المغرب في سباق مع الزمن للعثور على ناجين بعد الزلزال

TT

المغرب في سباق مع الزمن للعثور على ناجين بعد الزلزال

رجال الطوارئ يحملون جثة في أعقاب زلزال مميت في أمزميز بالمغرب في (رويترز)
رجال الطوارئ يحملون جثة في أعقاب زلزال مميت في أمزميز بالمغرب في (رويترز)

يسابق رجال الإنقاذ المغاربة الزمن اليوم الاثنين بدعم من فرق أجنبية للعثور على ناجين وتقديم المساعدة لمئات المشردين الذين فقدوا منازلهم بعد أكثر من 48 ساعة على الزلزال المدمر الذي خلف 2122 قتيلاً على الأقل.

وفي انتظار انتشار فرق الإنقاذ الأجنبية على الأرض بدأت السلطات في نصب الخيام في الأطلس الكبير، حيث دمرت قرى بكاملها جرَّاء الزلزال.

ويعمل مسعفون ومتطوعون وأفراد من القوات المسلحة من أجل العثور على ناجين وانتشال جثث من تحت الأنقاض، خصوصاً في قرى إقليم الحوز مركز الزلزال جنوب مدينة مراكش السياحية في وسط المملكة.

وأعلن المغرب مساء الأحد أنه استجاب لأربعة عروض مساعدة قدمتها بريطانيا وإسبانيا وقطر والإمارات، لمواجهة تداعيات الزلزال، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وذكرت وزارة الداخلية في بيان أن «السلطات المغربية استجابت في هذه المرحلة بالذات، لعروض الدعم التي قدمتها الدول الصديقة إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، التي اقترحت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ».

متطوعون يحفرون في أنقاض المنازل المنهارة في قرية إيمي نتالا بالقرب من أمزميز في وسط المغرب (أ.ف.ب)

وأكدت أن هذه الفرق بدأت التواصل مع نظيراتها المغربية لتنسيق جهودها.

وقالت إسبانيا إنها أرسلت 86 عامل إنقاذ إلى المغرب مع كلاب متخصصة في البحث عن ضحايا، في حين أقلعت رحلة إنسانية قطرية مساء الأحد من قاعدة العديد الجوية في ضواحي الدوحة، وفق صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية.

وأشارت الداخلية المغربية إلى إمكان «اللجوء لعروض الدعم المقدمة من دول أخرى صديقة» إذا اقتضت الحاجة، مؤكداً ترحيب المملكة «بكل المبادرات التضامنية من مختلف مناطق العالم».

ووجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، أمس الأحد، «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» بتسيير جسر جوي لتقديم المساعدات الإغاثية المتنوعة، للتخفيف من آثار الزلزال على الشعب المغربي، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس).

وأعلنت دول عدة أخرى بينها فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل استعدادها لتقديم المساعدة للمغرب وعبرت عن تضامنها معه بعد الزلزال الأعنف الذي شهدته المملكة وأسفر عن 2122 قتيلاً و2421 جريحاً، وفقاً لأحدث حصيلة للضحايا نشرتها وزارة الداخلية الأحد.

متطوع يصلي بالقرب من أنقاض المباني المنهارة في قرية إيمي نتالا بالقرب من أمزميز في وسط المغرب (أ.ف.ب)

وفي قرية تيخت الصغيرة القريبة من بلدة أداسيل، بقيت مئذنة وبعض المنازل من الحجارة صامدة وسط دمار شبه تام لحق بكل ما حولها، وفق ما شاهد صحافيون في وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال أحد سكانها محسن أكسوم (33 عاماً): «انتهت الحياة هنا... ماتت القرية».

والزلزال الذي وقع ليل الجمعة السبت، بقوة 7 درجات بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني (6.8 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، هو الأقوى الذي يتمّ قياسه في المغرب على الإطلاق.

عائلة مغربية تقيم في مخيم بمنطقة مفتوحة في ويرجان جنوب مراكش (إ.ب.أ)

وسجلت أكبر حصيلة للضحايا في إقليم الحوز (1351). ويمتد هذا الإقليم في معظمه على جبال الأطلس الكبير، محتضناً العديد من القرى النائية في الغالب، وسط تضاريس وعرة، ومعظم بيوتها تقليدية لا تحترم شروط مقاومة الزلازل.

وفي مواجهة حجم الدمار، تشهد مدينة مراكش حملات تضامن مع المتضررين والجرحى، خصوصاً لجهة التبرع بالدم، حيث أقبل العديد من سكان المدينة إلى المستشفيات للمساعدة، بينما قام آخرون بجمع مساعدات غذائية.

وقال إبراهيم نشيط من منظمة «دراو سمايل» (ارسم بسمة) لفرانس برس: «نحن بصدد جمع المواد الغذائية لمساعدة المناطق المتضررة من الزلزال»، مشيراً إلى أن الجمعية تعتزم كذلك إرسال «قافلة طبية» إلى المناطق الأكثر تضرراً من الكارثة.

