قوات «الدعم السريع» تندد بالعقوبات الأميركية على عبد الرحيم دقلو

القائد الثاني لقوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو (متداولة)
القائد الثاني لقوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو (متداولة)
TT

قوات «الدعم السريع» تندد بالعقوبات الأميركية على عبد الرحيم دقلو

القائد الثاني لقوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو (متداولة)
القائد الثاني لقوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو (متداولة)

أصدر مكتب الناطق الرسمي باسم قوات «الدعم السريع» السودانية، بياناً له (الخميس) على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، ندد فيه بقرار وزارة الخزانة الأميركية (الأربعاء) فرض عقوبات بحق الفريق عبد الرحيم دقلو، نائب قائد قوات «الدعم السريع»، استناداً إلى مزاعم بانتهاكات وقعت في مناطق مختلفة خلال فترة الحرب في السودان.

وقال البيان عن القرار الأميركي إنه «مؤسف بكل المقاييس وصادم ومجحف، وهو بالطبع قرارٌ سياسيٌ محضٌ، تم اتخاذه دون تحقيق دقيق وشفاف حول الطرف المتسبب في اندلاع الحرب ابتداءً، وما صاحبها من انتهاكات ارتُكبت من أطراف مختلفة خلال فترة الحرب الجارية في الخرطوم ومدن أخرى من السودان».

وعدّ البيان أن هذا «القرار انتقائي، ولن يساعد على تحقيق هدف من الأهداف الجوهرية التي ينبغي التركيز عليها، وهو التوصل إلى حل سياسي شامل، وإجراء عملية عدالة انتقالية شاملة تؤدي إلى إنصاف الضحايا، وصناعة وبناء السلام المستدام».

وأضاف أن القرار «تجاهل بانتقائية بائنة الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية، وكتائب النظام البائد الإرهابية على نطاق واسع بالقصف الجوي والمدفعي، واعتقال المدنيين المناهضين للحرب في مختلف أنحاء السودان، وتجويع وتعذيب المعتقلين، وخرق حظر الطيران في دارفور بالقصف الجوي المستمر على السكان المدنيين في نيالا».

واستنكر اتهام قائد قوات «الدعم السريع» بولاية غرب دارفور، اللواء عبد الرحمن جمعة، بالمسؤولية بقتل والي الولاية وشقيقه، وعدّ أن الاتهام لم يتبع الأسس المعلومة في التحقيق، وتجاهل دعوة قوات «الدعم السريع» بإجراء تحقيق دولي مستقل بشأن الأحداث التي وقعت في عاصمة ولاية غرب دارفور، ومقتل خميس عبد الله أبكر، والي الولاية.

وعدّ أن فرض هذه العقوبات، يعقِّد عملية العدالة الانتقالية، ويصعِّب عملية تحقيق السلام الشامل في السودان، مضيفاً أن مثل هذه المواقف ستؤثر سلباً في دور الولايات المتحدة بوصفها وسيطاً، في حين ترى قوات «الدعم السريع» أهمية للدور الأميركي.

ودافع البيان عن نائب قائد قوات «الدعم السريع»، قائلاً إن «له دوراً فاعلاً ومعلوماً منذ انطلاق ثورة ديسمبر (كانون الأول)، مروراً بإفشال انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول)، وكذلك في محاصرة الانتهاكات التي وقعت أثناء الحرب، كما أنه لعب دوراً كبيراً في المصالحة بين القبائل، وفي محاربة خطاب الكراهية، وعمل بكل طاقته لاستعادة المسار الديمقراطي في البلاد».

قرار «مجحف»

وتعليقاً على القرار الأميركي، قال نائب قائد قوات «الدعم السريع» السودانية عبد الرحيم دقلو (الخميس) إن قرار العقوبات الذي اتخذته ضده الولايات المتحدة بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان «مجحف»، وأعلن أن القوات استولت على أسلحة من الجيش تكفي للقتال لمدة 20 عاماً، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر دقلو، في تصريحات لـ«سكاي نيوز عربية»، (الخميس): «قرار العقوبات مجحف، وبُني على معلومات مأخوذة من جهات ضد قوات (الدعم السريع)». وأضاف أن الولايات المتحدة اتخذت هذا الإجراء دون تحقيق واضح.

