«المستضيف المصري» للأجانب يثير تفاعلاً ومخاوف

انتقادات ساخرة... وحملات دعم لمواجهة «الإقامة غير المشروعة»

وزير الصحة المصري خلال زيارته للمعابر الحدودية مع السودان في أبريل الماضي للوقوف على ترتيبات استقبال آلاف السودانيين الفارين من القتال (مجلس الوزراء المصري)
وزير الصحة المصري خلال زيارته للمعابر الحدودية مع السودان في أبريل الماضي للوقوف على ترتيبات استقبال آلاف السودانيين الفارين من القتال (مجلس الوزراء المصري)
TT

«المستضيف المصري» للأجانب يثير تفاعلاً ومخاوف

وزير الصحة المصري خلال زيارته للمعابر الحدودية مع السودان في أبريل الماضي للوقوف على ترتيبات استقبال آلاف السودانيين الفارين من القتال (مجلس الوزراء المصري)
وزير الصحة المصري خلال زيارته للمعابر الحدودية مع السودان في أبريل الماضي للوقوف على ترتيبات استقبال آلاف السودانيين الفارين من القتال (مجلس الوزراء المصري)

أثار قرار الحكومة المصرية إلزام «المقيمين غير الشرعيين» على أراضيها بمهلة 3 أشهر لتوفيق أوضاعهم، وفقاً لضوابط وشروط، من بينها وجود «مستضيف مصري»، ودفع رسوم تعادل ألف دولار، العديد من ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي، التي تراوحت بين الترحيب بالقرار أو انتقاده، فضلاً عن كثير من الاستفسارات المتعلقة بالفئات المستهدفة به.

وأصدر رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس، قراراً ينص على أنه «يجب على الأجانب المقيمين في البلاد بصورة (غير شرعية) توفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود (مُستضيف مصري الجنسية)، خلال 3 أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، مقابل سداد مصروفات إدارية بما يعادل ألف دولار أميركي (الدولار يعادل نحو 30.90 جنيه)».

«التنظيم وليس التقييد»

وقال مصدر حكومي إن القرار «يستهدف التنظيم وليس التقييد»، مشيراً إلى أن تدفق أعداد كبيرة من النازحين من عدة دول على مصر «كان يستلزم وضع ضوابط تمكن السلطات المصرية من توفير الخدمات لهذه الأعداد الكبيرة، والحفاظ على الحالة الأمنية، حمايةً للجميع ومنعاً لأي مخالفات قد تستخدم لتعكير صفو إقامة ضيوف مصر على أراضيها وبين شعبها».

وأضاف المصدر، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار يستهدف «المقيمين بصورة غير شرعية»، أي الذين خالفوا ضوابط الإقامة في مصر، وهؤلاء بحكم القوانين المحلية قد يتعرضون لعقوبات جنائية تصل إلى الحبس، ومن ثم فإن القرار يمثل «فرصة لهم لتوفيق الأوضاع وتجنب اتخاذ أي إجراءات قانونية بحقهم».

المعابر الحدودية البرية استقبلت مئات الآلاف من النازحين السودانيين الفارين إلى مصر (مجلس الوزراء المصري)

وحسب تقديرات رسمية، فإن أعداد المقيمين الأجانب في مصر تبلغ نحو 9 ملايين شخص، بينهم 4 ملايين سوداني، و1.5 مليون مواطن سوري، وفق آخر رصد قبل الأزمة السودانية الأخيرة، لكن «في ضوء الوضع الحالي في السودان من المرجح أن العدد قد يزيد بنحو مليوني لاجئ إضافي»، وفق تصريحات صحافية مؤخراً لرئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خيرت بركات.

وأشار المصدر إلى أن من يقيمون بصورة شرعية أو المسجلين لدى مفوضية اللاجئين، أو من يمتلكون تأشيرات سارية لأي غرض «غير مخاطبين بالقرار»، وأن اشتراط تسجيل مستضيف مصري لمن يوفقون أوضاعهم هدفه «تيسير التواصل»، لافتاً إلى أن بعض المقيمين قد يغيروا محل إقامتهم أكثر من مرة خلال فترة الإقامة، وبالتالي يكون تسجيل مستضيف مصري «نوعاً من التيسير، وليس كما ذهب البعض» إلى اعتباره تقييداً، مشدداً على أن مصر «ترحب بكل من يقيم على أرضها، وتسعى إلى القيام بواجباتها تجاه مواطنيها وضيوفها على السواء».

موجة انتقادات

وأثار القرار موجة كبيرة من التدوينات والتغريدات لا تزال متواصلة، واستخدم عددٌ من رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات ساخرة لانتقاد القرار، فيما رحب به آخرون وحاولوا تقديم بعض الإجابات المتعلقة بنطاق تطبيقه والفوائد الناتجة عنه، من هؤلاء الصحافي المصري عبد الواحد عاشور، مدير التحرير السابق لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية المصرية، الذي انتقد ما وصفه بـ«تلقف إعلام الخارج الهدام وبعض المتربصين على السوشيال الموضوع، وعمموه على كل الداخلين لمصر أو المقيمين فيها، لتخويف وتطفيش السائحين والمستثمرين وغيرهم من الداخلين والخارجين بطريقة شرعية».

وأضاف في شرحه للقرار أنه «خاص فقط بالمقيمين إقامة غير شرعية، يعني لا هو مسجل لاجئ لدى مفوضية اللاجئين، ولا معه إقامة قانونية أياً كان نوعها (عمل- استثمار - دراسة وغيرها)، وبالطبع ليس للسياحة بأنواعها علاقة بهذا تماماً».

في المقابل، أثار القرار العديد من المخاوف بشأن التطبيق، خشية استغلال البعض له ممن وصفوهم بـ«ضعاف النفوس ومحبي المال»، مطالبين بمزيد من الرقابة لضمان تجنب ما قد تؤدي إليه تلك المخالفات من «خطورة على الأمن العام لمصر»، وفق تعبير بعض المدونين.


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا. وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة» الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.