«الاستقرار» الليبية تتجاهل اتهامات بالسعي لتحقيق «مكاسب سياسية» خلال الأزمة

إعلان تضرر 70 % بالبنية التحتية في المناطق المنكوبة

اجتماع الحداد بطرابلس مع الوفد العسكري الإيطالي (حكومة الوحدة)
اجتماع الحداد بطرابلس مع الوفد العسكري الإيطالي (حكومة الوحدة)
TT

«الاستقرار» الليبية تتجاهل اتهامات بالسعي لتحقيق «مكاسب سياسية» خلال الأزمة

اجتماع الحداد بطرابلس مع الوفد العسكري الإيطالي (حكومة الوحدة)
اجتماع الحداد بطرابلس مع الوفد العسكري الإيطالي (حكومة الوحدة)

تجاهلت حكومة «الاستقرار» الليبية اتهامات بسعيها لتحقيق «مكاسب سياسية»، و«تعطيل وصول المساعدات والإغاثة للمنكوبين» في مدينة درنة، عبر مطالبة المنظمات الدولية بعدم التعامل مع غريمتها، حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وقدر حسين سويدان، رئيس غرفة الطوارئ بمصلحة الطرق والجسور بحكومة الدبيبة، نسبة الأضرار في البنية التحتية في المناطق المنكوبة بنحو 70 في المائة، مؤكداً انهيار 11 جسراً جراء السيول، منها 2 يربطان درنة بمدينتي سوسة والقبة، و6 أخرى داخل درنة، و3 جسور في الطريق الممتدة بين شحات وسوسة.

وأكد سويدان انهيار 80 في المائة من العبّارات المائية في جميع المدن والقرى في المنطقة الشرقية، مشيراً إلى أن الأضرار في الطرق العامة تقدر بـ50 في المائة بالمناطق المنكوبة.

بدوره، قال موسى المقريف، وزير التربية والتعليم في حكومة «الوحدة»، إن 95 في المائة من المؤسسات التعليمية تضررت بفعل السيول والفيضانات في المناطق المنكوبة، بينما أعلن علي القويرح، مدير مصلحة المرافق التعليمية، أن عدد المدارس المتضررة في المناطق المنكوبة بلغ 114 مدرسة موزعة على 15 بلدية.

ولم تعلق حكومة أسامة حماد على إعلان يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، خلال جلسته الأخيرة بأن الحكومة ووزراءها وبعض النواب طالبوا المنظمات الدولية والسفراء الأجانب بالتوقف عن التواصل مع الدبيبة من أجل «مكاسب سياسية، بينما الناس يموتون، والجثث في البحر في درنة».

وأقال حماد مجلس درنة البلدي وأحاله على التحقيق، بعد ساعات من اقتحام متظاهرين في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، منزل عبد المنعم الغيثي، عميد البلدية وإضرام النيران فيه. كما طلبت حكومة «الاستقرار» من الصحافيين مغادرة درنة، بعد ساعات من مظاهرة حاشدة مساء الاثنين، هي الأولى التي ترد تقارير عنها في المدينة منذ تعرضها لأسوأ كارثة طبيعية في تاريخ البلاد.

ووجه المتظاهرون انتقادات لعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، ورددوا هتافات تطالب بإسقاطه، على خلفية وصفه السيول بأنها «كارثة طبيعية لم يكن من الممكن تجنبها».

ودافعت حكومة حماد على لسان وزيرها للطيران، هشام أبو شكيوات، عن قرار إبعاد الصحافيين والمدنيين عن مدينة درنة المنكوبة؛ بسبب مزاعم عن تعطيل وعرقلة عمل فرق الإنقاذ.

وعدّ هشام في تصريحات لوكالة «رويترز» أن «المسألة تنظيمية، وهي محاولة لتهيئة الظروف لفرق الإنقاذ للقيام بالعمل بصورة أكثر سلاسة وفاعلية»، لافتاً إلى أن عدد الصحافيين الكبير أصبح مربكاً لهم. لكن أبو شكيوات قال إن القرار لا علاقة له بالاحتجاجات التي خرجت هناك (ليل الاثنين). وأضاف أن الصحافيين «لم يُطلب منهم مغادرة درنة كلياً، وإنما عليهم فقط مغادرة المناطق التي قد يعيق وجودهم فيها عمليات الإنقاذ». كما نفى قطع الاتصالات في درنة، مشيراً إلى قيام الفرق الفنية والمهندسين بصيانة واسعة لشبكة الاتصالات داخل المدينة.

