كارثة سيول ليبيا: بكاء أب بعد إخراج جثمان ابنه من تحت الركام (فيديو)

«جهاز الإسعاف والطوارئ» يشير إلى تقلص الآمال في العثور على ناجين

أفراد من «الهلال الأحمر الليبي» ومتطوعون خلال إخراج جثامين ضحايا جراء السيول (أ.ف.ب)
أفراد من «الهلال الأحمر الليبي» ومتطوعون خلال إخراج جثامين ضحايا جراء السيول (أ.ف.ب)
TT

كارثة سيول ليبيا: بكاء أب بعد إخراج جثمان ابنه من تحت الركام (فيديو)

أفراد من «الهلال الأحمر الليبي» ومتطوعون خلال إخراج جثامين ضحايا جراء السيول (أ.ف.ب)
أفراد من «الهلال الأحمر الليبي» ومتطوعون خلال إخراج جثامين ضحايا جراء السيول (أ.ف.ب)

نشر «الهلال الأحمر الليبي»، عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس (تويتر سابقاً»، لحظات مؤثرة لانتشال طفل من تحت الركام في مدينة درنة، وبكاء والده خلال إخراجه ودفنه بنفسه.

في هذا السياق، أفاد المتحدث باسم «جهاز الإسعاف والطوارئ» الليبي، أسامة علي، اليوم الأربعاء، بأنه بعد مرور 48 ساعة تقلصت الآمال في العثور على ناجين جرّاء كارثة السيول والفيضانات التي تعرَّض لها الشرق الليبي.

وقال المتحدث، في تصريح، اليوم، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن الوضع في درنة ما زال سيئاً جداً، مشيراً إلى أن عدد القتلى حتى الآن يفوق 5000، والرقم مرشَّح للزيادة.

وأضاف أن «هناك نحو 9000 بلاغ عن مفقودين، لكن لا نستطيع الاعتماد على هذا الرقم؛ لأن مشكلة الاتصالات قد تقلِّص منه، بمعنى أن بعض المفقودين قد يكونون أحياء، ولكن ليست هناك وسيلة اتصال بأهلهم وذويهم لتأكيد سلامتهم».

أفراد من «الهلال الأحمر الليبي» ومتطوعون خلال إخراج جثامين ضحايا جراء السيول (أ.ف.ب)

وأشار إلى أن جهود الإنقاذ والإغاثة تسير بشكل جيد، ودرنة مكتظّة الآن بفِرق الإنقاذ والإغاثة من ليبيا ودول أخرى، مثل الجزائر وتونس ومصر وتركيا، والازدحام الشديد يسبب إرباكاً في عمليات الإنقاذ.

ونفى الإعلامي محمد الصريط، الموجود في درنة، عودة خدمات الاتصالات والكهرباء للجزء الساحلي من المدينة، وهو الجزء المتضرر من الفيضان.

وقال الصريط إن الكهرباء والاتصالات عادتا للمناطق المرتفعة من درنة، أما الجزء السفلي المحاذي للوادي والمقابل للبحر فما زال دون خدمات إلى اليوم.

ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصوَّرة من درنة تُظهر حجم الدمار الذي لحق المدينة، وكذلك الأعداد الكبيرة للجثث المنتشلة، والتي توضع مؤقتاً للتعرف عليها من قِبل أهالي وذوي المفقودين قبل دفنها في مقابر جماعية؛ نظراً لأعدادها الكبيرة.

وكانت منطقة الجبل الأخضر بشرق ليبيا قد تعرضت، يومي الأحد والاثنين الماضيين، لموجات قاسية من عاصفة دانيال المتوسطية، مما سبَّب أضراراً بشرية ومادية بالغة في مدن درنة، والبيضاء، وشحات، والمرج، وسوسة، وتاكنس، والبياضة، ووردامة، وتوكرة.

ونال مدينة درنة النصيب الأكبر من التدمير، ويعود ذلك لانهيار سدَّيْ وادي درنة نتيجة تأخر الصيانة فيهما وتراكم المياه المنحدرة من الجبل المحاذي للمدينة من جهة الجنوب.

وتُعدّ درنة ثالث أكبر مدن الشرق الليبي، بعد بنغازي والبيضاء، وهي مدينة ذات طبيعتين ساحلية وجبلية، وتنقسم أحياؤها بين المنطقتين.

