صدى عالمي لكرم المنكوبين وتضامن المغاربة خلال زلزال الحوز

متابعون قالوا إن ذلك كشف أصالتهم ووحدتهم وجمال معدنهم

إطلالة على مناطق الزلزال (تصوير: ياسين أومغار)
إطلالة على مناطق الزلزال (تصوير: ياسين أومغار)
TT

صدى عالمي لكرم المنكوبين وتضامن المغاربة خلال زلزال الحوز

إطلالة على مناطق الزلزال (تصوير: ياسين أومغار)
إطلالة على مناطق الزلزال (تصوير: ياسين أومغار)

في خضم مشاهد الدمار والموت التي خلفها «زلزال الحوز»، برزت قيم التضامن والتلاحم والكرم بين المغاربة، بشكل أوضح حسب متابعين، مغاربة وأجانب، أن محنة الكارثة كشفت وحدة المغاربة وجمال معدنهم، وقدرتهم على الصبر في أوقات الشدة والمحن، والتعامل معها بكبرياء وطيبة قلب، ومسارعتهم إلى التضامن والتآزر ومد يد المساعدة إلى بعضهم البعض.

المشاهد كثيرة، سواء تعلق الأمر بتلك التي تعبر عن كرم المنكوبين، الذين حرصوا على حسن وفادة من تنقل إلى مناطقهم المدمرة بفعل الزلزال، من إعلاميين ومسعفين ومتضامنين، أو تلك التي تتعلق بمغاربة سارعوا إلى التبرع بالدم، والتضامن مع المتضررين بما يحتاجونه من مأكل ومشرب وملبس وأغطية وخيام، رغم فقرهم وحاجتهم إلى ما يساهمون به من تبرعات.

عجوز في طريقها للتضامن مع المتضررين (تصوير: ياسين أومغار)

«كيف يمكنني أن أبعث إليك، يا ولدي، ببعض الزعفران؟»، هكذا خاطبت سيدة في عقدها السادس والدموع في عينيها، شابا كان بصدد الاستفسار عن أحوالها بعد الزلزال الذي أحدث تصدعات شديدة في بيتها الطيني بإحدى المناطق المنكوبة.

نموذج هذه السيدة، التي لم تتخل عن عادة العطف على الغريب وإكرام الضيف، حتى في أشد المحن قساوة، هو مثال لعشرات المشاهد المؤثرة التي تناقلتها القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، خلال كارثة الزلزال.

حديث كثيرين، وبينهم أجانب، عن «كرم فائض» أبان عنه المنكوبون، رغم محنة الزلزال، لخصته الصحافية المغربية هاجر الريسوني، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حيث كتبت: «منذ أمس وأنا أقرأ وأشاهد شهادات لأجانب، وحتى لمغاربة، عن كرم ضحايا الزلزال عندما يصل إليهم المتطوعون أو الصحافيون، فعلا إنه المغرب العميق... لكن عميق بكرمه وحسن الضيافة والابتسامة في وجه المحن... إنهم يستحقون الأفضل»، وزادت قائلة: «أتمنى أن تدفع هذه الفاجعة المسؤولين إلى التفكير في سكان هذه المناطق، التنمية أولا، التنمية أولا... نريد أن يكون المغرب كله على نفس الدرجة من التنمية».

متضررون يعدون وجبات في مناطق الزلزال (تصوير: ياسين أومغار)

وأرفقت الريسوني تدوينتها بتغريدة للكاتبة والصحافية سابقا في شبكة «بي بي سي»، البريطانية أليس هانتر موريسون، على حسابها بموقع «x» (تويتر سابقا)، والتي عاشت رعب الزلزال في منطقة الحوز، تقول فيها: «ما أحبه كثيراً هو أنك لا تستطيع أن تحبط المغاربة. إنهم هنا بلا مأوى لكنهم ما زالوا يشاركونني ضيافتهم. عروض الشاي وطاجين الدجاج».

في قرية مولاي إبراهيم، حيث عاينت «الشرق الأوسط» حجم الخراب الذي خلفه الزلزال، أكدت شهادات متضررين حرصهم على كرم الضيافة، حتى في أشد الأوضاع المعيشية قساوة. ومن ذلك شهادة عبد الرحمن أوريك، وهو في عقده السابع، والذي بدا مرتاح النفس، على الرغم مما عاشه، هو وأهل القرية، من خوف وضياع في الأرواح والمساكن والمتاع، إلى درجة أنه لم يتردد في دعوة مراسل «الشرق الأوسط» إلى كأس شاي وأخذ قسط من الراحة، تعبيرا عن كرم الضيافة الذي يميز المغاربة، مذكرا بالمناقب والخصال التي شاعت على مدى السنوات، بخصوص مولاي إبراهيم، الولي الصالح الذي قيل عنه إنه «كان كريم المائدة ومقصد كل جائع وحائر».

على الجانب الآخر من عملة قيم النبل التي أبان عنها المغاربة خلال محنة الزلزال، جاءت مشاهد التضامن لتبرز قيم التآزر بين المغاربة، محولة المناطق المنكوبة إلى وجهة لمئات قوافل المساعدات القادمة من مختلف جهات البلد.

أطفال يلعبون كرة القدم في مناطق الزلزال (تصوير: ياسين أومغار)

وتوقف كثيرون عند بعض المشاهد التضامنية المعبر عنها من طرف نساء ورجال من طبقات اجتماعية بسيطة. وكتب محمد روبا، وهو أستاذ للغة الإنجليزية، على حسابه بـ«فيسبوك»، عن مشاهد مسارعة بسطاء المجتمع إلى المساهمة في المجهود التضامني: «إنهم بسطاء المغرب الأغنياء بقيمهم وهممهم... مغاربة فقراء يتبرعون رغم الحاجة، لضحايا الزلزال. إن مبادرات التضامن الفردية التي قام بها مغاربة بسطاء رجالا ونساء خلفت صدى واسعا في العالم بأسره، بحيث شدوا أنظار العالم الذي انبهر بروحهم التضامنية التي كشفت كرم وعظمة الشعب، وغنى في نفوس الفقراء، رغم كارثة الزلزال التي أودت بحياة نحو 3 آلاف قتيل، وحركت مواقف أولئك المواطنين المتبرعين بجزء مهم مما يملكون مشاعر الكثيرين حول العالم».

السيدة العجوز حاملة عبوة الزيت للتبرع بها (فيسبوك)

في تفاعله مع مظاهر التضامن التي عبر عنها المغاربة، خلال هذه الكارثة الطبيعية، قال الفنان التشكيلي حسان بورقية لـ«الشرق الأوسط» إن التفاعل مع المتضررين من الزلزال «واجب، وليس شفقة، ويعزز ثقافة التشارك».

وأضاف، وهو في غاية التأثر: «أنا جزء من المغاربة، وقد أثرت فيّ بعض المشاهد المصورة التي أظهرت روح التضامن عند المغاربة، من قبيل تلك السيدة التي طلبت من المتطوعين لنقل المساعدات للمتضررين أن يقبلوا خاتم الذهب الذي هو كل ما تملك، أو تلك العجوز التي جاءت تحمل عبوة زيت بخطوات متعبة، أو ذلك الشيخ الذي جاء حاملا كيس دقيق قبل أن ينسحب على متن دراجته الهوائية في هدوء ومن دون بهرجة، أو مشهد شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، جاء لمد يد المساعدة للمتطوعين في الحملة التضامنية».