من جهته، قال نائب رئيس الجمعية عبد اللطيف رزوقي: «أعتقد أن الحصص الغذائية التي تم جمعها كافية لدعم 100 عائلة على الأقل على مدى أسبوع».

وصرف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومقره جنيف، مليون فرنك سويسري (1.1 مليون دولار) من صندوق الاستجابة لحالات الطوارئ للكوارث التابع له لدعم عمل الهلال الأحمر المغربي الميداني.

رجال الطوارئ يحملون جثة في أعقاب زلزال مميت في أمزميز بالمغرب في (رويترز)

ونبهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت إلى أهمّية حاجات المغرب المستقبلية، مع «24 إلى 48 ساعة حرجة» وحاجات «لأشهر أو حتى سنوات».

وتقرر تعليق الدراسة في 42 جماعة (دائرة) في الأقاليم التي ضربها الزلزال اعتباراً من الاثنين، وفق ما أعلنت وزارة التربية الوطنية الأحد.

بكاء أسرة بينما ينتشل المتطوعون جثة أحد أفرادها من تحت أنقاض المنازل المنهارة في قرية إيمي نتالا بالقرب من أمزميز في وسط المغرب (أ.ف.ب)

وتبنت الحكومة مشروعاً لإحداث «الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية»، سيفتح لتلقي التبرعات.

ويهدف المشروع خصوصاً إلى تغطية نفقات تشمل خصوصاً «إعادة بناء المنازل المدمرة»، و«التكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، خصوصاً اليتامى والأشخاص في وضعية هشة»، وأيضاً «التكفل الفوري بكافة الأشخاص من دون مأوى جراء الزلزال، لا سيما فيما يرتبط بالإيواء والتغذية وكافة الاحتياجات الأساسية».

صورة قمر صناعي تظهر الملاجئ والخيام بعد زلزال قوي في أمزميز بالمغرب (رويترز)

وإضافة إلى الحصيلة البشرية والدمار، أثار الزلزال خشية على مصير مواقع تاريخية، خصوصاً في مراكش، حيث تعرضت المدينة القديمة ومواقعها المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي إلى أضرار بسبب الزلزال.

في المدينة القديمة، بدت الأضرار مروعة في بعض الأماكن حيث دُمّرت مساكن، وارتفعت بعض أكوام الركام في الأزقة. وتهدّم جزء من الأسوار العائدة للقرن الثاني عشر المحيطة بالمدينة التي بنتها سلالة المرابطين نحو عام 1070.

وقال المدير الإقليمي لمكتب اليونيسكو في المغرب العربي إريك فالت: «يمكننا أن نقول بالفعل إن الأضرار أكبر بكثير مما توقعنا. لاحظنا تشققات كبيرة في مئذنة (جامع) الكتبية، البناء الأكثر شهرة، ولكن أيضاً التدمير شبه الكامل لمئذنة مسجد خربوش» في ساحة جامع الفنا.

وبثت القنوات التلفزية الأحد صوراً من الجو تظهر قرى دمر بعضها تماماً، من بينها قرية تفغاغت الواقعة على بُعد نحو 50 كيلومتراً من بؤرة الزلزال، ونحو 60 كيلومتراً جنوب غربي مراكش.

والمغرب غير معتاد عموماً على الزلازل المدمرة. واعتبر هذا الزلزال الأعنف «استثنائياً»، نظراً إلى بؤرته الواقعة في قلب جبال الأطلس الكبير. زيادة على أن الرقعة الجغرافية المنكوبة شاسعة.


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

آسيا عناصر من البحث والإنقاذ يتدربون على محاكاة لإخلاء ضحايا تسونامي في إندونيسيا (إ.ب.أ)

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر شرق إندونيسيا، اليوم السبت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا رسم بياني لزلزال (متداولة)

زلزال بقوة 5.9 درجة قبالة كامتشاتكا الروسية

قال «المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل»، إن زلزالاً بقوة 5.9 درجة وقع قبالة الساحل الشرقي لمنطقة كامتشاتكا الروسية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جانب من أعمال منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكي ألوفا اليوم (إ.ب.أ)

تزامناً مع انعقاد قمة إقليمية... زلزال بقوة 6.9 درجة يضرب تونغا

ضرب زلزال بلغت قوته 6.9 درجة اليوم (الاثنين)، تونغا الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما ذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نوكي ألوفا)
شؤون إقليمية أشخاص ينتظرون حافلة في كهرمان مرعش المتضررة بالزلزال في 28 مايو 2023 (أ.ف.ب)

بعد 25 عاماً على «كارثة مرمرة»... إسطنبول تعيش مخاوف زلزال كبير

600 ألف مبنى سكني يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة معرضة للانهيار في الدقائق الأولى من زلزال محتمل يهدد إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نقطة تفتيش حدودية بالقرب من معبر نصيب بين الأردن وسوريا 29 سبتمبر 2018 (رويترز)

زلزال بقوة 4.8 يهز الحدود بين الأردن وسوريا

قال مركز أبحاث علوم الأرض الألماني (جي إف زد)، إن زلزالاً بقوة 4.8 درجة هز منطقة الحدود الأردنية - السورية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (عمّان)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
TT

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية، التزاماً بالتعهدات التي قطعها وفده في محادثات جنيف في وقت سابق من أغسطس (آب).

