ليبيا: «الاستقرار» تطالب بالتعجيل بمشاريع إعادة إعمار درنة المنكوبة

المنظمة الدولية للهجرة: الفيضانات أدت إلى نزوح أكثر من 43 ألف شخص

الوفد الأميركي خلال اجتماع مع رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (السفارة الأميركية)
الوفد الأميركي خلال اجتماع مع رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (السفارة الأميركية)
TT

ليبيا: «الاستقرار» تطالب بالتعجيل بمشاريع إعادة إعمار درنة المنكوبة

الوفد الأميركي خلال اجتماع مع رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (السفارة الأميركية)
الوفد الأميركي خلال اجتماع مع رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (السفارة الأميركية)

في أحدث ظهور إعلامي له، طالب عبد المنعم الغيثي، عميد بلدية درنة الليبية، المُقال من منصبه، المجتمع الدولي بـ«تشكيل لجنة تقصي حقائق تقنية للتحقيق، وكشف ما حدث في المدينة»، بينما طالبت حكومة الاستقرار «الموازية» في شرق البلاد بـ«التعجيل بمشاريع إعادة إعمار المدينة المنكوبة».

ونقلت كلوديا جازيني، كبيرة محللي ليبيا بمجموعة الأزمات الدولية عن الغيثي، الذي أُقيل بعد الفيضانات الكارثية التي ضربت مدينته، رسالة للمجتمع الدولي، يدعو فيها لتعيين لجنة تحقيق فنية لتسليط الضوء على ما حدث في المدينة.

وتزامنت هذه التصريحات مع تأكيد النائب العام الليبي الصديق الصور تحديد عدد من المتهمين في قضية انهيار سدي درنة، التي راح ضحيتها الآلاف.

وقال في تصريحات تلفزيونية، مساء (الأربعاء) إن «النيابة باشرت تحقيقاتها وعملها في مكاتب درنة وبنغازي وطرابلس». واعتبر أن التحقيقات «ستطال مسؤولين، وستمتد لوقائع منذ 20 عاماً». كما تعهد بظهور قريب للنتائج، موضحاً أن التقصير أو الفساد المالي والإداري في ملف سدود درنة «بدأ منذ أكثر من عقدين من الزمن».

اجتماع حماد مع ممثلي الشركات المصرية وزيارته برفقة السفير التركي لدرنة (حكومة الاستقرار)

من جهته، طالب أسامة حماد، رئيس حكومة الاستقرار «الموازية»، خلال لقائه مساء (الأربعاء) مع بعض ممثلي الشركات المصرية «ببدء الإعمار في مدينة درنة وضواحيها، عقب الانتهاء من عمليات البحث والإنقاذ»، مشدداً على «ضرورة التعجيل بالمشاريع في المدينة، لما لها من أهمية في تقديم الخدمات للمواطنين في المناطق المنكوبة».

وتفقد حماد اليوم (الخميس) رفقة بعض وزرائه والسفير التركي كنعان يلماز مدينة درنة المنكوبة، للوقوف على حجم الأضرار التي لحقت بالمدينة، بالإضافة إلى زيارة المستشفى الميداني التركي الذي أنشأته الحكومة التركية لتقديم المساعدة لضحايا الإعصار.

وأشاد حماد بالدعم والتعاون الذي تقدمه فرق الإنقاذ التركية منذ وصولها إلى درنة، مبرزاً أنه ساهم في إنقاذ حياة العديد من الأشخاص، الذين كانوا تحت أنقاض المباني التي جرفتها السيول والفيضانات.

سكان درنة يسابقون الزمن لإعادة الحياة إلى مدينتهم المنكوبة (رويترز)

في غضون ذلك، نفى مسؤول في الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، «وجود عداء مع الإعلاميين». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك فوضى في تعامل بعض الصحافيين مع عمليات الإنقاذ، وإصرارهم على إجراء مقابلات خلال العمل، فتقرر ضبط الأمور وإبعادهم عن هذه المناطق، خاصة مع المخاوف من انتشار بعض الأمراض».

كما أكد اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر، أنه «لا صحة لمنع بعض فرق الإنقاذ الدولية من دخول درنة»، مشيراً إلى «ترحيب الجيش بالجميع، سواء فرق إنقاذ أو من قدموا معونات إنسانية وطبية». وانتقد وجود ما وصفه بتوظيف سياسي من بعض الجهات لكارثة درنة.

في سياق ذلك، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في أحدث إحصائية لها، نزوح أكثر من 43 ألف شخص، بسبب الفيضانات الكاسحة التي شهدها شرق ليبيا، لا سيما مدينة درنة. وحذرت من أن «نقص إمدادات المياه قد يكون دفع بكثير من النازحين إلى مغادرة درنة للتوجه إلى مدن أخرى في شرق وغرب البلاد»، مبرزة أن الاحتياجات الملحة للأشخاص النازحين «تشمل المواد الغذائية والمياه العذبة والصحة العقلية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي».

قوات الأمن توزع مساعدات غذائية على عدد من المتضررين من الفيضانات التي ضربت درنة (أ.ف.ب)

في المقابل، أعلن رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، عودة خدمات الاتصالات والإنترنت إلى درنة والمنطقة الشرقية، وأصدر تعليماته لرؤساء ومنسقي فرق الاستجابة والطوارئ والإسعاف والبحث والإنقاذ بأهمية استمرار التنسيق مع رئيس الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة، قبل مغادرة المناطق المنكوبة المكلفين بالعمل في نطاقها.

في غضون ذلك، استبق مايكل لانجلي، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، وريتشارد نورلاند السفير والمبعوث الأميركي الخاص، اجتماعهما المقرر مع المشير حفتر في بنغازي، اليوم (الخميس) بـ«الدعوة مجدداً لإنشاء حكومة موحدة في البلاد، وتشكيل قوة عسكرية تضم طرفي الصراع العسكري في الشرق والغرب».

وقال لانجلي إنه كرر خلال الاجتماع مع محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي بطرابلس، دعم الولايات المتحدة لجهود الإغاثة الليبية من الفيضانات، مشيراً إلى وقوف بلاده إلى جانب الشعب الليبي في دعوته للوحدة الوطنية، إثر الفاجعة التي ألمت بشرق البلاد، موضحاً أنه أكد في لقائه مع الدبيبة دعم الولايات المتحدة للجهود الليبية لمساعدة المحتاجين في المناطق المتضررة من الفيضانات. واعتبر أنه «قد أصبح من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن يعمل جميع القادة السياسيين الليبيين معاً لخدمة الشعب الليبي».

كما أوضح أنه ناقش مع محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، كيف يمكن للجيش في الشرق والغرب أن يدعم بشكل مشترك جهود الإغاثة في المناطق المتضررة من الفيضانات، وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد، وقال بهذا الخصوص: «نحن متفقون على أن الجهود الرامية إلى إعادة توحيد الجيش الليبي، ومواصلة العمل على قوة مشتركة بين الشرق والغرب، هي ذات أهمية حيوية لضمان السلم والاستقرار الذين يستحقهما الشعب الليبي».


مقالات ذات صلة

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.