وقال دقلو: «الجهات التي أصدرت العقوبات لم تتريث لمعرفة مَن يخلق الفتن ويقتل الناس في دارفور».

وخلال رحلة إلى حدود تشاد مع السودان لمقابلة اللاجئين الفارين من العنف العرقي والجنسي، أعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، العقوبات على دقلو، شقيق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.

وسخرت توماس غرينفيلد من رد دقلو. وقالت لـ«رويترز» في نجامينا: «من فضلك. الشيء المجحف وغير المعقول هي الفظائع التي تُرتكب بحق الشعب السوداني. هذه هي الشيء المجحف».

وأضافت: «الأمر يتعلق بالعدالة، بالمساءلة، وهذا هو ما سنستمر في التركيز عليه».

وخطوة استهداف دقلو بالعقوبات هي الأبرز منذ بدء الصراع بين قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني في منتصف أبريل (نيسان). وتأتي رداً فيما يبدو على أعمال العنف التي تشهدها ولاية غرب دارفور، التي تُوجَّه اتهامات لقوات «الدعم السريع» وجماعات مسلحة موالية لها بارتكابها.

وأصدر قائد الجيش السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في وقت متأخر من (الأربعاء)، مرسوماً دستورياً بحل قوات «الدعم السريع».

وذكر دقلو، في تصريحات لـ«سكاي نيوز عربية»، أن البرهان «ليست لديه شرعية ليصدر قراراً بحل قوات (الدعم السريع)».

وأضاف: «لم نكن جاهزين عندما بدأت الحرب، لأننا تفاجأنا بها... ولكن ربنا وفقنا لتسلم مخازن الفلول كلها، وبعض مخازن القوات المسلحة... مخازن ثقيلة جداً فيها كل أنواع الأسلحة والإمدادات، التي يمكن أن نقاتل بها لمدة 20 سنة».

أزمة إنسانية

اندلعت الحرب في السودان بعد 4 سنوات من إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية. وتصاعد التوتر بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، بعد أن اشتركا في انقلاب في 2021، ليتحول إلى قتال؛ بسبب خلاف بشأن خطة انتقال للحكم المدني تشمل دمج قواتهما.

وتقول الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، البالغ عددهم 49 مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات، وأطلقت نداء لجمع 2.6 مليار دولار لكنها لم تتمكن حتى الآن من تأمين سوى 26 في المائة فقط من هذا المبلغ.

وأضافت المنظمة أن نحو 380 ألف لاجئ، معظمهم من النساء والأطفال، فروا من الصراع إلى تشاد منذ أبريل. وفرّ مئات الآلاف غيرهم إلى جمهورية أفريقيا الوسطى ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.

وأطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نداء لجمع مليار دولار للمساهمة في توفير المساعدات والحماية لأكثر من 1.8 مليون شخص من المتوقع أن يفروا من السودان هذا العام. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن ما يقرب من 7.1 مليون شخص نزحوا داخل البلاد.


مقالات ذات صلة

السودان: اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب بإحراق مصفاة الخرطوم

شمال افريقيا أعمدة دخان متصاعدة خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش السوداني بالعاصمة الخرطوم يوم 26 سبتمبر 2024 (رويترز)

السودان: اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب بإحراق مصفاة الخرطوم

تبادل الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية الاتهامات، الخميس، بمهاجمة مصفاة نفط الخرطوم بمنطقة الجيلي.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)

مشاورات مستمرة في «نيروبي» لتكوين أكبر جبهة مدنية سودانية

«مهما اتسعت رقعة الخلافات يمكن التوصل لتفاهمات مشتركة تسهل من التوصل لاتفاق بين القوى السودانية بمختلف تكويناتها السياسية والعسكرية والمدنية»...