من جانبه، توقف الكاتب العماني حمد الصبحي عند هذه المشاهد التي تأثر بقوة معانيها، حيث نشر تدوينة على حسابه بـ«فيسبوك»، أرفقها بصورة للعجوز التي جاءت تحمل عبوة زيت، انخراطا منها في حملة التضامن مع المتضررين: «هذه أم المغرب، تدفئ الروح بمشيتها. شاهدتها أكثر من مرة، وفي كل مرة تذكرت أمي وهي تفكر في الألم وتشعر به. عظيمة هذه المرأة، تحمل الزيت، تطوي الشارع بالأمل، تزرع الريح في كل خطوة، تشرق بدموعها، إنها الحقيقة الوحيدة في الحياة، هي الإحساس، الإحساس بالآخر، تعدّت حواجز الطبول وقرقعة الأعراس، تعكزت بأيامها لتصل إلى هناك، فوصلت بزيت الطبخ، هذا كل ما تملكه من دارها الصغيرة. خرجت من دارها متأبطة زيت الطعام، تخاف على صغارها، على كبارها من الجوع، من حرب الأمعاء، من قسوة الحياة بأن تكون خالية من الطعام. عظيمة هذه المرأة المغربية، وهي تغسل وجهها بالأمل الكبير في أن تكون جزءاً من هذا المنعطف التاريخي الذي يمر به مغربها. الزيت هنا ليس إلا إيماءة للقلب الذي انتفض على نفسه، كما حدث مع تلك المرأة التي انتزعت خاتمها البسيط وتريد أن تتبرع به، وهو الوحيد الذي يزيّن أصبعها، وتحتفظ به كرمز وعهدة في يوم زواجها، وكذلك الأمر عند العم كريم الذي ملأ حلق المغاربة، وهو يسرّع دراجته الهوائية حاملاً كيسا من الطحين، وغيرها من الأمثلة الإنسانية التي ستكون ماثلة في خزانة التاريخ».

مساعدات في طريقها إلى مناطق الزلزال (الشرق الأوسط)

والمثير في مشاهد الهبة التضامنية التي شغلت المغاربة عما سواها، خلال محنة الزلزال، وما رافقها من شهادات وكتابات موثقة للحدث، أن موجات التضامن لم توفر مناسبة العطف والرفق حتى بالحيوان، في المناطق المنكوبة. وقد وثق أحد المتضامنين الذين تنقلوا إلى المناطق المنكوبة لذلك، حيث كتب: «لقد نثرنا القمح والإعانات في أعالي الجبال، حتى لا يقال إن الطير والوحوش ماتت جوعا في بلد المغرب. واعتبرها المغاربة بكل كرم، أنها صدقة ورحمة على ضحايانا في الزلزال»، وذلك في إجابة مغربية جميلة، على كلام منسوب للخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، قال فيه: «انثروا القمح على رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين».


مقالات ذات صلة

10 زلازل متتالية تضرب تايوان أقواها بدرجة 6.1

آسيا فندق مائل بفعل الزلازل في هولين بتايوان 23 أبريل (نيسان) 2024 (أ.ف.ب)

10 زلازل متتالية تضرب تايوان أقواها بدرجة 6.1

ضربت 10 هزّات على الأقلّ تايوان في الساعات الأولى من صباح السبت، بالتوقيت المحلي، بلغ أقواها 6.1 درجة على مقياس ريختر.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
شؤون إقليمية شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش، تركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

زلزال بقوة 5.6 درجة يهز إقليم توكات التركي

قالت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد) إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة هزَّ إقليم توكات بشمال تركيا، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
آسيا صورة من مدينة نوتو بمحافظة إيشيكاوا اليابانية  بعد 3 أشهر من وقوع زلزال بلغت شدته 7,5 درجات (أرشيفية - أ.ف.ب)

ثمانية جرحى في زلزال بقوة 6.3 درجات ضرب غرب اليابان

أصيب ثمانية أشخاص بجروح طفيفة من جراء زلزال بقوة 6,3 درجات ضرب ليل الأربعاء جنوب غرب اليابان من دون أن يتسبب بصدور تحذير من خطر حدوث تسونامي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
آسيا محطة إيكاتا للطاقة النووية (رويترز)

زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب غرب اليابان

ضرب زلزال تبلغ قوته بحسب المعطيات الأولية 6.3 درجة مساء اليوم (الأربعاء) جنوب غربي اليابان، على ما أعلن مركز المسح الجيولوجي الأميركي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
آسيا صورة لمبنى مدرسة منهار بعد زلزال في سيانجور بمقاطعة جاوا الغربية بإندونيسيا يوم 21 نوفمبر 2022 (رويترز)

زلزال بقوة 6.5 درجة يضرب شمال بحر مولوكا قبالة إندونيسيا

قال مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض إن زلزالا بقوة 6.5 درجة ضرب شمال بحر مولوكا قبالة إندونيسيا اليوم.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)

الشرطة التونسية تلقي القبض على محامية معروفة بانتقادها للرئيس

عناصر من الشرطة التونسية (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة التونسية (أ.ف.ب)
TT

الشرطة التونسية تلقي القبض على محامية معروفة بانتقادها للرئيس

عناصر من الشرطة التونسية (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة التونسية (أ.ف.ب)

قال شهود إن الشرطة التونسية اقتحمت مقر هيئة المحامين اليوم السبت وألقت القبض على سنية الدهماني، وهي محامية بارزة ومعروفة بانتقادها الشديد للرئيس قيس سعيد، تنفيذا لأمر قضائي بسبب تصريحات عبر التلفزيون.

وإلقاء القبض على الدهماني هو الأحدث في سلسلة من الاعتقالات والتحقيقات التي شملت ناشطين وصحافيين ومسؤولي منظمات من المجتمع المدني ينتقدون سياسات الحكومة والرئيس.

وتفاقم هذه الخطوة مخاوف المعارضين من نهج أكثر تشددا وتضييق على الحريات بشكل متزايد قبل انتخابات رئاسية متوقعة هذا العام.

وتنفيذ (بطاقة الجلب) ضد الدهماني جاء بعد أن قالت في برنامج تلفزيوني مؤخرا إن تونس بلد لا يطيب فيه العيش، وذلك تعليقا على خطاب للرئيس ذكر فيه أن تدفق آلاف المهاجرين من دول جنوب الصحراء الكبرى للبقاء في تونس أمر يثير الريبة حول أهدافه ومن يقف وراءه.

واستدعى قاضي التحقيق الدهماني بشبهة نشر شائعات والمساس بالأمن العام إثر تصريحاتها، لكنها طلبت تأجيل التحقيق القضائي، وهو ما رفضه القاضي الذي أصدر قرارا بإحضارها.

ومنذ انتفاضة تونس عام 2011، أصبحت حرية الصحافة مكسبا رئيسيا للتونسيين وأصبحت وسائل الإعلام التونسية واحدة من بين الأكثر انفتاحا في أي دولة عربية.

لكن السياسيين وصحافيين والنقابات يقولون إن حرية الصحافة تواجه تهديدا خطيرا في ظل حكم سعيد، الذي وصل إلى السلطة عام 2019 عبر انتخابات حرة.

ويرفض سعيد هذه الاتهامات، قائلا إنه لن يصبح دكتاتورا.


السودان: «أطباء بلا حدود» تستقبل 160 مصاباً بعد اشتباكات الفاشر

الدخان يتصاعد فوق مباني الخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أرشيفية - رويترز)
الدخان يتصاعد فوق مباني الخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أرشيفية - رويترز)
TT

السودان: «أطباء بلا حدود» تستقبل 160 مصاباً بعد اشتباكات الفاشر

الدخان يتصاعد فوق مباني الخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أرشيفية - رويترز)
الدخان يتصاعد فوق مباني الخرطوم خلال اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أرشيفية - رويترز)

قالت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (السبت)، إن أحد المستشفيات المدعومة من قبلها استقبل 160 مصاباً في مدينة الفاشر السودانية أمس، بينهم 31 امرأة و13 طفلاً جراء القتال العنيف بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع».

