السيسي وإردوغان يؤكدان من نيودلهي على تعزيز مسار العلاقات

خبراء اعتبروا مباحثاتهما في قمة العشرين «خطوة جيدة»

السيسي وإردوغان يتصافحان مجدداً على هامش «قمة العشرين» (الرئاسة المصرية)
السيسي وإردوغان يتصافحان مجدداً على هامش «قمة العشرين» (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي وإردوغان يؤكدان من نيودلهي على تعزيز مسار العلاقات

السيسي وإردوغان يتصافحان مجدداً على هامش «قمة العشرين» (الرئاسة المصرية)
السيسي وإردوغان يتصافحان مجدداً على هامش «قمة العشرين» (الرئاسة المصرية)

اتفق الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب إردوغان، على «تعزيز مسار العلاقات بين البلدين». وأكدا خلال لقائهما في نيودلهي حرصهما على «تعزيز التعاون الإقليمي كنهج استراتيجي راسخ في إطار المصلحة المشتركة». في حين قال خبراء من مصر وتركيا إن «مباحثات السيسي وإردوغان الجديدة (خطوة جيدة)».

والتقى السيسي وإردوغان (الأحد) على هامش «قمة العشرين» في الهند، وهو اللقاء الثاني الذي يجمع بينهما، بعد أول لقاء في العاصمة القطرية الدوحة في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على هامش افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم.

ووفق إفادة لمتحدث الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، (الأحد) فإن الرئيسين المصري والتركي «تباحثا حول العديد من القضايا». وأضاف أن الرئيسين أكدا «أهمية العمل من أجل دفع مسار العلاقات بين البلدين والبناء على التقدم الملموس في سبيل استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي». وأعربا عن «الحرص على تعزيز التعاون الإقليمي، كنهج استراتيجي راسخ، وذلك في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والنيات الصادقة، وبما يُسهم في صون الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط».

تطورات إيجابية

وشهدت العلاقات المصرية-التركية تطورات إيجابية تسارعت وتيرتها على مدار الشهور الماضية، وأعلن البلدان أوائل يوليو (تموز) الماضي رفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفير، بعد 10 سنوات من خفضها إلى مستوى القائم بالأعمال عقب خلافات بين البلدين بعد عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) عام 2013.

وبحسب بيان المتحدث الرئاسي المصري (الأحد) فإن اللقاء بين الرئيسين «تناول تبادل الرؤى بشأن تطورات الأوضاع الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وسبل تكثيف التشاور والتنسيق بين البلدين لتعزيز مجمل جوانب العلاقات الثنائية، بما يصب في صالح الدولتين والشعبين».

ووصفت وسائل إعلام تركيا اللقاء بين السيسي وإردوغان بـ«المصافحة التاريخية الثانية» بعد المصافحة الأولى في الدوحة. وقالت الرئاسة التركية في بيان (الأحد) إن إردوغان أكد خلال اجتماعه مع السيسي أن «العلاقات بين البلدين دخلت (حقبة جديدة) بتعيين سفير لكل منهما». وعبر إردوغان عن اعتقاده بأن «العلاقات سوف تشهد دفعة إلى الأمام». وذكر البيان أن الرئيسين والوفدين المرافقين لهما ناقشوا «دعم العلاقات والجهود المبذولة لزيادة حجم التجارة والتعاون في مجالات إقليمية وعالمية». وأشار إردوغان إلى «أهمية الدعم الذي تقدمه السلطات المصرية للمستثمرين والشركات التركية، وأن تركيا تُعلق أهمية كبيرة على تكثيف التعاون في مجالات الغاز الطبيعي المسال والطاقة والثقافة والتعليم».

تضامن مصري-تركي

وتصافح السيسي وإردوغان على هامش افتتاح كأس العالم في قطر. وقال الرئيس التركي حينها إنه «تحدث مع السيسي لنحو 30 إلى 45 دقيقة». كما شكل زلزالا تركيا وسوريا دفعة للعلاقات، خاصة مع التضامن المصري الواسع، واتصال السيسي بنظيره التركي هاتفياً حينها للتعبير عن تضامن وتعاطف الشعب المصري.

وكانت وسائل إعلام تركية قد أعلنت في وقت سابق أن السيسي سيزور تركيا في 27 يوليو (تموز) الماضي؛ لكن التاريخ جاء متزامناً مع حضور الرئيس المصري القمة الأفريقية-الروسية يومي 27 و28 يوليو الماضي.

الجانبان المصري والتركي خلال مباحثات في نيودلهي تناولت القضايا الإقليمية (الرئاسة المصرية)

في السياق، اعتبر خبراء من مصر وتركيا أن مباحثات الرئيسين المصري والتركي تعد استكمالاً للتطور الإيجابي للعلاقات بين البلدين. وقال الباحث في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، كرم سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاء السيسي وإردوغان في نيودلهي (خطوة جيدة) على صعيد تعزيز تطبيع العلاقات بين البلدين، و(نقطة إضافية) فيما يتعلق بالحرص أو التأكيد على دفع مسار العلاقات، ليصبح التقدم في العلاقات هو العنوان الأبرز بين البلدين». وأضاف سعيد أن اللقاء يُعد أيضاً «مؤشراً على رغبة وقدرة البلدين على تجاوز (القضايا الخلافية)، وإمكانية الاتفاق على (رؤية موحدة) تجاه هذه القضايا، والتي يأتي على رأسها الوجود التركي في ليبيا وشمال سوريا والعراق».

