مصر تستعين بالجامعة العربية مجدداً وتشكو توجه إثيوبيا «الأحادي»

شكري: أديس أبابا لم تُظهر قبولاً لأي «حل وسط» بشأن «سد النهضة»

سد النهضة الإثيوبي الكبير في أثناء خضوعه لأعمال البناء على نهر النيل في جوباوريدا بمنطقة بني شنقول بإثيوبيا في 26 سبتمبر 2019 (رويترز)
سد النهضة الإثيوبي الكبير في أثناء خضوعه لأعمال البناء على نهر النيل في جوباوريدا بمنطقة بني شنقول بإثيوبيا في 26 سبتمبر 2019 (رويترز)
TT

مصر تستعين بالجامعة العربية مجدداً وتشكو توجه إثيوبيا «الأحادي»

سد النهضة الإثيوبي الكبير في أثناء خضوعه لأعمال البناء على نهر النيل في جوباوريدا بمنطقة بني شنقول بإثيوبيا في 26 سبتمبر 2019 (رويترز)
سد النهضة الإثيوبي الكبير في أثناء خضوعه لأعمال البناء على نهر النيل في جوباوريدا بمنطقة بني شنقول بإثيوبيا في 26 سبتمبر 2019 (رويترز)

عاودت مصر اللجوء إلى جامعة الدول العربية، بخصوص نزاع «سد النهضة» الإثيوبي، وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمام اجتماع وزراء الخارجية، الأربعاء، إن «إثيوبيا لم تظهر أي توجه للأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة بخصوص قضية سد النهضة خلال المفاوضات الأخيرة».

وأكد شكري في كلمته خلال اجتماع مجلس الجامعة، أنه «لا يوجد تغير في التوجه الإثيوبي الأحادي فيما يتصل بملء وتشغيل سد النهضة». وعبر عن تطلع بلاده إلى «استمرار دعم الجامعة العربية لحضّ إثيوبيا على التخلي عن توجهاتها الأحادية، والتحلي بالإرادة السياسية اللازمة للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم من دون إبطاء».

حوار جانبى بين سامح شكرى وأحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية على هامش اجتماع مجلس الجامعة (الخارجية المصرية)

وتأتي تصريحات شكري، عقب إعلان وزارة الموارد المائية والري المصرية أن جولة المفاوضات التي شهدتها القاهرة نهاية أغسطس (آب) الماضي: «لم تشهد تغيرات ملموسة في مواقف الجانب الإثيوبي».

وانتقدت إثيوبيا، في أكثر من مناسبة، طرح مصر للنزاع على جامعة الدول العربية، رافضة خروج القضية عن مسارها الأفريقي. ولسنوات رعى الاتحاد الأفريقي مفاوضات ثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، بخصوص نزاع السد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لكن من دون تحقيق أي اختراق.

وفي ردها على بيان القمة العربية الأخيرة، في مايو (أيار) الماضي، عدت الخارجية الإثيوبية، محاولات مصر للضغط على إثيوبيا باستخدام جامعة الدول العربية «تعكس عدم حسن نيتها، وانتهاكها لاتفاق إعلان المبادئ».

ومن المقرر أن تعقد جلسة جديدة للمفاوضات بين الدول الثلاث، في أديس أبابا، خلال سبتمبر (أيلول) الحالي، للتوصل إلى اتفاق قانوني بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي، بموجب اتفاق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في يوليو (تموز) الماضي، على استئناف المفاوضات، مع تحديد مهلة أربعة أشهر للتوصل إلى اتفاق.

جانب من سد النهضة (رويترز)

وترى إثيوبيا، أن استكمال بناء وتشغيل السد يأتي ضمن حقوقها للاستفادة من الموارد المائية فيها، من أجل تحقيق التنمية لشعبها، وقال رئيس وفد إثيوبيا في المفاوضات سيلشي بيكلي، قبل أيام، إن «بلاده لن تتراجع عن حقوقها وتتمسك بموقفها الذي يرتكز على مبدأ الاستغلال المتساوي والعادل».

وأكد بيكيلي، أن المفاوضات الثلاثية «تجري بطريقة تحترم المصالح الوطنية والحقوق السيادية لبلاده». وأضاف أنها «بدأت بروح جيدة، وتم خلالها تقديم 16 مقالا، وتم بالفعل تعديل 9 منها، لتشمل أفكار الدول الثلاث». وأوضح أن «فريق التفاوض الإثيوبي يعمل بعناية، للتأكد من أن الاتفاقات لا تحد من حقوق التنمية للبلاد، وأن استخدام سد النهضة لا يسبب ضررا كبيرا لدول المصب».

من اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة (رويترز)

وتعد مصر، التي تعتمد على النيل في تأمين 97 في المائة من احتياجاتها المائية، سد النهضة يمثل «تهديداً وجودياً» لها.

ووفق خبير المياه المصري الدكتور عباس شراقي، فإنه «خلال هذا العام ولأول مرة منذ فترة تم حجز معظم فيضان النيل الأزرق الذي يشكل نحو 60 في المائة من الإيراد الكلي لنهر النيل». كما أكد في تدوينة له، أنه حدث نقص بنحو 25 مليار متر مكعب، وبنسبة 84 في المائة، لافتاً، إلى «أن هذا لم يحدث بالتاريخ حتى في سنوات الجفاف».

وأشار إلى أن التخزين الرابع لبحيرة السد، ما زال مستمراً حتى وصل المنسوب إلى 623 متراً بإجمالي 38 مليار متر مكعب، مردفاً أنه «من الممكن أن يتوقف بأي وقت خلال الأيام القليلة القادمة حتى يصل التخزين إلى 41 مليار متر مكعب عند منسوب 625 متراً».