وقال في تدوينة على منصة «إكس»: «أصدرت أمراً إدارياً استثنائياً لجميع القوات، بما فيها (قوة حماية المدنيين)، حول عدد من الالتزامات الخاصة بتعزيز حماية المدنيين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية»، ودعا حميدتي جميع القادة في المستويات كافة للتقيد بالأوامر، وتنفيذ التعليمات وقواعد الاشتباك أثناء القتال، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني، وكل من يخالف هذه الأوامر يعرّض نفسه للمساءلة القانونية.

وذكر أن هذا الأمر الاستثنائي يأتي تماشياً مع مخرجات محادثات جنيف، ويتَّسق مع الأوامر الإدارية الروتينية التي نصدرها كل 3 أشهر، وتستند تلك الأوامر إلى أحكام قانون «قوات الدعم السريع» لسنة 2017، ووفاءً للتعهدات التي التزمت بها «قوات الدعم السريع» في محادثات جنيف.

أرشيفية تُظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)

«قوة حماية المدنيين»

وتُتَّهَم «قوات الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، بما في ذلك مجازر عديدة في ولاية الجزيرة وسط السودان، لكنها تنفي ذلك. وأعلن حميدتي في أغسطس تشكيل قوة لحماية المدنيين، شرعت فوراً في أداء مهامها في ولايتي الخرطوم والجزيرة.

وتتكون القوة -حسب رئيس وفد «قوات الدعم السريع» للتفاوض في جنيف، عمر حمدان- من 27 عربة قتالية، مدعمة بقوات محترفة للتعامل مع التفلّتات التي تصدر من قواته. والأسبوع الماضي أكّد حميدتي التزامه الكامل بمخرجات محادثات جنيف، التي قاطعها وفد الجيش، وبتعهداته في تلك المحادثات، وعلى رأسها الاستجابة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

ووافق طرفا القتال في السودان، الجيش و«قوات الدعم السريع»، على توفير ممرَّين آمنَين للمساعدات الإنسانية دون عوائق، وحماية المدنيين، وتطوير إطار عمل لضمان الالتزام بـ«إعلان جدة»، للتخفيف من تداعيات الحرب الدائرة بينهما منذ نحو عام ونصف عام.

وتلقّى الوسطاء الدوليون خلال محادثات جنيف التزامات قوية من «قوات الدعم السريع»، بإصدار توجيهات قيادية إلى جميع المقاتلين بالامتناع عن ارتكاب أي انتهاكات ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها القوات.

صناديق تحتوي على مساعدات مخزَّنة في مستودع تديره مفوضية العون الإنساني (رويترز)

قوافل المساعدات

وفي موازاة ذلك استمر دخول قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر «أدري» مع الحدود التشادية، لتوزيعها على المتضررين في إقليم دارفور غرب السودان. وقالت مفوضية اللاجئين، يوم السبت، إن شاحنات تابعة لها نقلت 200 شحنة إغاثة أساسية من تشاد إلى السودان عبر المعبر، بوصفها جزءاً من قافلة مساعدات الأمم المتحدة.

وأوضحت المفوضية الأممية أن «هذه الإمدادات التي تشمل الأغطية البلاستيكية والبطانيات وأدوات المطبخ، ستدعم الأسر المتضررة من النزاع في ولاية غرب دارفور»، ويزور البلاد هذه الأيام وفد رفيع من الأمم المتحدة برئاسة النائبة الخامسة للأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، وكبار المسؤولين من الوكالات الأممية.

من جانبه، جدّد مجلس السيادة السوداني لدى لقائه الوفد الأممي التزامَه بفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر المعابر التي تم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة والشركاء في محادثات جنيف. وقالت أمينة محمد إن زيارتها للسودان جاءت للوقوف على تطورات الأوضاع، مشيدةً بالخطوة التي اتخذتها حكومة السودان بفتح معبر أدري لمرور المساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين من الحرب. وأكدت المسؤولة الأممية أن المنظمة الدولية ترحب بتعاون الحكومة السودانية من أجل إيصال الغذاء للمحتاجين.

بدوره قال وزير الخارجية السوداني حسين عوض في تصريحات صحافية: «على الرغم من توجّس حكومة السودان من معبر أدري، إلا أن الحكومة تعاونت في فتح هذا المعبر».