البرهان: القضاء على «التمرد» قريباً وسينعم السودان بالسلام

قيادي في «قوى الحرية والتغيير»: البلاد تسير نحو الحرب الأهلية بسرعة كبيرة

TT

البرهان: القضاء على «التمرد» قريباً وسينعم السودان بالسلام

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لدى استقباله قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في الدوحة الخميس (سونا)
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لدى استقباله قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في الدوحة الخميس (سونا)

قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إنه سيتم قريباً القضاء على تمرد قوات الدعم السريع، وسينعم الشعب السوداني بالسلام والاستقرار، في تصريحات أطلقها خلال زيارته لقطر ولقائه أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. في حين وصفت قوات الدعم السريع قرار العقوبات الأميركية على قائدها الثاني، عبد الرحيم دقلو بـ«الصادم والمجحف».

وأوضح البرهان أن الجهود مستمرة من أجل إيقاف معاناة السودانيين وعودة الأمور إلى طبيعتها، مضيفا أن «المرحلة الحالية هي لإيقاف الحرب ومن ثم يمكن

الحديث حول الأمور الأخرى». وتابع «نحن في القوات المسلحة نطمئن الشعب السوداني بأننا ماضون في استكمال مهام المرحلة الانتقالية والانتقال للحكم المدني الديمقراطي بعد القضاء على هذا التمرد».

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لدى استقباله قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في الدوحة الخميس (سونا)

وخلال لقائه البرهان، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الخميس، موقف دولة قطر الداعي إلى وقف القتال في السودان، وانتهاج الحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات. وأكد دعم قطر جهود السلام والاستقرار بالسودان، خاصة في ظل الظروف الدقيقة الراهنة التي يمر بها، مشيرا للروابط والعلاقات الأزلية والاستراتيجية المشتركة بين البلدين. وجدد الشيخ تميم بن حمد خلال المباحثات التأكيد على أواصر العلاقات التاريخية والطيبة الكبيرة بين السودان وقطر على المستويين الرسمي والشعبي.

وكان البرهان وصل إلى الدوحة، في وقت سابق الخميس، في زيارة عمل قصيرة إلى قطر، عاد بعدها إلى بورتسوان التي يتخذها مقراً، بعد خروجه من الحصار الذي كان مفروضا على مقر إقامته بـ«القيادة العامة للجيش» من قبل قوات الدعم السريع.

نرحيب قطري

وعبر أمير قطر في تغريدة على منصة «إكس» (تويتر سابقا) عن سعادته باستقبال البرهان قائلا إنه أجرى مباحثات لتعزيز العلاقات الراسخة وتطوير التعاون الثنائي في مجالات متنوعة، مجدداً حرص قطر الدائم على دعم الجهود الرامية لإنهاء القتال في السودان حفاظا على وحدته وأمنه واستقراره.

وأتت زيارة البرهان بعد أيام من زيارة وفد يضم قيادات سياسية بارزة في تحالف «قوى الحرية والتغيير»، التقت خلالها رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي تعهد بالعمل مع القوى الإقليمية على إنهاء الحرب في السودان بأسرع فرصة، معلنا استعداد بلاده للمساهمة في إعادة إعمار السودان بعد وقف الحرب.

وقبيل ساعات من توجهه إلى العاصمة القطرية الدوحة، أصدر البرهان ليلة الأربعاء مرسوماً دستورياً قضى بحل قوات الدعم السريع وإلغاء قانونها، عازيا القرار إلى الانتهاكات الجسيمة التي مارستها ضد المدنيين والتخريب المتعمد للبنى التحتية في البلاد، ولمخالفتها أهداف ومهام ومبادئ إنشائها في 2017.

وأثار المرسوم لغطا كثيفا في الأوساط السودانية، لكون أن البرهان سبق أن أصدر في 17 من أبريل (نيسان) الماضي، بعد يومين من اندلاع الحرب قراراً بحل قوات الدعم السريع، وأتبعه بإقالة قائدها محمد حمدان دقلو الشهير باسم «حميدتي» من منصب نائب رئيس مجلس السيادة.

الشيخ تميم والبرهان خلال محادثاتهما في الدوحة الخميس (سونا)

وجاء قرار البرهان، بفارق ساعات من فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على قائد ثاني الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، (شقيق حميدتي) بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها قواته ضد المدنيين.

