الجزائر تقرّ إجراءات «صارمة» لوقف «هروب» الأطباء للخارج

1200 منهم التحقوا بالعمل في مستشفيات فرنسية خلال سنة واحدة فقط

مظاهرة سابقة للأطباء في العاصمة عام 2011 (الشرق الأوسط)
مظاهرة سابقة للأطباء في العاصمة عام 2011 (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر تقرّ إجراءات «صارمة» لوقف «هروب» الأطباء للخارج

مظاهرة سابقة للأطباء في العاصمة عام 2011 (الشرق الأوسط)
مظاهرة سابقة للأطباء في العاصمة عام 2011 (الشرق الأوسط)

قرّرت الحكومة الجزائرية وقف المصادقة على شهادة الطب وفروعه لمنع «الهجرة الجماعية» للأطباء الجزائريين إلى فرنسا. علماً أن وزارة الصحة الفرنسية تشترط نسخة مُصادَق عليها لشهادة الطبيب الأجنبي، شرطاً للمشاركة في اختبار يجري كل سنة للتأكد من صحة التكوين العلمي الذين تلقاه في بلاده.

وعبّرت «النقابة الوطنية للأطباء» في رسالة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري، كمال بداري، عن «قلقها» بسبب ما أسمته «تجميد التصديق على الشهادات» منذ أربعة أشهر. مؤكدة أن الإجراء يطال المتخرجين من كليات الطب والصيدلة وجراحة الأسنان، دون بقية التخصصات الجامعية.

وتحدثت النقابة في رسالتها عن «مسّ بالحريات الفردية»؛ كون القرار، الذي لم يعلن عنه بشكل رسمي، يحرم الطبيب المتخرج حديثاً من العمل في الخارج، بعكس أصحاب الشهادات الأخرى في مختلف التخصصات، ولفتت إلى مادة في الدستور تؤكد حق المواطن في التنقل بكل حرية داخل البلاد والخروج منها، وطالبت الوزير بـ«تنظيم نقاش حول هذه القضية المهمة».

وصرح إلياس مرابط، رئيس «النقابة الوطنية لممارسي الصحية العمومية»، للصحافة بأن الكثير من المتخرجين من كليات الطب حديثاً واجهوا رفض وزارة التعليم العالي التصديق على شهاداتهم، بينما لم يصدر أي نص رسمي، حسبه، يعلن عن هذا الإجراء. ورجح أطباء معنيون بالقرار تطبيقه بـ«تعليمات شفوية».

إلياس مرابط رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية (النقابة)

وأكد رئيس النقابة ذاتها أن الأطباء الجزائريين «يملكون حق مواصلة الدراسة في الخارج، واختيار البلد الذين يرغبون في الإقامة به. فالأمر يتعلق بحق عالمي يقتضي حفظه من أي تجاوز». مبرزاً «الطابع غير القانوني» للقرار، الذي لن يحل مشكلة هجرة الأطباء، حسبه، «بل سيولد توترات نحن في غنى عنها». وقال بهذا الخصوص: «يجب التوجه إلى الحلول الحقيقية، والتي تتمثل في تحسين الظروف المهنية للأطباء، ومراجعة الأجور».

وغادر العام الماضي 1200 طبيب جزائري إلى العمل في المستشفيات الفرنسية؛ وهو ما أثار جدلاً كبيراً في البلاد، طرح بحدة «جدوى الإنفاق الكبير للدولة على تدريس وتكوين مئات الأطباء كل عام».

وقد ساعد التكوين الذي يتم باللغة الفرنسية الأطباء الجزائريين على الإقامة في فرنسا بغرض العمل. كما أنهم ينجحون بسهولة في مسابقات معادلة الشهادة في فرنسا، التي تسمح لطبيب من خارج الاتحاد الأوروبي خوضها.

بقاط بركاني رئيس مجلس أخلاقيات الطب (الإذاعة العمومية)

وبحسب رئيس «مجلس أخلاقيات الطب»، بقاط بركاني، ينتمي 15 ألف طبيب جزائري إلى الكادر الطبي الفرنسي حالياً، تخرجوا كلهم من كليات الطب في بلدهم. موضحاً أن عدداً كبيراً من الأطباء المتخرجين حديثاً يواجهون البطالة بسبب عدم توفر مناصب الشغل. في حين يجد العاطلون عن العمل فرص التوظيف متوافرة بكثرة في فرنسا، التي تواجه مستشفياتها نقصاً في عدد الأطباء، حسبه.

وكان وزير الصحة السابق، عبد الرحمن بن بوزيد، قد أوضح أن ظاهرة هجرة الأطباء الجزائريين إلى الغرب، «تعرفها دول كثيرة أخرى كمصر والهند»؛ لتخفيف حدة الظاهرة في الجزائر.

عبد الحق سايحي وزير الصحة (وزارة الصحة)

ولما سُئل وزير الصحة الحالي، عبد الحق سايحي، مطلع العام الحالي في البرلمان عما فعلته الحكومة لوقف هجرة الأطباء، أكد أن وزارته أنشأت رتباً ومناصب جديدة في الطب، وخفضت من سنوات الأقدمية بهدف تسهيل الالتحاق بالوظائف الكبيرة. كما تحدث عن اتخاذ إجراءات لتشجيع الأطباء على العمل في محافظات الصحراء، حيث تشهد الهياكل الصحية نقصاً كبيراً في الكادر الطبي لأسباب عدة، أبرزها ظروف العيش الصعبة في هذه الأماكن، كقساوة المناخ، وضعف التعليم بالنسبة للأطفال، زيادة على تدني الأجور مما لا يحفز على مغادرة مدن الشمال.


