايشي، كما وقع عليها وزراء بارزون في حكومة حمدوك، على رأسهم وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف.

البرهان يحذر في الأمم المتحدة من تمدد حرب السودان إلى الدول المجاورة

انهيار دستوري

وقالت حكومة حمدوك المدنية الانتقالية في رسالتها للأمم المتحدة، إن المكون العسكري، برئاسة الفريق البرهان، قاد انقلاباً عسكرياً على الحكومة المدنية الانتقالية، ما أدى إلى حدوث انهيار دستوري كلي في البلاد، ترتب عليه وجود حكومة أمر واقع، ثم انهارت هي الأخرى مع اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) الماضي، التي كانت نتيجة مباشرة للانقلاب على الحكومة المدنية الذي قام به طرفا الحرب الحالية وهما الجيش وقوات «الدعم السريع».

كما أشارت الرسالة إلى مواقف الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي التي عبرت عن رفضها للانقلاب العسكري، الذي قوض حكومة حمدوك المدنية، وأوقف عملية التحول الديمقراطي في السودان، وذلك باتخاذ قرارات تدين الانقلاب وتطالب بإعادة السلطة إلى المدنيين.

تصاعد الدخان فوق العاصمة الخرطوم جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)

تناقض مواقف

وعدت الرسالة دعوة قائد الجيش لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ممثلاً للسودان، تتناقض مع المواقف الدولية المعلنة، وتساهم في إطالة أمد الحرب الجارية حالياً في السودان، كما أنها ترسل إشارات خطيرة للغاية ومشجعة للانقلابات العسكرية التي زادت مؤخراً في القارة الأفريقية.

وفي 25 من أكتوبر أعلن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، حل مجلسي السيادة والوزراء وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، واعتقال رئيس الوزراء، وعدد من أعضاء مجلس السيادة والوزراء في السلطة التنفيذية.

وإزاء تلك الإجراءات التي اتخذها الجيش السوداني، علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان، بسبب ما وصفه بالاستيلاء غير الدستوري على السلطة، وجمدت الولايات المتحدة الأميركية والبنك الدولي مساعدات للسودان، واشترطت استئنافها بتسليم السلطة للقوى المدنية.

برج شركة «النيل» أكبر شركات النفط في السودان يحترق وسط معارك ضارية 17 سبتمبر (أ.ف.ب)

إسقاط طائرة «ميغ»

وميدانياً، أعلنت قوات الدعم السريع، يوم الاثنين، إسقاط طائرة عسكرية من طراز «ميغ» تابعة للجيش السوداني، في وقت تصاعدت وتيرة المعارك في عدة مناطق بمدن العاصمة الخرطوم. وأفاد مقيمون في أحياء متاخمة لقيادة الجيش بوسط الخرطوم، باندلاع اشتباكات عنيفة وتبادل القصف المدفعي وبالأسلحة الثقيلة بين الطرفين حول المقر العسكري المهم للجيش. ولليوم العاشر على التوالي تهاجم قوات الدعم السريع قيادة الجيش، بهدف السيطرة عليه.

ووفقاً للشهود تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» قصف الجيش بالطائرات المسيرة القوات المهاجمة ما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان السوداء بكثافة في المنطقة المستهدفة، كما شنت بالمسيرات غارات متتالية على معسكر الدعم السريع في المدينة الرياضية جنوب الخرطوم.

وسمع دوي قصف مدفعي قوي على أحياء الجريف غرب وبري وامتداد ناصر وشرق النيل، وجميعها بالعاصمة الخرطوم.

وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، إسقاط طائرة حربية تابعة للجيش من طراز «ميغ»، وهي الثانية في غضون يومين.

وقالت قوات الدعم السريع إن الطائرة «قصفت المدنيين الأبرياء وظلت تدمر المنشآت العامة والأسواق. وانتهج الفلول وعناصر نظام المؤتمر الوطني البائد بقيادة البرهان سياسة الأرض المحروقة بالقصف المتعمد للأحياء السكنية والأسواق والمنشآت الحيوية في مدن العاصمة الثلاث وبعض الولايات بدارفور وكردفان، مما تسبب في مقتل وإصابة آلاف المدنيين الأبرياء».


مقالات ذات صلة

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».