عقوبات صادمة ومجحفة

بدورها قالت قوات الدعم السريع إن القرار الأميركي بفرض عقوبات على قائدها الثاني «مؤسف وصادم ومجحف»، مشيرة إلى أنه «قرار سياسي محض، اتخذ دون تحقيق شفاف حول الطرف المتسبب في اندلاع الحرب، وما صاحبها من انتهاكات ارتكبت من أطراف مختلفة خلال فترة الحرب الجارية».

وتشمل العقوبات تجميد جميع أرصدة وممتلكات ومصالح «دقلو»، وتطال كل من يتعامل مع الكيانات التابعة له. وأضافت في بيان الخميس ممهور باسم المتحدث الرسمي أن «العقوبات التي فرضت على قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، استندت على مزاعم انتهاكات وقعت في مناطق مختلفة خلال فترة الحرب».

وقالت إن القرار الأميركي وضع «العربة أمام الحصان»، وسيلقي بظلال سالبة على دورها كوسيط لحل الأزمة في السودان، «رغم ترحيبنا بها في الماضي والوقت الراهن ومستقبلاً».

ووصفت القرار بأنه انتقائي ولا يساعد في تحقيق الأهداف الجوهرية في التوصل إلى حل سياسي شامل، وإجراء عملية عدالة انتقالية تؤدي إلى إنصاف الضحايا، وجانبه الصواب في توصيف ما حدث في غرب دارفور وتحديد الأطراف التي شاركت في صراع قبلي قديم متجدد.

عبدالرحيم دقلو (أرشيفية)

وذكر البيان أن «العقوبات الأميركية تجاهلت الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية وكتائب فلول النظام المعزول» في دارفور. وقالت إن اتهام قائد قوات الدعم السريع بولاية غرب دارفور، اللواء عبد الرحيم جمعة، بالمسؤولية عن اغتيال حاكم الولاية، خميس عبد الله أبكر، وشقيقه «خطوة معيبة»، وتجاهلت دعواتها بإجراء تحقيق دولي مستقل في الأحداث التي وقعت في عاصمة الولاية (الجنينة).

وأشارت إلى أن قائد ثاني قوات الدعم السريع الذي فرضت عليه العقوبات له أدوار فاعلة في محاصرة الانتهاكات التي حدثت أثناء الحرب، ويعمل بكل طاقته لاستعادة المسار الديمقراطي في البلاد.

وجددت قوات الدعم السريع في البيان موقفها الثابت منذ بدء الحرب بضرورة إيقافها، وإجراء عمليات شاملة لتحقيق العادلة في سياق الحل الشامل.

الحرية والتغيير قلقة

بدوره قال عروة الصادق القيادي في «قوى الحرية والتغيير» (التحالف الحاكم السابق في السودان) إن البلاد تنزلق بشكل متسارع نحو الحرب الأهلية، في تعليق على تحذيرات الجامعة العربية من انزلاق السودان إلى حرب أهلية شاملة. وأضاف «ما نراه على الأرض يعزز ما حذرت منه الجامعة».

وقال الصادق، الذي لا يزال مقيما في الخرطوم، لـ«وكالة أنباء العالم العربي» الخميس: «بمقاييس ما نراه على الأرض نحن نسير نحو الحرب الأهلية بسرعة شديدة». وتابع «الآن كل عوامل اندلاع الحرب الأهلية متوفرة في السودان».

وأضاف الصادق أن تلك العوامل تتمثل في السلاح المنفلت والظلم الاجتماعي وانفراط عقد الأمن في العديد من المدن وزيادة درجة الفقر.

جدة أفضل المنصات

وردا على سؤال حول الجهود التي قامت بها «قوى الحرية والتغيير» لمنع وقوع حرب أهلية، قال الصادق إنهم دعموا انطلاق منبر جدة التفاوضي. وأضاف «نحن نراه (منبر جدة) حتى الآن أفضل المنصات للوصول إلى حل جذري في السودان، وهو النافذة التي تدعمها الجامعة العربية ومنظمة (إيقاد) وتدعمها دول جوار السودان».

ورأى الصادق أن هناك «استراتيجية جديدة» للوسطاء تتمثل في «عصا العقوبات» حسب وصفه، مشيرا في هذا الصدد إلى العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة على نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو.