وأعلنت الشركة القابضة للاتصالات عودة الاتصالات تدريجياً إلى المناطق الشرقية، بعدما وصفته بـ«قطع في الكوابل»، مشيرة في بيان مقتضب إلى استمرار العمل لإرجاع بقية المسارات.

في المقابل، أمر الدبيبة، وزير المواصلات بجدولة وتنظيم وتسيير رحلات جوية مجانية لكل مَن يرغب في العودة إلى العاصمة طرابلس من فرق الإنقاذ والطوارئ والمتطوعين للعمل في المناطق المنكوبة، وتنسيق ذهاب كل الفرق الفنية والمتطوعين إلى تلك المناطق.

جانب من عمليات انتشال الجثث في مدينة درنة

كما طالب وزير الحكم المحلي، ورئيس الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة، بالتنسيق مع وزارات الصحة، والشؤون الاجتماعية، والتربية والتعليم، بتشكيل فريق للدعم الاجتماعي والنفسي، والتنسيق مع المكاتب والمراقبات ذات العلاقة في المناطق المنكوبة.

وقدم الدبيبة التعازي إلى الحكومة اليونانية، وأهالي ضحايا حادث السير الذي فُقد على أثره 4 عناصر من فريق الإغاثة اليوناني، و3 أفراد من أسرة ليبية، كما قدم التعازي لفريق فزعة بنغازي في وفاة 6 من أعضائه، الذين قضوا جراء حادث سير أثناء عودتهم من درنة.

بدوره، عدّ عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، أنه كان بالإمكان تجنب كارثة درنة، إذا ما تم إخبار الناس مُسبقاً، وإعطاؤهم المعلومات الصحيحة. وأعرب عن أمله في تصريحات تلفزيونية (مساء الاثنين) في أن تكون نتائج التحقيق، الذي تجريه السلطات الليبية حول مسببات هذه الكارثة، شاملة وموضوعية وتحدد نطاق المسؤوليات، وتابع: «هذه كارثة طبيعية، لكن ماذا عن مسؤولية البشر إزاء هذا الدمار».

في غضون ذلك، أعلن «اللواء 444 قتال»، التابع لحكومة الدبيبة، مشاركة كتيبة كاملة منه بقوام 400 عسكري في أعمال الإغاثة والبحث والإنقاذ بمدينة درنة، لافتاً إلى مواصلتها رفقة الوحدات العسكريّة بـ«الجيش الوطني»، انتشال الْجُثَثِ وإزالة الركام وحفظ أمانات المتضرّرين. وأشاد بحُسن استقبال عناصره وترحيب المواطنين وعناصر «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.

صور وزعها «اللواء 444 قتال» بشرق ليبيا لمشاركة عناصره فى إغاثة درنة

وأكدت شعبة الإعلام بالجيش استمرار عمليات البحث والإنقاذ، وفتح الطرق وإيصال المساعدات والمواد الغذائية والطبية إلى المواطنين المتضررين في مناطق عدة، بالإضافة إلى مشاركة فرق الضفادع البشرية في عمليات البحث عن الجثامين الغارقة والمفقودة في مياه البحر المتوسط ​​بشواطئ مدينة درنة.

وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» اكتشاف عناصرها، 4 مواقع على شواطئ البحر بالمناطق المتضررة بمدينة درنة، مشيرة إلى انتشال 38 جثة، بعضها تم التنسيق مع غرفة العمليات بمدينة درنة وأمن السواحل لانتشالها بحراً، لصعوبة التضاريس.


مقالات ذات صلة

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
TT

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت»، وبعض المناطق التاريخية والأثرية في القاهرة، عادّاً أن «ما يجمع طهران والقاهرة هوية وثقافة مشتركة».

جاءت إشارات عراقجي الجديدة على هامش زيارته الثانية للقاهرة، ومشاركته مع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، التي استضافتها مصر، الخميس.

وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979، قبل أن تُستأنف من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح، وشهدت الأشهر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وذلك عقب توجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران، في مايو (أيار) من العام الماضي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لـ«تعزيز العلاقات مع مصر».

والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الإيراني، الخميس، على هامش قمة «الثماني النامية»، وبحث الجانبان «الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق مصلحة الشعبين، ويسهم في دعم استقرار المنطقة»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

ووصل بزشكيان، مساء الأربعاء الماضي، إلى القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني منذ 11 عاماً، وسبق أن التقى الرئيس السيسي على هامش قمة تجمع «بريكس»، التي استضافتها مدينة قازان الروسية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

عراقجي خلال زيارته لمسجد "السيدة نفسية" بالقاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على "إكس")

وزار عراقجي بعض مساجد «آل البيت» في القاهرة، منها «الحسين»، و«السيدة زينب»، و«السيدة نفيسة»، إلى جانب بعض المناطق التاريخية، منها جامع محمد علي باشا، وأشار عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس»، مساء الجمعة، إلى أن «ما يجمع بلاده ومصر، حكومة وشعباً، هوية وثقافة مشتركة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ».

وهذه ثاني زيارة لوزير الخارجية الإيراني للقاهرة، بعد زيارته الأولى التي كانت ضمن جولة إقليمية.

وبعث عراقجي برسائل جديدة لتعزيز مسار العلاقات الإيرانية-المصرية، وقال إن «ما فرقته المسافات، جمعه حب آل البيت»، الذي «وحّد البلدين اللذين ترسخ بداخلهما حب آل البيت»، مؤكداً أن «الكلام مع الشعب المصري حفر ذكرى أعترف بها بصدق».

وسبق أن تجول وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأولى للقاهرة، وسط العاصمة المصرية، وحرص على تناول «الكشري»، أحد أشهر الأطباق المصرية الشعبية.

ووفق تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، فإن «هناك سعياً إيرانياً للانفتاح في العلاقات مع مصر»، مشيراً إلى أن «المساعي الإيرانية ترجمتها زيارات كبار المسؤولين في طهران إلى القاهرة أخيراً، وخصوصاً زيارة الرئيس الإيراني نهاية الأسبوع الماضي لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مضمون الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني يصب في مصلحة تطوير العلاقات مع مصر».

ويرى فهمي أن مسار تطور العلاقات المصرية-الإيرانية «مرتبط بتحفظات مصرية تتعلق بتباين الموقف تجاه القضايا العربية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتجاوب مع التحركات الإيرانية لتعزيز العلاقات»، لكنه عدَّ هذا التجاوب «مرتبطاً برؤية مصر تجاه عدد من القضايا العربية، وخصوصاً التطورات في سوريا ولبنان واليمن والعراق».

وتبادل السيسي وبزشكيان، خلال لقائهما، الخميس، وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، وسبل استعادة السلام بالمنطقة، وأيضاً الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء نظيره الإيراني في القاهرة الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

ولا يرجح طارق فهمي «تطور العلاقات بين القاهرة وطهران إلى مستوى إعادة فتح السفارات، وتبادل السفراء، في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «مرحلة العلاقات الاستكشافية سوف تتواصل بما يخدم مصالح المنطقة».

في سياق ذلك، يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، أن «هناك تطلعاً إيرانياً لرفع مستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى السفراء، بدلاً من مكتب رعاية المصالح»، مشيراً إلى أن «رسائل الإعلام الإيراني أخيراً تدعم هذا الاتجاه».

وقال عباس لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة عراقجي لمساجد «آل البيت» والمناطق التاريخية بالقاهرة، «رسالة من طهران بوجود قواسم مشتركة بين البلدين، يمكن البناء عليها لتحسين مستوى العلاقات»، إلى جانب التأكيد على أنه «لا توجد إشكالية في البعد المذهبي على مسار العلاقات».

ويعتقد عباس أن «طهران مهتمة بتعزيز علاقاتها مع القاهرة، وقد زادت تلك الأهمية في الفترة الأخيرة، في ضوء الضغوط التي تتعرض لها إيران على خلفية تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في غزة ولبنان وسوريا».

ويرتبط تطور العلاقات المصرية-الإيرانية بمجموعة من الأبعاد السياسية والأمنية والاستراتيجية، وفق خبير الشؤون الإيرانية، الذي أشار إلى أن القاهرة «ما زالت تقف عند مرحلة استكشاف العلاقات لوضع النقاط فوق الحروف تجاه بعض القضايا»، موضحاً أن «هناك ملفات محل نقاش بين الجانبين، ومصر ما زالت معنية باستيضاح مواقف إيران في بعض الملفات، مثل ما يحدث في البحر الأحمر، والوضع في اليمن».