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا من عمليات التنظيف في المدينة (الدفاع المدني )

حملة تعقيم واسعة لمخلفات الحرب في مدينة ود مدني السودانية

المدينة أصبحت خالية من التلوث البيئي، وتم التأكد من ذلك بواسطة الأجهزة عالية الدقة والجودة التي استخدمتها الفرق الفنية خلال عمليات التعقيم.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا العملة السودانية (مواقع التواصل)

أوراق النقد الجديدة في السودان «سلاح حرب» يثقل كاهل المدنيين

أثار عجز المصارف عن توفير ما يكفي من أوراق النقد الجديدة احتجاجات أمام المكاتب الحكومية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي سودانيون يتسلمون الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين جراء الحرب في مدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)

واحد من كل 3 أطفال في السودان يواجه سوء التغذية الحاد

قال «برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة»، اليوم (الأحد)، إن طفلاً واحداً من كل 3 يواجه سوء التغذية الحاد في السودان، وهو ما يجعل البلاد على شفا مجاعة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

بين باريس والجزائر... «حرب تأشيرات» جديدة تلوح في الأفق

الرئيسان الجزائري والفرنسي قبل اندلاع الأزمة بين البلدين (أ.ف.ب)
الرئيسان الجزائري والفرنسي قبل اندلاع الأزمة بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

بين باريس والجزائر... «حرب تأشيرات» جديدة تلوح في الأفق

الرئيسان الجزائري والفرنسي قبل اندلاع الأزمة بين البلدين (أ.ف.ب)
الرئيسان الجزائري والفرنسي قبل اندلاع الأزمة بين البلدين (أ.ف.ب)

يلوح في أفق العلاقات بين الجزائر وفرنسا منذ عدة أسابيع شبح «حرب تأشيرات» جديدة، بعد تصريحات حادة أدلى بها مسؤولون فرنسيون، دفعت الجزائر إلى التنديد بنفوذ «اليمين المتطرف الانتقامي» في فرنسا. وقال أستاذ القانون في جامعة «غرونوبل ألب»، سيرج سلامة، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في كل مرة تكون هناك أزمة بين فرنسا والجزائر، تكون الهجرة أهم إجراء انتقامي».

تدهور العلاقات

تدهورت العلاقات بين البلدين بعد إعلان باريس في نهاية يوليو (تموز) الماضي، دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، وهي منطقة كانت مسرحاً لصراع مستمر منذ نصف قرن بين المغرب وجبهة «البوليساريو» الانفصالية المدعومة من الجزائر. وتفاقم الخلاف مع اعتقال الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر، ثم اعتقال العديد من الشخصيات المؤثرة الجزائرية، والفرنسية - الجزائرية في فرنسا بتهمة الدعوة إلى العنف.

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وقال وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيللو، الأحد: «أنا مع اتخاذ إجراءات قوية؛ لأنه دون توازن القوى لن ننجح»، لافتاً إلى وجوب إعادة النظر في اتفاقية 1968 التي تحدد شروط دخول الجزائريين إلى فرنسا، والتي وافقت عليها باريس. وفي تقدير الوزير، فإن الجزائر لا تسلم أيضاً ما يكفي من التصاريح القنصلية، وهي وثيقة أساسية لإعادة شخص في وضع غير قانوني في فرنسا إلى بلده الأم. لكن الجزائر وباريس لم تستخدما حتى الآن «سلاح الهجرة» الذي تم التلويح به مراراً في الفترات الماضية. وهذا ما حدث في العام 2021، حين خفضت فرنسا بشكل كبير عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين - وكذلك للمغاربة والتونسيين - بحجة أن قادتهم لم يبذلوا بالفعل جهوداً كافية لإعادة مواطنيهم المطرودين من فرنسا. وتسبب هذا الإجراء باستياء كبير، ومشاحنات دبلوماسية بين باريس وهذه المستعمرات الفرنسية السابقة، صاحبة الوجود القوي في فرنسا من خلال المهاجرين.

