كيف يدير «الحوار الوطني» ملف «رئاسية مصر»؟

تزامناً مع مطالب بـ«ضمانات» للعملية الانتخابية

اجتماع سابق لمجلس أمناء «الحوار الوطني» بمصر (صفحة «الحوار الوطني المصري» على «فيسبوك»)
اجتماع سابق لمجلس أمناء «الحوار الوطني» بمصر (صفحة «الحوار الوطني المصري» على «فيسبوك»)
TT

كيف يدير «الحوار الوطني» ملف «رئاسية مصر»؟

اجتماع سابق لمجلس أمناء «الحوار الوطني» بمصر (صفحة «الحوار الوطني المصري» على «فيسبوك»)
اجتماع سابق لمجلس أمناء «الحوار الوطني» بمصر (صفحة «الحوار الوطني المصري» على «فيسبوك»)

يعقد مجلس أمناء «الحوار الوطني» المصري، وهو آلية للنقاش بين القوى السياسية ترعاها الرئاسة المصرية، اجتماعاً، (الأحد)؛ لمناقشة «قانون الهيئة الوطنية للانتخابات»، قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وبينما قالت مصادر قضائية إن «عدد من يحق لهم التصويت في مصر يبلغ 60 مليوناً»، تواصل قوى حزبية «تحركاتها لدعم ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لولاية جديدة»، بينما «لم تحسم قوى المعارضة ملف تسمية مرشح يمثلها في الاستحقاق المقبل».

وتطالب قوى معارضة، ومرشحون محتملون لخوض الاستحقاق الرئاسي، بـ«ضمانات للعملية الانتخابية». وبينما يرى سياسيون «إمكانية مناقشة هذه المطالب على طاولة (الحوار الوطني)»، تباينت آراء مسؤولين في «الحوار الوطني» بشأن «وضع الانتخابات الرئاسية على أجندة المناقشات».

تجربة «الديمقراطي الاجتماعي»

وبعد إعلان حزبه، أخيراً، دراسة «المشاركة في الانتخابات المقبلة»، قال رئيس الحزب «المصري الديمقراطي الاجتماعي» فريد زهران، وهو سياسي «اشتراكي»، إن لديهم «من التجربة السياسية، والأطر التنظيمية، والقواعد الحزبية والشعبية، ما يؤهلنا للترشح للانتخابات الرئاسية بشكل يتجاوز حدود (الديكورية) أو (تجميل الصورة)، لكن الأمر يظل مرهوناً بتحقق ضمانات محددة»، بحسب تعبيره.

وردّ البرلماني مصطفى بكري على المطالبة بهذه الضمانات، بدعوة زهران إلى «التقدم بها إلى مجلس أمناء (الحوار الوطني) المكلف تلقي الاقتراحات المتعلقة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والمجتمعية».

وقال المقرر المساعد للمحور السياسي بـ«الحوار الوطني»، الدكتور مصطفى كامل السيد، لـ«الشرق الأوسط»: «سيجتمع مجلس الأمناء (الأحد)؛ لمناقشة مشروع (قانون الهيئة الوطنية للانتخابات)»، مؤكداً أن «الانتخابات الرئاسية ليست في جدول أعمال (الحوار)».

ووفق عضو مجلس الأمناء، الدكتور عمرو هاشم ربيع، فإن «الاجتماع المقرر لمجلس أمناء (الحوار الوطني) يركز تحديداً على بند (مد العمل بالإشراف القضائي الكامل على الانتخابات لمدة تتراوح بين 5 و10 أعوام)».

وتنص المادة 34 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات (198 لسنة 2017) على أن «يتولى إدارة الاقتراع والفرز، في الاستفتاءات والانتخابات، أعضاء تابعون للهيئة تحت إشراف مجلس إدارتها، ولها أن تستعين بأعضاء من الهيئات القضائية، ويتم الاقتراع والفرز في الاستفتاءات والانتخابات في السنوات العشر التالية للعمل بالدستور تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية على النحو المبين في هذا القانون وقرارات الهيئة».

قبل نهاية يناير

وهذه المادة مأخوذة من نص المادة 210 من دستور مصر، الذي تم إقراره منتصف يناير (كانون الثاني) من عام 2014، ولذلك ترجح مصادر مطلعة أن تقام الانتخابات الرئاسية «قبل نهاية يناير المقبل للاستفادة بسريان نص الإشراف القضائي الكامل خلال تلك الفترة». ومن المرتقب أن يعود مجلس النواب المصري للانعقاد في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ما يوفر إمكانية لـ«تفعيل» بعض توصيات «الحوار الوطني» المرتبطة بعمل السلطة التشريعية.

وحول «مطالب الضمانات الانتخابية وموقف (الحوار الوطني) منها»، قال ربيع لـ«الشرق الأوسط»: «يُمكن أن تطرح الضمانات و(محددات النزاهة) للنقاش خلال فعاليات (الحوار الوطني)»، إلا أنه «لم يرجح طرحها في جلسة (الأحد)».

وبحسب السيد، وهو عضو في «الحركة المدنية الديمقراطية» (تجمع معارض يضم 12 حزباً وشخصيات عامة)، فإن الضمانات التي حددتها الحركة للانتخابات الرئاسية المقبلة، تشمل «حياد أجهزة الدولة المصرية في الانتخابات، وتمكين جميع المرشحين من عرض برامجهم على نحو متوازن عبر وسائل الإعلام».

في سياق آخر، أعلنت رئيسة حزب «الدستور»، جميلة إسماعيل، (السبت)، حجز محكمة مصرية قضية اتهام الناشط السياسي هشام قاسم، بـ«سب وقذف» القيادي في «الحركة المدنية الديمقراطية»، كمال أبو عيطة، للحكم في 16 سبتمبر (أيلول) الحالي.


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».