قالت دراسة لـ«مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية»، إن الوضع الذي خلّفه الانقلاب في النيجر «يشكل خطورة على مصالح الجزائر ومشاريعها بالمنطقة، وعلى خط أنبوب الغاز والطريق السريع، اللذين يصلان البلدين بنيجيريا».
وأكدت الدراسة، التي نشرها «المجلس» بموقعه الإلكتروني، أن «استقرار النيجر مهم بالنسبة للجزائر، ليس بسبب التهديدات الإرهابية العابرة للحدود والجريمة المنظَّمة فحسب، بل أيضاً بسبب التأثير المُحتمل على مشاريعها الإقليمية المختلفة».
وتشمل تلك المشاريع، حسب الدراسة، خطَّ أنابيب الغاز عبر الصحراء الذي يبلغ طوله 4100 كيلومتر، ويهدف إلى ربط نيجيريا بالجزائر عبر النيجر، وتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، بالإضافة إلى الطريق السريع العابر للصحراء الذي يبلغ طوله 4800 كيلومتر، ويربط الجزائر العاصمة ولاغوس ويعبر النيجر أيضاً.
ونظم الحرس الرئاسي بالنيجر، في 26 يوليو (تموز) 2023، انقلاباً ضد الرئيس محمد بازوم، وأعلن الجنرال عبد الرحمن تشياني، رئيس وحدة الحرس الرئاسي، نفسه الحاكم الجديد للبلد، الذي تربطه حدود مع الجزائر بطول ألف كلم، ويعد من أفقر بلدان العالم.
ووفق الدراسة، «قد يعرض الوضع في النيجر، في حال وقوع حرب، هذه المشاريع والعلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية للخطر، بعد أن بنتها الجزائر بشقّ الأنفس على مرِّ السنين مع جيرانها في الساحل الأفريقي، وقد تسرّع تدفق المهاجرين إلى أراضيها». وأشارت إلى أنه بسبب هذه المخاطر «عارضت الجزائر بشدّة التدخّل العسكري في النيجر، ودعت إلى اعتماد مقاربة دبلوماسية في التعامل مع الأزمة، أسوة بمالي في عام 2015».
وعرضت الجزائر على الانقلابيين في النيجر، ودول «المنظمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» خطة لإعادة الاستقرار إلى البلاد، تقوم على إطلاق «فترة انتقالية» تدوم 6 أشهر، تحت قيادة شخصية مدنية تكون محل توافق من أطراف الصراع، لتحضير الظروف المناسبة لانتخابات عامة في البلاد. وقد أعلن حسومي مسعودو وزير الخارجية في حكومة الرئيس المخلوع، الاثنين الماضي، في مقابلة مع «إذاعة فرنسا الدولية»، أن فكرة «مرحلة انتقالية مرفوضة، وأن مجموعة دول غرب أفريقيا لا تستسيغها هي أيضاً».
وأعد الدراسة التي نشرها «مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية»، الباحثان الجزائريان المقيمان بفرنسا، يحيى زبير وعبد القادر عبد الرحمن، وقد أشارا إلى «شعور الجزائر بالقلق من وجود قوّات أجنبية على حدودها»، و«تخشى من مسألة أقليات الطوارق التي حافظت على علاقات قوّية عبر الحدود الصحراوية التي تفتقر إلى الأمن في منطقة الساحل». ولفتت الدراسة إلى أنه من «نتائج تدخّل حلف شمال الأطلسي في ليبيا، عودة قوات الطوارق إلى مالي، والمطالبة بدولة أزواد المستقلة في عام 2012، ما أشعل، سلسلة من الأحداث وأدّى إلى تدخّل عسكري بقيادة فرنسا».
كما لفتت إلى وجود مخاوف لدى الجزائريين، من «استبعادهم من دور الوساطة في النيجر، كما حدث في ليبيا». وأكدت أنهم «اشتكوا من أن أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لم يتشاوروا معهم قبل فرنسا، علماً بأنهم يعدّون بعضهم وكلاء لباريس».