مقالات ذات صلة

رسائل «طمأنة مشروطة» من السيسي إلى إثيوبيا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال حفل تخرج الدفعة الجديدة من طلبة الشرطة (الرئاسة المصرية)

رسائل «طمأنة مشروطة» من السيسي إلى إثيوبيا

حملت رسائل رئاسية مصرية جديدة، «طمأنة مشروطة»، بالتأكيد على أن دعم القاهرة لمقديشو لا علاقة له بأديس أبابا، التي أبدت قلقاً متواصلاً على مدار نحو شهرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (الخارجية المصرية)

رسائل مصرية - إثيوبية متبادلة في الأمم المتحدة تنذر بالتصعيد

تنذر رسائل القاهرة وأديس أبابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ«مزيد من التصعيد»، وسط توتر يتزايد مع رفض إثيوبي للدعم العسكري المصري لجارتها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مؤتمر صحافي بالقاهرة بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره المجري بيتر سيارتو (الخارجية المصرية)

«سد النهضة»: مصر تشدِّد على حتمية ضمان «حقوق» دولتَي المصب

شدَّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، على أهمية التوصل مع إثيوبيا إلى اتفاق قانوني مُلزِم لتشغيل وإدارة «سد النهضة» على نهر النيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري خلال محادثات مع نظيره الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - ألمانية تناولت «سد النهضة» ومستجدات المنطقة

أكد الرئيس المصري أنه اتفق مع نظيره الألماني على أهمية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
تحليل إخباري منظر عام لمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا 15 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ما خيارات مصر للرد على مساعي إثيوبيا لإنشاء مفوضية «حوض النيل»؟

خطوة تصعيدية جديدة لإثيوبيا ترفع منسوب التوتر مع القاهرة عبر طلب للاتحاد الأفريقي بإنشاء مفوضية لدول حوض النيل تأسيساً على اتفاقية عرفت باسم «عنتيبي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي. كما التحم الجيش مع قواته في ولاية سنار وولاية النيل الأبيض، منهياً بذلك عزلة هاتين الولايتين التي كانت مفروضة عليهما لنحو 3 أشهر. وقال مؤيدون للجيش ومواطنون إن قوات الجيش استعادت المنطقة، وسيروا مواكب احتفالية لإنهاء الحصار الذي كان مفروضاً عليهم.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على منطقة «جبل موية» في 25 يونيو الماضي، بعد معارك شرسة دارت بينها وبين الجيش، ما مكنها من قطع الطرق الرابطة بين ثلاث ولايات، وعزل قواعد الجيش هناك.

وتقع منطقة «جبل موية» على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، وتعد موقعاً استراتيجياً تتداخل فيه ثلاث ولايات هي: الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض.

و«جبل موية» عبارة عن ثلاثة تلال جبلية هي «جبل موية، وجبل دود، وجبل بيوت»، وتتحكم المنطقة في الطريق البري الرابط بين مدينتي ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض، وسنار أكبر مدن ولاية سنار، كما تتحكم في الطريق الذي يربط منطقة المناقل بمدينة سنار. وتحيط بجبل موية عدة مناطق عسكرية تابعة للجيش هي «الفرقة 17 سنجة» بولاية سنار، و«الفرقة 18 مشاة» بولاية النيل الأبيض، و«اللواء جوي 265 سنار»، وقاعدة «كنانة الجوية».

وحولت سيطرة «قوات الدعم السريع» على جبل موية تلك المناطق العسكرية إلى جزر معزولة عن بعضها، وعزلت الولايات الثلاث عن بقية أنحاء البلاد.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (مواقع التواصل)

وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة إن نائب القائد العام للجيش الفريق شمس الدين الكباشي قدم التهاني للجيش بانتصاراته، وتعهد بـ«مواصلة الزحف حتى تطهير آخر شبر من هذا البلد، من دنس الميليشيا الإرهابية المتمردة» في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». ونقلت صفحة الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي أن مدينة كوستى في ولاية النيل الأبيض شهدت مسيرات جماهيرية عفوية، احتفالاً بانتصارات الجيش في محور جبل موية ومحور طريق ربك - سنار، والتقاء «قوات الفرقة ١٨ مشاة» مع قوات متقدمة ولاية سنار.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم ولايتي سنار والجزيرة وأجزاء من شمال ولاية النيل الأبيض، التي سيطرت عليها بعد إحكام السيطرة على «جبل موية»، بالتفاف على قوات الجيش الموجودة في مدينة سنار، وسيطرت على مقر الفرقة في مدينة سنجة بجانب مدينتي الدندر، والسوكي وعدد آخر من البلدات المهمة في الولاية.

وفيما يشبه الاعتراف بفقدان المنطقة الاستراتيجية تساءل مستشار قائد «قوات الدعم السريع» الباشا طبيق، في تغريدة ساخرة على صفحته بمنصة (إكس)، من جيش عمره أكثر من 100 عام، ويملك مشاة وطيراناً ومهندسين وبحرية ومظلات واستراتيجية وسلاح أسلحة وغيرها، وتسانده في القتال «كتائب الإسلاميين الإرهابية، وأكثر من 15 حركة مسلحة مرتزقة... وأصبح حُلمه كله عبور جسر وفتح شارع فقط»، وذلك في إشارة لخسارته لمنطقة جبل موية وفتح الطريق الرابط بين سنار وكوستى، وعبور قوات الجيش جسر «الحلفايا» في شمال الخرطوم الأسبوع الماضي.