وأعرب عن اعتقاده بأن الطرفين سيذهبان إلى التفاوض في نهاية الأمر لأن بقاء السودان صار رهنا بالتفاوض، حسب وصفه.

صب الزيت على النار

وعن موقف «قوى الحرية والتغيير» من قرار رئيس مجلس السيادة أمس حل قوات الدعم السريع، قال الصادق إن حل الدعم السريع وإزالة تعدد الجيوش هو مطلب من مطالب ثورة ديسمبر 2018. لكنه استدرك قائلا «كنا نريد هذا القرار في وقت السلم»، مضيفا «ما لم تتخذ إجراءات حقيقية في وقت الحرب فهذا يعني صب الزيت على النار». وأعرب عن اعتقاده بأن حل «الدعم السريع» في هذا الوقت سيدفعه للاستقواء بتحالفاته «المحلية والإقليمية والدولية».

وردا على سؤال عن تصريحات البرهان في قطر بشأن سعي الجيش لهزيمة قوات الدعم السريع، قال الصادق إن التجارب أثبتت أن الحروب في السودان لا تنتهي بانتصار عسكري، مشيرا إلى الحرب في إقليم دارفور وفي جنوب السودان سابقا.

إنهاء إراقة الدماء

إلى ذلك طالبت سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بإنهاء إراقة الدماء ومعاناة الشعب السوداني، مؤكدة أنه «لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع».

سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد لدى زيارتها الخميس مخيم أدري بتشاد للاجئين السودانيين (رويترز)

وأعلنت خلال زيارتها الخميس معسكرات النازحين السودانيين جراء الحرب في مدينة أدري التشادية عن تقديم بلادها نحو 163 مليون دولار لتلبية المساعدات الإنسانية الطارئة للسودان حسب ما نقل عنها موقع السفارة الأميركية بالخرطوم على «فيسبوك».

وذكرت أن المساعدات تشمل 103 ملايين دولار مقدمة من مكتب السكان واللاجئين والهجرة في وزارة الخارجية، ونحو 60 مليونا من «وكالة التنمية الدولية» في أميركا.

ووفقا للسفيرة ارتفع إجمالي المساعدات الإنسانية التي تقدمها واشنطن للاستجابة الطارئة للسودان ما يقرب من 710 ملايين دولار خلال العام الحالي، وتتضمن الدول المجاورة مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى.

وقالت إن أكثر من 24.7 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ويتضمن ذلك 3.6 مليون شخص نازحين حديثا داخل السودان، مشيرة إلى أن أميركا أكبر مانح للاستجابة الطارئة للسودان.

وحثت توماس غرينفيلد السلطات السودانية على إزالة القيود البيروقراطية والأمنية التي تعوق إيصال المعونات المنقذة للحياة، ومنح التأشيرات في المجال الإنساني، مشددة على السماح للسكان المتضررين من الصراع بحرية البحث عن السلامة.

تطورت ميدانية

ميدانيا تجددت الاشتباكات العنيفة والقصف المدفعي المكثف بين الجيش وقوات الدعم السريع لليوم الثالث على التوالي في محيط قيادة سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة جنوب العاصمة الخرطوم.

وقال شهود عيان إن الجيش وأصل في القصف المدفعي المكثف من قاعدة «وادي سيدنا» العسكرية شمال أم درمان والذي استهدف مواقع قوات الدعم السريع في وسط وغرب المدينة، وسمع دوي انفجارات قوية باتجاه جسر الحلفاية من جهة مدينة بحري الذي تسيطر عليه «الدعم السريع». وبالتزامن استهدفت مسيرات الجيش المقر الرئيسي لقوات الدعم السريع في منطقة المدينة الرياضية جنوب الخرطوم.


مقالات ذات صلة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جلسة مجلس الأمن الدولي بخصوص الأوضاع في السودان (د.ب.أ)

حكومة السودان ترحب بـ«الفيتو» الروسي ضد «مشروع وقف النار»

رحّبت الحكومة السودانية باستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، اليوم (الاثنين)، ضد مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن بشأن السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

المبعوث الأميركي يلتقي البرهان في أول زيارة للسودان

التقى المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو الاثنين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في أول زيارة يقوم بها إلى البلاد التي تمزقها الحرب.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.