وكانت كلمنتين نكويتا سلامي، المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية بالسودان، أعربت في وقت سابق اليوم (السبت)، عن قلقها من استمرار الاشتباكات في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية، وحذرت من أن العنف يهدد حياة أكثر من 800 ألف مدنيّ هناك.

وأشارت المنسقة في تصريح نشرته المنظمة إلى تقارير تتحدث عن استخدام أسلحة ثقيلة وتنفيذ هجمات في مناطق عالية الكثافة السكانية، وسط المدينة وفي ضواحي الفاشر أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى.

ودعت جميع الأطراف المنخرطة في القتال إلى الالتزام بالقانون الدولي من أجل حماية المدنيين ووقف الحرب، وفق ما ذكرت وكالة «أنباء العالم العربي».

بدوره، عبّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، عن قلقه الشديد إزاء التقارير بشأن تصاعد حدة الاشتباكات في الفاشر أمس، ودعا في تغريدة على منصة «إكس» الأطراف «المتصارعة» في السودان لـ«الوفاء بالتزاماتها بحماية المدنيين ووقف التصعيد على الفور».

وتفرض قوات «الدعم السريع» حصاراً محكماً على مدينة الفاشر في مسعى للسيطرة عليها، بعد أن أحكمت قبضتها على 4 مدن في إقليم دارفور من أصل 5 مدن، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من اجتياح المدينة التي تؤوي ملايين النازحين الذين فروا من مدن الإقليم المضطرب جراء الصراع.

وفي سياقٍ موازٍ، قالت تنسيقية لجان مقاومة مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، اليوم (السبت)، إن قصفاً جوياً للطائرات التابعة للجيش السوداني أودى بحياة 14 شخصاً، إضافة إلى مصابين آخرين.

وأضافت في بيان نقلته «وكالة أنباء العالم العربي»، أن القصف الجوي استهدف قرى وريل وجبل حاج عيسى وأم جكيكة ودونكي موسي والعيارة ومنطقة جبل كردفان بضواحي مدينة الأبيض.

وكانت معارك عنيفة دارت بين الجيش وقوات «الدعم السريع» قبل يومين في منطقة جبل كردفان ومدينة أم روابة، حيث يحاول الجيش السيطرة على الطريق التي تربط إقليم دارفور بالعاصمة الخرطوم والنيل الأبيض، مروراً بإقليم كردفان لقطع الإمداد عن قوات «الدعم السريع».


عودة الهدوء إلى الفاشر بعد معارك بين الجيش و«الدعم السريع»

آثار الحرب المدمرة في الفاشر حاضرة شمال دارفور (أ.ف.ب)
آثار الحرب المدمرة في الفاشر حاضرة شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

عودة الهدوء إلى الفاشر بعد معارك بين الجيش و«الدعم السريع»

آثار الحرب المدمرة في الفاشر حاضرة شمال دارفور (أ.ف.ب)
آثار الحرب المدمرة في الفاشر حاضرة شمال دارفور (أ.ف.ب)

قالت مصادر طبية إن 17 شخصاً على الأقل قُتلوا، وأصيب 142 آخرون خلال المواجهات العنيفة بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى، والتي شهدتها مدينة الفاشر، العاصمة التاريخية لإقليم دارفور، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، كما قتل 13 شخصاً في مجزرة جديدة ارتكبتها «قوات الدعم السريع» في بلدة صغيرة في ولاية الجزيرة (وسط السودان) وثّقها نشطاء من المجتمع المحلي.

وعبّرت كليمنتين نكويتا سلامي، المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في السودان، السبت، عن قلقها من استمرار الاشتباكات في مدينة الفاشر، وحذرت من أن العنف يهدد حياة أكثر من 800 ألف مدنيّ هناك.

وأشارت سلامي في تصريح نشرته المنظمة إلى تقارير تتحدث عن استخدام أسلحة ثقيلة وتنفيذ هجمات في مناطق عالية الكثافة السكانية وسط المدينة وفي ضواحي الفاشر، أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى. ودعت جميع الأطراف المنخرطة في القتال إلى الالتزام بالقانون الدولي من أجل حماية المدنيين ووقف الحرب.

مخاوف من تجدد القتال

وأكدت مصادر طبية في الفاشر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عودة الهدوء الحذر إلى المدينة، السبت، عقب اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة، لكن المخاوف تزداد وسط المدنيين من تجددها في أي وقت.

وذكرت مصادر طبية أن جثث 17 قتيلاً وصلت إلى المستشفى الجنوبي في المدينة، مشيرة إلى وجود أعداد أخرى من القتلى مجهولي الهوية تجرى الترتيبات لنقلهم إلى المستشفى. وقالت إن النظام الصحي «منهار تماماً» بسبب انعدام بعض الأدوية، وعلى وجه الخصوص الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لقسم الطوارئ، ووصفت الوضع بالـ«خطير» لجهة أن الطاقة الاستيعابية للمستشفى محدودة جداً، وأن كثيراً من الجرحى في اشتباكات الجمعة جرى «استقبالهم على البلاط داخل العنابر» في انتظار دورهم لتلقي الإسعافات الأولية والعلاج.

والمستشفى الجنوبي هو الوحيد الذي يستقبل جرحى العمليات العسكرية، وأي تجدد للقتال سيؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا، ما يقلل من قدرة المستشفى في إنقاذ حياة الناس.

لاجئون سودانيون في مخيم زمزم خارج الفاشر بدارفور (أ.ب)

الجيش: حققنا «نصراً كبيراً»

وقال الجيش السوداني ليل الجمعة – السبت، إن قواته حققت «نصراً كبيراً» و«دحرت العدو، وكبدته خسائر كبيرة، كما استولت على عدد من المركبات القتالية». ونشرت الصفحة الرسمية للجيش على موقع «فيسبوك» مقطع فيديو لقائد «الفرقة السادسة - مشاة» في الفاشر، وهو يتفقد الجرحى والمصابين من قوات الجيش والحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانبه. وأكد قائد الفرقة أن قواته على أهبة الاستعداد لحسم المعركة ضد «الميليشيا الإرهابية المملوكة لآل دقلو إخوان» التي «تتبنى مشروعاً أجنبياً لتدمير مقدرات البلاد» على حد قوله.

«الدعم السريع»: هجوم «غادر»

بدوره، قال المتحدث الرسمي لـ«قوات الدعم السريع»، الفتاح قرشي، إن هذه القوات تصدت لـ«هجوم غادر» من قبل ما سماه «ميليشيا البرهان وأعوانهم من مرتزقة الحركات» في مدينة الفاشر. وأضاف في بيان وصفه بالمهم على منصة «إكس» أن قوات من «الفلول والمرتزقة» تسللت إلى مواقع «قوات الدعم السريع» على 3 محاور، وأطلقت النار بالمدفعية الثقيلة باتجاهها، ما أدى إلى وقوع إصابات وسط المدنيين في الأحياء السكنية وفرار آخرين إلى خارج المدينة.

وقال قرشي: «تمسكت قواتنا بالفاشر منذ فترة طويلة بالاتفاق مع الحركات المسلحة قبل انحياز بعضها إلى ميليشيا البرهان»، مضيفاً: «استجابت قيادات (قوات الدعم السريع) لنداءات الإدارة الأهلية وأعيان المنطقة والمنظمات المحلية والدولية بعدم إطلاق النار حفاظاً على أرواح المدنيين». وأشار إلى أن «قوات الدعم السريع» مارست «أقصى درجات ضبط النفس»، حيث صدت 22 هجوماً عليها خلال الأيام الماضية، مؤكداً أن هذه القوات ستدافع عن نفسها، وستتصدى لأي هجوم من قبل «ميليشيا البرهان ومرتزقة الحركات المسلحة» في الفاشر.