مواطنون يتفحصون جثامين خارج مستشفى للتعرف عليها في درنا بليبيا (رويترز)

وكانت السلطات الليبية في شرق البلاد قد حذّرت السكان القاطنين قرب وادي درنة، وبمحاذاة الساحل، من خطر الإعصار، ودعت إلى خروج السكان من تلك المناطق، وحمل ما خفَّ حمله وغلا ثمنه، إلا أن استجابة السكان للتنبيهات كانت قليلة، كما يبدو، الأمر الذي ضاعف أعداد الضحايا.

ورصدت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس مبلغ 2.5 مليار دينار لإعادة الإعمار في المناطق المنكوبة، وأعلنت تسخير كل إمكانياتها لجهود الإنقاذ والإغاثة، في حين أعلن المجلس الرئاسي حالة الحداد وتنكيس الأعلام، وطلب التدخل الدولي في عمليات الإنقاذ والإغاثة.


مقالات ذات صلة

درنة الليبية لتجاوز أحزان «الإعصار» واستعادة بريقها

شمال افريقيا صالح وحماد وبالقاسم حفتر خلال افتتاح عدد من المشروعات في درنة (الحكومة الليبية)

درنة الليبية لتجاوز أحزان «الإعصار» واستعادة بريقها

على مقربة من ساحل البحر المتوسط الذي ذابت فيه بعض أجساد غرقى المدينة الجبلية، شهدت درنة الليبية افتتاح عدد من المشروعات، في خطوة لاستعادة بريقها المفقود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)

تباين ليبي بشأن منح قائد تشكيل مسلح منصباً «استخباراتياً» بطرابلس

لا يتمتع مدير الاستخبارات العسكرية بطرابلس محمود حمزة، بخلفية عسكرية أكاديمية، لكن ظهوره الأول كان من بين مقاتلين ضد نظام الرئيس السابق معمر القذافي، عام 2011.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا صورة وزعها مكتب حفتر لاجتماع مع مبعوث فرنسا الخاص فى بنغازي

حفتر: جميع المبادرات فشلت في حل الأزمة الليبية

قال المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي إنه «لا يمكن الاحتفال بذكرى الاستقلال في ظل تصدع أركان الدولة وأساساتها».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من دورية أمنية تابعة لوزارة الداخلية بطرابلس (المكتب الإعلامي للوزارة)

سلطات طرابلس تكثّف عمليات تأمين الشريط الحدودي مع تونس

قالت وزارة الداخلية بالعاصمة الليبية طرابلس إن الأجهزة الأمنية التابعة لها تكثف نشاطها لتأمين الشريط الحدودي مع تونس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة مجلس النواب في درنة

«النواب» الليبي يستدعي حكومة حمّاد للمساءلة عن نشاطها

قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، إن الجلسة المقبلة ستستعرض أعمال حكومة حماد ومشاريعها وخططها خلال العامين الحالي والمقبل.

خالد محمود

تباين ليبي بشأن منح قائد تشكيل مسلح منصباً «استخباراتياً» بطرابلس

من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
TT

تباين ليبي بشأن منح قائد تشكيل مسلح منصباً «استخباراتياً» بطرابلس

من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)

تباينت آراء سياسيين ومحللين ليبيين بشأن الحضور غير المسبوق للواء محمود حمزة، مدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، خلال اجتماع عسكري استخباراتي لدول الجوار الليبي في العاصمة طرابلس.

وطرح فريق من المحللين تساؤلات حول دور حمزة بموقعه الاستخباراتي، بالنظر إلى ترؤسه «اللواء 444 قتال»، وهو تشكيل مسلح بطرابلس، واضطلاعه بملفات عسكرية وأمنية حساسة، مثل أمن الحدود مع الجوار، في ظل الانقسام العسكري بليبيا. بينما رأى فريق آخر أن إخراج الاجتماع على هذا النحو «أمر منطقي في ظل سيطرة الميليشيات على مساحات واسعة من غرب البلاد».

وعرف مؤتمر طرابلس مشاركة مديري الاستخبارات في كل من الجزائر وتونس والسودان، وتشاد والنيجر، وسط غياب مصر، وجاء وسط انقسام عسكري في البلاد بين قوتين، إحداهما في الشرق ممثلة في «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، وأخرى تابع لحكومة «الوحدة»، وتنخرط تحت لوائها تشكيلات عسكرية وضباط قدامى في الجيش.