سلاح الهجرة

بالنسبة لفريدة سويح، الخبيرة السياسة في معهد EM Lyon، فإن الجدل الحالي هو جزء من «مزيد من الديناميات العالمية، حيث تستخدم العديد من البلدان قضايا الهجرة بوصفها أدوات دبلوماسية»، على غرار الولايات المتحدة، حيث جعل الرئيس دونالد ترمب هذا الموضوع من أولوياته. وحذر سلامة من أنه إذا اندلعت «حرب تأشيرات» فرنسية - جزائرية جديدة، فقد «تخلق جواً مثيراً للقلق»، خصوصاً بالنسبة لنحو 2.5 و3 ملايين من مزدوجي الجنسية، أو الفرنسيين من أصل جزائري الذين يعيشون في فرنسا، ويواجهون عراقيل كثيرة من أجل رؤية عائلاتهم.

أعضاء لجنة الذاكرة الجزائريين مع الرئيس تبون لمعالجة قضايا الذاكرة (الرئاسة الجزائرية)

في هذا السياق، رأى السيناتور المعارض المدافع عن البيئة، أكلي الملولي، أن الحصول على التأشيرة اليوم أصبح أمراً صعباً، وقال بهذا الخصوص: «لا أرى مدى تطور الأمور، وما إذا كنا سنصل إلى صفر تأشيرة. وفي أي حال، هذا الوضع سيؤثر على الجميع». وبالنسبة للملولي فإن المناخ السياسي الحالي «يهدد... بخلق ظروف الانقسام والمواجهة في مجتمعنا» بين الجالية الجزائرية في المهجر، وبقية السكان. كما أن الانتقادات المتكررة الموجهة من الجزائر، والتي تتحول أحياناً إلى شتائم، وخصوصاً إلى اليمين واليمين المتطرف، تشكل في نظره «إشارات» موجهة «إلى ورثة» المنظمة السرية التي عارضت بعنف استقلال الجزائر.

وبحسب استطلاع للرأي نشر في يناير (كانون الثاني) الحالي، فإن لدى 71 في المائة من الفرنسيين حالياً صورة سيئة عن الجزائر، حيث أبدى 61 في المائة ممن شملهم الاستطلاع تأييداً لإلغاء اتفاقية 1968. لكن سيرج سلامة رأى أن إنهاء هذا الاتفاق «غير واقعي على الإطلاق؛ لأنه قد يثير مشاكل قانونية متتالية»، مؤكداً أن «الحل الوحيد هو التفاوض، لكن التفاوض يتطلب طرفين». وأعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بداية يناير الحالي أن التأشيرات جزء من «الأدوات التي يمكننا تفعيلها». وأبدى بعدها استعداده للذهاب إلى الجزائر لإجراء محادثات. كما اعترف، الاثنين، بأن الانسحاب من اتفاقية عام 1968 «ليس وصفة معجزة».

اجتماع سابق بين رجال أعمال جزائريين وفرنسيين بالجزائر قبل اندلاع الخلافات بين البلدين (منظمة أرباب العمل الجزائرية)

وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، أن الجزائر «لم تنخرط بأي حال من الأحوال في منطق التصعيد أو المزايدة أو الإذلال». وأكدت في المقابل أن «اليمين المتطرف، المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية، قد انخرط عبر أنصاره المعلنين داخل الحكومة الفرنسية، في حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر». ومنتصف يناير الحالي، طرح وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، حلاً آخر يقضي بإلغاء الاتفاقية الفرنسية - الجزائرية العائدة إلى 2013، والتي تسمح للنخب الجزائرية بالسفر إلى فرنسا دون تأشيرة. لكن سلامة حذر قائلاً: «إذا فعلنا ذلك، فإن الجزائريين سيعلقون جوازات السفر الدبلوماسية للدبلوماسيين الفرنسيين».