ونبَّه قرشي المجتمع الدولي إلى أن «الدعم السريع» التزم في مارس (آذار) الماضي، بعدم التقدم نحو مقر قيادة الجيش في وسط المدينة، وقال: «لكننا تفاجأنا بالهجوم من الطرف الآخر دون مراعاة لوجود المدنيين».

ونشرت «قوات الدعم السريع» تسجيلات مصورة على منصاتها الرقمية تظهر توغل قواتها وسيطرتها على المحطة الرئيسية للكهرباء داخل مدينة الفاشر، قبل اندلاع الاشتباكات مع الجيش.

حاكم دارفور: دحرنا هجوم «الدعم»

وعلق حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، الذي يرأس «حركة جيش تحرير السودان»، التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، قائلاً: «إن القوة المشتركة للحركات المسلحة والأجهزة النظامية دحرت الهجوم الذي شنته (الدعم السريع)، وأجبرتهم على التراجع من الفاشر». وأضاف في منشور على منصة «إكس» أنه جرى استرداد كل المواقع الحيوية، وأولها الكهرباء التي تعرضت لتخريب جزئي.

وقال مقيمون في الفاشر لـ«الشرق الأوسط» إن عدداً من الأسر بدأت في الاستعداد للنزوح من المدينة إذا تواصلت المعارك العسكرية بين الجيش و«الدعم السريع». وشهدت الفاشر، الجمعة، على نحو مفاجئ، اشتباكات عنيفة بين طرفي القتال في السودان، الجيش و«الدعم السريع»، بعد أيام من هدوء القتال في محيط المدينة. واستولت «قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) الماضي على مدينة مليط التي تبعد مسافة 60 كيلومتراً من الفاشر، وأقامت فيها ما يشبه القاعدة العسكرية لتجميع قواتها من بقية الولايات الأربع التي تسيطر عليها في إقليم دارفور.

مجزرة في الجزيرة

ومن جهة ثانية، قالت لجان ود مدني إن «قوات الدعم السريع» ارتكبت مجزرة جديدة في بلدة الحرقة - الجزيرة الواقعة شرق الولاية، حيث تشير تقارير أولية إلى سقوط 13 قتيلاً وعدد من المصابين، نقلوا إلى مستشفى القضارف في شرق البلاد. ونقل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنباءً عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين جراء غارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش السوداني على قرية صغيرة بولاية شمال كردفان (وسط غرب البلاد)، ولم يتسن التأكد من عدد الضحايا.


مصر ترفض التنسيق مع إسرائيل لإدخال المساعدات عبر معبر رفح

تانيا فايون خلال حديثها لوسائل الإعلام أمام معبر رفح (حسابها على «إكس»)
تانيا فايون خلال حديثها لوسائل الإعلام أمام معبر رفح (حسابها على «إكس»)
TT

مصر ترفض التنسيق مع إسرائيل لإدخال المساعدات عبر معبر رفح

تانيا فايون خلال حديثها لوسائل الإعلام أمام معبر رفح (حسابها على «إكس»)
تانيا فايون خلال حديثها لوسائل الإعلام أمام معبر رفح (حسابها على «إكس»)

تواصلت عملية إيقاف تدفق المساعدات الإغاثية عبر معبر رفح بشكل كامل، مع استمرار إغلاق المعبر من الجانب الفلسطيني منذ سيطرة القوات الإسرائيلية عليه (الثلاثاء) الماضي، في وقت تفقدت فيه وزيرة خارجية سلوفينيا، تانيا فايون، السبت، معبر رفح من الجانب المصري.

وأكد مصدر مصري، السبت: «رفض مصر التنسيق مع إسرائيل في دخول المساعدات عبر معبر رفح». وأرجع المصدر ذلك إلى «التصعيد غير المقبول من الجانب الإسرائيلي».

وأضاف المصدر، الذي وصفته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية بـ«رفيع المستوى»، أن مصر حمّلت إسرائيل مسؤولية «تدهور الأوضاع بقطاع غزة» أمام الأطراف كافة. وأوضح أن «مصر حذرت إسرائيل من تداعيات استمرار سيطرتها على معبر رفح وحمّلتها مسؤولية تدهور الوضع الإنساني بغزة».

وبحسب مراقبين «أبعدت مصر شاحنات المساعدات التي كانت تقف على الجانب المصري من المعبر، بانتظار الدخول إلى قطاع غزة مع استمرار القصف الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني، وسماع دوي الانفجارات من الجانب المصري بشكل قوي، في وقت تنتظر فيه الشاحنات إعادة تشغيل المعبر من الجانب الفلسطيني للدخول إلى غزة».

وزيرة خارجية سلوفينيا أمام معبر رفح من الجانب المصري (حسابها على «إكس»)

وزارت، السبت، وزيرة خارجية سلوفينيا، تانيا فايون، معبر رفح من الجانب المصري، معربة في تصريحات صحافية عن «شعورها بالقلق إزاء ما يحدث بقطاع غزة في ظل الوضع الإنساني المتردي، والمجاعة التي يتعرض لها المدنيون الأبرياء». وعدّت فايون التي زارت مراكز تجهيز المساعدات، ومستشفيات يتلقى فيها مصابون فلسطينيون العلاج، أن ما يحدث في رفح الفلسطينية «يهدد حياة المدنيين»، داعية إلى مواصلة الجهود من أجل تحقيق السلام في المنطقة.

وأكدت مصر عدة مرات أن «معبر رفح يعمل من الجانب المصري بشكل كامل ولم يتعرض للإغلاق؛ لكن عقبات على الجانب الفلسطيني تعوق انتظام عملية التشغيل منذ بداية الأحداث»، فيما حذر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني، ديفيد كاميرون، مساء الجمعة، من «عواقب التصعيد الخطير لسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، ووقف المنفذ الرئيسي والآمن بالقطاع لخروج الجرحى ودخول المساعدات الإنسانية العاجلة».

شاحنات المساعدات خلال عبورها في وقت سابق معبر رفح (الهلال الأحمر المصري)

في السياق، أكد المصدر المصري، السبت، أن «القاهرة قامت بدورها للوصول إلى اتفاق هدنة وتحملت مسؤوليتها التاريخية تجاه الفلسطينيين».

ودعت مصر، الجمعة، كلاً من «حماس» وإسرائيل إلى إبداء «مرونة» من أجل التوصل «في أسرع وقت» إلى هدنة في غزة تتيح أيضاً إطلاق سراح رهائن محتجزين في القطاع الفلسطيني.

ومنذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي يسعى الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة إلى الوصول لهدنة في قطاع غزة، وعقدت جولات مفاوضات ماراثونية غير مباشرة في باريس والقاهرة والدوحة، لم تسفر حتى الآن عن اتفاق. وسبق أن أسفرت وساطة مصرية - قطرية عن هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تم خلالها تبادل محتجزين من الجانبين.


تبون يحذّر من «التعدي على حدود الجزائر»

الرئيس تبون مع قائد الجيش بوزارة الدفاع بمناسبة خطاب ذكرى مجازر الثامن من مايو 1945 (الرئاسة)
الرئيس تبون مع قائد الجيش بوزارة الدفاع بمناسبة خطاب ذكرى مجازر الثامن من مايو 1945 (الرئاسة)
TT

تبون يحذّر من «التعدي على حدود الجزائر»

الرئيس تبون مع قائد الجيش بوزارة الدفاع بمناسبة خطاب ذكرى مجازر الثامن من مايو 1945 (الرئاسة)
الرئيس تبون مع قائد الجيش بوزارة الدفاع بمناسبة خطاب ذكرى مجازر الثامن من مايو 1945 (الرئاسة)

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن بلاده «لن تكون تابعةً لأي من القوى الدولية»، مشدداً على أنها «سيدة قرارها، وهي حرة وأبناؤها أحرار، وعضو كامل في حركة عدم الانحياز».