اتصالات دبلوماسية

وأطلقت تركيا منذ مارس (آذار) عام 2021 جهوداً لتطبيع العلاقات مع مصر واستئناف اتصالاتهما الدبلوماسية. وعُقدت جولتا مباحثات استكشافية في القاهرة وأنقرة على مستوى نائبي وزير خارجيتي البلدين. وفي فبراير (شباط) الماضي، زار وزير الخارجية المصري، سامح شكري، المناطق المنكوبة في جنوب تركيا عقب الزلزال، ثم زار وزير الخارجية التركي السابق، مولود جاويش أوغلو، القاهرة في مارس الماضي، حيث جرت مناقشة «وضع مسار التطبيع بين البلدين على (الطريق الصحيح) بعد التوافق على (الملفات العالقة)». ورد شكري بعدها بزيارة إلى تركيا في أبريل (نيسان) الماضي.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، جمال بيومي، عدّ مباحثات الرئيسين المصري والتركي في نيودلهي أنه «تأكيد سياسي على ما تشهده العلاقات بين البلدين من تطورات إيجابية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات بين القاهرة وأنقرة تسير في (الاتجاه الصحيح) الذي يحقق مصالح الشعبين».

من جانبه قال الخبير الأمني، الأستاذ في جامعة بهشه شهير في إسطنبول، عبد الله أغار، إن «اللقاء الثاني بين إردوغان والسيسي هو تأكيد (جديد) على أن العلاقات بين البلدين تتخذ مسارها الطبيعي وتتقدم إلى الأمام من دون عوائق وبإرادة من قيادتي البلدين»، مضيفاً أن «تضامن مصر مع تركيا في (كارثة زلزال تركيا) أعطى دفعة قوية لمسار تطبيع العلاقات وأسهم بشكل كبير في تخطي حقبة الخلاقات». ووفق أغار فإن «عودة العلاقات المصرية-التركية إلى طبيعتها تحمل أهمية كبيرة للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط، والملفات المتعددة التي تحتاج إلى تنسيق وتعاون بين البلدين، وفي مقدمتها الملفان الليبي والسوري، فضلاً عن تفعيل التشاور والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية».


مقالات ذات صلة

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

شمال افريقيا مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

حسمت مصر إشاعات فرض ضريبة جديدة على الجوالات المستوردة من الخارج بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مجلس الشيوخ المصري أثناء مناقشة قانون «المسؤولية الطبية» (وزارة الشؤون النيابية والقانونية المصرية)

مصر: جدل متصاعد بسبب قانون «المسؤولية الطبية»

تصاعد الجدل في مصر بسبب قانون «المسؤولية الطبية» عقب موافقة مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) نهائياً على القانون.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأربعاء (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تؤكد التزامها بسداد الديون

أكدت الحكومة المصرية، الأربعاء، التزامها بسداد ما عليها من التزامات وديون، وذلك تزامناً مع إعلان صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مبدئي مع القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا المتهم خلال إحدى الجلسات السابقة (الشرق الأوسط)

محكمة مصرية تؤيد إعدام «سفاح التجمع»

أيدت محكمة الجنايات المستأنفة بالقاهرة، الأربعاء، الحكم بالإعدام على كريم محمد سليم المشهور بـ«سفاح التجمع»، بتهمة قتل 3 سيدات وإلقائهن في مناطق صحراوية بمصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الحكومة المصرية تؤكد التزامها بسداد الديون

مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأربعاء (مجلس الوزراء)
مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأربعاء (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تؤكد التزامها بسداد الديون

مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأربعاء (مجلس الوزراء)
مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأربعاء (مجلس الوزراء)

أكدت الحكومة المصرية، الأربعاء، التزامها بسداد ما عليها من التزامات وديون، وذلك تزامناً مع إعلان صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مبدئي مع القاهرة، من شأنه صرف 1.2 مليار دولار، في إطار قرض بقيمة 8 مليارات دولار.

وقال رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، خلال اجتماع الحكومة، الأربعاء، إن «الدولة المصرية سددت خلال شهري نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وديسمبر (كانون الأول) الجاري، نحو 7 مليارات دولار من الديون المستحقة عليها»، مؤكداً أن «إجمالي ما جرى سداده خلال عام 2024 وصل إلى 38.7 مليار دولار».