مقالات ذات صلة

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

شمال افريقيا الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبّون: «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بـ«حوار شامل مع جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين» لكن دون تحديد موعد له (أ.ف.ب)

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

طالب قادة 3 أحزاب من المعارضة الجزائرية السلطة بـ«تكريس انفتاح سياسي حقيقي»، و«إطلاق تعددية حقيقية»، و«احترام الحريات العامة»، و«إطلاق مشروع للسيادة والصمود».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مع اندلاع حرب أوكرانيا باتت الجزائر «لاعباً أساسياً» ضمن كبار مصدري الطاقة إلى أوروبا (سوناطراك)

الطاقة تعزز مكانة الجزائر في أوروبا

كشفت بيانات حديثة نشرتها وكالة الإحصاءات الأوروبية «يوروستات» عن أن الجزائر تفوّقت على روسيا في أكتوبر الماضي في مجال تصدير الطاقة إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأحد على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا والوقوف مع الشعب السوري

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
TT

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد يوم السبت، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية، وإنها ترفض المشاركة في أي منبر بديل. وأضاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «خلال الزيارة تم تأكيد موقف السودان الثابت حول (منبر جدة)، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولا مجال للمشاركة في أي منبر آخر».

وكان الخريجي قد وصل العاصمة السودانية المؤقتة، بورتسودان، في زيارة لبضع ساعات التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، فيما قال إعلام مجلس السيادة إن اللقاء تناول أيضاً العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية السوداني أن الهدف من زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، الذي يزور السودان أيضاً، هو التعرف على مجريات الحرب في البلاد، وبحث سبل حماية المدنيين ومعالجة الملف الإنساني، موضحاً أن حكومته على استعداد للتعاون التام مع الأمم المتحدة. وكان لعمامرة قد قاد الاجتماع التشاوري الثالث لتنسيق مبادرات السلام في السودان، الإقليمية والدولية، الذي عقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي.

«قاعدة الزرق»

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الأحد، أنها استعادت السيطرة على القاعدة العسكرية في بلدة الزرق القريبة من مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان، بعد أن كانت قوات الجيش قد سيطرت عليها مساء السبت. وتضاربت التصريحات الرسمية بين طرفي الصراع في السودان - الجيش و«قوات الدعم السريع» - بشأن السيطرة على المنطقة المهمة الواقعة شرق مدينة الفاشر عاصمة الولاية.

وأعلن المتحدث باسم الحركات المسلحة التي تساند الجيش، أحمد حسين، أن قواتهم حققت نصراً استراتيجياً بتحرير منطقة «وادي هور» و«قاعدة الزرق» العسكرية ومطارها الحربي، لكن عناصر «قوات الدعم السريع» بثت، يوم الأحد، تسجيلات مصورة لقواتها من هذه المواقع، مؤكدة أنها تسيطر عليها تماماً.

وتضاربت تصريحات الطرفين حول السيطرة على هذه المواقع؛ إذ قال حسين في بيان نُشر على موقع «فيسبوك»، إنه تم دك حصون «قوات الدعم السريع»، وتطهير هذه المناطق الاستراتيجية من وجودهم بشكل كامل. وأضاف أن العملية العسكرية بدأت يوم السبت بتحرير قاعدة «بئر مرقي» والمطار العسكري، ثم السيطرة على «بئر شلة» و«دونكي مجور»، وصولاً إلى القاعدة الكبرى العسكرية في بلدة الزرق.

وقال إن «قوات الدعم السريع» هربت تاركة خلفها ما لا يقل عن 700 قتيل وجريح، فضلاً عن أسر عدد كبير منهم. كما تم تدمير أكثر من 122 آلية عسكرية، إضافة إلى السيطرة على 5 قواعد عسكرية تضم مطارين حربيين، ويجري فحص بقية المكاسب الاستراتيجية على مستوى القواعد والمطارات.

تطهير عرقي

أحد مخيمات النزوح في الفاشر (أ.ف.ب)

وأوضح في البيان أن هذه القواعد العسكرية كانت تمثل شرياناً لتهريب الأسلحة والوقود والمقاتلين من الدول المجاورة إلى داخل السودان، لمساندة «قوات الدعم السريع». وعدّ هذا التطور ضربة قاصمة لهذه القوات وأنه لم يعد لها أي وجود في قواعدها التاريخية بمنطقة وادي هور.

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان على «تلغرام»، إنها حررت، فجر الأحد، منطقة الزرق بولاية شمال دارفور، وطردت منها قوات الجيش والحركات المسلحة التابعة له، متهمةً هذه الحركات بارتكاب «تطهير عرقي بحق المدنيين العزّل في المنطقة، وتعمدت قتل الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى حرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المواطنين والمستشفيات وجميع المرافق العامة والخاصة». واعتبرت أن استهداف المدنيين في مناطق تخلو من الأهداف العسكرية يمثّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعت المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان لإدانة هذه الممارسات ضد المدنيين.

وأضافت، في البيان، أن تحرير منطقة الزرق يؤكد قدرة «قوات الدعم السريع» على حسم المعارك العسكرية في إقليم دارفور. وأظهر فيديو على منصة «تلغرام» عناصر من «قوات الدعم السريع» على متن آليات عسكرية داخل السوق الرئيسية في منطقة الزرق، يؤكدون فيه سيطرتهم الكاملة على البلدة التي توغلت فيها قوات الجيش والحركات المسلحة المساندة له، في وقت سابق.

وتقع منطقة الزرق الاستراتيجية في مثلث الصحراء الكبرى على الحدود السودانية - الليبية - التشادية، وتبعد 87 كيلومتراً من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ أشهر، وهي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تزال في أيدي قوات الجيش.