وكان تبون يتحدث لكبار قادة الجيش بوزارة الدفاع، في خطاب بثه التلفزيون العمومي ليل الجمعة، بمناسبة مرور 79 سنة على «مجازر الثامن من مايو (أيار) 1945، التي ارتكبتها فرنسا بشرق الجزائر خلال مرحلة الاستعمار».

وأشاد الرئيس بـ«علاقات الجزائر الطيبة مع محيطها الإقليمي والدولي، والاحترام الكبير الذي تحظى به حتى من طرف خصومها»، مشيراً إلى أن بلاده «تسعى لتحقيق السلم في العالم»، ومؤكداً من جهة ثانية «دعمها كافة الشعوب التي تناضل من أجل حريتها، وهي ترفض انتشار الخيار العسكري في العالم».

وحذر تبون من «اللعبة الجيوسياسية الخطيرة التي بدأت تظهر بوادرها من أجل إعادة رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط ولأفريقيا»، عاداً أنها «لعبة لا نقبل بها». وتابع بنبرة فيها تحذير ووعيد: «من تعدى على حدود الجزائر فقد ظلم نفسه». ولم يوضح من يقصد تحديداً.

الرئيس تبون لدى وصوله مقر وزارة الدفاع (الرئاسة)

على الصعيد الداخلي، قال تبون إن حكومته «تعمل على تطوير البلاد على أسس صحيحة، وقد تم تجاوز أهم العوائق التي كانت تعرقل مسار التنمية في السابق»، في إشارة، ضمناً، إلى أخطاء في التسيير منسوبة لفترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).

ووفق تبون، فقد حققت البلاد منذ توليه السلطة نهاية 2019 «خطوات هامة، ونتائج إيجابية في الاقتصاد، الذي أصبح ثالثاً في ترتيب اقتصادات أفريقيا، بعد جنوب أفريقيا ومصر»، مشيراً إلى أنه حريص على «الارتقاء بها إلى مراتب أعلى مستقبلاً للوصول إلى بر الأمان».

وتسود في البلاد حالة ترقب بخصوص ترشح تبون لولاية ثانية بمناسبة انتخابات الرئاسة المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل. وكان أوحى في خطابات سابقة أنه يرغب بالاستمرار، فيما كانت قيادة الجيش أشادت بحصيلة ولايته الأولى في مقال بـ«مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع.

وحسب الرئيس، فإن سنة 2027 «ستكون حاسمة بالنسبة للاقتصاد الوطني، بحيث ستتجسد على أرض الواقع كافة الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقناها، وهو ما من شأنه أن يجعل من الجزائر دولة يحسب لها ألف حساب».


«اجتياح رفح»: تحركات وتحذيرات مصرية لوقف المخطط الإسرائيلي

الدخان خلال تصاعده فوق وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
الدخان خلال تصاعده فوق وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

«اجتياح رفح»: تحركات وتحذيرات مصرية لوقف المخطط الإسرائيلي

الدخان خلال تصاعده فوق وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
الدخان خلال تصاعده فوق وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

بينما تكثف مصر من اتصالاتها وتحركاتها الدبلوماسية للتحذير من «خطورة المخطط الإسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية»، دعت إسرائيل الفلسطينيين إلى «إخلاء بعض المناطق برفح، إيذاناً ببدء عملية عسكرية نوعية على المدينة».

ورأى خبراء أن «القاهرة تدفع باتجاه أفضل الخيارات أمامها، وهو مواصلة الحشد والضغوط الدبلوماسية الدولية لإثناء الجانب الإسرائيلي عن أهدافه في رفح».

وحذرت القاهرة كثيراً من مخاطر أي عملية عسكرية إسرائيلية برفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، لما ينطوي عليه هذا العمل التصعيدي من «مخاطر إنسانية بالغة».

ودعت القوات الإسرائيلية سكان بعض الأحياء والمخيمات في جنوب قطاع غزة وفي مدينة رفح الفلسطينية، بإخلاء تلك المناطق، ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بياناً عبر حسابه على «إكس»، السبت، وجَّه فيه «نداءً إلى جميع السكان والنازحين الموجودين في منطقة جباليا وأحياء السلام والنور وتل الزعتر ومشروع بيت لاهيا ومعسكر جباليا وعزبة ملين والروضة والنزهة والجرن والنهضة والزهور، للانتقال فوراً إلى المأوى غرب مدينة غزة». كما حذر أدرعي سكان هذه المناطق من «الخطر».

وذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية في تقرير لها، الجمعة، أن «مسؤولين مصريين أبلغوا مدير المخابرات الأميركية، ويليام بيرنز، الذي كان في زيارة للقاهرة الأيام الماضية، أن مصر ستعمل على إلغاء اتفاقية كامب ديفيد حال استمرار عملية اجتياح رفح من الجانب الإسرائيلي وعدم العودة لمسار المفاوضات». ووفق الصحيفة فإن «الإسرائيليين تواصلوا مع مسؤولين مصريين لمعرفة طبيعة هذه المطالب، فكان الرد المصري واضحاً، وهو وقف الحرب والعمليات العسكرية في رفح الفلسطينية».

امرأة فلسطينية نزحت بسبب القصف الإسرائيلي على قطاع غزة تطبخ في مخيم الخيام المؤقت في منطقة المواصي (أ.ب)

وأجرى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اتصالات هاتفية، مساء الجمعة، مع وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا، للتحذير من مخاطر التصعيد الإسرائيلي في مدينة رفح الفلسطينية. وتناولت اتصالات وزير الخارجية المصري «الأبعاد الإنسانية الخاصة بتعريض حياة أكثر من 1.4 مليون فلسطيني للخطر». ورأى أن «الاتجاه نحو مزيد من التصعيد في رفح الفلسطينية يعكس إمعاناً في هدم مساعي التوصل لهدنة بين أطراف الصراع». كما دعا شكري إلى «ضرورة الضغط على إسرائيل للامتثال لالتزاماتها كقوة قائمة بالاحتلال، والتوقف عن السياسات التصعيدية والاستفزازية»، مؤكداً «رفض مصر القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين خارج أرضهم، وعدم السماح بتصفية القضية الفلسطينية».

واعتبر أمين عام المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير على الحفني، أن «خيار الحشد الدبلوماسي والضغط على الدول المؤثرة التي تمتلك مصالح مع الجانب الإسرائيلي، هو أفضل خيارات التحرك المصري مع الموقف الراهن». وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القاهرة تركز في اتصالاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للدفع نحو العودة لمائدة المفاوضات، ومناقشة مختلف البدائل التي تحقق هدف اتفاق الهدنة، ووقف إطلاق النار، خصوصاً أن التحركات الدبلوماسية نجحت في تغيير المواقف الغربية تجاه ملف التهجير القسري ومخطط تصفية القضية الفلسطينية».

ويكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأكيده بأنه «لا مفر من الدخول إلى رفح لتحقيق هدف القضاء على (حماس)»، بينما لا تزال إسرائيل تصف العمليات التي تنفذها في رفح منذ الاثنين الماضي، بأنها «محدودة» وتستهدف مواقع محددة، وفق بيانات رسمية صادرة من مكتب نتنياهو.

ودعا مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، السفير أسامة عبد الخالق، خلال كلمته بجلسة بالجمعية العامة، التي أقرت أحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة، «المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للتجاوب مع جهود الوساطة الحالية».

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

في السياق نفسه، تواجه جهود الوساطة والمفاوضات الداعية لهدنة في غزة، والتي تقوم بها مصر بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية وقطر، تحديات على مدى أكثر من 5 أشهر، خصوصاً مع تمسك الجانب الإسرائيلي بتنفيذ عملية عسكرية في رفح. ورأى الحفني أنه «مهما كانت استفزازات الجانب الإسرائيلي، لكن مصر لديها خبرة طويلة في التعامل مع مناورات إسرائيل الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، من منطلق دورها التاريخي في جولات الصراع الأربع السابقة في قطاع غزة».