وأشار مدبولي إلى أن سداد هذه المبالغ «كان يُمثل تحدياً كبيراً للدولة»، مؤكداً «التزام بلاده بسداد ما عليها من التزامات»، وموضحاً أنها لم تتخلف يوماً عن سداد تلك المستحقات»، ولفت في هذا الصدد إلى أن «المبلغ المستحق خلال العام المقبل سيكون أقل مما تم سداده هذا العام»، حسب إفادة رسمية نشرتها صفحة رئاسة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك».

جاءت تصريحات مدبولي في إطار الإشارة إلى «الانتهاء من المراجعة الرابعة مع مسؤولي صندوق النقد الدولي، ضمن ترتيب تسهيل الصندوق الممدد، الذي ستحصل مصر بموجبه على 1.2 مليار دولار»، حيث لفت رئيس الوزراء المصري في هذا الصدد إلى التصريح الصادر عن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إيفانا فلادكوفا هولار، الذي أوضحت فيه أنه «تم التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع السلطات المصرية بشأن المراجعة الرابعة، ضمن ترتيب تسهيل الصندوق الممدد، كما أكدت أن السلطات المصرية واصلت تنفيذ سياسات رئيسية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وذلك على الرغم من التوترات الإقليمية المستمرة، التي تتسبب في انخفاض حاد في عائدات قناة السويس».

مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء (مجلس الوزراء)

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، حسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك في أعقاب تغيير عدد من شركات الشحن الكبرى مسارات الملاحة، بسبب الهجمات التي تشنها جماعة «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وحسب بيان صندوق النقد الدولي، الذي نشره على موقعه الإلكتروني، الأربعاء، فإن «مواصلة مصر تنفيذ جهود ضبط الأوضاع المالية سيكون ضرورياً للحفاظ على القدرة على تحمل الديون وخفض تكاليف الفوائد الكبيرة».

وأشار الصندوق إلى أن «الحكومة المصرية وافقت على زيادة نسبة الضرائب إلى الإيرادات اثنين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العامين المقبلين، مع التركيز على إلغاء الإعفاءات بدلاً من زيادة الضرائب». وقال الصندوق إن هذا من شأنه «إتاحة المجال لزيادة الإنفاق الاجتماعي لمساعدة الفئات الضعيفة»، مضيفاً أنه «في حين أن خطط السلطات المصرية لتنظيم وتبسيط النظام الضريبي جديرة بالثناء، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الإصلاحات لتعزيز جهود تعبئة الإيرادات المحلية».

كما أشار صندوق النقد إلى أن «مصر وافقت على بذل مزيد من الجهود الحاسمة لضمان أن يصبح القطاع الخاص المحرك الرئيسي للنمو، والحفاظ على التزامها بسعر الصرف المرن».

وأكد رئيس الوزراء المصري، خلال الاجتماع الأربعاء، «استمرار جهود مختلف أجهزة وجهات الدولة المعنية فيما يتعلق بحوكمة وضبط بنود الإنفاق الاستثماري، وذلك بما يسهم في إتاحة الفرصة بشكل أكبر أمام مؤسسات القطاع الخاص لزيادة نسب معدلات مشاركته في كثير من الأنشطة الاقتصادية، هذا فضلاً عن مساهمة هذه الإجراءات في ضبط الأداء المالي للموازنة العامة للدولة».

وجدد مدبولي «تأكيد استمرار جهود مختلف الأجهزة المعنية لتأمين الاحتياطيات المناسبة من مختلف السلع الاستراتيجية والأساسية، التي من شأنها أن تضمن تلبية الاحتياجات الإنتاجية والاستهلاكية من هذه السلع، وإتاحة مخزون آمن منها، ضماناً لاستقرار مستوى أسعارها».

وسمحت السلطات المصرية بانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار بنحو 40 في المائة، ورفعت أسعار الوقود 3 مرات خلال العام الحالي. كما رفعت أسعار الكهرباء وخفضت دعم الخبز.

ونهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حذَّر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، من أن مصر قد تضطر إلى إعادة تقييم برنامجها مع الصندوق إذا لم تأخذ المؤسسات الدولية في اعتبارها التحديات الإقليمية غير العادية، التي تواجه البلاد، ضارباً المثل بتأثر إيرادات قناة السويس بنحو 60 في المائة، نتيجة التوترات الأمنية بالبحر الأحمر.

ونهاية الشهر الماضي، خلال زيارة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر لإتمام المراجعة الرابعة، قال رئيس الوزراء المصري إن القاهرة طلبت من صندوق النقد الدولي تعديل أهداف البرنامج ليس فقط لهذا العام، ولكن لكامل مدته، دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل.

ولا يزال الاتفاق مع صندوق النقد على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بحاجة إلى موافقة المجلس التنفيذي للصندوق، قبل صرف شريحة جديدة من القرض.

تأتي المراجعة الرابعة في إطار برنامج قرض صندوق النقد الدولي الأخير لمصر الذي تبلغ مدته 46 شهراً، والذي تمت الموافقة عليه في عام 2022 وتم توسيعه إلى 8 مليارات دولار هذا العام، إثر تداعيات الأزمة الاقتصادية في مصر.