وخلال الاجتماع الأمني، طرح حمزة ما عدّه «تحدياً رباعياً» تواجهه بلاده، يتمثل في «الإرهاب، وتهريب المخدرات، والأسلحة، والهجرة غير المشروعة»، لافتاً إلى الحاجة لتنسيق الجهود مع دول الجوار، بعد أن بدأ الإرهاب يضرب كل أنحاء المنطقة.

لكنَّ محللين، ومن بينهم أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي، انتقد هذا الطرح، بل ورأى أن حمزة، «غير مؤهل لهذا المنصب الذي يحتاج إلى خبرات متراكمة وفق الأعراف العسكرية في العالم، وحتى في جيوش دول الجوار»، محذراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من «خطورة إسناد ملف أمني حساس إلى قائد مسلح».

ورأى الفارسي أن إخراج مشهد المؤتمر على هذا النحو «تعميق للشرخ في الصف العسكري الليبي»، وأدرجه ضمن «محاولات حكومة الدبيبة فرض الوجود على الساحة الإقليمية، وتجاهل قوات الجيش الوطني في شرق البلاد».

وبحسب مراقبين، لا يتمتع حمزة بخلفية عسكرية أكاديمية، لكن ظهوره الأول كان من بين مقاتلين ضد نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2011، ليؤسس بعدها كتيبة منفصلة، تحمل اسم «20 - 20» في معيتيقة بقيادته، بعد انفصاله عن ميليشيا «قوة الردع»، ليذيع صيته بعد حرب العاصمة طرابلس بتأسيس ما يعرف بـ«اللواء 444».

وإلى جانب رئاسته للاستخبارات العسكرية في غرب ليبيا منذ مارس (آذار) الماضي، لا يزال حمزة على قمة هرم «اللواء 444»، الذي ينتشر معظم قواته جنوب العاصمة، وتقوم بتأمين أجزاء واسعة من الطريق الرابط بين العاصمة وجنوب البلاد.

من جهته، يعتقد الباحث السياسي، الدكتور محمد بويصير، أن انعقاد هذا الاجتماع التنسيقي الأمني في طرابلس، وتصدر حمزة للواجهة «انعكاس لوزنه الذي اكتسبه، سواء محلياً أو لدى الجانبين التركي والأميركي»، وبحسب تقدير بويصير لـ«الشرق الأوسط»، فإن حمزة هو «قائد أكبر قوة عسكرية مسلحة بغرب ليبيا».

وسبق أن شارك حمزة، بصفته مدير الاستخبارات العسكرية، في مؤتمر أمني لمديري الاستخبارات للدول الأفريقية وأميركا بتنزانيا في مايو (أيار) الماضي. كما كان لافتاً لقاء «المسؤول العسكري الليبي» مع وفد من وزارة الدفاع الأميركية، الذي زار معسكر «اللّواء 444 قِتال»، للتّنسيق في مجال التدريب ورفع المستوى القتالي لأفراده في فبراير (شباط) الماضي، كما كان ضمن وفد عسكري ليبي حضر مناورات مشتركة استضافتها تركيا في يونيو (حزيران) الماضي.

وبينما يعرف حمزة بأنه أحد المقربين من الدبيبة، فإن إدارة إسناد ملف أمن الحدود إلى قائد «444» يبدو منطقياً لدى بعض المتابعين للشأن الليبي، عادّين أنه «آمر اللواء الأقوى عدة وعتاداً والأكثر تنظيماً، والأقرب للانضباط المطلوب للمؤسسة العسكرية»، وهي الرؤية التي يؤيدها أيضاً المحلل السياسي الليبي السنوسي إسماعيل.

ويشير السنوسي لـ«الشرق الأوسط»، إلى «اعتماد الدبيبة على (اللواء 444) في فرض السيطرة على مناطق شاسعة، تمثل خواصر رخوة في المنطقة الغربية»، الواقعة تحت سيطرة حكومة طرابلس.

ووفق رؤية السنوسي، فإن حمزة «يحظى بقبول واسع وقوة شخصية، إلى جانب خبرة اكتسبها في العمل الأمني والعسكري، والقيادة والسيطرة والانضباط، والالتزام بتعليمات وأوامر رئاسة الأركان ووزارة الدفاع».