بينما رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، أن «الجانب الإسرائيلي يرى أن الحرب ما زالت مستمرة، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستهدف تنفيذ مخططه في رفح من دون ضجيج إعلامي، ومن دون أن يكترث للنداءات الدولية المحذرة من هذه العملية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم الجهود الكبيرة المبذولة من مصر، والضغوط الدولية المحذرة من عملية رفح، فإننا أمام أحد سيناريوهين، إما نجاح ضغوط الوسطاء في تنفيذ الهدنة، وإما إخفاق تلك الجهود، ويكتمل الاجتياح الإسرائيلي لجنوب القطاع، وبعدها يجري إجبار سكان غزة للانتقال للشريط البحري للقطاع».


الجزائر: «مجتمع السلم» يدعو الأحزاب لـ«توافق» استعداداً لـ«الرئاسيات»

اجتماع كوادر حركة مجتمع السلم بالعاصمة لبحث المشاركة في انتخابات الرئاسة (حساب الحزب)
اجتماع كوادر حركة مجتمع السلم بالعاصمة لبحث المشاركة في انتخابات الرئاسة (حساب الحزب)
TT

الجزائر: «مجتمع السلم» يدعو الأحزاب لـ«توافق» استعداداً لـ«الرئاسيات»

اجتماع كوادر حركة مجتمع السلم بالعاصمة لبحث المشاركة في انتخابات الرئاسة (حساب الحزب)
اجتماع كوادر حركة مجتمع السلم بالعاصمة لبحث المشاركة في انتخابات الرئاسة (حساب الحزب)

بينما دعت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية الجزائرية المعارضة بقية الأحزاب إلى «توافق على أرضية مشتركة» خاصة بانتخابات الرئاسة، المقررة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، أعلن مرشح انتخابات الرئاسة الوزير الأسبق بلقاسم ساحلي عن انتهائه من إعداد برنامجه الانتخابي، مؤكداً أنه يتضمن «35 محوراً».

وأكد عبد العالي حساني، رئيس «مجتمع السلم»، اليوم (السبت)، في اجتماع لأطر حزبه بالعاصمة، الطبقة السياسية إلى «توافق حول أرضية مشتركة لتنظيم انتخابات رئاسية ديمقراطية، يساهم فيها الجميع على قاعدة التفاعل الديمقراطي الشفاف، والتنافس الحرّ والشريف»، دون أن يوضح ما يقصد بـ«أرضية توافق».

رئيس حركة مجتمع السلم يخاطب أعضاء الهياكل الولائية للحزب بالعاصمة (حساب الحزب)

وقال حساني إن حزبه يسعى إلى «تكريس مفاهيم جديدة للتحالفات، وعدم استنساخ التجارب السابقة، التي ساهمت في غلق الممارسة السياسية، وإضعاف دور الأحزاب، وتشويه العملية الانتخابية». مبرزاً أن «الحركة حزب وطني وسطي جامع، يملك مشروعاً سياسياً متكاملاً، ينشد الوصول إلى الشراكة السياسية، التي تعني أن الحركة شريك سياسي يتقاطع مع كل السياسات والبرامج والمساعي، التي تحفظ للجزائر وحدتها واستقلالها ونمو اقتصادها».

وبحسب حساني، فإن الحزب يمارس دوره «كمعارض يؤدي دوراً هاماً لصالح العملية الديمقراطية، ضمن توجه إيجابي، ولا يمارس العدمية في مساعيه السياسية ومواقفه، فهي حركة معارضة بمسؤولية وإيجابية وناصحة، تثمن الجهود الوطنية الإيجابية»، وأبرز أن الحزب «يعتمد سياسات تغيير وإصلاح داخل المؤسسات الدستورية». مؤكداً أن «حزبنا يؤمن بالانتخابات كوسيلة للتغيير والإصلاح، ولا يؤمن بأي وسيلة أخرى خارج الإطار الدستوري والديمقراطية»، ومشدداً على «سلمية التداول على الحكم، مهما كانت الأوضاع السياسية والاجتماعية، ونبذ العنف بكل أشكاله».

وتبحث «حركة مجتمع السلم» منذ أسابيع صيغة مشاركتها في الانتخابات الرئاسية، ضمن اجتماعات مع قيادييها في الهياكل، ومع المناضلين في الولايات. وقال قياديون بالحزب إن «الاتجاه العام عندنا يتمثل في ترشيح رئيس الحزب للاستحقاق».

المرشح الرئاسي بلقاسم ساحلي (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

في سياق ذي صلة، أعلن المرشح الرئاسي، بلقاسم ساحلي، على حسابه بالإعلام الاجتماعي، عن عقد اجتماع، اليوم (السبت)، لـ«لجنة إثراء برنامجه الانتخابي»، حيث تم تقييم عملية تنصيب المكلفين بتنشيط حملته الانتخابية عبر الولايات، تمهيداً لانطلاقها الرسمي في أغسطس (آب) المقبل. مشيراً إلى أنه تم اختيار ممثل عنه، مكلف التواصل مع «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»، وهي هيئة ينصّ عليها الدستور، تتولى الإشراف فنياً على الاستحقاقات.

بلقاسم ساحلي مرشح انتخابات الرئاسة مع أعضاء حملته (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

والمعروف أن ساحلي رشّحته 6 أحزاب للانتخابات، أطلق معها ما سمّاه «تكتل الاستقرار والإصلاح». وأعلن في نشاطه، اليوم (السبت)، عن تنظيم «ندوة وطنية للمنسقين الولائيين للتكتل» في يونيو (حزيران) المقبل، «بغرض مناقشة وإثراء واستكمال محاور البرنامج الانتخابي، المتضمن أكثر من 35 محوراً، مع إشراك كثير من الخبراء والمختصين من خارج الحزب، وكذا مواصلة اللقاءات التشاورية مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، ونشطاء المجتمع المدني من أجل تبادل وجهات النظر حول سبل وكيفيات مشاركة الجميع في إنجاح الاستحقاق الانتخابي المقبل».


خوري للتنسيق مع الأفرقاء الليبيين لإجراء الانتخابات المؤجلة

اجتماع خوري مع نائب المنفي ونائبي تكالة (المجلس الرئاسي)
اجتماع خوري مع نائب المنفي ونائبي تكالة (المجلس الرئاسي)
TT

خوري للتنسيق مع الأفرقاء الليبيين لإجراء الانتخابات المؤجلة

اجتماع خوري مع نائب المنفي ونائبي تكالة (المجلس الرئاسي)
اجتماع خوري مع نائب المنفي ونائبي تكالة (المجلس الرئاسي)

أكدت القائم بأعمال بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني خوري، التنسيق مع الأطراف السياسية الليبية، وإشراكها في الوصول إلى حلول ناجحة للأزمة السياسية تفضي لإجراء الانتخابات، التي يطمح إليها الليبيون، فيما أشار رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، إلى التزامه باتفاق القاهرة مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بشأن بتشكيل حكومة جديدة في البلاد.

ونقل نائب المنفي، موسى الكوني، عن خوري تأكيدها خلال اجتماعهما، اليوم السبت، في العاصمة طرابلس، بحضور مسعود اعبيد، وعمر العبيدي، نائبي تكالة، على «استمرار دعمها لجهود المجلس الرئاسي، الهادفة لتحقيق الاستقرار في ليبيا، والتعاون مع المجلس لمعالجة حالة الانسداد السياسي»، مشيراً إلى أن اللقاء ناقش أيضاً آخر مستجدات الأوضاع في البلاد.

بدوره، نفى تكالة في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية، قبل اجتماع وشيك في القاهرة، هو الثاني من نوعه مع المنفي وصالح، تردي العلاقات مع صالح، رغم اعترافه بوجود خلافات بينهما بشأن مشاكل الدولة وكيفية إدارتها، لافتاً إلى إمكانية حل تلك الخلافات على طاولة المفاوضات.

صورة أرشيفية لاجتماع القاهرة الأخير بين تكالة والمنفي وصالح (الشرق الأوسط)

وأدرج تكالة تعامله مع رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، في إطار الاعتراف الدولي بحكومته، لكنه عدَّ فى المقابل أن حكومة «الاستقرار» الموازية، الموالية لمجلس النواب، برئاسة أسامة حمّاد، «لم تكن حكومة شرعية منذ البداية». ورأى أن اعتراف مجلس النواب بهذه الحكومة «بمثابة مناكفة سياسية، ورسائل ظل يبعث بها رئيسه صالح إلى الدبيبة».

وقال تكالة إن «لجنة (6+6) المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، والمكلفة بوضع قوانين للانتخابات، انحرفت عن مسارها بعد عودتها لطربلس وبنغازي، وإدخالها العديد من التعديلات على التوافقات، التي تم التوصل إليها في مدينة أبو زنيقة المغربية».

كما انتقد تكالة مجدداً الرئيس المستقيل لبعثة الأمم المتحدة، عبد الله باتيلي، بسبب ما وصفه بـ«عدم قدرته على الصمود أمام التدخلات الأجنبية، وعدم تقريبه وجهات النظر بين مجلسي النواب والدولة، وتجاهل ما توصلا إليه برعاية الجامعة العربية».

تكالة انتقد عبد الله باتيلي، بسبب ما وصفه بعدم قدرته على الصمود أمام التدخلات الأجنبية (البعثة)

من جهة ثانية، شدد الكوني خلال مشاركته في اجتماع لجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية «سيسا»، في طرابلس، اليوم السبت، على أهمية الدور الذي تلعبه أجهزة الأمن في تحقيق الاستقرار، ومكافحتها للجريمة المنظمة والإرهاب في القارة الأفريقية، لافتاً إلى ضرورة استمرار التنسيق الأمني بين الدول المشاركة.

من اجتماعات تونس مع بعثة صندوق النقد الدولي (المصرف المركزي في ليبيا)

بدورها، عدّت السفارة الأميركية لدى ليبيا أن هذه الأخيرة تلعب دوراً حيوياً في أمن البحر الأبيض المتوسط، وأعربت فى بيان لها، مساء الجمعة، عن تطلعها لتعزيز التعاون مع ضباط البحرية الليبية المحترفين بهدف تعزيز الأمن البحري، وتحقيق الازدهار الاقتصادي في ليبيا.

في سياق غير متصل، قال محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، إن جلسة اختتام مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي، التي كانت بحضور رئيس ديوان المحاسبة، خالد أحمد شكشك، ووزير العمل بحكومة الوحدة، علي العابد، في تونس، ناقشت الموضوعات المتعلقة بتقييم الوضع الاقتصادي والمالي للدولة، والسياسات المالية والتجارية، وسبل العمل والتنسيق مع كافة مؤسسات الدولة والشركاء الدوليين، للارتقاء بالسياسات الاقتصادية والنقدية والمالية والتجارية.

محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير (الشرق الأوسط)

ونقل الكبير عن بعثة الصندوق تأكيدها على رؤية المصرف بضرورة تنويع مصادر الدخل، وضبط وترشيد الإنفاق العام، ومعالجة دعم المحروقات، إلى جانب إجراء إصلاحات عاجلة في المالية العامة.

وحسب بيان للمصرف، فقد أشاد الصندوق بتطوير إجراءاته الرقابية، وتطوير أطر الحوكمة، وتعزيز أنظمة الدفع الإلكتروني، مع المحافظة على الاستدامة المالية للدولة، رغم التقلبات والظروف والمخاطر الداخلية والخارجية.


الجامعة العربية لبحث سبل تخفيف معاناة سكان غزة

جانب من اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية على مستوى كبار المسؤولين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية على مستوى كبار المسؤولين (الجامعة العربية)
TT

الجامعة العربية لبحث سبل تخفيف معاناة سكان غزة

جانب من اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية على مستوى كبار المسؤولين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية على مستوى كبار المسؤولين (الجامعة العربية)

بحثاً عن سبل تخفيف معاناة سكان قطاع غزة، بعد أكثر من 7 أشهر من الحرب، انطلقت في العاصمة البحرينية المنامة، السبت، فعاليات الاجتماعات التحضيرية للدورة 33 لاجتماعات مجلس الجامعة على مستوى القمة، المقرر عقدها الخميس المقبل، بمشاركة القادة والزعماء العرب.

وأكدت الأمينة العامة المساعدة، رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية، السفيرة هيفاء أبو غزالة، «أهمية انعقاد القمة العربية بالبحرين نظراً للظرف الاستثنائي الذي تمر به دولة فلسطين»، مشيرة في كلمتها خلال اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على مستوى كبار المسؤولين، إلى أن «الفترة الأخيرة شهدت تطورات غير مسبوقة، واستمراراً للممارسات اللاإنسانية في قطاع غزة».

وانتقدت أبو غزالة «عجز المجتمع الدولي، رغم محاولات عدة، عن إيقاف نزيف الدم الفلسطيني بشكل يسمح بتدارك الآثار الاجتماعية والإنسانية والصحية والاقتصادية الصعبة جداً في القطاع وكثير من الأراضي الفلسطينية المحتلة».

وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد، في مارس (آذار) الماضي، بتأييد 14 عضواً وامتناع الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت، القرار رقم 2728 الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان الماضي. لكن لم يتم تنفيذه.

كما يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى إنجاز «هدنة» في غزة، عبر مفاوضات ماراثونية «تراوح بين التفاؤل الحذر حيناً والتعثر في أحيان كثيرة».

موقع على الحدود مع القطاع... ويظهر في الصورة العلم الإسرائيلي في شمال غزة (أ.ف.ب)

وطالبت الأمينة العامة المساعدة بـ«مواصلة التدخلات بكل السبل المتاحة للتخفيف من تلك الأوضاع»، مشيرة إلى «الجهود الحثيثة لكثير من الدول العربية، في تقديم المساعدات الاجتماعية والإنسانية والصحية الطارئة لأهالي قطاع غزة، الذين أصبحوا في وضع صعب جداً، يطالبون فيه بأبسط متطلبات الحياة اليومية».

وأشارت إلى أن «الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وضعت على رأس جدول أعمال المجلس التحضيري لـ(قمة المنامة)، وجود خطة للاستجابة الطارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين».

ويشهد قطاع غزة «كارثة إنسانية» وسط تحذيرات أممية من «خطر المجاعة» التي تهدد سكان قطاع غزة جراء الحرب، ونقص إدخال المساعدات الإغاثية.

في سياق متصل، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بالقرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة، بأغلبية «ساحقة»، والذي يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر بشكل إيجابي في عضوية فلسطين، وينص على أن الفلسطينيين لديهم الأهلية الكاملة لينالوا العضوية في المنظمة الأممية. ونقل المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة، جمال رشدي، عن أبو الغيط، قوله إن «التصويت الكاسح لصالح القرار يُشير بوضوح إلى بوصلة الإرادة العالمية ولاتجاه الرأي العام الدولي، وإن الصوت المقبل من الجمعية العامة كان عالياً وواضحاً، بحيث يصعب على أي طرف أن يصم آذانه عنه أو يتغافل عن دلالته».

ملاجئ للفلسطينيين النازحين داخلياً بمخيم رفح في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وشدد أبو الغيط على أن «الدول المقتنعة بحل الدولتين عليها تسريع الخُطى لتحويل هذه الرؤية إلى واقع، وأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ونيلها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة يمثلان خطواتٍ مهمة على هذه الطريق، لأنها تضع فلسطين في المكانة التي تستحقها وتعكس واقع أهليتها للحصول على دولة مستقلة»، مشيراً إلى أن «الاعتراف بالدولة يرسل للفلسطينيين الرسالة الصحيحة في وقتٍ يتعرضون فيه لمأساة متكاملة الأركان، ويشعرون بأن العالم عاجز عن وقف المذبحة التي تُرتكب بحقهم».

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن «رد الفعل المتعجرف لممثلي إسرائيل على هذا الصوت الكاسح الذي عبرت عنه الجمعية العامة يعكس حقيقة موقف دولة الاحتلال من قواعد النظام الدولي، ونظرتها للمنظمة الأممية وما تُعبر عنه من أعراف وقوانين»، مشيراً إلى «أهمية استمرار الضغوط الدبلوماسية لإحراج الأطراف التي ما زالت توفر الغطاء السياسي لإسرائيل داخل المنظمة الأممية، وبالأخص في مجلس الأمن».

والشهر الماضي، استخدمت الولايات المتحدة، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته الجزائر بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وبلغ عدد الأعضاء الذين صوتوا لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة في جلسة عقدها مجلس الأمن 12 دولة، في حين امتنعت دولتان عن التصويت هما بريطانيا وسويسرا.

بدوره، طالب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور جهاد الحرازين، بـ«وضع خطة طوارئ لمواجهة تداعيات حرب غزة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك تداعيات كارثية على القطاع، لا سيما مع عدم وصول الإمدادات الإغاثية إليه»، داعياً إلى «وضع آليات لإنشاء صناديق دعم خاصة للدول الأكثر تضرراً، إضافة إلى تصدير موقف عربي للمجتمع الدولي لدفعه لدعم الدول الأكثر فقراً، لا سيما تلك التي تأثرت من تداعيات حرب غزة». وأشار إلى «الدمار الذي خلفته الحرب والذي أدى إلى انهيار الاقتصاد بشكل كامل في قطاع غزة، والضفة الغربية، ما يتطلب وضع خطط لإعادة الإعمار وتقديم المساعدات الإغاثية، وتفعيل شبكة الأمان العربية»، داعياً القادة العرب في قمة المنامة «لاتخاذ قرارات عاجلة تسهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والإنسانية».

ويتضمن مشروع جدول أعمال الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع من قبل المجلس التحضيري للقمة 12 بنداً؛ من بينها تقرير الأمين العام للجامعة العربية حول العمل العربي الاجتماعي والتنموي العربي المشترك؛ وخطة الاستجابة الطارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين، والتقدم المحرز في استكمال متطلبات منطقة التجارة العربية الحرة وإقامة الاتحاد العربي الجمركي، بالإضافة إلى الاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن 2023 - 2028.

وأكدت أبو غزالة «أهمية متابعة التقدم المحرز في استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإقامة الاتحاد الجمركي العربي، إضافة إلى دعم تمكين الشباب، من خلال مقترح استراتيجية عربية للشباب والسلام والأمن، ما يسهم في بناء الكوادر العربية الواعدة». ونوهت بـ«أهمية دور القطاع الخاص ومؤسسات وبنوك التنمية الاجتماعية كداعم لتنفيذ السياسات الاجتماعية التنموية الناجعة»، مقترحة «صياغة عقد اجتماعي جديد يأخذ في الحسبان التطورات والتحديات».

الفلسطينيون النازحون داخلياً الذين فروا من شمال قطاع غزة يقومون بإعداد خيمة عائلية في غرب خان يونس (إ.ب.أ)

بدوره، أكد وكيل وزارة المالية المساعد للعلاقات الدولية المتعددة في السعودية، نايف بن محمد العنزي، «أهمية دفع عملية التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي بما يعزز مسيرة العمل والتعاون العربي المُشترك». وقال، في كلمته، السبت، إن «المملكة العربية السعودية حظيت باستضافة القمة العربية في جدة العام الماضي، التي كان لها الأثر الفعّال في دفع مسيرة العمل العربي المشترك، لا سيما في المجالين الاقتصادي والاجتماعي». وأشار إلى أن «الدول العربية تسعى وبشكل مستمر في كل المحافل الدولية والإقليمية إلى طرح الموضوعات التي تصب في مصلحة العمل العربي المشترك».

ويشمل مشروع جدول الأعمال أيضاً مقترحاً مقدماً من الأمانة العامة للجامعة العربية بشأن الرؤية العربية 2045 في تحقيق الأمل بالفكر والإرادة والعمل، إضافة إلى مذكرة من البحرين حول التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي؛ ومقترح من الإمارات حول المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً، وقرار المجلس الوزاري العربي للمياه حول الاستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة 2020 - 2030.

وأشار وكيل وزارة المالية والاقتصاد الوطني للشؤون المالية بالبحرين، يوسف عبد الله الحمود، إلى «أهمية التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي، ما يسهم في دعم تحول الاقتصادات العربية نحو النماذج الاقتصادية المستقبلية». وسلط، في كلمته خلال اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الضوء على البند الخاص بمبادرة «التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي» التي قدمتها البحرين. وقال إن «بلاده ترى أن هذه المبادرة ستسهم في دعم تحول الاقتصادات العربية نحو النماذج الاقتصادية المستقبلية، كما أنها تخدم تعزيز الشمول والاستقرار المالي وفرص تحقيق التنمية المستدامة».

ومن المقرر أن يرفع كبار المسؤولين مشروع جدول الأعمال إلى اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري للقمة، الأحد.


مصر ترفض التنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح

فلسطينيون يجمعون ما تيسر من أغراضهم على عربة ثلاثية العجلات للنزوح من رفح باتجاه خانيونس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يجمعون ما تيسر من أغراضهم على عربة ثلاثية العجلات للنزوح من رفح باتجاه خانيونس (أ.ف.ب)
TT

مصر ترفض التنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح

فلسطينيون يجمعون ما تيسر من أغراضهم على عربة ثلاثية العجلات للنزوح من رفح باتجاه خانيونس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يجمعون ما تيسر من أغراضهم على عربة ثلاثية العجلات للنزوح من رفح باتجاه خانيونس (أ.ف.ب)

نقل تلفزيون «القاهرة الإخبارية» الرسمي المصري عن مصدر رفيع، قوله إن مصر حذرت إسرائيل من تداعيات سيطرتها على معبر رفح، وحملتها مسؤولية تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة.

كما نقل التلفزيون، السبت، عن المصدر قوله إن مصر رفضت التنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح البري بسبب «التصعيد الإسرائيلي غير المقبول» في قطاع غزة.

وأضاف: «مصر قامت بدورها للوصول إلى اتفاق هدنة وتحملت مسؤوليتها التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني»، مشيراً إلى المفاوضات التي جرت في القاهرة خلال الأسبوع الماضي بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وفقا لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

كان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أكّد في اتصال مع نظيره الفرنسي ستيفان سيغورني أنّ القاهرة حريصة على مواصلة دورها في الوساطة بين إسرائيل و«حماس»، لكن الأمر يتطلب «تحمل جميع الأطراف لمسؤولياتها».

وقالت الخارجية المصرية، في بيان منفصل، إن شكري حذّر في اتصاله مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون من «عواقب التصعيد الخطير لسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، ووقف المنفذ الرئيسي والآمن بالقطاع لخروج الجرحى ودخول المساعدات الإنسانية العاجلة».

وبدأ الجيش الإسرائيلي عملية في شرق مدينة رفح يوم الإثنين الماضي، وسط تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات شن عملية عسكرية في المدينة التي يوجد بها قرابة 1.5 مليون فلسطيني نزحوا من أنحاء القطاع جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية.